ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 23/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

إلى كيلو و البني و الآخرين

أنتم الأحرار حقاً و نحن المسجونون

د. هشام الشامي

دأب النظام الأمني في شامستان – و على مدى عقود طويلة من الإجرام و القتل و التنكيل و السجن و مصادرة الحريات و منع الأحزاب و المنتديات و التجمعات ، و إلغاء حرية الرأي و التعبير ، و تدمير المدن و ارتكاب المجازر و المحرمات - على ترسيخ و تكريس فكرة قبول المجتمع السوري بسياسة الأمر الواقع ، و إرهاب المجتمع و تحويله إلى مجموعة من الرعاع لا هدف لها سوى المحافظة على حياتها ، و الركض خلف لقمة العيش و رزق العيال ، و عدم التفكير بأمور السياسة و الأمور العامة ، التي أصبحت حراماً على المواطنين ، و حصراً على مجموعة من الأشرار الظلام الفاسدين ، الذين لا هم لهم إلا استمرارهم في السلطة ، و استمرار امتيازاتهم  و نهبهم المنظم و الجشع لثروات و ممتلكات الوطن و المواطنين ، و إن كان ذلك على حساب الوطن و ثوابته ؛ و من أجل تحقيق أهدافهم الدنيئة ، كانوا لا يتوانون عن تقديم التنازلات تلو التنازلات لأعداء الوطن الذي لا يلام على استمرار احتلاله للأرض و انتهاكه للحقوق المغتصبة ، و ذلك على مبدأ الشاعر الذي قال :  ( لا يلام الذئب في عدوانه ** إن يكُ الراعي عدو الغنم ) ، و بالمقابل كانوا غير مستعدين أن يستمعوا ( عدا أن يقبلوا ) لأي رأي معارض ، أو حتى تساءل محق عن تصرفاتهم من أي مواطن حر أبي ، يرفض أن يرى الظلم و يسكت عنه ، فزجوا بكل الأحرار و المناضلين من أبناء سوريا في السجون و المعتقلات ، و تكاثرت أعداد فروع الأمن و المخابرات ، و انتشرت كالفطر على مساحة الوطن ، و أصبحت أعداد رجال الأمن المتفرغين لمتابعة المواطن و إحصاء أنفاسه ( و المفروض أنهم الذين يسهرون على أمنه و استقراره و حمايته من المعتدين المتربصين ) تحسب بمئات الآلاف ، و لهم من الإمكانيات و الأسلحة و العتاد و الأهم من ذلك كله من الصلاحيات ما يفوق السلطات القضائية و التنفيذية و السياسية مجتمعة ، بحيث أضحوا بحق رجال الخوف و الإرهاب المنظم  ، فأصبح المواطن السوري ( من أصغر مواطن إلى أكبر مسؤول غير أمني ) يخاف من الكلام بالشأن العام حتى مع زوجته و أخيه و أقرب المقربين إليه ، إن لم نقل مع نفسه التي بين جنبيه.

و من أجل أن يحقق النظام الاستثنائي في تاريخ سوريا ، رؤيته الاستثنائية ، سن قوانين استثنائية ، لا تمت إلى الإنسانية و العدالة و المساواة بأية صلة ، فكانت قوانين الطوارئ و الأحكام العرفية المسلطة على رقاب شعبنا منذ أكثر من ثلاث و أربعين عاماً ( فقط ) و كان قانون العار و الجريمة المنظمة ذي الرقم المشؤوم 49 منذ عام 1980م ، و ما سبقهما و تلاهما من قوانين استئصالية ، جعلت من فئة محددة بدقة من المجتمع ( الفئة المتسلطة و المستفيدة ) هي فقط صاحبة الحق في الحكم ، و التشريع و الإعلام و التنظيم و البت في كافة شؤون المجتمع و التكلم باسمه ، و لا يحق لغيرها أي تدخل أو مناقشة أو تساؤل أو معارضة ، حتى أصبح أي تساءل في الشأن العام خيانة للوطن تستحق محكمة ميدانية عسكرية تستأصل الفكرة من مهدها ، قبل أن تمتد و تنتشر ، و يصعب وضع حد لها من كثرة التساؤلات و الاستفسارات التي تغلي داخل صدور المواطنين ، عما فعلت هذه السلطة بعد كل هذه العقود ؟، و ماذا قدمت للوطن من خدمات ؟، و أين هي الشعارات البراقة التي رفعتها ، و ماذا حققت منها حتى الآن ؟ .

كما ساعدت الظروف الدولية ، و الحرب الباردة ، و اللعب على الحبال التي أتقنها ميكافيلي سوريا / الأسد الأب ، و تقديمه لكل التنازلات المطلوبة و خضوعه لكل  الاملاءات المفروضة من أعداء الوطن ، في التغطية على جرائم النظام ، و السكوت عنها ، رغم فظاعتها و تجاوزها كل المحرمات الإنسانية .

وبعد أن غيب النظام الأحرار بالموت و السجون ، و أرهب المجتمع بالتدمير و المجازر ، و فرض ثقافة الصمت و الخوف التي أصبحت الثقافة السائدة في المجتمع السوري و خاصة بعد أحداث نهاية السبعينات و بداية الثمانينات ، و بالتحديد بعد مجزرة حماة الكبرى في شباط 1982م و نقول الكبرى لأنها سبقتها مجازر أصغر في حماة نفسها و في حلب و جسر الشغور و سرمدا و مجزرة تدمر بحق المسجونين السياسيين ، كما تبعها مجازر أخرى أصغر في جبل الزاوية و غيره من مناطق سوريا ، كما كانت المجزرة مستمرة و على مدى عقدين من الزمان ، في حفلات الإعدام الأسبوعية داخل سجن تدمر ؛ بعد كل ذلك شعر النظام أنه أرهب الناس و المجتمع إلى أبد الآبدين ؛ و أطمأن أن سياسته الإجرامية قد آتت أكلها.

ثم جاءت تحولات العقد الأخير من القرن الماضي ، و انهيار جدار برلين ، و ما تلاه من سقوط الديكتاتوريات الاشتراكية و تفكك الاتحاد السوفيتي ، و انتهاء الحرب الباردة ، و تحول السياسة العالمية نحو القطب الوحيد الأمريكي ، فعوضاً أن يتعظ الأسد و يعود إلى شعبه ، حوّل الأسد الأب - الذي لا هم له إلا المحافظة على ملكه - بوصلته المذبذبة ، ليدخل الحرب مع عدوه التقليدي الأمريكي في معركة تحرير الكويت ، ثم تابع انحراف سياساته التقليدية ، و تنازل عن قضاياه المركزية التي كان يتاجر بها ليل نهار ، و دخل عملية السلام مع الصهاينة في مدريد ، و في نفس الوقت كان يحضّر على المستوى الداخلي للمملكة الأسدية الأبدية التي أصبحت الشغل الشاغل له و لنظامه ، كل ذلك دعاه لبدأ حملة إطلاق سراح غيض من تبقى من فيض السجناء السياسيين على دفعات صغيرة بدءاً من نهاية عام 1991م .

و استمرت الأمور على ما هي عليه  حتى وفاة الأسد الأب في حزيران من عام 2000م ، و تتابعت فصول المسرحية ، التي ألفها و أنتجها الأسد الأب ، و شاركه في إخراجها شلة العصابة المستفيدة من استمرار مسلسل سلب ما بقي من خيرات الوطن حتى الثمالة .

و بدأ الأسد الثاني بنفس الوعود التي خدرنا بها الأسد البائد في بداية عهده الطويل ، من إصلاح و مساواة و عدالة و محاربة فساد ، و تحقيق المصالحة الوطنية ، و إنهاك كل قوى التسلط و الظلم و الاحتكار التي احتكرت المجتمع لتحقيق مصالحها و أطماعها التي لا تنتهي .

و شيئاً فشيئاً بدأت الأمور تسير نحو الوجهة الحقيقية المتوقعة التي لا يمكن لمثل هكذا نظام استبدادي ، شمولي ، فردي ، طائفي ، قمعي ، مخابراتي ، إلا أن يسير بها ، و صدق قول العرب : ما أشبه اليوم بالبارحة ، و قولهم : الولد على مرباه ، و قولهم أيضاً : هذه العصا من تلكم العُصية ، و هل تلد الحيّة إلا حييّة .0

و مرة أخرى يتصدى المثقفون الوطنيون الأحرار بكل جرأة و شجاعة لممارسات الشكل الشبابي من نظام الأسد البائد ، و يفضحون زيف شعاراته و اهتراءها ، و يحذرون من هكذا نظام لا يُرجى خيره و لا يؤمن شره .

و كان المحاميان الأستاذان رياض الترك و هيثم المالح في مقدمة هؤلاء الرجال الذين قالوا كلمة الحق بصوت عالٍ في وجه سلطان جائر .

و تتالت بيانات المثقفين ، التي تجرأت و اقتحمت حصون الأسد المنيعة ، و أرسلت إليه شخصياً ، و التي تدعو إلى الإصلاح و محاربة الفساد و الانتقال من الحكم الديكتاتوري الشمولي إلى الحكم الديمقراطي التعددي ، و إلغاء كافة القوانين الاستثنائية .

و كان من الملفت حقاً أن تكون طليعة هؤلاء المثقفين الشجعان من أولاءك الرجال الذين قضوا عقوداً طويلة في ظلام و ظلمات سجون الأسد الإرهابية ، و الذي ظن النظام مخطئاً أنه روضهم و غسل أدمغتهم بسياطه و عصيه و حديده و أساليبه الإجرامية التي عاينوها و عاشوا معها سنين طويلة ، من أمثال الأساتذة رياض الترك و هيثم المالح و فاتح جاموس و عبد الستار قطان و ميشيل كيلو و أنور البني و ياسين الحاج حامد و كمال اللبواني و محمود عيسى و خليل حسين ، و غيرهم كثيرون يجمعهم أنهم جميعاً دخلوا سجون الأسد الفظيعة و عانوا فيها سنوات بل عقود عديدة ، و يميزهم أيضاً أنهم يمثلون المجتمع السوري بكل ألوانه الفسيفسائية ، و تنوعاته الثقافية و العرقية و الطائفية .

فهل أجدّت السجون و المعتقلات و نفع أسلوب إرهاب الدولة المنظم  في إسكات كلمة الحق ؟ ، أم على العكس من ذلك تماماً ؟ أدى ذلك إلى نضوج الفكر المعارض و توحد المعارضة و التقائها بكافة أشكالها و ألوانها و أطيافها تحت مظلة إنهاء الاستبداد ، و إقامة سوريا الديموقراطية بوجهها الحضاري الحقيقي .

تحية حب و احترام و إجلال و تقدير لكل من فضح نظام القمع الفصامي  في أسدستان ، و لو بكلمة واحدة ؛ و على رأسهم أفواج المعتقلين و المثقفين  الذين وقعوا على بيان دمشق - بيروت الأخير .

 و هذه دعوة صادقة لكل المخلصين من أبناء الوطن لتوحيد الجهود و شحذ الهمم و الالتقاء على الهدف الأسمى الذي هو إنهاء الاستبداد المزمن في سورية الحبيبة ، و خصوصاُ أن الاستبداد لا يميز بينهم في القمع و الإلغاء.

و لنتذكر قول الشاعر:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً ** و إذا افترقن تكسرت أحاداً ....

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ