ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 03/04/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لا .. لعالم الخوف والكراهية

صبحي غندور*

ليست هي المرّة الأولى الّتي يعاصر فيها العالم هذا المزيج من مشاعر الخوف والكراهية. فالتّاريخ الإنساني حافل بهذه المشاعر السلبيّة بين جماعات وشعوب ودول. لكن ذلك كان محدوداً في أماكنه، فلم يتّسع ليشمل البشريّة جمعاء.

أمّا عالم اليوم فقد "تعولمت" فيه مشاعر الخوف وصيحات الكراهية. وربّما يتحمّل مسؤوليّة هذه " العولمة السلبيّة " التطوّر العلمي في وسائل الإعلام وفي التقنيّة المعلوماتيّة.

إذْ يبدو وأنَّ العالم يقترب من بعضه البعض إعلاميّاً وخبريّاً، لكنّه يتباعد ثقافيّاً واجتماعيّاً.

عالم العالم لا يعش فقط الخوف من "الآخر" كإنسان أو مجتمع مختلف في ثقافته أو لونه أو معتقده، بل أيضاً يعيش الخوف من الطّبيعة وكوارثها، ومن جنون ماشيتها وأوبئة طيورها أو فساد استهلاك بشرها.

عالم اليوم يخشى من الغدّ بدلاً من أن يكون كل يوم جديد مبعثاً لأمل جديد في حياة أفضل. شعوب تعيش الخوف من إرهاب ما قد يحدث في أوطانها، وشعوب أخرى تعايش الإرهاب يوميّاً حصيلة احتلال خارجي أو تسلّط داخلي. مجتمعات تخاف من "أشباح"، وأخرى تعيش الناس فيها كالأشباح! لكن الجميع يشتركون في الخوف من المستقبل المجهول القادم. وكلّما ازداد الشعور بالخوف، ازدادت مشاعر الكراهية لهذا "الآخر" المخيف حتى في داخل الوطن الواحد أو بين أبناء الثقافة الواحدة أو الدين نفسه!

وحتّى لا يكون اللّوم على العلم فقط وتطوّره التقني، فإنَّ العالم يعيش تحديداً هذه الحالة السلبيّة منذ 11 سبتمبر/2001، حيث كان هذا اليوم رمزاً لعمل إرهابي مدفوع بغضب أعمى لا يفرّق بين مذنب وبريء، كما كان هذا اليوم تبريراً لبدء سياسة أميركية تسلطية في الداخل والخارج قادها الحاكمون الجدد في واشنطن اعتماداً على تغذية الشعور بالخوف من ناحية، ومشاعر الغضب الموصوفة بالكراهية من الناحية الأخرى.

فيوم 11 سبتمبر 2001 هو يوم انتصار التطرّف في العالم كلّه. يومٌ تحصد البشريّة القليل من نتائجه حتّى الآن، يوم انتعش فيه التطرّف السياسي والعقائدي في كل بلد من بلدان العالم، وأصبح بعده " المتطرّفون العالميّون" يخدمون بعضهم البعض وإن كانوا يتقاتلون في ساحات مختلفة.. وضحاياهم جميعاً هم من الأبرياء.

الحاكمون الجدد في واشنطن بنوا خططهم اعتماداً على الأسلوب الإرهابي الأحمق يوم 11 سبتمبر 2001، فنشرت سياستهم الخوف لدى الأميركيين والغربيين من عدوّهم الجديد: "التطرّف الإسلامي "، وكان ذلك بحد ذاته فائدة كبيرة لمن ينتهجون أسلوب الإرهاب وفكر التطرّف، فكرّروا أعمالهم في أكثر من مكان استناداً إلى مبرّرات وذرائع وفّرتها الإدارة الأميركيّة من خلال حربها على العراق بدلاً من الحرب على الإرهاب وأسبابه السياسيّة. وحينما افتضح أمر هذه السياسة، أميركيّاً ودوليّاً، اشتعلت " المعارك الكارتونيّة " أو الكاريكاتوريّة لتعيد قسمة العالم بين مجتمعات قائمة على الخوف وأخرى على الكراهية.

يبدو أنَّ العالم يعيش من جديد حقبة منتصف القرن العشرين لكن بأسماء وأساليب مختلفة. فالحرب العالميّة الثانية جمعت في حلف واحد الرأسماليّة الأميركيّة والشيوعيّة الروسيّة ضدّ محور النازيّة والفاشيّة، لكن بعد انتصار الحلف الرأسمالي/الشيوعي وانهيار دول المحور وجدت واشنطن أنَّ من صالحها السياسي والأمني والاقتصادي أن تزرع الخوف لدى الأميركيين والغربيين عموماً من الشيوعيّة كعقيدة، ومن الاتحاد السوفيتي كمنظومة سياسيّة. فعاش الأميركيّون حقبة الخمسينات من القرن الماضي وهم في حال رعب من إمكان ضرب مدنهم بأسلحة نوويّة، وكانوا يدرّبون التلاميذ في المدارس على كيفيّة التصرّف في حال وقوع حرب نوويّة مع المعسكر الآخر. وشهدت أميركا إجراءات أمنيّة وسياسيّة شديدة ضدّ كل ما هو قابل للتصنيف في خانة "الشيوعيّة". فكانت "المكارثية" رمزاً لهذه الحقبة السوداء في تاريخ الديمقراطيّة الأميركيّة. وكانت هذه السياسة الأميركيّة المستنفرة ضدّ "العدو الشيوعي"، والمواجهة له في أكثر من مكان بدول أفريقيا وآسيا، تتجنّب الصدام معه في أوروبا وتحرص على التوافق الّذي جرى في يالطا والّذي قسّم الدول الأوروبيّة بين معسكر الشّرق الشّيوعي (حلف وارسو) ومعسكر الغرب الأميركي (حلف الناتو).

وقد حرصت موسكو وواشنطن خلال تلك الفترة على تجنّب الصدام المباشر بينهما، وعلى رفض أي حركة دوليّة مستقلّة عن نفوذ أي منهما، كما حصل مع حركة عدم الانحياز الّتي قادها نهرو وتيتو وجمال عبد الناصر. 

وخلال فترة المواجهة الأميركيّة مع الاتحاد السوفيتي، استعانت واشنطن بالكثير من الحركات السياسيّة الإسلاميّة، بل بالدعوة الدينيّة عموماً لإضعاف الدول الشيوعيّة كما جرى في أفغانستان الّتي قاتل فيها زعماء جماعة القاعدة مع الأميركيين ضدّ النظام الشيوعي، وأيضاً تساهلت واشنطن مع سقوط نظام الشاه في إيران وما استتبعه من نمو التيّار الديني الإسلامي على الأبواب الشّرقيّة للاتحاد السوفيتي.

لكن، كما اختلفت واشنطن مع حليفها الشيوعي بعد الحرب العالميّة الثانية، فعلت أميركا ذلك أيضاً مع الحليف "الإسلامي" بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط المعسكر الشيوعي. وكما تحوّل الحليف الشيوعي إلى "العدو الأوّل"، وإلى مصدر خوف لدى الأميركيين والغربيين، جرى تكرار الأسلوب نفسه مع " الحليف الإسلامي" في حرب المجاهدين الأفغان.

فالإدارات الحاكمة بواشنطن، خاصّة المدعومة من مصانع وشركات الأسلحة، تحتاج دائماً إلى "عدو خارجي" يبرّر سياسة الانتشار العسكري ويحافظ على التفوّق الأميركي، ويضمن تبعيّة الدول الأوروبيّة لقائد وحامي الحضارة الغربيّة المعاصرة.

وقد كتب الكثيرون عن هذه المقولة، خاصّة في العقد الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. بعضهم كتب منذراً بخطط أميركيّة وإسرائيليّة عن جعل " الإسلام" هو "العدو الجديد" للغرب، والبعض الآخر كتب في أميركا والغرب مبشّراً بنظريّة "صراع الحضارات". لكن كانت كلّها كتابات ومجرّد حبر على ورق إلى حين وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001 .

إذن، أليس من الحماقة في الأفعال أو الردود عليها، أن تسير الأمور في العالم الإسلامي بهذا الاتجاه الّذي جرى التحذير منه طوال عقد التسعينات!!

وما هي المصالح الإسلاميّة من تأجيج مشاعر الكراهية لدى هذا الطرف أو شعور الخوف لدى الطرف الآخر على مستوى الشعوب؟!

أصلاً، هي حرب وهمية الآن لنظريّة خاطئة إذا كانت واشنطن تعتمدها وتكرّر فيها ما قامت به مع الشيوعيّة في فترة الحرب الباردة. فالعدو الشيوعي كان فعلاً يحكم دولاً تمتدّ من أقصى شرق آسيا إلى قلب أوروبا مروراً بجماعات حزبيّة منتشرة في معظم أنحاء العالم. وكانت موسكو تمتلك فعلاً قنابل نوويّة موجّهة نحو أميركا وحلفائها الغربيين، فأين وكيف هو واقع حال "العدو الجديد" ؟!. إنّها "حرب الأشباح" لكنّها تستند إلى ممارسات عنفية لجماعات متطرّفة مارست وتمارس الإرهاب في دولها أولاً ( كما حدث في عدّة دول عربيّة وإسلاميّة) وضدّ أبناء شعبها ( كما حدث ويحدث في العراق ).

الخطيئة من جانب، لا تبرّر الخطيئة من الجانب الآخر. وتبادل الأخطاء لن يوصل إلى نتائج صحيحة، فعسى أن يدرك المخطّطون لنظريّات الكراهية، والمنفّذون لأساليب زرع الخوف، إلى أي منقلب هم ينقلبون!!!

-----------

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن.

 alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ