ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 04/04/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

بعد الإسـاءة إلى الرسـول الكريم

هل تكفي المقاطعة؟

بقلم: سامي الخطيب*

ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المسلمون للإهانة في عقيدتهم ومقدساتهم، ولا المرة الأولى التي يجتمع فيها عدوّهم عليهم، فمسلسل الحقد الأسود لم يتوقف، وما نشرته صحيفة Jyllands-Posten الدّانمركية في 30/9/2005 لم يكن حدثاً عارضاً، وإنما هو حلقة في سلسلة إساءات منهجيّة تهدف إلى ترسيخ كراهيّة الإسلام في الوجدان الغربي كما تقول الكاتبة "كارين أرمسترونج" في كتابها "محمد" ص. (67): "لقد دأبنا على وضع أنماط وقوالب جديدة للتّعبير عن كراهيّتنا للإسلام التي يبدو أنها أصبحت راسخة في وجداننا"

ولعل نظرة إلى مسلسل الإساءات يشير إلى حقيقة هذا الحقد الذي لا يستند إلى الحدّ الأدنى من القيم الحضاريّة التي يتشدق أدعياء الحريّة بها، وإلا فما معنى تكرار الإساءات بشكل مطّرد في ظلّ ازدواجية واضحة في التعاطي مع حريّة التعبير واحترام حقوق الإنسان؟

· وبماذا نفسّر ضيق فرنسا بالحجاب، وحملتها الشرسة لحرمان كلّ تلميذة ترتديه من حقّها في التعليم منذ عام 2003؟

· وعلام يدلّ قيام الجنود الأمريكيّين بركل المصحف الشريف ودوسه بأقدامهم وأكثر من ذلك (!!) في غوانتانامو؟

· وكيف كانت ردة فعل العالم عندما كتبت ملكة الدانمارك كتاباً منذ أعوام شتمت فيه رسول الله والإسلام، أو تجاه إيطاليا التي سبّ رئيس وزرائها الإسلام علناً منذ عام، وأعلن وزير الإصلاح في حكومتها روبيرتو كالديرولي في 15/2/2006 أنه سيرتدي قميصاً يحمل الرسوم الكاريكاتورية المسيئة التي نشرتها الصحف الأوروبيّة؟!

· ولماذا لم يقم أحد بمحاسبة "جيري فولويل" و"بات روبرتسون" (وهما من قيادات اليمين المسيحي الأمريكي الذي ينتمي إليه بوش)، أو عضو الحزب الوطنيّ البريطاني "نيك جريفن"، أو الممثل الكوميدي الأمريكي "جاكي ميسون"، أو المذيعان الأمريكيان "بول هارفي" و"بيل هاندل"، أو المخرج الهولندي "فان غوخ"، أوالإعلامي البريطاني "مايكل غراهام" عندما شتموا الإسلام بأقذع السباب ووصفوا المسلمين بالقتلة وقطعان الغنم والشعوب البدائية، وقد دعا هذا الأخير أمريكا إلى تدمير الكعبة؟ في الوقت الذي يجبر فيه المؤرخ البريطاني "ديفيد إيرفنغ" على تغيير رأيه والاعتذار عن تشكيكه بالمذبحة اليهودية المزعومة (الهولوكست)، ثم لا يعفيه ذلك من الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات أمام المحاكم النّمساويّة؟!

· ولماذا لم يتحدث أحد عن المتطرفين الذي كتبوا قبل أسبوعين اسم النبي صلى الله عليه وسلم على رأس خنزير ألقوه في مسجد "حسن بيك" في يافا، أو الذين أطلقوا اسم "محمد" على كلب لهم عند حاجز حوّارة قرب نابلس، أو الّذين نشروا كلمة "الموت للمسلمين" على جدران مدينة قلقيلية في فلسطين المحتلّة؟

· وأين هو احترام حقوق الإنسان فيما يتمّ نشره من سبّ الإسلام والرسول في كبريات الصحف الغربية كالواشنطن تايمز الأمريكيّة والديلي تلغراف البريطانيّة والجيروزاليم بوست الإسرائيليّة؟

· وهل تعتبر حريّة التعبير مقدّسة عندما يطال الأمر كرامة المسلمين وعقيدتهم وأقدس مقدّساتهم، فيما تجرِّم قوانين الغرب كلّه انتقاد الساميّة وحريّة الشذوذ؟!! ولا أدلّ على هذا الحقد من أن صحيفة Jyllands-Posten التي نشرت الصور المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم رفضت قبل ثلاث سنوات نشر صور كاريكاتوريّة عن السـيّد المسيح عليه السلام كما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانيّة، ورفضت منذ أسابيع نشر صور عن المحرقة اليهوديّة "الهولوكست" ؟!!

 

قصّة الصور المسيئة

بتاريخ 30/9/2005 نشرت صحيفة Jyllands-Posten الدّانمركيّة اثنتا عشرة صورة كاريكاتوريّة للنبيّ الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في إطار مسابقة تمّ الإعلان عنها، وهي صور بعضها يظهر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام رجلاً شهوانياً وأخرى قاتلاً إرهابيّاً وثالثة ورابعة تتفنّن بالإساءة وتنضح بالحقد...

اعترض على الصور عدد محدود من مسلمي الدّانمرك، لكنّ أحداً لم يستجب لنداءاتهم، مما حفّـز 27 منظمة إسلامية لإنشاء "اللّجنة الأوربيّة لتكريم الرسول"، وقد قامت اللّجنة بصياغة بيان احتجاج وقّعه 17 ألف دانمركيّ، توجّهوا به إلى إدارة الصحيفة ثمّ إلى رئيس الحكومة دون أن يلقوا آذاناً صاغية.

اجتمعت اللجنة بالسفراء المعتمدين للدول العربية والإسلامية في الدانمرك، وطلب هؤلاء لقاء رئيس الوزراء؛ لكنّ هذا الأخير رفض لقاءهم؛ في إساءة واضحة وسابقة غير معهودة في الأعراف الدّبلوماسيّة! وهنا قرّرت اللجنة تصعيد المسألة ، فأعدّت ملفاً من 43 صفحة قامت بعرضه على الحكومات العربيّة.

صُدِم المسلمون بحجم الإساءة إلى نبيّهم صلى الله عليه وسلم، فخرجت جماهيرهم إلى الشوارع غاضبة محتجّة، وكانت البداية تظاهرة طلابية حاشدة في الكويت ندّدت بالإساءة وأحرقت علم الدّانمرك وطالبت حكومة الدّانمرك بالاعتذار، ثم توالت دعوات مقاطعة المنتجات الدّانمركية في دول الخليج وغيرها، لتتلقف بعدها بعض الحكومات الخبر، فكان أن أعلنت المملكة السعودية وإيران استدعاء سفرائها من الدانمرك وقطع تعاملاتها التجارية معها، وكذلك فعلت ليبيا ومصر، ونددت القمّة الإسلامية المنعقدة في مكة بالإساءة، ومثلها فعلت جامعة الدول العربية لتتّسع بعدها دائرة الاحتجاج إلى كل بلد إسلامي.

 

أوروبّـا تنحـاز للإساءة

كان ردّ الفعل الغربي عموماً والأوروبيّ بشكل خاص تصعيديّاً عندما قامت صحيفة "ماغازينت" النرويجية بإعادة نشر الصور، وكذلك فعلت صحف أوروبيّة كثيرة في إسبانيا وإيطاليا وهولندا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وكندا، لإظهار التضامن مع الدانمرك و"لمواجهة الإسلام المتطرف" كما جاء في صحيفة "شارلي هبدو" الفرنسية ومجلة "دي فيلت" الألمانية ، وكما قال "فيبيورن سيلبك" رئيس تحرير صحيفة "ماغازينت" النرويجية وذلك قبل نشر صحيفته الصور نفسها في 10/1/2006.

وتلقّت الصحافة دعماً قويّاً عندما أعلنت منظّمة التّجارة العالميّة أنها ستفرض عقوبات على السعوديّة لمقاطعة منتجات الدّانمرك، كما أعلن القضاء الفرنسي أنه لا يستطيع منع صحفه من حرية التعبير والنشر، في الوقت الذي أعلن فيه البرلمان الأوروبيّ انحيازه لحريّة التعبير والتنديد بالمعترضين على الإساءة للنبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم.

تبنّت أوروبا الإساءة على أنها حريّة تعبير، ورأت فيها وفي ردود الفعل عليها صراعاً حضاريّاً كما عبّر رئيس وزراء الدّانمرك حين قال: "إنها محرماتهم مقابل حريّتنا، ولا يسعنا في هذه الحال أن نعتذر؟". بل وصل الأمر برئيس تحرير مجلة "دي فيلت" الألمانية الشهيرة إلى أن أنكر على الصحيفة الدّانمركية اعتذارها الذي نشرته بالإنكليزية على صفحتها الإلكترونية؛ وبالعربية في صحيفة الأهرام المصرية؛ قائلاً: "ما كان يجب أن يعتذروا لأن نشر الرسوم يقع في قلب ثـقافتنا ونحن لا نستطيع التوقّف عن ممارسة حريّة التعبير في إطار القانون".

 

هـل تكفـي المقاطعـة؟

آتى الاحتجاج الإسلامي أُكُلَه، وأصابت مقاطعة المنتجات الدانمركيّة اقتصاد هذا البلد بأضرار جسيمة؛ أجبرت الصحيفة ومن بعدها رئيس وزراء الدّانمرك على الاعتذار بعد ممانعة ومعاندة، لكن المقاطعة ليست سياسة ثابتة عندنا تجاه كلّ من يهين ديننا ويمتهن كرامة نبيّنا صلى الله عليه وسلم، وإلا كان علينا أن نقاطع جميع الدّول التي تملأ منتجاتها أسواقنا، ولن نستطيع!

المقاطعة فعل احتجاج سلبيّ، قد يردع المذنب المسيء، لكنه لا يبصِّره بالحقّ ولا يعرض أمامه حقيقة النور الذي نملك، ولذلك فإن المقاطعة وحدها لا تكفي، وهي تحتاج إلى فعل إيجابي مصاحب، يخرج تلك الشعوب المسيئة من جهلها بالإسلام، وأرى أن نَشَـر الصور لم يكن إساءة للرسول الكريم بقدر ما كان نذيراً لنا بحجم القصور والتقصير في نشر دعوتنا في بلاد تعرف كل شيء إلا حقيقة الإسلام.

لقد عاش المسلمون هذا الوضع القاسي في عهدهم الأول فاستغلوا المحنة بالدعوة والكلمة المتوضئة والعمل الإيجابيّ عندما وقف جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أمام النجاشي يدعوه إلى الإسلام، وعندما ضاقت على المسلمين الأرض بما رحبت يوم الحديبية عقد لهم الرسول الكريم صلحاً كان للمسلمين فتحاً وللإسلام نشراً في أقطار الكون وقلوب الناس.

وما نحتاجه اليوم لمواجهة هذه الإهانة؛ بل هذه الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين؛ يمكن أن نجمله بضرورة الأخذ بأسباب الدعوة والتعريف بهذا الدين، والخروج من الوسائل السلبية "المقاطعة" التقليدية (على أهميتها وضرورتها)، إلى وسائل إيجابية غير تقليدية، فلو عرف هؤلاء رسولنا لأحبوه وما أهانوه، ولو عرفوا مقدار حبّنا له لخافونا وما أساؤوا إليه، ومن الوسائل التي يمكن أن تفيد في معركة الدعوة والدفاع عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المواقف:

1. السعي لاستصدار القوانين من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بإدانة كل ما يرتبط بظاهرة الإسلاموفوبيا (التحريض على كراهية الإسلام والسخرية من رسوله وشعائره وتـقاليده) كما هوالحال مع معاداة السامية والتشكيك بالمحرقة النازيّة.

2. ترجيح جانب الدّعوة على جانب المقاطعة، والإفادة من تقنيّات العصر في ذلك: منتديات الإنترنت ومواقع الدردشة، مراسلة الهيئات الرسمية والشعبية، زيارة السفارات والمراكز الإرسالية والثقافية لشرح وجهة النظر الإسلامية، وهنا تكمن أهمية إتقان الدعاة اللغة الإنكليزيّة التي تكاد تكون فريضة على كلّ واحد منهم.

3. الكتابة للصحف المحليّة والمشاركة بمداخلات تلفزيونية إذا لم يتسن لنا اعتماد برامج خاصّة تعرّف بالإسلام وسماحته وموقفه من المسيح عيسى بن مريم وأمه مريم عليهما السلام.

4. تنظيم الفعاليات والنشاطات الهادفة إلى التعريف بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وابتكار الطلاب في جامعاتهم ومدارسهم ومعاهدهم التربوية ما يحقق فعالية في دعوتهم بشكل منهجي منظّم.

إن ما أدعو إليه باختصار هو عدم إهمال وسائل الضغط كالمقاطعة والاعتصام وإعلان الغضب بالتظاهر، شرط أن يترافق ذلك مع أدوات أخرى أكثر إيجابية كالدعوة ونشر الإسلام والتعريف بالرحمة المهداة إلى العالمين صلى الله عليه وسلم، فبذلك ننصر نبينا؛ ونمنع الإساءة إلينا؛ ونقوم بواجب دعوتنا ومرضاة ربنا سبحانه وتعالى.

*رئيس رابطة الطلبة المسلمين في لبنان

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ