ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 03/06/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

السلطة السورية ..

وجِمالُ بَنيْ أُقَـيْـشٍ

عبد الله القحطاني    

قال النابغة الذبياني قصيدة ، يهجو فيها أحد الزعماء القبَـليّين في عصره ، ويَصفه بالخفّة والرعونة والطيش .. لن نذكر اسمه لأنه لايهمّنا ..! فما يهمنا هنا ، هو أن نَسحَب مضمون القصيدة ، على نظَرائه المتزعّمين في سورية اليوم..! ولن نذكر منها سوى بيت واحد ، نراه بيت القصيد ، في حديثنا عن زعماء سورية الأفذاذ..! وقد لايكون هو بيت القصيد في حديث الشاعر عن صاحبه..! ومن أراد القصيدة كاملة ـ وهي طريفة بديعة ، شكلاً ومضموناً ـ فليرجع إليها في ديوان النابغة..!

قال النابغة ، يصف صاحبه ، في بيت الشعر ذاك:

كأنّـكَ مِن جِمالِ بَنيْ أُقَـيْـشٍ              يُـقَعْـقَعُ خَـلْفَ رِجْـلَـيْهِ بِـشَـنِّ !

وبنو أقيش هم قبيلة اشتهرت جمالها بالطيش والرعونة. والقَعقعَةُ بالشنّ خلفَ الجمل ، هي الطَرق بالأيدي أو بالعصيّ ، على قِربة بالية يابسة ، لإحداث صوت مزعج ، مثير لأعصاب الجمل الطائش..!

ومَن أحبّ أن يرى صورة كاريكاتورية ، مجسّدة لمجموعة حيّة من جمال بني أقيش ، وهي في حالة هياجها واضطرابها ونزقها .. فلينظر إلى المجموعة الحاكمة في سورية اليوم..! ليراقب حركاتها وتصرفاتها وانفعالاتها .. إزاء كل نقد يوجّه إلى سياسة من سياساتها ، أو موقف من مواقفها ، أو سرقة لصّ من لصوصها ، أوتصريح مضحك لغبيّ من أغبيائها..!

ليراقبها وهي تهجم على صحفي ينصحها بالحكمة ، أو التعقل ، أو الاتزان ، في معاملة مواطنيها..! فتداهم بيته أو مكتبه ، ليلاً أو نهاراً ، وتعبَث بموجودات البيت أو المكتب ، من أثاث وكتب وأوراق وأشرطة..! ليراقبها بإمعان ، من لحظة هجومها على المواطن ، إلى لحظة إصدار الحكم عليه ، مروراً بالتفتيش ، وإهانة حرمة المكان والموجودين فيه ..! وأسلوب اعتقال المواطن ، وأخذه إلى المعتقل والتحقيق معه ..! وتشكيل المحكمة التي تحاكمة..! ثمّ التصريحات التي تصدرها ـ عبر وسائل إعلامها ـ حول التهم الموجّهة إلى المواطن المعتقل ، من خيانة ، وعمالة ، وإعاقة لمسيرة الثورة ، ونيل من النظام الاشتراكي، وسعي إلى تمزيق الوحدة الوطنية ، وإهانة رموز النضال ، والصمود ، والتصدي، والتحرير..!

ليراقبها وهي تتنصّت بذعر، وقلق ، وتحفّز، على المكالمات الهاتفية ، والاتصالات بالقنوات الفضائية .. وتَرصد دخول الناس إلى مواقع الإنترنت ، وتسجل أسماء المشتبه بهم ، وتشكّل الدوريات ، للمداهمة ، والمطاردة ، والتفتيش ، والاعتقال..!

ليراقب ساسَتها وإعلاميّيها ، كيف يصرّحون ، وكيف يردّون على أسئلة الصحفيين ..!

 ليراقب ، ويرصد ، ويدقّق ، ويتأمل بعمق ..! حتى لولم يكن ذا بصيرة نافذة ، فالأمر لايحتاج إلاّ إلى حواسّ عادية سليمة ، وفكر عادي سليم ، غير معوجّ ، أو مشوّه ، أو مرهون، أو مؤجّر..! وليستعمل مالديه من مواهب ، إذا كانت لديه مواهب ممّا تحتاجه الحالة، لرسْمها ـ وفق أيّة مدرسة من مدارس الرسم.. ويحبَّذ الرسم الكاريكاتوري هنا ! ـ أو تصويرها ( شمسياً .. أو تلفزيونياً ) ، أو وصفها بمفردات اللغة وجملها وتراكيبها ، شعراً أو نثراً..! ثم ليعرضْ حصيلة جهده على مَن حوله مِن بشر عقلاء ، ويتأمل ردود أفعالهم ..!

 ( وقد تستفزّ الصورة الكاريكاتورية المتخيّلة ، لأحد هذه الجمال ، وهو يرغي ويزبد ، ويتلـفّت ، ويَثِب ، ويعضّ .. قد تستفز ذاكرةَ أحد من الحاضرين، فتستعيد صورة ذلك الوجيه الآخر، الذي صوّره شاعر آخر، فشبّهه بمجنون ، هارب من مشفى قديم للأمراض العقلية ، اسمه دير حِزقِـل ..! إذ قال الشاعر، في وصف ذلك الوجيه :    

فكأنّه مِن دَير حِزقِـلَ مُـفْلِتٌ               حَرِدٌ.. يَجرّ سَلاسِلَ الأقيادِ !) .

هذه الاقتراحات كلها ، لمن يحبّ أن يبقي نفسه بعيداً عن دائرة الخطر؛ خطر المداهمة، والتفتيش ، والاعتقال ، والتحقيق ، والمحاكمة ..!

أمّا مَن لديه الجرأة وروح المغامرة ، فننصحه أن يبادر بنفسه إلى استفزاز ( الجمال الأقيشية!) ، بأن ينقد شيئاً ـ أيّ شيء ممّا له صلة بهذه الجمال ـ ، ثم يرصد ردود فعلها عن كثب ، وفي العمق ، وعبر تجربته الشخصية واحتكاكه المباشر مع هذه الجمال ..! وعندئذ سيحظى بكنز من العلومات ، عن حقيقة هذه الجمال ، تفوق قيمته العلمية والفنية والأدبية والتاريخية ، بكثير، الكلفةَ التي سيدفعها من صحته البدنية والنفسية ، إذا كتب له الله الحياة حتى يُطلع العالمَ على هذا الكنز الثمين..! فدراسةُ نفسيات هذه الجمال الأقيشية ، عن قرب، ومن خلال حالة الاستنفار والاستفزاز والقلق والتوجس والتحفز والاضطراب والتوتر .. دراسة نفسياتها ضمن الحالة ـ باطنياً ، إضافةً إلى مظاهر السلوك الخارجية ، المنعكسة عن التفاعلات الداخلية الباطنية ـ ستعطي الدارس سبقاً علمياً عالمياً مميّزاً ، تفوق قيمته ، يقيناً، قيمةَ وصفِ النابغة للجمال الأقيشية القديمة ..! وربّما تفوق قيمةَ الكنز الذي قدّمه الجاحظ ، في رصده لنفسيات البخلاء ، عبر المعايشة والمخالطة ، وملاحظة دقائق السلوك ، التي تعكسها حركات النفس وانفعالاتها الباطنية..!

 وإذا كان كان كنز الجاحظ المذكور، تثقيفياً ترفيهياً .. فإن الكنز المتوقّع هنا، يحمل إضافة رائعة ، متعدّدة الوجوه ، فوق التثقيف والترفيه ..! إنها كَشف الصورة الكوميدية المأساوية، الكامنة في تلافيف هذه المجموعة من الجمال.. ! تلافيف أدمغتها ، وتلافيف نفوسها ، وتلافيف مؤسساتها ، وتلافيف تركيبتها الخانقة ، التي عاش شعب سورية تحت حكمها ثلاثة وأربعين عاماً ( منها خمسة وثلاثون في عهدَي الأب والابن .. وهما عهد واحد ، حسبَما يصرح به الابن بشكل دائم ، ويسمّيه الاستمرار مع التطوير ..! مضيفاً إلى حكمه الفاشل الفاسد ، جرائمَ حكم أبيه ، التي لم يكلفه الله بحمل أوزارها مع أبيه..!) .. عاش شعب سورية ثلاثة وأربعين عاما، وهو يعاني من الاختناق..! نقول : كشْف هذه الصورة ، بكل ماتحمله أعماقها من مضحكات مبكيات .. أمام شعب سورية أولاً،  ليعرف مَن يتحكّم في حياته ، ورزقه ، ومائه ، ودوائه ، وهوائه ..! ثم أمام العالم كله .. لعلّ بعض الشرفاء فيه ، يرفعون أصواتهم في وجه القوى الخبيثة ، المصرّة على بقاء هذه الجمال الأقيشية ، (بارِكةً ) على صدر الشعب السوري ..! ويقولون لهذه القوى الخبيثة : كفاكم لؤماً.. ولا تعيقوا هذا الشعب السوري الصابر، عن التخلص من هذه المخلوقات الشاذّة ، الجاثمة على صدره ..! أو .. فجرّبوا أن تكونوا مواطنين خاضعين لحكمها ، يوماً واحداً..!

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ