ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 30/04/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

أمريكا لا تعير الشعب السوري أدنى التفاتة ....

وعليه أن يقلّع شوكه بيده

الطاهر إبراهيم*

كتب أحد السوريين – من الذين قضوا شطرا من حياتهم في المعتقلات، ويعيش في المنفى الآن - متبرما من واقع أسود وحياة نكدة مع استبداد سلطوي، تمكن بقوة الحديد والنار أن يُخضع لنزواته ورغباته شعب سورية، مستقويا بأعوانٍ اختارهم على عينه، من القرابة والعشيرة، متظللا بتوافق دولي، تحت ذريعة أن أي تغيير قد يخلق اضطرابات في سورية وما جاورها، وقد يفرخ إرهابا، المجتمع الدولي في غنى عنه.

لا يلام هذا الأخ-وكلنا هو من كان في سورية تحت الاحتلال ومن تفرق في شرق الأرض وغربها- على اليأس من نظام استعصى على الإصلاح. وما قاله في حق النظام ليس إلا ما لحقه هو من اعتقال وظلم وتشريد. وسيدرك "الخلي ما لحق الشجي"من ظلم، إذا حسب أعداد الذين تضرروا من فساد النظام وقمع أعوانه، ونالهم ما نال صاحبنا ،ويعدون بمئات الألوف، فسيرى عندها جبالا تراكمت من آلام المظلومين. أما الدماء التي سفكها سفاحو النظام ومدمنو قتل الأبرياء، فسيستعصي على "الخلي" أن يدرك ألم أهل قتيل واحد وذويه، قتله أولئك السفاحون. وقد قال الله تعالى، معقبا على قتل ابن آدم الأول لأخيه :( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ...) (المائدة..الآية 32 ). فكيف بمن خاض في دماء معتقلي تدمر وذبح منهم قرابة ألف معتقل، صبحهم "ركعا وسجدا"، فتوضأوا بدمائهم وصلوا الصبح عند ربهم. وكأني بهذا الأخ وغيره قالوا: تعالوا نطلب مساعدة عدونا بعد أن خلّى إخواننا العرب بيننا وبين النظام يسومنا سوءَ العذاب، تعالوا نجرب حظنا مع أمريكا. وكأني بهم يستجيرون من الرمضاء بالنار .....لماذا؟

كلنا يعرف أن النظام السوري فعل ما فعل في سورية ولبنان برضى وتفويض من واشنطن  ،التي نمد يدنا لها. "روبرت فيسك"....الذي نقل مجازر حماة من داخلها عام 1982 ، كتب عدة مقالات عن دعم واشنطن للنظام، آخرها مقاله الأسبوعي في الاندبندنت في26 "أبريل" الجاري تحت عنوان "كل شيء يتغير في معبد الحقيقة في دمشق". جاء في المقال(في حماة ،حيث ‏كانت جحافل رفعت الأسد، المستمتع الآن بتقاعده الإجباري في الاتحاد الأوروبي  -وكر ‏مجرمي الحرب المفضل ـ تذبح بلا هوادة الآلاف من الإسلاميين العصاة... كانت المذابح تجري بدون حتى كلمة ‏احتجاج من نفس الأمريكيين الذين هم الآن بدورهم يحاولون تصفية عددٍ مساوٍ من العصاة ،ولكن هذه المرة في العراق.) (  ). 

ولبيان جدوى الاستعانة بواشنطن لتفكيك النظام السوري، لن أقيم وزنا لاتهامي بالعمالة التي طالما ألصقها حكام دمشق بمن خالفهم. وسأشطب من قاموسي القومية والوطنية... وأخواتهما، حتى لو سمعت من يسبّها جهارا نهارا فلن تطرف لي عين. وسأنسى من ذاكرتي التاريخ والجغرافية والمعلومات الوطنية والإرث الثقافي في بغض الاستعمار والرجعية والإمبريالية الذي ورثته عن آبائي وأجدادي ، ولقنه لي أساتذتي قبل أن يظلنا حكم حزب البعث الوارف الظلال.

ليس هذا فحسب، فإن من يقف في وجهي يريد أن يردعني عن الاستعانة بالأجنبي لأنه شر ، فسأحاججه بالقول: إن استبداد حزب البعث شر أيضا، وفي "الشر خيار". وسأحسبها معه بالورقة والقلم: فأمريكا ،وهي العدو، لم يقتل جنودها من العراقيين -إذا استثنينا ما يقتل من العراقيين بأيدي العراقيين- أكثر من الذين قتلهم حزب البعث ،وهو الشقيق، من السوريين خلال حكمه. أم أن القتل بيد أمريكا حرام، وبيد النظام السوري حلال؟

ولكن! وليس خوفا من أن يرفع "الوطنيون!" في وجهي لافتات الاستنكار ومفردات الاتهام والشجب والتنديد و... وهي على كل حال لن تزيد عما ورد في قاموس حزب البعث التي ألصقها بخصومه خلال مسيرته في حكم سورية، أؤكد هنا: أن مد اليد لواشنطن قضية غير مسلم بها حتى لو استبعدنا من حساباتنا مفردات "التخوين" الجاهزة التي تخاف المعارضة من أن يلصقها بها إعلام حزب البعث، لماذا؟. 

لنفترض جدلا أن أمريكا قد غسلت يدها من النظام السوري، بعد أن تأكد لديها أنه لم يعد لديه ما يقدمه لها، وبعد أن كان قدم لها خدمات هي أضعاف ما قدمته له واشنطن لدعم وجوده في لبنان، مع أن هذا الوجود نفسه قدم لواشنطن خدمات لا تقدر بثمن، لعل أهمها تحجيم المناوئين لها ولإسرائيل في سورية ولبنان.

ولنفترض أيضا أن واشنطن قبلت أن تدعم الشعب السوري في تفكيك نظام حزب البعث، فماذا ستطلب واشنطن من المعارضة والشعب السوري مقابل ذلك؟ فهي لا تقدم مساعداتها مجانا، وليست هيئة إغاثة، ولا "تكية" لإيواء وإطعام المساكين. فما تقدمه يتم حسب قوانين "البزنس". بل نؤكد أن أبسط أنواع الرحمة التي تحاول الدول أن لاتسقطها من حسابها، فإن واشنطن تتركها وراء ظهرها، يؤكده ما تفعله مع الفلسطينيين من تجويع بعد فوز  "حماس" . ونؤكد هنا أن واشنطن لم تقف في طريق فوز حماس إلا لتضعها داخل الحصار المجرم، ما يعطي صورة مرعبة عما تخبئه الإدارة الأمريكية لشعوب المنطقة.

ليس صعبا أن ندرك الثمن الذي تطلبه واشنطن من الشعب السوري، وقد رأينا ما يحصل في فلسطين ومايتم في العراق، وكيف انخرط العراقيون في انتخابات نيابية، -ما سماه البعض "التخريب الأمريكي بأسلوب ديموقراطي"- مطلوب منها ،أمريكيا، أن تشرُع للموافقة على بناء قواعد عسكرية أمريكية تتمركز فيها طائرات ضاربة أمريكية، بعد أن ينسحب الجيش الأمريكي، ويحل مكانه جيش عراقي منزوع المخالب.

قد لا يتم العمل مع السوريين بنفس "السيناريو" الذي عُمل مع العراقيين، لأسباب كثيرة لا يتسع المجال هنا لبسطها. ولكن عبقرية "المحافظين الجدد" ،وقد أبدعت سيناريو التخريب والقتل في العراق، لا يصعب عليها أن تتحف السوريين بسيناريو مثله أو أشد تخريبا. فهي قد وضعت في أجندتها تغيير بعض الأنظمة العربية ،والنظام السوري في طليعتها، لا لأنه يقف في وجه مخططات واشنطن، بل لأنه لم يعد لديه القدرة على السير وقد انشغل رموزه في أجندات محلية ،من مثل جمع الأموال وإعادة إحياء الدَوْر السوري في لبنان، مما يعرقل مواكبة الأجندة الأمريكية الجديدة.

ما ينبغي أن يكون واضحا أن الشعب السوري لن يقبل أن يستقوي بواشنطن على وطنه، ولكنه أبدا لن يدافع عن نظام القمع والاستبداد والفساد إذا استهدفته واشنطن، -لسبب أو لآخر يتعلق بأجندتها- وسعت إلى تفكيكه.

وما ينبغي أن يكون واضحا أمام الشعب السوري، أن واشنطن لاتعمل إلا وفق أجندتها التي لا تتقاطع بالضرورة مع مصلحة هذا الشعب إلا في ما ندر.

وإذا كان النظام السوري يعتقد أن المعارضة السورية ضعيفة: الداخلية لأنها مستهدفة يوميا بملاحقة أجهزة الأمن لنشطائها، والخارجية لبعدها عن الوطن وانقطاع التواصل مع الداخل السوري، فإن الشعب يحلم ويصبر، ولكنه لن يرحم نظام الفساد والقمع إذا ما أدى الضغط عليه إلى الانفجار الكبير.

ما لا يدركه نظام الوراثة القمعي في دمشق أنه يقاتل عن مكتسبات تتعلق بزيادة أرصدة أو توسيع نفوذ، وكلا الأمرين لا يصمد المدافع عنهما إذا هددت حياته. أما الشعب السوري فإن كرامته أهدرت وحقوقه انتهبت وعومل معاملة قطيع السائمة. وياويل الظالم إذا هدرت ملايين هذا الشعب في شوارع دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس وإدلب والرقة ودير الزور والسويداء ودرعا. وعندها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ