ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 26/04/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

بين العروبة والقومية

صبحي غندور*

تعبير "القومية" بشكل عام اختلطت فيه مضامين عديدة في التاريخ الحديث والمعاصر، مضامين عنصرية أحياناً أو مضامين معادية للدين أو للديمقراطية أحياناً أخرى...

كذلك "القومية العربية" فقد تَشَوّه استعمالها من قبل بعض الحركات السياسية العربية المعاصرة...

بينما كلمة "العروبة" تحدد نفسها بنفسها، فالعروبة تشمل خصوصيتها وعمومية تعريف القومية، في حين أن استخدام تعبير القومية الآن لا يؤدي غرض معنى العروبة نفسها.

العروبة هي تعبير عن الانتماء إلى قومية محددة، لها خصائص وخصوصيات تختلف عن القوميات الأخرى حتى في دائرة العالم الإسلامي.

الدعوة إلى العروبة هي دعوة فكرية- ثقافية، بينما الدعوة إلى القومية العربية اتسمت بالحركية السياسية.

الانتماء إلى العروبة يعني التسليم بالانتماء إلى أمة واحدة يجب أن تُعبّر عن نفسها مستقبلاً بشكل من أشكال التكامل أو الاتحاد بين أبنائها.. بينما "الوحدة" قد تتحقق بحكم الفرض والقوة.. أو بحكم المصالح المشتركة (كما حصل للحالتين في نماذج أوروبية مختلفة) دون أن تكون الشعوب منتمية بالضرورة إلى أمة واحدة. فالدعوة ل"الوحدة" ليست معياراً لوجود العروبة بينما العروبة تقتضي حتماً التعبير السياسي عن وجودها بشكل إتحادي ما.

"الهوية الثقافية العربية" كانت موجودة كلغة وثقافة قبل وجود الإسلام، لكنها كانت محصورة بالقبائل العربية وبمواقع جغرافية محددة.. بينما العروبة  كهوية انتماء حضاري وثقافي- بدأت مع ظهور الإسلام ومع ارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم وبنشر الدعوة بواسطة رواد عرب..

فالعروبة هي معنى لإضافة حضارية مميزة أصبغها الإسلام على الهوية العربية (كثقافة ولغة) نتيجة الترابط بين الإسلام وبين الوعاء الثقافي العربي، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.

هكذا أصبحت "العروبة الحضارية" هي الثقافة العربية ذات المضمون الحضاري الذي جاء به الإسلام ثم أشترك في صيانته ونشره مسيحيون عرب ومسلمون من غير العرب، وبالتالي خرجت الهوية الثقافية العربية من دائرة العنصر القبلي أو الإثني، ومن محدودية البقعة الجغرافية (شبه الجزيرة العربية) إلى دائرة تتسع في تعريفها ل"العربي"، كل من يندمج في الثقافة العربية بغض النظر عن أصوله العرقية. ودخل في هذا التعريف معظم من هم عرب الآن ولم يأتوا من جذور أو أصول عربية من حيث الدم أو العرق. ويؤكد هذا الأمر تاريخ العرب القديم والحديث من حيث اعتبار الأقليات الدينية في المنطقة العربية نفسها كجزء من الحضارة الإسلامية، ومن حيث تفاعل الأقليات الإثنية مع الثقافة العربية.

المشكلة الآن، هي في بعض القوى القومية العربية التي لم تدرك بعدُ (لا فكراً ولا ممارسةً) أنَّ القومية العربية هي حالة انتماء وليست مضموناً فكرياً وسياسياً قائماً بذاته. أي لا يكفي القول "إنني قومي عربي" لأحسم موقعي وموقفي الفكري من قضايا لها علاقة بالدين والديمقراطية وبالواقع العربيّ الراهن والصيغ الدستورية للحكم.

ولعلّ تجربة "حركة القوميين العرب"، في حقبة الستينات من القرن الماضي، خير مثالٍ على ذلك، حيث انقلبت هذه الحركة القومية على ذاتها عقب نكسة عام 1967 وخرجت منها مجموعة فصائل متصارعة تبنَّت بأكثريتها (رغم الصراعات فيما بين أجنحتها) الماركسية/اللينينية وخلعت "الثوب القومي" مستغلّةً ظروف هزيمة 67 لإشهار ماركسيتها ورفضها الفكري للمنطلق القومي، فاختارت أسماء جديدة لا تمتُّ بصلةٍ إلى الحركة القومية.

حصلت أيضاً حالة شبيهة في حزب البعث بشكلٍ عام، حيث تذبذب فكر هذا الحزب من شعاراتٍ عامّة فارغة المضمون (راجع محاضر محادثات الوحدة الثلاثية عام 1963 الصادرة عن دار "الأهرام")، إلى تبني مناهج فكرية متناقضة، بعضها عروبيّ مؤمن والبعض الآخر منها ماركسي علماني، لكنْ دون حسمٍ فكريٍّ واضح وفي ظلّ صراعات سياسية وحزبية داخلية أفرزت أجنحةً متكسِّرة ومتصارعة في كلٍّ من العراق وسوريا ولبنان، وداخل منظماتٍ فلسطينية مسلّحة.

وكان معظم هذه القوى المتحدِّرة من أصول "حركة القوميين العرب" و"حزب البعث" في حال عداءٍ علنيّ مع قائد التيار القومي العربي جمال عبد الناصر حتى لحظة وفاته في أيلول/سبتمبر 1970.

إن وفاة جمال عبد الناصر، وقبلها هزيمة عام 1967، وقبل هذا وذاك: ضعف البناء الفكري والسياسي والتنظيمي لتيار القومية العربية مقابل قوّة دور "المخابرات" وسط هذا التيَّار.. هي جميعها بلا شك عناصر أسهمت في ضعف التيَّار القومي العربي نفسه لعقودٍ لاحقة، لكنَّ ذلك لا يلغي مسؤولية من كانوا في مواقع الحركات السياسية القومية المُشار إليها آنفاً.

وخلال العقود الثلاثة الماضية، تفاعلت قضايا عديدة في المنطقة والعالم، كانت بمعظمها تحمل نتائج سلبية على التيار القومي العربي فتنقله من كبوةٍ إلى كبوة حتى تحوَّلت الكبوة إلى غفوة، وما زال هذا التيَّار مستغرقاً فيها !!

كلّها عوامل امتزجت كسلبيّات مع انجذابٍ الشارع العربي إلى ظاهرة "التيَّار الإسلامي" الذي لم يكن أيضاً مؤهلاً فكرياً وسياسياً وتنظيمياً لقيادة الشارع العربي بشكل سليم ونحو أهداف سليمة وبأساليب سليمة.

واختلط عمل الحركات السياسية الإسلامية مع الحركاتٍ العنفية التي شوَّهت في ممارساتها العنفية صورة الدين الإسلامي والمسلمين والعرب عموماً.

وكما كان الطرح الفكري للعديد من الحركات القومية العربية عاجزاً عن استيعاب خصوصية العلاقة بين العروبة والدين، ومهملاً في ضرورة  تبني النهج الديمقراطي بالأهداف والوسائل، كذلك كان – ولا يزال- العديد من الحركات الإسلامية قاصراً عن فهم وتطبيق هذه المسائل.

إذن، هي أولاً كانت ظروف صعبة للفكر القومي أو التيار القومي، وهي الآن ظروف صعبة للتيارين القومي والإسلامي معاً ولمن يتبع أيّاً منهما، فعسى أن يخرج من هذه المعاناة المشتركة، فكر عروبي ديمقراطي يحل مشكلة التيارين معاً ويكون بداية لنهضة عربية جديدة.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن.

 alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ