ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 25/06/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لقاء زعيمين أم التقاء تيارين

نواة جبهة الخلاص الوطني

د. منير محمد الغضبان*

لقد كان حدثا هاما على الساحة السورية والساحة الدولية لقاء البيانوني وخدام..

فالبيانوني تربى في حضن الحركة الإسلامية في سوريا منذ نعومة أظفاره .. ولم يغادر المواقع القيادية في الجماعة منذ ثلث قرن . وانتهى به الأمر زعيما وأميرا لجماعة الإخوان المسلمين منذ عقد على التقريب . وخدام تربى في حضن البعث العربي الاشتراكي وانتهى به الأمر منذ أكثر من ثلث قرن في موقع القيادة والمسؤولية في الحزب والدولة . وانتهى به الأمر نائبا لرئيس الجمهورية منذ أكثر من عقدين من الزمان . ولكليهما ماض عريق في حزبه وجماعته .

فهل التقى خدام والبيانوني الزعيمان العربي والإسلامي ؟ أم التقت جماعة الإخوان المسلمين بحزب البعث العربي الاشتراكي ، الخصمان اللدودان على الساحة السورية منذ أكثر من نصف قرن ؟ أم التقى التياران العربي والإسلامي على كلمة سواء ؟

أسئلة تحتشد وتحتاج إلى جواب . وشعبنا السوري بحاجة إلى أنم يفقه ما جرى بالضبط على الساحة ، والأمر أولا وأخيرا يعنيه قبل أن يعني الزعيمين والحركتين .

ماهو الجديد الذي تغير حتى تم هذا اللقاء . وراحا معا يدعوان الشعب السوري بكل فئاته وفصائله للعمل على تغيير النظام السوري القائم . وعلى الخبير سقطت .

أولا : لقد كان الخلاف الفكري جذريا بين جماعة الإخوان المسلمين التي تجعل على رأس أهدافها العمل على تحكيم شريعة الله في الأمة بصفتها اختيار الله تعالى لخلقه .

" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا "

وبين حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يجعل على رأس أهدافه إقامة دولة مدنية علمانية لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد .

واشتط الأمر بين الفريقين حتى انتهى إلى العمل المسلح لدى الحركة الإسلامية دفاعا عن نفسها أمام قانون الإعدام لمن ينتمي لها . والذي تبنته السلطة السورية باسم الحزب القائد للأمة والمجتمع . وعاشت الأمة مأساة لا تزال جراحها تنزف  وترعف إلى اليوم . ويجثم على صدرها نظام طاغ منذ أربعين عاما يحكمها كما يشاء . وحولوها إلى مزرعة للأسد وآله .. يتوارثونها كابرا عن كابر وصاغرا عن صاغر ، حتى آل الأمر إلى الشركة الخماسية الحاكمة بأمرها؛ بأم الأسد وأخوي الأسد والأسد وأخت الأسد وصهر الأسد .

وعلى الأمة جميعها أن تتجرع هذا الهوان والذل وتكون طعمة للأسد وآله فالغابة لهم وحدهم .وكان أن توقف الصراع الدموي  . وتحول إلى صراع سياسي بعد ذلك .

 

ماهو التحول الذي جرى حتى قارب بين الزعيمين والتيارين .؟

ثانيا :لقد قام حزب البعث العربي الاشتراكي بمراجعة لمبادئه ، وخاصة موقفه من الدين حيث كانت رسالته الخالدة في دستور حزب البعث : ( الأمة العربية ذات رسالة خالدة تظهر بأشكال متجددة متكاملة في مراحل التاريخ وترمي إلى تجديد القيم الإنسانية ، وحفز التقدم البشري وتنمية الانسجام والتعاون بين الأمم . )فقال في مراجعته :

(الأرض العربية تتميز عن غيرها بأنها مهد الرسالات السماوية والديانات ، والأمة العربية تتميز في أنها كانت حاضنة هذه الديانات وحاملة لوائها وناشرة قيمها . ويظهر التمازج الحقيقي بين العرب والأديان في أبهى صوره عبر الدين الإسلامي الذي أكد بوضوح على القيم التي آمن بها العرب عبر تطورهم التاريخي ... وهذه القيم حملتها  كل الديانات إلا أن الإسلام حولها إلى قوة حركت الأمة العربية ووحدتها ، وحرضت طاقاتها الحضارية وجعلتها واحدة من إحدى أهم الأمم وأكثرها شأنا عبر عصور متتالية . )

فإذا كان هذا الاعتراف بالنسبة للماضي.فماذا عن الحاضر ؟ وعن النهضة الحديثة ؟

(إن مشروع النهضة العربية يؤكد على التواصل بين الأصالة والتحديث ، بين التراث ومتطلبات العصر ، فإن هذا يشمل أيضا الموقف من الدين باعتبار الدين مكونا أساسيا من مكونات الشخصية العربية _ _ إن الادعاء بوجود تناقض بين العروبة والإسلام يتنافى مع المنطق ، والوعي الصائب أو معرفة التاريخ ، وفهم الجوهر التكاملي للوجود العربي )

لم نكن ندري من قاد هذا التطور نحو الدين عامة والإسلام خاصة . وكل ما نعلمه أن القيادة القومية تبنته وأمرت بإدخال هذا التطوير في المقررات الدراسية للحزب .

لكن عندما صدر كتاب الأستاذ خدام ( النظام العربي المعاصر، قراءة للواقع واستشفاف للمستقبل ) أدركنا أنه وراء هذا التطوير ، لقد كانت اللغة والتاريخ فقط هما من مقومات القومية العربية . وجاء الآن الدين ليكون المكون الأساسي من مكونات الشخصية العربية وقلنا آنذاك : ( لكنا نشهد لنائب الرئيس أنه لم يقل ولكنه فعل فقد قاد حركة التطوير الحزبي في مطلع الألفية الثالثة ، وأدخل هذه الأفكار عن الدين عامة والإسلام خاصة في فكر الحزب . وأصبحت جزءا لا يتجزأ من فقرة مستقلة هي الموقف من الدين ..)

ولئن تأخر هذا الاعتراف للأستاذ خدام عشرين عاما حتى قاد حزب البعث إلى الاعتراف فيه .. فنشهد أن فرع الحزب الآخر ( التابع للعراق ) قد أقر بذلك، بل تجاوز ما وصل إليه الأستاذ خدام في الثمانينات من القرن الماضي .

 وكان على رأسه الأستاذ شبلي العيسمي والفريق أمين حافظ وغيرهم حيث أقروا في ميثاق حركة التحالف مع الحركة الإسلامية : ( 4- الإسلام دين ودولة ، والشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس للتشريع والتقنين . باعتبارها تراثا حضاريا وفقهيا للعرب والمسلمين كافة ، بل للإنسانية جمعاء ، لا يمس تطبيقها حقوق غير المسلمين في عقيدتهم وأداء شعائرهم وتطبيق قوانينهم الخاصة بهم بكل حرية وأمان )

وقدمت الحركة الإسلامية ميثاقها الوطني في عام 2002 وقالت عن الفكرة القومية :

( ثم إن المواجهة بين العروبة والإسلام كانت عنوان مرحلة تاريخية تصرمت . ولقد نشأت تلك المواجهة عن عوامل من الانفعال وسوء الفهم .وحمى الأيديولوجيا التي سادت المناخ العام في فترات ما بعد الاستقلال . وكما كان انتماء قطرنا إلى إسلامه هوية ومرجعية غير مضر بوحدته الوطنية . فإن انتماءه إلى عروبته لا يحمل أي بعد عنصري أو استعلائي . ولا يحمل الشعوب التي تعيش في الوطن العربي من حقوقها الأساسية . )

ثم قدمت مشروعها السياسي عام 2004  وقالت فيه :

( 1_ الهوية العربية الإسلامية للمجتمع السوري   2-_ دين الدولة الإسلام وهو المصدر الأساس والمرجعية العليا للتشريع ، والشعب  هو مصدر السلطات )

ثالثا : لكن المشكلة مع الأستاذ خدام هو أنه كان يمثل تماهي السلطة مع الحزب .فهو نائب رئيس الجمهورية في نظام مستبد طائفي طاغ ، سخر الحزب لمصلحته .. وحكم باسمه .

فكان كتابه أول محاولة لزحزحة هذا التماهي بين الحزب والسلطة الحاكمة . وكانت عملية  التطوير الفكري في الحزب محاولة ثانية للفصل بين الحزب والنظام .

رابعا : ومع كل هذا التقارب الفكري بين التيارين فقد بقيت السلطة تحول دون أي تقارب بين الحركتين القومية والإسلامية . ويُحمل البعث وزر كل أعباء السلطة . ويؤخذ ختمه على كل ممارساتها .

خامسا : إلى أن كانت الإشارة الأولى من الداخل من الأستاذ خدام عن رغبته في مفارقة السلطة . فتجسد هذا الفراق بعد مغادرته للقطر السوري . وتجلى بمقابلته في قناة العربية . حيث أعلن انحيازه للشعب ضد النظام . وأعلن الفراق الكامل بينه وبين هذا النظام معلنا في الوقت نفسه تمسكه بالحزب وبمبادئه .

سادسا : وما كان بمقدور شعبنا أن  يتقبل بكل بساطة هذا الانحياز من الأستاذ خدام ، بعد تمثيله للنظام أربعين عاما كاملة  . فماذا عن دوره في هذا النظام وهو في قمة الهرم ؟

وهذا ما حدا بالأستاذ البيانوني أن يطالبه بالاعتذار للشعب عن هذه العقود الأربعة التي أمضاها في خدمة النظام وتبني سياساته .

سابعا : ولم يجد الأستاذ خدام حرجا في ذلك ، وأعلن على الملأ أنه جاهز للمثول أمام أي قضاء نزيه سوري أو عربي عادل . يحاكمه على مواقفه وممارساته . ويمتثل لأي حكم يصدر بحقه . كما أعلن من قبل الأستاذ البيانوني استعداد الجماعة للمثول أمام قضاء نزيه عادل يحاسب على مرحلة العنف في سورية، والمجازر السابقة ، ومن الذي تولى كبرها في الأمة .

ثامنا : لقد أعلن الأستاذ خدام في المؤتمر الصحفي الذي عقدته الأمانة العامة في جبهة الخلاص الوطني في لندن ، أن أول هاتف قام به عند وصوله لأوروبا هو للمراقب العام للإخوان  المسلمين في سورية ،ويعلن فيه استعداده ليضع يده بيده للعمل على إسقاط هذا النظام . وحين أحرجته إحدى مراسلات وكالات الأنباء  أنه اتجه للأقوى في المعارضة . كان صريحا في جوابه ، فالأقوى أن يبقى على سدة الحكم والسلطة في سوريا . ولكنه اتجه إلى جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بمراقبها العام . لأن الوحدة الوطنية قد تصدعت من الصراع بين السلطة والتيار الإسلامي . ولا بد من لأم الجراح وإعادة اللحمة لوحدة هذا الشعب ، بعد التقارب الفكري بين التيارين . إذ أكد انتماءه الإسلامي وتأديته لشعائره الدينية ، وافتخاره بدينه . وإن كان يختلف في المنهج السياسي مع الإخوان المسلمين . ولم يتراجع عن ثوابته القومية في حزب البعث العربي الاشتراكي . وهو يود أن يلتقي التياران معا لخدمة هذا الشعب ، والعمل على إنقاذه من الاستبداد الجاثم على صدره .

تاسعا : وكان  أن دعا مع المراقب العام للإخوان المسلمين إلى مؤتمر جبهة الخلاص الوطني ،واللذين شكلا نواتها ، وقد حضر المؤتمر معظم التيارات التي تمثل كل طوائف الأمة واتجاهاتها الفكرية وأطيافها الوطنية . كما حضر المؤتمر معظم قيادات الإخوان المسلمين بجوار الأخ المراقب العام . وحضر ثلة من الشخصيات الحزبية للبعث خارج  القطر . علما بأن الأستاذ خدام يرى أن الأكثرية الصامتة للبعث هي في خطه الأصيل ضد الظلم والاستبداد . وستكون في اللحظة الحاسمة بجوار الشعب تذود بروحها لإنقاذه من جلاديه .

عاشرا :ولا بد أن نؤكد أن جبهة الخلاص الوطني أكبر من لقاء التيارين القومي والإسلامي،و أكبر من لقاء الزعيمين أمير جماعة الإخوان المسلمين  . وعضو القيادة القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي . إذ هي لقاء بين التيارات العريضة للأمة بكل أطيافها وتشعباتها ،  كما ذكرت في بيانها الختامي :

( في ظروف وطنية ودولية بالغة الدقة والتعقيد عقدت الجمعية التأسيسية لجبهة الخلاص الوطني اجتماعاتها بتاريخ 4/5/2006 م لتدارس  الأوضاع العامة في القطر ---

والجبهة إذ تحيي المواقف الوطنية المشرفة  لكل قوى المعارضة السورية الحرة .وتحيي صمود الأحرار الذين زج بهم النظام خلف القضبان ، تعلن تأكيدها على أنها جزء لا يتجزأ من الحراك الوطني العام . وأنها ليست بديلا عن أي تجمع وطني معارض . بما في ذلك إعلان دمشق الذي تعتبره حجر الأساس في حركة المعارضة الوطنية الشاملة .

وقد أكد المجتمعون على أن خيارهم الإستراتيجي هو تغيير هذا النظام الذي قام على الاغتصاب والإكراه . وفقد كل مبررات وجوده بامعانه في سياسات الاستسلام . وافتعال الفتن  مع الجوار العربي في كل الاتجاهات . والإيغال في سياسات الظلم والتشريد والفساد .)

ولنا وقفة مع البيان الختامي لجبهة الخلاص الوطني . وكل ما يمكن قوله : إن لقاء البيانوني وخدام ولقاء التيارين القومي والإسلامي هدف إلى اللقاء بين قوى الأمة كلها . تحت راية واحدة ،سورية لجميع أبنائها . والشعب هو القائد وليس الحزب والسلطة، وهو صاحب القرار كذلك . كما ذكر البيان :

(وبناء سورية دولة مدنية ديمقراطية حديثة ، تقوم على التعددية والتداولية والمؤسساتية ، مرجعيتها صندوق اقتراع حر نزيه يعبر عن إرادة المجموع العام لأبنائها ، دون التجاوز على حقوق أي فئة أو أقلية دينية أو مذهبية أو عرقية ، لأن سورية التي نريد ، ونسعى إليها ، هي سورية جميع أبنائها ، على قاعدة المساواة والسواء الوطني العام ، ضمن حدود دستور عصري يشترك في صيغته وإقراره الجميع .

*باحث إسلامي سوري

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ