ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 07/07/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صراع القلوب والعقول

 محمد اسحق الريفي

بالإضافة إلى الحروب التي تشنها على العرب والمسلمين، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بخوض "صراع القلوب والعقول" مع الشعوب العربية والإسلامية، وهذا الصراع – الذي يطلق عليه الأمريكيون "حرب الأفكار" – لا يقل خطورة عن الحرب العسكرية، بل إن النجاح في تحقيق أهداف الغزو العسكري يعتمد بشكل كبير على نتائج هذا الصراع الذي يبدأ قبل الحرب ويستمر خلالها إلى بعد انتهائها.

ولقد رصدت الولايات المتحدة لهذه الحرب مئات الملايين من الدولارات، والعديد من خبراء الدعاية والإعلام في الولايات المتحدة، وكذلك العديد من الباحثين الاستراتيجيين في معاهد ومؤسسات الدراسات السياسية والإستراتيجية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولقد وظفت الولايات المتحدة مجموعة من الفضائيات والإذاعات المسموعة والمرئية، يقوم على تشغيلها وإدارتها إعلاميون عرب وغيرهم، بهدف الترويج للدعاية الأمريكية وإقناع الشعوب العربية والإسلامية بـ "حسن نوايا الولايات المتحدة" تجاههم.

ويتولى مسؤولية توجيه ودعم حرب الأفكار، أو التي يطلق عليها الأمريكيون "عملية تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي"، كل من وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، وتهدف هذه العملية إلى تغليف الأهداف الأمريكية العدوانية تجاه العرب والمسلين بغلاف جميل من الشعارات البراقة؛ لتمريرها على تلك الشعوب، وتهدف أيضا إلى إجبار المستضعفين من شعوب بلادنا – بشكل خاص – على رؤية الولايات المتحدة على غير حقيقتها وعلى غير ما هي عليه.

بل قد تعدى الأمر كل تلك الأهداف إلى تشكيك العرب والمسلمين بدينهم عقائديا، وإقناعهم بعدم صلاحية هذا الدين للحياة، وجعل الإسلام سببا لكل ما تعانيه أمتنا من تدهور في مجالات التعليم والسياسة والاقتصاد والتنمية الإنسانية؛ كخطوة أولى في طريق فصل الإسلام عن حياة الناس؛ ليتسنى للولايات المتحدة والغرب استهداف الأمة ومقدراتها ووجودها.  وفي الجانب الآخر، تسعى الإدارة الأمريكية إلى إقناع الناس بأن الحضارة الغربية و"الديمقراطية الأمريكية" هي النموذج الفريد للحياة الذي يجب على المثقفين العرب والمسلمين أن يطبلوا ويزمروا له.

وهناك هدف خطير غير معلن لصراع القلوب والعقول وهو إجبار العرب والمسلمين على قبول التحيز الأمريكي المطلق لـ (إسرائيل)، وعدم إبداء الكراهية إزاء (إسرائيل) وقادتها، فالرئيس الأمريكي بوش يريد منا أن نؤمن – مثله – بأن شارون هو رجل سلام، ومن أجل هذا الهدف أصدرت إدارة بوش قانون "معاداة السامية" لملاحقة كل من يتجرأ من المثقفين والإعلاميين والسياسيين العرب والمسلمين وغيرهم على انتقاد قادة (إسرائيل).

والحمد لله لم تنتصر الولايات المتحدة في هذا الصراع، فقد تقدمت خبيرة الدعاية الأمريكية "شارلوت بيرز" – التي كلفتها وزارة الخارجية الأمريكية بمهمة تحسين صورة الولايات المتحدة لدى العرب والمسلمين – بالاستقالة مرتين؛ بسبب الفشل الذريع لمحاولاتها المتكررة، وقد تم قبول الاستقالة في المرة الثانية.  كما أن البنتاغون أصدر تقريرا مطولا عن الفشل الذريع الذي كُللت به الحملة الدعائية والإعلامية الأمريكية الهادفة إلى تضليل الناس، ويرى التقرير أن السياسة الخاطئة التي تتبعها الولايات المتحدة هي السبب في فشل تلك الحملة، وليس كما يرى اللوبي الصهيوني أن عدم وضع استراتيجيات وخطط مناسبة لصراع القلوب والعقول هو سبب فشل تلك الحملة.

وقال التقرير: "إن الحملة الإعلامية – أو كما لا يزال البعض يسميها حرب الأفكار، أو صراع القلوب والعقول – هدفها فصل الغالبية العظمى من العرب والمسلمين الذين لا يستخدمون العنف عن المتشددين الذين يعتنقون فكر المقاومة"، و"لكن الجهود الأمريكية لم تخفق فقط في هذا الشأن، بل حققت نتائج معاكسة لما أرادته".  ويتهم المحللون السياسيون العرب بغبائهم وبإنكارهم للجميل، ويعيرونهم بمليارات الدولارات التي تصبها الولايات المتحدة على البلاد العربية، فتحصل – على سبيل المثال – مصر على ملياري دولار سنويا منذ نحو 25 سنة، وكأن المسألة هي شراء لقلوب وعقول العرب والمسلمين؛ لتصمت أمام السياسة العدوانية للولايات المتحدة تجاه الأمة.

والجدير بالذكر هنا أن الباحثين الاستراتيجيين وخبراء الدعاية المكلفين من قبل إدارة بوش يفتقرون إلى الفهم الصحيح لكيفية تعاطي العرب والمسلمين مع الدعاية الأمريكية المضللة، فهم يحتاجون إلى فهم أعمق لطبيعة المجتمعات العربية والإسلامية ولطبيعة ثقافتهم العريقة، فلو تحقق لهم ذلك لكفوا عن مجرد التفكير في هذه الحملة.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك العشرات من الشبكات الإلكترونية العربية والإسلامية والعالمية ومنتديات الإنترنت، التي تهدف إلى تقويض النظرية الفكرية الأمريكية، ومناهضة العولمة الأمريكية، والعمل على توعية الناس بحقيقة الأحداث العالمية؛ عن طريق تزويدهم بمعلومات موثقة بحقائق وأرقام وصور وإحصائيات، ومن أهم الأمثلة على روعة ودقة عمل هذه المنتديات هو قيامها بنشر حقائق تتعلق بغرق القاعدة الأمريكية في المحيط نتيجة موجات تسونامي أو تفجيرات نووية أمريكية، وللعلم فإن هذه القاعدة كانت تحتوي على مخازن للأسلحة والذخيرة تستخدمها طائرات B-52 الأمريكية في حروبها لتدمير بلادنا، وربما تحتوي على مخازن لأسلحة نووية.

والأساليب التي يستخدمها الأمريكيون في صراعهم مع قلوب وعقول العرب والمسلمين لا تتجاوز الكذب والتضليل، وقلب الحقائق وتكميم الأفواه، وتخويف وإرهاب القلوب، وأحيانا استمالة القلوب بملء الجيوب، ولجأت إدارة بوش – في خضم الصعوبات الجمة في العراق – إلى احتكار مصادر الأخبار فيما يتعلق بالمقاومة المتصاعدة كماً ونوعاً،  ليس هذا فحسب، بل تقوم الإدارة الأمريكية بسن القوانين وإصدار القرارات لتبرير قمعها لحرية التعبير عن الرأي ولحرية الصحافة، وتعتمد هذه الإدارة أسلوب التخويف والتهديد بالملاحقة القانونية والأمنية لكل من يناهض سياسات واشنطن، فقد طالب نواب في الكونجرس الأمريكي بمعاقبة كل من ينتقد أو يتهجم على الولايات المتحدة الأمريكية.

ولإخفاء خسائره البشرية الفادحة الناتجة عن ضربات المقاومة في العراق، ولإخفاء الحالة النفسية المتدهورة لأفراده الذين يفرون بالآلاف عن طريق البصرة إلى الكويت، يقوم جيش الاحتلال الأمريكي بإغلاق مكاتب الصحافة والاعتداء على الصحفيين وقتل العديد منهم بشكل متعمد، ورغم كل هذه الأساليب لم يستطع قادة الجيش الأمريكي إخفاء حقيقة ما يجري في العراق، فقد صرح الجنرال "ريتشارد مايرز" رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بأن المقاومين العراقيين يستطيعون شن ما بين 50 إلى 60 هجومًا في اليوم الواحد، لذلك لم يجن الأمريكيون من كل محاولاتهم لإخفاء الحقائق إلا ظهور الصورة الحقيقية للولايات المتحدة.

وقد استطاعت المقاومة العراقية كسر الاحتكار الإعلامي عن طريق استخدام مواقع الإنترنت ووسائل بدائية في تصوير ونشر الأخبار، ولكن في الوقت ذاته تقوم الولايات المتحدة بخوض حرب مواقع الإنترنت للتضليل وتشويه صورة المقاومة العراقية، فتقوم المخابرات الأمريكية بإنشاء مواقع على الإنترنت لنشر أخبارا مزيفة لا تخدم إلا الاحتلال الأمريكي، ولذا يلزم اليقظة والحذر وتحري الدقة، فليس كل ما ينشر على الإنترنت بخصوص ما يجري في العراق صحيح، والأولى الاعتماد على مصادر موثوقة مثل "مفكرة الإسلام" و "إسلام اون لاين" و "مختصر الأخبار".

وهناك أسلوب آخر تتبعه الإدارة الأمريكية عندما تشعر بفشل التضليل الإعلامي في تشويه الأفكار، وهو إيفاد الدبلوماسيين للضغط على الحكومات العربية لكف بعض محطات الإعلام العربي عن التغطية الإعلامية الصادقة للأحداث في العراق، فقد ذهب كولن باول إلى قطر للضغط على الحكومة لمطالبة قناة الجزيرة الفضائية بعدم نقل صور ما يجري في العراق، ولقد تعرض مكتب الجزيرة للإغلاق في العراق، وللتدمير في أفغانستان، وتعرض عدد من مراسلي الجزيرة للتصفية مثل الشهيد "طارق أيوب".

إذاً اعترفت إدارة بوش بخسارتها لحرب الأفكار، ولم تنجح السلطة الرابعة في عالمنا بالتأثير على قلوب وعقول الشعوب، بل على العكس تماما فالفضائيات والإذاعات المسموعة المدعومة من البنتاغون ومن وزارة الخارجية الأمريكية أدت إلى نتائج عكسية، فقد زاد إدراك الشعوب لمدى الخطر الذي تشكله الولايات المتحدة على العالم، ولا تزيد برامج وزارة الخارجية الموجهة للمثقفين العرب والمسلمين إلا تعزيز هذا الإدراك، ومع هذا فإن على المثقفين أن لا يقفوا على الحياد، وعليهم أن يقوموا بواجبهم نحو شعوبهم في بيان الحقيقة والتوعية، فالصمت والظلام يتساويان في حقيقتيهما، فأين يقف المثقفون العرب والمسلمون من صراع القلوب والعقول؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ