الـنير
                        الوطــني
                        
                         
                        عبد
                        الله القحطاني
                        
                         
                        أ-  العبد المملوك , الذي لا يملك حريته ,
                        مضطرّ للعمل عند سيد محدّد , لا
                        يملك الفكاك من خدمته , مهما جار
                        عليه , أو قسا , أو ظلم , أو أهان ..!
                        
                         
                        أمّا " الأجير
                        " , الذي يعمل بحريته , باتفاق ,
                        أو عقد , بينه وبين مستأجره ,
                        فإنه يملك حريّة الاستمرار في
                        عمله , كما يملك حريّة البحث عن
                        بديل آخر يعمل عنده , بالأجر
                        الذي يناسبه , والشروط التي
                        يراها محقّقة لمصلحته .. 
                        
                        
                         
                           
                        وقد يكون الأجير عاملاً
                        عادياً , أو فلاحاً , أو صانعاً ,
                        أو موظفاً , أو أكاديميّاً
                        متخصصاً بفرع من فروع العلوم ,
                        أو صحفياً , أو حاكماً ..! 
                        
                         
                        ب- وما ينطبق على
                        الفرد العاديّ - وفق هذا المنظور
                        - ينطبق على الحاكم - رئيس دولة..
                        رئيس وزراء - .. 
                        
                         
                          
                        فالحاكم الذي رهن قراره -
                        وبالتالي قرار وطنه وشعبه –
                        بإرادة دولة معيّنة , سمح لها
                        بالهيمنة على دولته عبر
                        المساعدات الاقتصادية , و
                        العسكريّة , والأمنيّة .. حتى
                        ملكت كل مفاصل الحياة في هذه
                        الدولة .. هذا الحاكم وضع نفسه في
                        موضع ( العبد المملوك ) , الذي لا
                        يستطيع انفكاكاً من سيطرة مالكه
                        , وإلاّ اعتبَره " آبقاً "
                        وحكم عليه بالموت , أو بالعزل عن
                        " الكرسي " , وهذا موت آخر من
                        وجهة نظر" الحاكم العبد ..
                        وسيّده ".. إنّه " موت سياسي
                        " , قد يعقبه سجن , أو نفي , أو
                        قتل ..! 
                        
                         
                        أمّا الحاكم الذي
                        احتفظ بقراره , وتعامل مع
                        الآخرين , من الدول العظمى
                        والصغرى , تعاملاً " تعاقدياً
                        " وفق مصالح متبادلة - حتى لو
                        كانت مصلحة الأقوى أكبر من
                        مصلحة الأضعف - .. أمّا هذا
                        الحاكم , فينطبق عليه ما ينطبق
                        على الأجير " المتعاقد " ..! 
                        
                         
                        " مع ملاحظة أن
                        الأجراء يختلفون , قوّة , وإرادة
                        , ووعياً , وحزماً , فمَن مَلَك
                        قوّة ووعياً , حقّق لنفسه
                        بالتعاقد , أفضل الشروط الممكنة
                        , على ضوء قوته ووعيه , وقدرته
                        على حساب مصلحته , وإدراكه لحجم
                        قوته , وبراعته في توظيف هذه
                        القّوة . وهذا يختلف عن العامل
                        التافه الخامل , الذي يعمل بطعام
                        بطنه , والذي تسميه العرب (عُضروطاً).
                        ويماثل هذا العامل بطعام بطنه ,
                        ذلك العامل لمجرد بقائه في
                        كرسيّ الرئاسة , مع الفروق بين
                        موقع هذا وموقع ذاك ..!" . 
                        
                         
                        ج- والآن .. لنلقِ
                        نظرة على ما يلي : 
                        
                         
                          
                        1- على حكام العالم العربي ..
                        لنرى : مَن منهم رهَن قراره
                        وقرار شعبه ودولته , بالقواعد
                        العسكرية , والمساعدات
                        الاقتصاديّة , والقيود الأمنيّة
                        , والسقطات الخلقيّة التي تجعل
                        المرء عرضة لابتزاز الآخرين ..
                        فصار عبداً " بامتياز " ,
                        وصار أبناء دولته عبيداً
                        بالتبعيّة ..! 
                        
                         
                        - ومَن منهم احتفظ
                        بشيء من حريته وقراره وباع
                        شيئاً .. فصار حرّاً بالقدر الذي
                        احتفظ به , وعبداً بالقدر الذي
                        باعه ..!
                        
                         
                        -  ومَن منهم احتفظ بحريته كاملة ,
                        وبالتالي بقراره كاملاً , فهو
                        حرّ فيما يأخذ وما يدع , وحرّ في
                        تعامله مع هذا الفريق الدولي أو
                        ذاك ..! 
                        
                         
                        -  ومَن منهم فقد همم الرجال , وإرادات
                        الرجال , فصار بليداً خاملاً –
                        برغم احتفاظه ببعض حريته – وصار
                        همّه في الحياة , خدمة الآخرين
                        الأقوياء , ليتركوه على كرسيّ
                        الحكم أطول فترة ممكنة , كما
                        يفعل " العضروط " الذي يخدم
                        الناس بطعام بطنه , ولا شيء
                        يهمّه بعد ذلك ..! 
                        
                         
                        2- على شعوب العالم
                        العربي .. لنرى : 
                        
                         
                        -  كم عدد الأفراد الذين يؤيّدون
                        حكامهم , ويعطونهم أكثريّة
                        الأصوات , في انتخابات حرّة
                        نزيهة , بين الشعوب العربية
                        قاطبة , وبلا استثناء .. "
                        وبالطبع نحن لا نتوقع أن يسمح أي
                        نظام حاكم بأي استفتاء في بلده ,
                        في هذا الشأن .. لأن مثل هذا
                        الاستفتاء يكشف الحقائق المرّة
                        , التي لا يرغب الحكام في عرضها
                        واضحة أمام الناس .. برغم معرفة
                        الناس والحكام بها.." !
                        
                         
                        -  كم عدد الحكام الذين يحظون بحبّ
                        شعوبهم حبّا حقيقيّاً ,
                        وباحترام شعوبـهم احتراماً
                        حقيقيّاً , بصرف النظر عن
                        الجماهير التي يحشدها زبانية
                        الحكام في المناسبات , لتهتف
                        للحكام , وتصفق لهم , وتفديهم "
                        بالروح والدم "!؟ 
                        
                         
                        -  ثمّ : ما الذي يمكن أن تفعله الشعوب
                        الحرّة – غير المكبلة بقيود
                        حكامها – إزاء اعتداء الأجنبي
                        على حرياتها , ونهبه لثرواتها ,
                        وانتهاكه لمقدساتها .. وما
                        البدائل التي يمكن أن تلجأ
                        إليها , في علاقاتها الدوليّة –
                        عبر حكامها المنتخبين بحريّة
                        ونزاهة - ؟ وما البدائل
                        الاقتصادية التي يمكن أن
                        تبتكرها لنفسها , للتخلص من
                        مخالب المؤسسات المالية
                        الاستغلاليّة الدوليّة "
                        البنك الدولي - صندوق النقد
                        الدولي -.. !؟
                        
                         
                        3- على الدول
                        الصناعيّة الكبرى , ذات المصالح
                        الواسعة خارج حدودها مثل : "
                        فرنسا – روسيا – ألمانيا –
                        الصين .. " .. لنرى : 
                        
                         
                        -  كم تحرص هذه الدول , على إقامة
                        علاقات سياسيّة واقتصاديّة
                        متينة ومستقرّة , وموثوق بها , مع الدول
                        الصغيرة , والضعيفة , , مثل دولنا
                        العربيّة , سواء ما كان من دولنا
                        هذه نافعاً للدول الصناعيّة
                        بنفطه , وما كان منها نافعاً
                        بأسواقه , أو بثرواته الخام, أو بموقعه الاستراتيجي , أو
                        حتى بمجرد كونه حليفاً حرّاً -
                        غير مستعبد للأمريكان - يُطمأنّ
                        إليه في علاقاته الدوليّة !؟
                        
                         
                        د-وإذا وصلنا إلى
                        هذه الرؤية " رؤية الحكام
                        وواقعهم , ورؤية الشعوب وواقعها
                        وإمكاناتها وبدائلها الممكنة ,
                        ورؤية الدول ذات المصالح التي
                        تحرص على تحقيقها " .. إذا
                        وصلنا إلى هذه الرؤية , تبين لنا
                        ما يلي : 
                        
                         
                        1- كم يحرص الحكام على البقاء في أغلال
                        كراسيهم , مهما دفعوا فيها من
                        أثمان , من كراماتهم ومن حريات
                        شعوبـهم , حتى لو سحِقت هذه
                        الشعوب تحت قياداتهم , أو فنيتْ
                        عن آخرها ..! وحتى لو ضاعت
                        الأوطان بأسرها , أو نُهبت كل
                        كسرة خبز ، وكل قطرة ماء ، وكل
                        ذرّة تراب فيها ..!
                        
                         
                        2- كم تحرص أمريكا " راعية الحريات
                        وحقوق الإنسان في العالم " ,
                        على التمسك بعملائها الحكام
                        الذين يقيدون لها شعوبـهم ,
                        لتسحقها وتنهب ثرواتها ..! وكم
                        تدقق في اختيار بدائلها من
                        الحكام العملاء , فلا تركل أحدهم
                        من فوق كرسيه , إلاّ لتأتي بمن هو
                        أرخص منه, وأكثر إطاعة لأمرها !
                        
                         
                        3- كم يجب على الشعوب أن تدفع – وأن تعجّل
                        بالدفع ، كسباً لما تبقّى من
                        كراماتها وأوطانها وثرواتها –
                        لكي تتخلص من نير أمريكا البشع
                        المتمثل بالحكام العملاء
                        تحديداً, وتقيم علاقات جديدة
                        متوازنة , مع دول أخرى من ذوات
                        المصالح الدوليّة , التي فقدت -
                        مضطرة - شهيتها الاستعماريّة ,
                        ولم يبق لها إلاّ مصالح محدّدة
                        لشعوبها , تحرص على تحقيقها في
                        أيّ سوق رابح !
                        
                         
                        4- وأخيراً : كم يجب على الشعوب , أن تدقق في
                        اختيار قياداتها السياسيّة ,
                        التي تقودها في معركة المصير ,
                        للإطاحة بالعملاء الجاثمين على
                        صدورها , والذين هم أخبث ( نير )
                        ابتكرته أبالسة السياسة
                        العالميّة ، لتضعه على رقاب
                        الشعوب , لتسومها سوء العذاب ,
                        وهي " الشعوب " تتردّد في
                        مجرد التفكير بنزع النير عن
                        رقابها , لأنه " نير وطني " !؟
                        
                        
                         
                        
                        
                         المشاركات
                        المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
                        
                         
                         
                         
                        
                          
                         
                         
                         
       |