ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 10/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

مفاوضات

بين المعارضة والرئيس بشار

محمد زهير الخطيب

بعد مداولات طويلة انتدبتني المعارضة السورية لاجراء مفاوضات مع الرئيس بشار لاجراء مصالحة وطنية وقطع الطرق على المتربصين بسورية والعمل على وقوف جميع السوريين صفا واحدا لتحقيق الاصلاح وممانعة المخططات الاجنبية.

تعثرت جميع محاولات اللقاء عن طريق السفارات السورية ولم ينظر لها الرئيس بشار بجدية، ثم سنحت فرصة ذهبية بوساطة من الاخ خالد مشعل الذي استطاع بوسائله تلطيف الجو وأخذ موعدا للقاء.

وصلت مساءا بالطائرة قادما من اوروبا وكان في استقبالي عميد في المخابرات يلبس ثيابا مدنية، واصابتتني قشعريرة عندما صافحت وجهي نسمات دمشق الفيحاء التي كان آخر عهدي بها منذ أكثر من عشرين سنة، ركبنا سيارة المرسيدس السوداء وجرت بنا مسرعة على طريق المطار وفي شوارع دمشق حتى وصلت إلى احد الفنادق الجميلة وهناك قضيت ليلة قلقة طافت خلالها في ذهني مئات الصور والافكار.

وفي الصباح كان اللقاء بيني وبين الرئيس بشار.

وبعد التحية بدأ الرئيس بشار حديثه قائلا أن الاخ خالد مشعل كان كثير الحماسة لعقد هذا اللقاء ونحن نكن له مودة كبيرة ولاشك أن لديكم في المعارضة ما يجعل الاخ خالد متفائلا فماذا عندكم لتقدموه لبلدكم سورية.

سيادة الرئيس، إن وقتكم ثمين وأحب أن اختصر كثيرا من الكلام لنتحدث فورا في  جوهر الموضوع. سورية بلد عريق مبارك وشعبه شعب حيوي واع وظروفه اليوم لا تسر صديقا، إن السياسة التي انتهجها والدكم كانت خطيرة في تعطيل الحياة السياسية والديمقراطية في البلد، وقد يكون لديه دفاعه وأسبابه التي لم نعد قادرين على محاسبته عليها لانه بكل بساطة رحل عنا ولم يبق لنا الا التعامل مع الواقع الذي أمامنا كما هو.

نحن في المعارضة نطالب بالديمقراطية الحقيقية وباطلاق الحريات وايقاف الفساد وتحقيق العدالة والتنمية، نحن نعلم ان ثمن الديمقراطية باهظ، فقد يكون ثمنه كرسي الحكم وقد يكون ثمنه المثول أمام العدالة والانتهاء وراء القضبان، غير أننا نؤمن بان هذه الديمقراطية هي قدر الشعب السوري، قدره الذي سيصل إليه غدا أو بعد غد، بنا أو بغيرنا، وحديثنا اليوم معك لاخذ وعد منك بالتعاون مع المعارضة للبدء بالاصلاح والوصول إلى الديمقراطية بك وبجهودك وباقل الخسائر الممكنة.

الرئيس بشار: إني أتوقع أن أسمع منكم ماذا ستقدمون لسورية في محنتها، أريد منكم أن تساهموا في الممانعة أمام الهجمة الاميركية الشرسة، ومشروع الشرق الاوسط الكبير وسياسة الفوضى الخلاقة، اريد منكم أن تتصدوا للحملة الاعلامية الظالمة التي تتعرض لها سورية ...

سيادة الرئيس، نحن لسنا الآن في برنامج "حوار مفتوح" على قناة الجزيرة كي تسرح بنا ونسرح بك ويزايد بعضنا على بعض في الكلام، إننا هنا الآن لنتحاور ولنجد حلا ينقذ البلد، تستطيع في أي لحظة أن تنهي الاجتماع إذا شئت ولكن هذا لن يقدم للمشكلة حلا.

يجب أن تطبق سورية الديمقراطية، حكم الشعب بالشعب، يجب أن يختار الشعب ممثليه ونوابه بحرية حقيقية، سؤالي لك ياسيادة الرئيس ما يمنعك من أن تكون البطل الذي يحدث هذا التغيير على عينه فيكسب ثقة الشعب وحبه، ويجعل التاريخ يسجل إسمه باحرف من ذهب.

الرئيس بشار: إنني الآن حاصل على ما تعدونني به، أنا الآن حاصل على ثقة الشعب وحبه.

سيادة الرئيس: إسمح هذه المرة أن أقول لك أنني أنا الذي سانهي هذا الاجتماع إذا بقيت تخاطبني بهذا المنطق الخشبي، إنك تذكرني الآن بالرئيس الروماني تشاوشسكو عندما قال لمنذريه بقرب انتهاء حكمه، لن ينتهي حكمي حتى يُنبت الصفصاف كمثرى إشارة إلى استحالة إنتهاء حكمه الذي انتهى بعد اسبوع من تصريحه هذا.

الرئيس بشار: اذا دعني أصارحك، هناك عدة أمور تقف حجر عثرة في وجه الاصلاح، اذا جاء الاصلاح والديمقراطية بغيرنا إلى الحكم فاننا لا نأمن من عمليات الانتقام التي ستنال مني ومن عائلتي وطائفتي وأنصاري في أجهزة المخابرات والجيش والحزب ... المعارضة التي نحاورها ضعيفة وممزقة وغير قادرة على إعطائنا عهدا بالامان فضلا على الالتزام به. إنها مجازفة كبيرة من طرفي، وقد علمني والدي أنه في الصراع على الحكم لا يوجد غير خاسر ومنتصر، فاذا لم أكن المنتصر فانا اذا الخاسر.

سيادة الرئيس، إن نصائح والدك الراحل كفيلة بان تجعلك سجانا كبيرا لايشق له غبار لقاووش كبير اسمه الوطن، إننا ندعوك الى حوار وليس إلى صراع، إننا نريدك مصلحا يغير وجه سورية الحزين البائس إلى وجه حضاري مشرق، نريد تحرير الناس من أجراء في مزرعة الوالد الراحل وورثته إلى أصحاب حقوق ومواطنة، ينامون في الليل ملء جفونهم ويسعون في النهار على رزق عيالهم دون رشوة وعنت وإهانة.

لك علي أن اقنع المعارضة بطلباتك رغم إحساسي بصعوبة ذلك، ولكنني ساصارحهم بان هذا الحل على صعوبته هو من أفضل الخيارات لتجنيب الوطن شر الحادثات.

الرئيس بشار: أريد أن أتأكد أيضا أن عبد الحليم خدام والاخوان والشيوعيون ليسوا على رأس هذا الامر فهؤلاء لا آمن شرهم وقد بلغت العداوة بيننا وبينهم حدا لا صلح معه.

سيادة الرئيس، إن الاخوان الذين فرحوا بانضمام نائب الرئيس خدام للمعارضة سيكونون أكثر فرحا بعقد مثل هذا الاتفاق مع الرئيس نفسه، وخدام الذي استطاع أن يعايش والدك الراحل ثلاثة عقود يستطيع أن يفتح صفحة جديدة معكم عندما ينحاز الجميع لمصلحة الوطن ويقبل الجميع بالنهج الديمقراطي الذي يعطي الحق لاهله ويعيد للشعب كرامته. لا تظن ياسيادة الرئيس أن كلامي هذا خيالا جامحا أو شطحات أفلطونية تتحدث عن المدينة الفاضلة، إنه كلام قابل للتطبيق، غير أنه من السهل الممتنع، ولذلك كان العظماء في التاريخ قلائل، لانهم اتخذوا أكثر القرارات نضجا وجرأة في الوقت المناسب فقادوا بلادهم إلى النصر وسلكوا بشعوبهم طريق الخير والكرامة.

الرئيس بشار: رغم أن دوري في هذا الاتفاق أصعب من دوركم، غير أني أقول لكم اذا جاءتني المعارضة صفا واحدا يحدوها الاخلاص والرغبة الصادقة في تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة فعندها سآخذ طروحاتكم بعين الاعتبار وسابدأ بتطبيق خطوات الاصلاح والديمقراطية.

وانتهت المقابلة، ووعدته بلقاء الاخوة في المعارضة والعودة إليه بجوابهم في أقرب وقت، وانطلقت يحدوني الامل إلى المطار، وعندما قدمت جواز سفري لموظف الامن هناك أعلمني بانني ممنوع من المغادرة وأنني مطلوب لمراجعة فرع فلسطين، فسقط قلبي بين قدمي وانعقد لساني لولا أن تدخل مرافقي – المخابرات- وقال للموظف: دعه فالاستاذ ضيف سيادة الرئيس.

وعندما اقلعت بنا الطائرة بدأت اتلمس جسمي، هل أنا في حلم؟ ثم دار في رأسي سؤال: هل استطيع غدا أن أقبل التحدي واجمع المعارضة صفا واحدا يحدوه الاخلاص والرغبة الصادقة في تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة مع السلطة لينجز الرئيس بشار وعده؟

وهنا أحسست بيد توقظني من نومي وصوت يسألني: هل تشرب قهوة أم شاي؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ