ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 06/06/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

القصـر العـدلي

د. هشــام الشــامي

أوقفت سيارة التكسي ، و فتحت الباب ، و قلت للسائق : من فضلك ، القصر العدلي . فقهقه بصوت عالٍ ، ثم قال لي : تقصد ، قصر عدّلي ، تفضل . فقلت له و أنا أهمُّ بالجلوس : أريد الذهاب إلى القصر العدلي . فقهقه ثانية وقال : نعم ، نعم ، قصر عدّلي . زادت دهشتي و استغرابي من قهقهات هذا السائق ، و من إصراره على تشديد الدال ، لكني لم أعلق ثانية على الموضوع ، خشية أن يثقب أذنيّ بقهقهته مرة أخرى ، خصوصاً أنني تيقنت أنه قد فهم وجهتي جيداً .

لم يكن المكان بعيداً ، فبعد أقل من خمس دقائق وصلنا إليه رغم زحمة المرور ، و لو كنت أعرف أنه بهذا القرب لما استقليت سيارة التكسي ؛ و عندما وقف السائق و قال لي : تفضل يا أستاذ ، هذا هو على يمينيك ، يالله ، عدّلي فلوسك ، و قهقه ثانية . عندها فقط فهمت مراده ، و عرفت أنه يقصد تشديد الدال ، لأن القصر العدلي أصبح في نظر شعب سوريا هو المكان الأشهر للرشوة ، و مكان عدّ الفلوس لا إحقاق العدل  .

تذكرت هذه الحادثة ، عندما سمعت أنه تم تحويل المعتقلين الذين وقعوا أخيراً على إعلان دمشق بيروت إلى المحاكم المدنية و ليس إلى محكمة أمن الدولة أو المحاكم الميدانية التي تحكم بموجب قوانين الطوارئ كما جرت العادة في تعامل السلطة في دمشق مع معتقلي الرأي ، و سمعت بعض التصريحات من أبواق النظام ( الذين اعتادوا أن يطلقوا الزغاريد في كل عرس ، و النواح في كل جنازة ) ، و الذين نسوا ( أو بالأحرى تناسوا ) أن الاعتقال باطل من أساسه ، و روّجوا ( كذباً ) أن هناك تغيراً إيجابياً في تعامل السلطة مع المعارضين ، وفقاً لسياسة الانفتاح ( ما شاء الله و خزيت العين ) التي ينتهجها الرئيس الشاب .

ثم قرأت على موقع إلكتروني سوري تصريح السفير سامي الخيمي من لندن لقناة المنار الناطقة باسم حزب الله اللبناني التي أشاد فيها بالقضاء السوري ؛ و قال حرفياً :" وخاصة بعد أن رأينا قضاة مثل السيد ميليس مثلا, فعندما جلب قضاة من الخارج وجدنا أن قضاءنا في أحسن حال".  و عندها ضحكت من هذا الكلام ، لكنني قهقهت كما قهقه السائق الذي حملني إلى قصر عدّلي عندما قرأت التعليقات أسفل هذا التقرير ، و لأنني أحببت أن تقهقهوا معي ، فسأنقل لكم بعض هذه التعليقات :

- ذكرتني بنكتة و الله يا سيد خيمي  ، واحد قال لمرتوا عطينا شنغليش مشان نتحلى قالتلوا ليش كان راسك بروث الحيوانات ، يعني ما لقيت تقارن قضاءنا غير بميليس ، يعني ما لقيت أنضف منو ، روح الله يسامحك ، بس ماعد تعيدا ، قال القضاء عنا بخير قال ، والله ضحكتني و ما جاي على بالي أضحك ، شر البلية ما يضحك .

- و لووووو يا سعادة السفير المحترم ، إذا انت الواجهة العالمية لهذه الحكومة ، ازيدك علماً انك تتحدث بالقرن الخامس عشر ، يا سيدي قبل أربعين سنة كان يضرب المثل بالنزاهة بالقضاء السوري و اليوم بتطل و تقول إنو قضاءنا بألف خير ، صدقاً  بطلب محاسبتك أمام مجلس الشعب بتهمة التضليل و الكذب ...

-   رجاع متل ما كنت ، لأنو كنا نحبك أكثر ، يا سعادة السفير الحالي الأستاذ سابقاً، لماذا تخليت عن التعليم لصالح الحكومة ...في سوريا القضاء خادم وفي ألمانيا القضاء حاكم فلا تقارن بين القضائين أنت أذكى من اختبار عقولنا في مثل هذا...

- هنيئا لنا بك يا سفير ، و نحن أيضاً طالما لدينا سفراء بهذا المستوى من التفكير فأكيد أكيد ما في أسوأ من حالتنا بالسياسة الخارجية ، يا أخي اللي ما بشوف الشمس من المنخل أكيد أعمى .

- اضحكوا ، القضاء في سورية بأحسن الأحوال ، و الله إنها مسخرة ، المشكلة أن مسؤولينا عندما يتكلمون يظنون أن الشعب جاهل و لا يعرف ما يجري بالبلد أو أنهم يتكلمون و يعرفون أن الناس تدرك الحقيقة و هنا المصيبة لأنهم يكذبون ، و أرجوا من سعادة السفير ألا يغير رأيه بالمحقق براميرتز بعد صدور التقرير الجديد .

- بدوب التلج و ببان المرج : يا خوفي يا سيادة السفير ما يطلع بكرة تقرير براميرتز ما متل ما بدكن و متل ما متوقعين لشوف شو رح تحكوا على براميرتز و شو رح تنشروا عرضوا ، بعدين اذا كان القضاء السوري في نظر السفير في أحسن حال فعلى سوريا السلام ، لأنه لا يخفى على أي مواطن سوري ( فما بالك بالسلك الدبلوماسي ) إن حكم القاضي في سوريا مهد الحضارات قابل للبيع لمن يدفع أكثر و يحرر المتهم من حبل المشنقة .

- القضاء في سورية ... أرفض بشدة قوله : أن قضاءنا بأحسن حال ، عيب يا سيادة السفير و الحقيقة أن قضاءنا قد ساء لدرجات متدنية ، و أول الإصلاح اللازم للبلاد هو إصلاح القضاء ، و كونك السفير في لندن ، فأسأل أهل البلاد عن قول تشرشل إبان الحرب العالمية و القذائف تنهمر على لندن : إذا كان القضاء في بريطانيا بخير فهي بخير ، و القضاء في سورية ليس بخير بل في منتهى السوء .

- و ين عايش ، شو يا خيمي أنت و ين عايش ، أكيد في لندن و بتقصد القضاء في لندن ، و كلامك كله صحيح عن القضاء في بريطانيا .

- الحالتين مصيبة : و الله يا سعادة السفير إن كنت تدري بحالة القضاء في هذا البلد فتلك مصيبة و إن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم .

- أنا كذاب ، لا اسمحلي كتير كتير ..القضاء لدينا اخذ كاس العام و احتفظ به إلى الأبد بالنزاهة و الشفافية و سرعة المحاكمة و طبعا المعاملة اللطيفة .

هذه الشهادات بالقضاء السوري ، و بمسؤولينا الأشاوس !! و ممثلينا – الفضائحيين - في السفارات ، هي حديث الشارع ، علماً أنها ملطفة كثيراً و مفلترة بعناية ، و ما يقال همساً أكثر من ذلك بكثير ، خصوصاً أن الموقع المذكور يدار من داخل سوريا ، و أن ثقافة الصمت و الخوف ما زالت هي الثقافة السائدة في المجتمع ؛ و الحقيقة التي لا جدل فيها أن  القضاء في سورية مصادر تماماً ، و مسيس قولاً واحداً ، و لا أدل على قولنا هذا – حيث لم نأتِ بجديد – من المسرحية الهزلية التي عرضت على الجمهور أخيراً ، و التي فضحت النظام و قضاءه المصادر و المسيّس و أطلقت عليه رصاصة الرحمة ، و ذلك عندما دعا القضاء السوري السيد عبد الحليم خدام للمثول أمامه هو و زوجته و أولاده و بناته و أصهاره و أولاد أولاده حتى من كان دون عمر سنتين ، و قدم القضاء بحقهم قائمة طويلة و مطولة من التهم بالسرقة و الرشوة و الفساد و الاستيلاء على الحق العام و التلاعب على القوانين و استغلال السلطة و عدم تسديد فواتير الماء و الكهرباء و الهاتف و المحروقات لسنوات طويلة ربما تصل لأربعين سنة خلت ، كان خلالها خدام نائباً للرئيس لمدة عقدين و قبل ذلك وزيراً ، إضافة لكونه عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم ، و التي ما كان القضاء ليتذكرها أو حتى يتجرأ على الإشارة إليها لولا انشقاق خدام عن نظام الفساد المنظم الذي لا يستحي في دمشق ، و يكفي أن نعلم أن السيد الرفيق الفريق القائد العام للجيش و القوات المسلحة و الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي ( الحزب الحاكم و القائد للمجتمع و الدولة بنص الدستور ) رئيس الجمهورية العربية السورية ، لم يكتفِ بكل تلك الألقاب و بغيرها ، فهو بحكم الدستور الذي أكله ( حمار غوار ) رئيس مجلس القضاء الأعلى .

        كل ذلك يقودنا إلى أنه لن يكون هناك إصلاح حقيقي في سوريا ، قبل إلغاء قانون الطوارئ ، و رفع يد السلطة المتحكمة بكل شاردة و واردة في البلد ( العائلة الحاكمة و المخابرات ) عن القضاء ، و عندها سنرى من سيحاكم فعلاً ؟ المثقفون الوطنيون الموقّعون على الإعلان – بيروت دمشق – و بقية المعارضين الشجعان ، أم  رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي و آل بيته و عشيرته الأقربون ؟؟!!..

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ