ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 06/07/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


البطانة الفاسدة

حسام مطلق / العراق – السليمانية

تبنى الاوطان عادة على الروح الوطنية لأبناءها, والورح الوطنية هذه تبث في اللحظات الحاسمة بالاناشيد والخطب, بيد أن تلك الاناشيد والخطب ليست أكثر من محرك لحظي لتراكم عميق من الحب والولاء والآمال المستقبلية, حتى وإن لم تكن آمالاً فردية يمكنك تلمسها في المستقبلك القريب فهي قد تكون ركائز لغد افضل لمن تحب من الناس . وتشكل مرحلة الطفولة والمراهقة الأساس الذي تبنى عليه جميع المشاعر, سواء منها الأسرية أو الأخلاقية أو الوطنية,

فيما يلي سوف اروي حادثة تعرضت لها تتجاوز بدلالاتها و أبعادها حدودي الشخصية لكي تلامس واقع آلاف السوريين يمكن من خلالها أن نقرأ نوع الوعي الجمعي المتشكل في سوريا ومدى عمق الانتماء الوطني ومدى تلاحم الشعب السوري مع القيادة السياسية لمواجهة المرحلة المقبلة . قبل أكثر من عشر سنوات, وتحديداً أمام إشارة الفندق السياحي بحلب وهي عقدة مواصلات وسط البلد, لم يستجب سائقين لضوء الإشارة الأخضر, بل تابعا حديثهما عبر نفاذتي سيارتيهما, الحديث كان على ما يبدو شيقاً بين ركاب السيارتين. كررت إطلاق بوق سيارتي عدة مرات فلم يتغير شيء, والسيارت خلفي بالعشرات, بل اكتفى أحدهم بنظرة تحقيرية الى الخلف . اندفعت بسيارتي بحركة سريعة وخطرة بين السيارتين, ولا أنكر مدى التهور فيها, وتابعت طريقي دون أن أسبب الأذى لأي من السيارتين, ولكن الركاب  حتماً شعروا بالكثير من الفزع, لقد كانت اندفاعة خطرة في مساحة شديدة الضيق. تبعتني كلتا السيارتين الى الإشارة التالية, اشارة مدخل حي العزيزية, وأغلقتا الطريق على سيارتي, ونزل من السيارتين من نزل, وأنهالوا على ضرباً مبرحاً. أحدهم كان يحمل رشاشاً, ضربني بكعبه على أنفي, ولا يزال أثر تلك الضربة ملاحظاً علي . غادروا بعد أن طُرحت أرضاً, والدماء تغطي وجهي وقميصي. توجهت الى مخفر شرطة العزيزية وأنا على حالتي تلك, استقبلني رجال الشرطة بالتعاطف ولكنهم حين سمعوا أسم الطرف الآخر, وكنت عرفته من الجمع الذي تحلق خلال ضربهم لي, ( زيدون إبن أسعد مينا مدير معامل الدفاع وهو بالمناسبة علوي   ) تراجعوا جميعاً على قلب رجل واحد وكان قولهم ( روح أنت جاي تخرب بيتنا ). استجمعت قواي وتوجهت الى  البيت, وكلي غضب وعزم على الثأر. قبل أن أنتهي من الاغتسال وتبديل ثيابي كانت أمي قد اتصلت بأبي الذي حضر مفزوعاً, ولم ينجح بتهدأتي الا بعد أن أخذ موعداً من قائد شرطة حلب وكان يومها ( العميد كيخيا ) . ماذا قال العميد العتيد : أبو حاتم اسمع مني راح تضيع مستقبل ابنك, خلاص ... خناقة شباب ... وهيو درس إلوا بالحياة حتى ما يكابر مرة تانية. لن أنسى ما حييت تلك الملامح التي ارتسمت على وجه أبي وكأنه يقول لي : أعتذر عن كل ما علمتك إياه عن الكرامة والوطن .  قبل عودتنا كانت أمي قد أعدت خدعة ذكية, حيث ادعت أن زوج أختي المقيمة في الأردن مضطر للسفر خارجه على جناح السرعة, وهي تعلم جانب الغيرة عندي, فلابد أن أذهب اليها, وزيدون هذا موجود يمكنك العودة لمطاردته لاحقاً . حصل والدي على خطاب موجه من قائد شرطة حلب الى قائد شرطة حمص, حيث قيدي المدني, لتسريع حصولي على جواز سفر ( وهذا يؤكد أن قائد شرطة حلب كان متعاطفاً ولكنه عاجز ) .وهناك تمت اجراءات استخراج جواز السفر بأقل من ثلاث ساعات, بعضها أمضيته أنتظر مدير الهجرة والجوازات الذي لا يلتحق بالعمل إلا قرب الظهيرة. طلب مني المساعد أن أوقع الجواز من مدير قسم الهجرة , دخلت غرفته, وكان بصحبته صديق يتبادل وإياه حديثاً ودياً مضحكاً. تقدمت وقلت : لو سمحت مطلوب توقيعك هنا. أخذ الجواز, وهو يتابع حواره مع صديقه, وقع عليه, ثم رماه في وجهي بلا مبالاة عجيبة. وكأن هذا المواطن الذي يقف أمامه هو من بقايا عبيد أفريقيا في مسلسل الجذور- كونتا كينتي -. غانيك عن عدم احترامه لوثائق رسمية ممهورة بأختام الدولة وشعارها المفترض " النسر " . تذكرت عندها ما علمونا إياه في المدارس عن الشرف الوطني وكيف يمكن أن تصبح السدارة " القبعة العسكرية" رمزاً لهذا الشرف. وتذكرت العقوبات التي كثيراً ما عانى منها زميل ما لأن سدارته سقطت ارضاً, وهو ليس أكثر من مراهق يجري لاهياً في ساحة المدرسة  . أمامي, حيث كنت أقف تماماً, كانت هناك على طاولة مكتبه أداة فتح الرسائل التي تشبه سكيناً غير قاطع, كانت في متناول يدي, لم يكن يتطلب الأمر سوى أن غرزها في عنقه. لم يمنعني الخوف, ولا النتائج, ما منعني أن أهلي سوف يقولون عني "صاحب مشاكل" نعم هكذا بسذاجة ابن العشرين سنة . غادرت الى عمان, ووضع رجال الجوازات الأردنيون على جوازي ختماً ( مراجعة أقرب مركز أمني خلال اسبوعين ), طبعاً كسوري هذا تعبير كبير يستلزم الكثير من القلق. ذهبت, فطُلب مني صورة,وكنت احمل واحدة من معاملة جواز السفر, وعنوان اقامتي وبيانات الشخص الذي يستضيفني, ثم قال الشرطي: وقع هذا التعريف من رئيس القسم وارجعلي, وحملني ملفاً وبطاقة . دخلت غرفة رئيس القسم ليتكرر نفس الطالع فرئيس القسم جالس الى احد أصدقائه في حديث ودي, وبدأ قلبي يسرع في دقاته, إلا أن رئيس القسم نظر في الملف ثم وقَّعَ على البطاقة وهو يقول : هاي أحنا كرابة يا حسام – يقصد قرابة –   اختك متزوجة منا, كيف… ناوي انت كمان تتزوج من هون, بددت هذه الكلمات قلقي ثم ختم حواره لي قائلاً : أي شيء تحتاجه احنا هنا أخوانك. طبعاً هو لا يريد أكثر من المجاملة, وما كان لي أن أفهم أكثر من ذلك, ولكني انتقلت بعدها للعيش في الأردن, وأنا فيه منذ ذلك . 

كيف يمكن الأستدلال من هذه الحادثة الشخصية بما يقيم عمق الثغرة في الوضع الداخلي إنه التالي :

1- بالرغم من معارضتي شبه المطلقة للسياسة الخارجية الأردينة فيما يتعلق بالعدو الصهيوني, وبالرغم من توافقي البعيد مع السياسة الخارجية السورية في هذا الخصوص, اخترت العيش في الأردن. السبب بسيط, فالحياة عبارة عن جملة من التفاصيل اليومية ليس لك أن تتجاهل أثرها في رسم قدرك, وليس للعناوين الكبيرة أن تلغي أهمية التفاصيل الصغيرة وإن عظمت. أن تحيا في سوريا أنت أمام خيارين فقط لا ثالث لهما, أن تكون مهاناً أو أن تصبح قاتلاً " منذ مدة قصيرة تعرض الرئيس السابق لجهاز أمن الدولة في حلب "عمر حميدة" لمحاولة اغتيال أصيب فيها بقدمه وسقط قتلى وجرحى في تبادل لاطلاق النار رافق العملية التي نفذت في احدى مستشفيات حلب حين كان يزور قريبه الذي كان قد جُرح خلال تصفيته لأحد أبناء آل بري خارج نطاق القانون " هذا ما فعله القتلة وأنا كآلاف غيري أخترت العيش خارج الوطن ويبقى ما سيفعله من أسبغت عليهم الإهانات عبر عقود .

2- حين قال قائد شرطة حلب " راح تضيع مستقبل ابنك " تبادرت الى ذهني فوراً قصة احضار  سيدنا عمر بن الخطاب لكل من عَمر بن العاص وولده ليقتص الاعرابي لنفسه بنفسه,وكان عمر ابن العاص يومها فاتح مصر وحاكمها. كان ذلك سبب تشكل فكرٍ ديني لازمني سنين طويلة. لذا أتفهم النظرة التاريخية للحركات الإسلامية واعزوها الى غياب العدالة الإجتماعية, على الأقل على مستوى القواعد.

3- أنني في تلك اللحظات لم أرى فرقاً جوهرياً بين الاسرائيلي و البعثي أو بينه وبين العلوي, كل ما أحسست به هو القهر والإهانة, وأن هؤلاء الثلاثة من يسبب لي هذا القهر وتلك الإهانة. لقد استشرى الاحساس الطائفي في فكري رغم أني من بيئة بعيدة كل البعد عن الطائفية .

حتى تصبح الأمور أكثر جلاءً لمن لايعرف سوريا جيداً أقول ( الأمن السياسي – أمن الدولة – المخابرات العسكرية-المخابرات العامة - المخابرات الجوية – مكاتب الحزب- مكاتب الشبيبة-مكاتب اتحاد الطلبة - الحرس الجمهوري – الوحدات الخاصة – وسابقاً سريا الدفاع وسرايا الصراع – الشرطة العسكرية –  حتى الأمن الجنائي والشرطة المدنية لهما صولاتهما وإن تكن محدودة قياساً بباقي الأجهزة ), كل هذه الأجهزة لها قادة والقادة لهم مساعدون والمساعدون تحت أمرتهم ضباط. ولها فروع, والفروع بعدد المحافظات ولن ننسى أن لكل محافظة مناطق ونواحي تابعة لها, ولكل فرعٍ منها رئيس, والرئيس له معاونون , ولكل من هؤلاء عدد من الأولاد وهؤلاء الأولاد لهم أصدقائهم – أي أولاد المعلم وشلته حسب الاصطلاح السوري – ,غانيك عن أعضاء القيادة القطرية والوزراء والمحافظين ومدراء المناطق ومدراء النواحي ... الخ, وأنا لم أتحدث عن أبناء المتنفذين أو المحسوبين حتى فوق الأجهزة نفسها .فهل صار القارىء يتخيل الآن مدى عمومية قصتي وصلاحية اسقاطها على الآلاف من الشباب السوري. إذن دعونا ولو لبضع دقائق نفكر كم سوري تعرض للضرب والاهانة على أيدي أبناء المسؤوليين ورجال الأجهزة الأمنية لأسباب لا علاقة لها بالأمن أو المواقف السياسية ؟. وكم منهم لم يفكر ويحلل بل ظل رد الفعل الأولي هو المسيطر عليه؟. بل ربما ظل يكابد ما يؤكد له ذلك الشعور دون أن تتيح له الأقدار فرصة المراجعة ؟.

سؤالي المتكرر لكل سوري يأتي من الوطن : هل تغيرت الأمور ؟. الجواب الموحد يقول : نعم لقد صارت هذه المشاكل أقل . إنه جواب مدمر, لأنه يعني بكل بساطة أن احتمال تعرض المواطن السوري للاهانة مايزال قائماً. أو ربما هو بنفس المعدل ولكن من شخوص دون شخوص, أو في مدنٍ دون مدن, و الأزمة الأكبر أن معظم هؤلاء هم من أصول علوية . عليه يمكننا أن نصف رؤية المواطن السوري لحكومته بأنها قائمة على العناصر التالية : الطائفية – الانتهازية – مصادرة القرار الوطني – وذلك للتالي:

 أدرك جيداً أن الراحل حافظ الأسد لم يكن ذي توجه طائفي على الاطلاق, وهذا يستنتج من تشكيله لمجلس الستة خلال أزمته الصحية واقصائه لرفعت الأسد لاحقاً. وأدرك أن الأمر جاء نتيجة لتطورات أمنية بحتة جعلت الدائرة تضيق شيئاً فشيئاً. ولكن حركة رفعت الأسد تلقي بظلالها على طبيعة تفكير الكثير من المنتفذين في القرار السوري ومدى ميولهم الطائفية سواء الواعية أو اللاواعية . قد يكون التفسير السابق مقبولاً لمن يتأمل ويراقب بقراءة شاملة وهو خارج المعاناة اليومية, ولكن ماذا عمن تهرسه الحياة ولا يجد سوى اللطمة بعد اللطمة ؟.خصوصاً وأن الطريقة التي نُصب فيها الرئيس بشار الأسد لا تخرج عن تفسير تغلغل الفكر الطائفي الى مواقع القرار السوري, فلم ينتظر هؤلاء استكمال الشروط الدستورية وإنما غيروا الدستور. إنه سلوك حلقة الذئاب في أعالي الجبال حيث المصير تحدده مجرد ظرة, لا القانون أو الدستور.وما يؤكد استمرار دور العقل الطائفي في الفعل السياسي السوري هو دخول رفعة الأسد الى البلاد خلال احدى زيارات الرئيس بشار الأسد لمصر بتغطية من بعض الضباط المتنفذين رغم وجود مذكرة توقيف بحقه صادرة عن جهة قضائية مختصة, الأمر الذي اسستدعى قطع الرئيس بشار لزيارته والعودة الى سوريا . إن كان هناك توافق في الشارع السوري على قبول رئاسة بشار الأسد للدولة, إن أملاً في التغير أو هروباً من تبعات الصراع على السلطة, فإن الاجماع على رفض رفعت الأسد منقطع النظير. ولا يُقبل به إلا بمثل ما قُبل صدام في العراق, مروراً فوق مقابر جماعية له في تدمر وقفة فيها. إن مجرد التلويح به رئيساً لسوريا يثير لدى السوريين حساسيات طائفية بكل أبعادها الحقيرة. الأمر الذي يقودنا الى أن نقسم القيادة العسكرية السورية الى معسكرين, أديولوجي ليس لنا عليه مأخذ, وطائفي يجب ازاحته, خصوصاً وأن هؤلاء لهم جسور مالية مع الولايات المتحدة " راجع بيانات رفعت الأسد بعيد وفاة حافظ الأسد وما حوته من تلميحات " . لا مشكلة في أن يتولى من هم من أصولٍ علوية أرفع المناصب, وهم يفعلون, الأزمة في أن يتولوا تلك المناصب لأنهم علويون بغض النظر عن كفائتهم. قد يكون مفهوماً أن يبقى من سبق أن تعرض للاضطهاد متحفزاً, أما أن يصبح هو ممارساً للاضطهاد فهذا غير مقبول على الاطلاق, الطائفية كريهة بغض النظر عن مرتكبها .إن البلاد حين تدار بفكر طائفي, سواء بوعي أو بسبب ما يسمى الضرورات الأمنية وضرورات الولاء, لا تُبقي أمام المراقب الذي يقف خارج السلطة مسميات أخرى غير الطائفية لتوصيف الوضع.

وتصبح عندها تبريرات نائب الرئيس السيد عبد الحليم خدام, حين يقول : إن عدد البعثيين مليونين من مختلف الشرائح, غير كافية لتغيير الحقائق. حين قرأت كلمات السيد نائب الرئيس قفز ذهني فوراً الى مدرب التربية العسكرية للصف السابع في اعدادية أبو تمام في محافظة الحسكة, وأسمه إن لم أخطأ جبريل. تذكرت حين رفعني  في الهواء وأخذ يهزني كأني وسادة, صارخاً, ورذاذ لعابه يتطاير على وجهي: ليش مانك شبيبة ليش مانك بعثي . المشكلة أني كنت قادماً من مدرسة ابتدائية خاصة   أسمها " النهضة العربية " ولا أعرف ما هو البعث ولا ما هي الشبيبة, فعمري كان 11 سنة فقط. كنت أعرف الطلائع, وكنا جميعاً نرتدي فولار الطلائع, وخلت أنه يسأل, ربما, هل أنت بعث أم شبيبة أم طلائع. في دول كثيرة يعتبر الطفل الذي يتقدم للاجابة قبل الآخرين مميزاً ويستحق العناية, لكن في سورية الأمر مختلف. لقد أقسمت أن أرفض هذا البعث وهذه الشبيبة ولو كانا من الله - إن فيكم لمنفرين- . الكثير من زملائي من مدرسة النهضة العربية لم يُعرضوا أنفسهم لأي مساءلة بعد ذلك المشهد, فهل هم من يعول عليهم السيد نائب الرئيس؟. أم ربما الذين يشترط لتقدمهم الوظيفي الانتساب للحزب, بل واحياناً لحصولهم على الوظيفة أصلاً ؟. معظم الحزبيين في المرحلة الإعدادية و الثانوية وحتى في الجامعة كانوا ممن ليست لديهم المقدرة على خلق حضور اجتماعي بين الزملاء, فكان منصب العريف, وطالب الانضباط, ومسؤول اتحاد الطلبة, هو التعويض عما يفتقدون اليه في تكوينهم الشخصي. 

مشاعر السوريين :

بعيد سقوط بغداد بثت قناة الجزيرة تقريراً في احدى نشراتها الاخبارية قارن بين بعث العراق وبعث سوريا وختم بمشهد سقوط تمثال صدام مازجاً بينه وبين تمثال الراحل حافظ الأسد في ميدان دمشق والمعلِق يقول في الخلفية الصوتية " كثيرين لاشك تدغدغ مشاعرهم أن يشاهدوا هذا التمثال يسقط ايضاً ". نجحت اتصالات وزير الاعلام السوري عدنان عمران في وقف بث الشريط, الا أن أحد الذين شاهدوا الشريط علق قائلاً: من لا يخاف الله, اعتباراً من اليوم سوف يخاف أميركا. هذه الكلمات هي ما يعبر عن حقيقة المشاعر المختلطة لدى السوريين وليس أعداد المنتفعين بالانتساب لحزب البعث . نعم إن الأطياف الفكرية بمختلف ألوانها تتفق على رفض النفوذ الأميركي, فإن كانت إيران من أطلقت تسمية الشيطان الأكبر فإن السوري العادي يمارسها بوعي قومي وديني منذ الاستقلال,  ولكن في المقابل هناك من مل انتظار التغيير وقد يجد الفرصة سانحة. بل ربما يجد في وطنيته التي تفرض عليه السعي للتغير ما يبرر التعاون حتى مع الشيطان لاخراج البلاد من مأزقها. وسوف يكون هناك من يحركه دافع الانتقام البحت. والممارسات الطائفية سوف تخلق أجوائها أيضاً. أضف من سيدفعه الانحطاط الانساني الذي وصل اليه نتيجة عقود من القمع وكبت الحريات والتجاوز المتكرر على انسانيته  أي بتعبير أخر  " المخصيون" سواء أكانوا داخل حلقة الحكم أو خارجها((  من أسقط بغداد الجلبي أم الإتكال على الحرس الجمهوري دون الشعب؟.)). الخلاصة أن الوطن لا يذود عنه إلا أبناءه, والوطن الذي يسرقه افراد يُرتهن استقلاله لعوامل خارجية, هو وطن مستقل مرحلياً لا أكثر. فرنسا وروسيا و الصين والمانيا و اسبانيا وحتى بريطانيا سوف تعترض, لاشك عندي  في ذلك, لكنها فقط سوف تعترض, لا أكثر ولا أقل. المظاهرات سوف تعم العالم, نعم لا اختلاف, ولكن كل ذلك لن يلغي شعور التفوق الأميركي ولن يوقف عجلة الحرب . وحده تعاضد الشعب يمكن أن يخلق الحاجز المنيع, ونحن بحاجة لأن نشعر بأن الوطن لنا أيضاً, وأن الحاكم للشعب وليس الشعب للحاكم. اغلاق المنتديات, توقف حملة محاربة الفساد الإنتقائية في تطبيقها أصلاً, العودة الى تقيد الصحف حتى عن انتقاد المدراء , هذه كلها تراجعات عن الاصلاح,  غانيك عن التهديدات العلنية التي أطلقها السيد بشار الأسد في افتتاح أعمال مجلس الشعب. إن هذه الممارسات في محصلتها هدم لعوامل الثقة بين الشعب والقيادة " المسماة جديدة " دون أن نغفل ما في هذه الممارسات من توجيه لمشاعر الجماهير للخارج لانقاذ الوضع الداخلي  .

مع الشكر والتقدير

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ