ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 17/04/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

فَذْلَكاتٌ لُغَويةٌ سياسيّة (5)

(من وَحْي الواقع البعيد عن منهج الله عز وجل)

 ( لو قلّبنا النظر في لغتنا العربية، لوجدناها قد وَسِعَت

كلّ المفاهيم والمصطلحات، لكن بالنسبة للسياسة،

 فاللغة تغوص في عُمْقِ أعماقها .. أي في الصميم ) .

بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف

فَذْلَكَةُ الجيم (1)*:

(جَارَ) وأخواتها !..

جَثَمَ، جَأَرَ، جَثَا، جَرَمَ، جَذَعَ، جَحْدَرَ، جَرْمَزَ، جَحْفَلَ، جَزَرَ، جَهَمَ، جَدَعَ، جَحُظَ، جَرَدَ، جَسَدَ، جَلَفَ، جَلَخَ، جَرَحَ، جَرَضَ، جَزَلَ، جَنَزَ، جَذَرَ

 (جَارَ) تعني: ظَلَمَ، ومن يمارس الظلم يُسمى: (جائِر) أو ظالِم!.. والظلم أنواع، أخطرها وأشدّها: ظلم الحاكم لرعيّته، وأوضحها: الظلم الناجم عن وضع منهجٍ للحياة غير منهج الله عز وجل، لتحقيق مصلحة الحاكم وزبانيته، ثم إجبار الرعيّة على تنفيذه.. والظلم في هذه الحالة قد ينجم عن الخطأ الذي يوجد في المنهج الوَضْعِيّ، لأنّ الإنسان كثير الأخطاء، وكل خطأٍ في منهج الحياة الذي يضعه البشر، سيؤدّي إلى ظلمٍ عند التنفيذ في موضع الخطأ!.. والمنهج الوحيد الخالي من الظلم، هو المنهج الخالي من الأخطاء، لأنّ مَن وضعه لا يخطئ، وهو الله سبحانه وتعالى المُنَزّه عن الخطأ!..

عندما تنفِّذ الرعيّة -مرغَمَةً- المنهج الوضعيّ الذي يضعه البشر أو الحكام الظالمون المصلحيّون، لتحقيق مصالحهم الخاصة.. فإنّ ذلك يعني أنّ أبناءها قد رضوا بالظلم الواقع عليهم أو الذي يصيبهم بلا حَوْلٍ منهم ولا قوّة.. فيتحوّلون إلى عبيدٍ للظالم الذي وضع لهم منهج الحياة من عنده، فيتحوّل واضع المنهج أو التشريع هذا، إلى رَبٍّ مزيَّفٍ للرعيّة، أي يتحوّل إلى (جِبْتٍ)!.. والجِبْت هو : كل ما يُعبَدُ من دون الله، وقد ورد في محكم التنـزيل قوله عز وجل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ..) (النساء: من الآية 50).

(الجِبْتُ) في هذا الزمان، حين يكون من البشر، فإنّه يحوّل نفسه إلى (جبّارٍ)، والجبّار هو: القاهر العاتي المتسلّط.. مستخدماً الـ (جَبَروت)، أي: القهر والقمع.. للسيطرة على عبيده الذين هم أبناء رعيّته التي ابتُلِيَت به!.. ويبقى (جاثِماً) على صدر الرعيّة إلى ما يشاء الله، و(جَثَمَ) تعني: لزِم مكانه فلم يبرح، أي في حالتنا التي نعرضها: لزِم كرسيّ الحكم فلم يبرح!..

إذا ما (جَأَرَ) أيّ فردٍ من الرعية إلى الله عز وجل، أي: تضرّع واستغاث بالله ورفع صوته بالدعاء على الجائر، كما ورد في محكم التنـزيل: (.. إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ) (المؤمنون: من الآية 64).. فإنّه سيخضع إلى سلسلةٍ من الأعمال التنشيطية، تنتهي به إلى (جِنازة)، أي: نعشٍ يُنقَل فيه إلى مثواه الأخير!.. إذ بعد أن يُكَبَّل المسكين ـ رحمه الله ـ بـ (جَنـزيرٍ) ثخين.. يؤتى به إلى جبّار الوطن الحاكم المتسلّط، فيوضَع أمامه على طريقة (جَثَا)، أي: جلس على ركبتيه، وقد ورد في محكم التنـزيل قوله عز وجل: (.. ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً) (مريم: من الآية 68)!..

يقوم السيد (جبّار الوطن) بـ (جَرْمِهِ)، أي: إكسابه جُرْماً وذنباً، ثم يأمر بـ (جَذْعِهِ)، أي: حَبْسه.. بعد (جَحْدَرَتِهِ)، أي: صَرْعه ودحرجته، التي تسبقها عملية (جَرْمَزَتِهِ)، أي: جمع بعضه إلى بعضٍ بضمّ أطرافه إلى بدنه!.. التي تتبعها عملية (جَحْفَلَتِهِ)، أي: صَرْعه ورَمْيه إلى خارج مكتب السيد الجبّار!.. ثم يُنقَل إلى المكان الذي يُعَدّ لاستضافته، واستضافة كل مَن يعرفه، أو تعرَّف عليه، أو كان ينوي التعرّف عليه!..

إذا ما وصل حياً إلى مكان (جَزْرِهِ)، أي: نَحْره.. (جَهَمَهُ)، أي: استقبله بوجهٍ كريهٍ.. أحد الساهرين على راحة النـزلاء الضيوف!.. ثم (جَدَعَهُ)، أي: قطع أنفه، وهي تحية الاستقبال!.. ثم أوكله إلى مجموعةٍ خاصةٍ بتكريم الضيوف الأعزاء، أفرادها على هيئة البشر!.. فإذا ما استلموه يداً بيد، (جَحُظَت) عيناه، أي: نتأت حَدَقَتَاهما وبرزتا، من شدّة الفرح والسرور!..

في الحال، يخضع لعملية (جَرْدٍ)، أي: تقشيرٍ!.. إذ يزيلون ما عليه مما بقي من ثيابٍ، ويقوم أحدهم بـ (جَلْدِهِ) بسوطٍ لم يرَ مثله في حياته، بينما يقوم الآخرون بـ (جَسْدِهِ)، أي: بضرب جسده كله!..

بعد أن يتعبوا من عمليات الضيافة الخاصة بالاستقبال المناسب، يستعدّون للجولة الأخيرة من التكريم، بـ (جَلْخِ) سكاكينهم جيداً، أي: شَحْذِها لتصبحَ حادّةً، ثم يَدهمون الضيف الكريم في زنزانته الانفرادية، ويقومون بـ (جَلْفِهِ)، أي: بسلخه، ثم بـ (جَرْحِهِ) في كل ناحيةٍ من جسمه، و(جَرَحَه) تعني: شقّ في بدنه شِقّاً!.. إلى أن يُنَفِّذوا فيه الخطوة الأخيرة، فإن بقيت فيه بقيّة من روحٍ.. قام أحدهم فـ (جَرَضَهُ)، أي: خَنَقَهُ.. أو (جَزَلَهُ)، أي: قَطَعه نِصفَيْن!.. وإن كان الضيف المسكين المظلوم من أصحاب الحظوة، فقد يقومون أخيراً بـ (جَنْزِهِ)، أي: بوضعه في نعشٍ، يُنقَل فيه إلى حيث يختفي حتى يوم القيامة!..

هكذا، يكون السيد (جبّار) الأرض والوطن.. العادل!.. قد (جَذَرَ) أحد أحبّائه الكرام، أي: استأصله وانتهى من أمره .. وما أكثر أحبّاء السيد الجبّار ومُحِبِّيه!..

---------------

* الفَذْلَكَةُ -كما ورد في المعجم الوسيط- تعني : [مُجْمَلُ ما فُصِّلَ وخُلاصَتُهُ]، وهي [لفظة محدَثة].

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ