ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 28/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

عبد الودود يوسف

سَجينُ رأيٍ مفقودٌ منذ ستةٍ وعشرين عاماً في الأقبية الأسدية

بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف

تشتدّ هذه الأيام حملات النظام السوريّ ضد رجال الرأي ونشطاء المجتمع المدنيّ، اعتقالاً وسَجناً وتشريداً، وقهراً واضطهاداً وقمعاً.. وبعد كل فترةٍ زمنية، تُصِرّ الزمرة الأسدية الحاكمة على تذكيرنا بنهجها الاستبداديّ القديم الجديد، وتُصِرّ على إعادة اجترار المراحل التاريخية السوداء، التي عاشتها وتعيشها سورية في ظل هذا النظام المتسلّط، الذي لايَرعى في شعبه ووطنه إلاًّ ولا ذِمّة، كما تُصِرّ على تذكيرنا دائماً وأبداً، بأنها عدوّ للشعب.. كل الشعب، بكل شرائحه وطوائفه ومذاهبه وأديانه واتجاهاته الفكرية والسياسية.. وهكذا، اشتدّ سعارها مؤخَّراً في اعتقال أهل الرأي والقلم والفكر والأدب والثقافة.. وبدأت الأصوات تنبعث من كل مكانٍ وزاوية، تطالب بالإفراج عن هؤلاء الرجال الشرفاء، وبكفّ الأيدي الآثمة عنهم.. وهي أصوات حقٍ نضم صوتنا إليها، وننتصر لأصحابها، ونشدّ على أيديهم لبلوغ مُبتغاهم ومُبتغانا، في رفع الظلم عن المظلومين، وتحرير سورية من تسلّط النظام الحاكم الجائر.. لكننا في نفس الوقت نرى أنّ الحملات المضادة التي يقوم بها شرفاء سورية، ينبغي ألا تقتصرَ على الحدث الراهن وحدث اللحظة، لأنّ جُعبةَ القضية السورية زاخرة بالآلاف من أمثال الأساتذة: ميشيل كيلو، وفاتح جاموس، وأنور البني، وكمال لبواني، ونضال درويش، وغالب عامر، وكمال شيخو، ومحمد محفوض، وعارف دليلة،.. وغيرهم.. وغيرهم، من رجال سورية وشرفائها!..

يُحزننا ما يجري هذه الأيام على الساحة الوطنية السورية، ويُحزِننا ما جرى على نفس الساحة منذ نعومة أظفار هذا النظام الاستبداديّ السفّاح.. ولذلك آلينا على أنفسنا أن نرفعَ أصواتنا، للمطالبة بالحرية لكلّ حُرٍ شريفٍ ابتلعته الأقبية الأسدية الفئوية منذ عشرات السنين وحتى اليوم.. فليملأ كلُّ صاحب قلمٍ قلمَه بِمِدادٍ لا ينفد، للتعريف بأحرار سورية الذين ابتلعتهم سجون النظام الجائر، وللمطالبة بالكشف عنهم وعن مصائرهم، بل لرفع الدعاوي القانونية لدى المحاكم الدولية، لمحاسبة مَن اضطهدوهم واضهدونا، وظلموهم وظلمونا، ونكّلوا بهم وبنا!..

عبد الودود يوسف : شقيق، ومفكِّر، وكاتب، وأديب، وعضو اتحاد الكتّاب العرب، ورجل رأيٍ وفكرٍ وثقافة.. كان من أوائل أحرار سورية الذين تصدّوا للظلم والقهر في عهد هذا النظام الفاجر، ومن أوائل الرجال الشُبَّان، الذين واجهوا الطُغيانَ المسلَّح.. بالكلمة، والنظامَ المُدّجَّج.. بالرأي والقلم، وجنودَ إبليس.. بِمِدادِ حرية الأحرار.. فاعتُقِل في صبيحة يوم الإثنين بتاريخ 31 من آذار عام 1980م، أي منذ أكثر من ستةٍ وعشرين عاماً، ثم اختفى في سجون النظام الجائر، لا يعلم مصيره الذي آل إليه، إلا الله عز وجل، ورعاديدُ الزمرة الأسدية المجرمة، الذين اعتقلوه وعذّبوه وسَجنوه.. ثم أخفوه!..

نطالب بالكشف عن مصير الأستاذ الفذّ عبد الودود يوسف، ونُحَمِّل النظام الأسديّ الدكتاتوريّ المسئولية الكاملة عن حياته.. ونُقدّم هذه النبذة عن المفقود الكبير، رجلاً من رجال الفكر والأدب والرأي والقلم في سورية :

أولاً: البطاقة الشخصية :

من مواليد عام 1938م.. نشأ وترعرعَ في بيئةٍ عائليةٍ إسلاميةٍ ملتزمة، ومنذ نعومة أظفاره كان عاشقاً للإسلام، مُحِباً للعمل الإسلامي الجماعي في سبيل نصرة دينه العظيم، فكان من شباب الأستاذ الكبيـر والمربــي الحصيف الشيخ الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله.

انتسب (عبد الودود) إلى جامعة دمشق، حيث سجّل في كلية الآداب-قسم التاريخ، وكذلك في كلية الشريعة، وواظب على الدراسة حتى حصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ، ثم على شهادة الماجستير من جامعة (عين شمس) حيث قدّم رسالته هناك.. وقد أنجز رسالة الدكتوراه.. لكنّ مشاغله الكثيرة في الكتابة والتأليف وتربية الشباب المسلم.. أخّرته عن مناقشتها في مصر.. إلى أن تم اعتقاله في آذار من عام 1980م.

متزوج، وله بنتان وثلاثة أولاد.

ثانياً: عمله ومهنته :

عمل رئيساً لدائرة، في المديرية العامة للآثار والمتاحف بدمشق، ثم معاوناً لمدير مراقبة الأبنية الأثرية، ثم مفتشاً في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.. إلى أن استقال في عام 1974م، وتفرّغ كلياً لعمله الإسلامي، وللكتابة والتأليف والنشر.. وهو مفكّر، وكاتب، وأديب.. عضو اتحاد الكتّاب العرب.

ثالثاً: لمحة عن بعض جوانب شخصيته :

عُرف عنه ثقافته الواسعة جداً، وسِعة أفقه، واتزانه الآسر، والتزامه الصارم بدينه.. حازم إلى أبعد الحدود عندما يقتضي الأمر، مرِح لطيف حنون عطوف في الـمَواطن التي تتطلب ذلك، يمتلك قوةً في الشخصية تجعله مُهابَ الجانب ومؤثراً في كل مَن حوله، قويّ الحجّة وعلميّ التفكير.. شجاع لا يهاب إلا الله سبحانه وتعالى، ويبذل كل ما بوسعه في سبيل إرضائه دون خوفٍ أو وجلٍ من أي مخلوق، ويسير إلى أهدافه بخطىً ثابتة، وفِكرٍ متّقد، ونضوجٍ ووضوحٍ كبيرَيْن، ونظرةٍ ثاقبةٍ تستفيد من الماضي وتستشف آفاق المستقبل، يعرف عدوّه جيداً، ويمتلك حساسيةً فائقةً تجاهه، وقُدرةً كبيرةً على تحليل خطواته واستنتاج ما وراءها، ومن ثم وضع الحلول الناجعة لمجابهتها.. كما يمتلك درجةً عاليةً من الذكاء، وهمّةً عظيمةً في عمله الدؤوب المستمر، وليس هناك شيء اسمه مستحيل حسب مفهومه، فكل شيءٍ ممكنٌ بالجهد والعمل والتفكير السويّ.. اجتماعي إلى أبعد الحدود، ولا يملك من يتعرف عليه إلا أن يحترمَه ويُجِلَّه ويُحِبَّه، وهو دائماً يمد يد العون والمساعدة بشتى أنواعها إلى من يحتاجها، بسيط في معيشته، كريم في طبعه.. بارّ بوالديه.. يحمل في رأسه كل هموم العالم الإسلامي، يستبشر بالإيجابيات، ويحزن للسلبيات.. قال عن نفسه ذات يوم: إنه بكى في حياته ثلاث مرات: مرةً: بُعَيْدَ حرب حزيران عام 1967م، عندما سيطر الصهاينة على أجزاء كبيرةٍ وهامةٍ من أراضي المسلمين، أهمها القدس الشريف.. وثانيةً: بعد دخول الجيش السوفياتي الشيوعي إلى أفغانستان وارتكابه أبشع الفظائع بحق المسلمين الأفغان في عام 1979م.. وثالثةً: عندما لم يستطع السوريون أن يتّحدوا ضد الحكم البعثي الأسديّ الظالم، فعمّت الفوضى التي رسّخها النظام نفسه.. فكانت مقدّمات الخراب تلوح له قبل اعتقاله في عام 1980م، وكان قد حذّر من هذه النتائج المؤسفة كثيراً.

رابعاً: فكره ومؤلفاته :

من خلال عمله في المديرية العامة للمتاحف والآثار بدمشق، كتب الكثير من الدراسات التاريخية.. وحقّق الكثير من المخطوطات والكرّاسات، وألقى الكثير من المحاضرات في مجال اختصاصه.. كان ذلك في دمشق، وفي المراكز الثقافية العربية في العديد من المحافظات السورية، وكان له اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي.

أما عن فكره.. فهو إسلامي وطني.. فكر ناضج هادف، يبحث في الدين والسياسة، والأدب الإسلاميّ والتنظيم والحركة والتربية.

وقد أراد أن يعرض فكره الإسلامي المتطور على الأمة، صغارها وكبارها، فكتب للصغار مجموعاتٍ قصصيةٍ عديدة، من مثل: حكايات حارثة، وحكايات عن القرآن، وحكايات عن الصلاة.. كما كتب للكبار: بناء الإسلام-دراسة أيديولوجية، وقادة الغرب يقولون: دمّروا الإسلام.. أبيدوا أهله، وتفسير المؤمنين، وكانوا همجاً (رواية)، وثورة النساء (رواية) وصواريخ عابرة للقارات (رواية)، وهناك العديد من المؤلفات لم تُنشر حتى اليوم منها: القسم الثاني من بناء الإسلام وهو: منهج الحياة (عدة أجزاء)، وبعض قصص الأطفال، وبعض الروايات، وتفسير المؤمنين (عرض موسّع)، وحريق لبنان: لماذا؟!.. (تصور عام عن أحداث لبنان وتطوّرها قبل حدوثها، من خلال معالجةٍ إسلاميةٍ لهذه القضية)..

1 – حكايات حارثة : مجموعة صَدَرَ منها أكثر من عشرة أجزاء قبل أن تُمنع ويُمنع تداولها رسمياً في سورية من قبل الحكومة.. وهي عبارة عن سلسلةٍ يحتوي كل عددٍ منها على قصةٍ رئيسيةٍ طويلة، ومجموعة قصصٍ مصورةٍ صغيرةٍ هادفة، تعالج قضايا إسلاميةً اجتماعيةً وأخلاقيةً وثقافيةً ووطنية، ضمن مخططٍ تربويٍ هادفٍ للأطفال.

2 – حكايات عن القرآن : صدر منها أكثر من عشرين جزءاً، وهي سلسلة من القصص الشائقة المصوّرة، تعمل على توضيح معاني القرآن الكريم للطفل المسلم بلغةٍ مبسّطة، وصورٍ معبّرة، وهي لون جديد من الأدب الإسلامي.. من عناوينها: اهدنا الصراط المستقيم، أعوذ برب الناس، من شر حاسدٍ إذا حسد، لم يلد ولم يولد، تبت يدا أبي لهب، لكم دينكم ولي دين، نصر الله والفتح، كيف فعل ربك بأصحاب الفيل.. وغيرها.

3 – حكايات عن الصلاة : صدر منها عشرون جزءاً، وهي سلسلة توضح للناشئة كيفية الصلاة: أهدافها، ومراميها.. من خلال قصصٍ جذابة، وأسلوبٍ سهلٍ مبسّط، وصورٍ ملونةٍ تجتذب الناشئة.. من عناوينها: الأذان نداء الله للمكرمين، الاتجاه نحو القبلة، الوضوء ما أروعه، صلاة الظهر تبارك العمر، النجاة .. النجاة!.. وغيرها.

4 – قادة الغرب يقولون : دمِّروا الإسلام.. أبيدوا أهله :

وهو كتيّب يبحث في خطط أعداء الإسلام لتدمير المسلمين، ولإبقاء العالم الإسلامي متخلفاً ضعيفاً.. من خلال عرضٍ مؤثرٍ لأحداثٍ واقعيةٍ وقعت في العصر الحديث، ومن خلال عرضٍ لمواقف زعماء الغرب من الإسلام.. وكان هذا الكتيّب محاولةً لإثارة مشاعر كل العرب والمسلمين واستنهاضهم، ليستيقظوا من غفوتهم وكبوتهم، وليفكّروا بالأخطار الداهمة التي يضعهم أعداؤهم في أجوائها.. وأين الحل؟! هو السؤال الوحيد الذي يردّده كل من يقرأ الكتاب ويمتلئ تحفزاً وحرارةً وتأثراً وحميّة، لدينه وأمّته اللذَيْن تتآمر عليهما كل القوى الاستعمارية في العالم.

5 – كانوا همجاً : رواية طويلة من 256 صفحة.. وهي محاولة تعالج واقع البشرية من خلال نظرةٍ تستشف أستار المستقبل، نحو قيام دولةٍ إسلاميةٍ عصرية، بَلسماً للناس، وشفاءً لجراحات عصور الهمجية في جسد البشرية المعذَّبة وروحها.. هذه المعالجة أسلوب من أساليب (عبد الودود) لعرض أفكاره بخيالٍ خصبٍ يمتلكه، ورؤيةٍ ناضجةٍ وواضحةٍ لنواحي الحياة: الهمجية منها المتمثلة في عصرنا الحالي الذي نعيشه.. وتلك التي يجب أن تكون في ظل دولة العدل والقانون، ذات المرجعية الإسلامية المُبْصِرة.

6 – ثورة النساء : رواية طويلة، تعالج قضية المرأة من وجهة نظرٍ إسلامية، كيف تعيش في ظل الحضارة الإنسانية الحالية: مظلومة، مُهَانة، وسلعةً رخيصة.. وكيف ستكون عليه عندما تتمسك بالإسلام -في ظل حضارةٍ إسلاميةٍ راقية- حُرَّةً كريمة، ومُصَانةً عفيفة، وأساساً لا غنى عنه لبناء المجتمع القوي.. ومن خلال هذه الرواية، نقل عبد الودود الصراع الفكري القِيَمي الأخلاقي مع الغرب فيما يتعلّق بالمرأة.. إلى عقر داره، أي إلى ساحة الغرب نفسه، فسلّط الأضواء على الخلل العميق هناك، ووجّه الأبصار إلى نجاعة الحل الإسلامي بكل بساطة، لما يعانيه الغرب من شروخٍ غائرةٍ في نسيجه الاجتماعي.

7 – بناء الإسلام : الأصول والأركان-دراسة أيديولوجية :

وقد صدر منه هذا القسم الأول.. أما القسم الثاني الذي يعالج منهج الحياة في أجزاء عدّة.. فلم يصدر منه أي جزء..

في هذا الكتاب تبدّت ذروة النضوج في فكر (عبد الودود) حيث ظهر الوضوح في الرؤية، والواقعية العملية الدقيقة، والفكر العملاق عنده.. لقد أراد من عرض هذا الفكر، أن يبث الثقة المطلقة -في نفس كل إنسانٍ عربيٍ ومسلم- بفكرة الإسلام وبساطتها، بشكلٍ يسهِّل عليه دخول معترك الصراع العقديّ الإنسانيّ وهو يحمل شعاراتٍ واضحةً محدَّدة، من السهل مقارنتها مع العقائد والأيديولوجيات الأخرى بسرعةٍ ويُسر.. ومن ثم إيصال فكرته إلى عقل كل إنسانٍ شريفٍ وقلبه.. فيقنعه بأنها هي الخير المحض، والعلم الخالص، والحاجة الملحّة.. فهو يعيد إلى المسلم التصوّر الصحيح للإسلام، فيَظهَر بناءً متكاملاً متراصاً محكماً، يأخذ كلُّ جانبٍ منه دورَه، مترابطاً مع بقية الأجزاء برباطٍ متين.. وهذا التصوّر يمكّن المسلم من بناء نفسه بشكلٍ صحيّ، فلا يفرّط في جانبٍ أساسيّ، ولا يغلّب جانباً ثانوياً على أصولٍ كبيرة، ومن ثم يُقدّم -بخطوات الواثق- إسلامَه إلى مجتمعه المتخلف وإلى الإنسانية جمعاء، حلاً جذرياً لما تعانيه من ضنكٍ وآلامٍ وعذاب.. وليعرف هذا المسلم المؤمن -الذي يدخل معترك الصراع الأيديولوجي- معنى كل جزءٍ من إسلامه، ودوره وأهميته صغيراً أكان أم كبيراً، وليكتشف من خلال هذا الوضوح ما إذا كان يتبنى كل الدين أو بعضه، وأهمية هذا التبني في نصرة مسعاه الدائب، لأنّ النصر مشروط بتنفيذ كل أصول الدين وأسسه، ولأن نصر الله وتوفيقه لا يأتي إلا بالفهم الصحيح والوضوح الكامل والتبنّي السليم، ولأن أيّ إهمالٍ أو تقصيرٍ سيؤدي إلى تخلخل البناء المترابط، ومن ثم تهدّمه أو انهياره.

8 – تفسير المؤمنين : وهو تفسير للقرآن الكريم بأسلوبٍ عصريٍ حديث، يفهمه الجيل المعاصر.. وفيه عرض (عبد الودود) أفكاره الدقيقة الواضحة من خلال تفسير القرآن الكريم، بأسلوبه الخاص الذي يركّز فيه على قضايا فكريةٍ أساسية، في الفكر الإسلامي الحديث والحركة الإسلامية المعاصرة، وهو بذلك عالج قضايا في غاية الأهمية، من مثل: الشرك في الإسلام، ومَن هو الذي يليق به أن ينظّم حياة الناس، والجهاد، والتنظيم، ووحدة العرب والمسلمين، والحكم الإسلامي، والحضارة العربية والإسلامية، وأساليب العمل الإسلامي، وموقف المسلم من غيره، والأخلاق الإسلامية في البناء الاجتماعي، والشورى، والإسلام نظاماً عاماً ومنهج حياة، وأعداء الإسلام وأساليبهم، وحقائق علمية في القرآن، واليوم الآخر والجنة والنار، وصفات المؤمنين، وصفات الكافرين، وصفات المنافقين، والأمن الإسلامي، والظلم، والعدل.. وغير ذلك..

خامساً: الفكر التنظيمي عند (عبد الودود) :

وهو فكر متطور عملاق، الدقة والوضوح والنضوج سماته الأساسية، وكل ما كتبه في هذا المجال لم يُنشر مطلقاً.. وهذا الفكر يرتكز على قضايا أساسيةٍ عالجها بعمقٍ وسِعَة أفقٍ وعلميةٍ رائعة.. فهو يرى أنّ إقامة منهج الله عز وجل في الأرض فَرْضُ عَيْنٍ على كل مسلمٍ ما دام هذا المنهج بعيداً عن الحكم، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بالجهاد في سبيل الله.. فالجهاد بكل أبوابه وأنواعه فَرْضُ عَيْنٍ على كل مسلم، وبما أن الجهاد -عملاً متكاملاً- لا يمكن ممارسته في العصر الحديث بشكلٍ منفرد، وإنما من خلال بناء حركةٍ إسلاميةٍ قوية.. فبناء هذه الحركة فَرْضُ عَيْنٍ على كل مسلمٍ كذلك، وبما أنّ هذه الحركة لن تكون قويةً قادرةً على مجابهة المناهج الأخرى وقواها، إلا باتباع الأساليب والخطط التي تُثبت جدواها عملياً، فإنّ أساليب البناء وخطط المجابهة يصبح اتباعها وتبنيها والعمل بها.. فَرْضُ عَيْنٍ أيضاً حين ثبوت جدواها، لأنه من غيرها لا يمكن تحقيق الأهداف أو النجاح.. ولابد للحركة الإسلامية المتطورة، أن ترتكز على ركائز أساسيةٍ عدّةٍ لابد منها، وهي في غاية الأهمية، من مثل:

أ- نظرية واضحة تحكم سيرها.

ب- خطة مفصلة.

ج- منهج تربيةٍ (نظريٍ وعمليٍ) متطورٍ حسب الظروف.

د- هيكل الحركة، بكل نواحيه وأقسامه المناسبة لبناءٍ قويٍ مترابطٍ متكامل.

هـ- مقياس واضح، يُقاس به مدى نجاح أفرادها في تحقيق منهج الله في نفوسهم وفي حركتهم.

و- جدول زمني واضح دقيق، لتنفيذ الخطة حتى الوصول إلى الهدف.

ز- أمن الحركة بأفرادها ومؤسساتها وخططها ومنهجها ونظريتها.. أمر لا يمكن الاستغناء عنه ولا السير بدونه، في ظل المواجهة الحديثة مع الباطل.

وله شروحات وكتابات موسّعة في كل ما سبق من الأبواب.. ومن يطّلع على فكر عبد (الودود) في هذا المجال، لابد أن يقتنع بأنه حجّة في التنظيم والحركة، والتخطيط للعمل الإسلاميّ المتطور.

سادساً: اعتقاله :

اعتقل مرتين في حياته: الأولى: في عام 1964م، في أحداث الجامع الأموي بدمشق، عندما كان أمين الحافظ رئيساً للجمهورية العربية السورية، حيث شُنّت حملة اعتقالاتٍ واسعةٍ طالت الكثيرين من الشباب المسلم.. وفيها عانى (عبد الودود) من تعذيبٍ جسديٍ ونفسيٍ شديدَيْن، وخرج من سجن المزّة بدمشق بعد أشهرٍ عدّةٍ وقد كُسرت إحدى أضلاع صدره.. وقد كتب عن هذه الأحداث وعن فترة السجن هذه، كتاباتٍ مثيرةً في أحد جوانب مذكراته التي لم تُنشر.. أما الاعتقال الثاني: فكان في 31 آذار من عام 1980م صبيحة يوم الاثنين.. وهو يوم الإضراب العام في سورية تضامناً مع نقابة المحامين، حيث اتّهم بالتنظيم، وبالعمل على إسقاط نظام الحكم، وبالفكر المعادي للسلطة وللحزب (حزب البعث)، وباستغلال كونه عضواً في اتحاد الكتّاب العرب في دمشق للتحريض على النظام برأيه وفكره.

بعد أشهرٍ عدّةٍ من اعتقاله في (سجن الشيخ حسن) بدمشق، نُقل إلى سجن تدمر بعد إدخاله مستشفى المواساة بدمشق مرتين نتيجة التعذيب.. وانقطعت أخباره منذ ذلك الوقت وحتى اليوم.. فرَّج الله عنه إن كان حياً، ورحمه واحتسبه شهيداً عنده إن كان غير ذلك.. إنه سميع قريب مجيب.

أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (العنكبوت:2 و3). -صدق الله العظيم-

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ