ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 28/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

سنة حاسمة في صراعات الشّرق الأوسط !

صبحي غندور*

رغم الفشل الواضح للسياسة الأميركيّة في العراق، فإنَّ واشنطن مازالت ممسكة بخيوط الصّراعات القائمة الآن في عموم منطقة الشرق الأوسط. ويشكّل هذا العام أهميّة كبيرة للإدارة الأميركيّة نظراً لما سيجري فيه من انتخابات أميركيّة لكل أعضاء مجلس النوّاب ولثلث أعضاء مجلس الشيوخ، ولما تعنيه هذه الانتخابات في نوفمبر من مؤشّر مهم على معركة الرئاسة الأميركيّة وعلى مصير نهج سياسي مميّز قاد ويقود الإدارة الحاليّة. أيضاً، هذا العام شهد ويشهد أدنى مستوى لشعبيّة الرئيس بوش كحصيلة لإفرازات الحرب على العراق، ولسياسات قاصرة وعاجزة في الشؤون الداخليّة الأميركيّة.

وتراهن الإدارة الأميركيّة على إحداث جملة متغيّرات في منطقة الشرق الأوسط يكون محورها الشأن العراقي، من أجل تحسين وضعها السياسي والانتخابي في الخريف القادم، ولتأكيد صوابيّة السياسة الخارجيّة لإدارة بوش في عهدها الثاني. فعلى عكس الحالة الّتي سارت عليها الإدارة في عهدها الأول من حيث الانفراديّة في القرارات الدوليّة وفي التصادم مع الحلفاء الأوروبيين وتجاهل القوى الكبرى الفاعلة، تسير الإدارة في عهدها الثاني وفق منهج التشاور والتنسيق مع الدول الدائمة العضويّة في مجلس الأمن، وفي استصدار قرارات عن المجلس بإجماع أعضائه، فيما يخصّ أزمات عديدة، لكن دون التراجع عن الانفراديّة الأميركيّة في إدارة شؤون العراق وإظهار ما يحدث فيه الآن وكأنّه شأن عراقي داخلي لا يحتاج إلى تدخّل الأمم المتّحدة أو لوصايتها المؤقّتة كما حدث في كوسوفو أو كمبوديا على سبيل المثال.

ولأنَّ العراق، كان وسيبقى، هو المحور الأهم في سياسة إدارة بوش، فإنّ أساليب أميركيّة كثيرة تغيّرت في إدارة شؤونه وفي كيفيّة التعامل مع الأطراف العراقيّة المؤثّرة فيه. طبعاً، الانتخابات العراقيّة الأخيرة لم تأت بنتائج مناسبة تماماً للرغبات الأميركيّة مما دفع السفير الأميركي في بغداد زلمان خليل زاد إلى الدّعوة لحكومة اتحاد وطني تقوم على تمثيل يراعي المناطق والقوى، وليس بمعيار النتائج العدديّة للفائزين. أيضاً، قامت السفارة الأميركيّة في بغداد باتصالات مع قوى مسلّحة عراقيّة تقاوم القوات الأميركيّة بهدف دعوتها للمشاركة بالعمليّة السياسيّة العراقيّة ولفرزها عن جماعات القاعدة ومؤيّديها في العراق.

كل هذا النهج الأميركي الجديد في الإطارين الأمني والسياسي بالداخل العراقي اصطدم ويصطدم بحجم التداخل الإيراني في الشؤون العراقيّة، بعدما جرى إقفال " نافذة " الحدود السوريّة الّتي كانت موضع تذمّر أميركي لفترة من الوقت.

وقد أعلن السفير خليل زاد في شهر نوفمبر الماضي عن استعداده لمحاورة الإيرانيين بشأن الأوضاع في العراق، كما فعل معهم بشأن أفغانستان خلال فترة عمله هناك، لكن طهران رفضت التجاوب مع تلك الدعوة إلى حين الإعلان مؤخّراً على لسان رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لارجاني أنَّ إيران ستدخل في محادثات مع الأميركيين بشأن العراق فقط، تحت مبرّر التجاوب مع دعوة السيّد عبد العزيز الحكيم لهذه المحادثات!

في الواقع لا يمكن فصل هذه الخطوة الإيرانيّة عن الضّغوط الأميركيّة الواسعة الّتي جرت خلال الأشهر الماضية بشأن الملف النووي الإيراني، والّتي أرهقت طهران وأضرّت بعلاقاتها مع مجموعة من الدول الأوروبيّة والآسيويّة، وفتحت الأبواب أمام محاولات أميركيّة لعزل طهران وفرض عقوبات عليها.

وقد أثارت واشنطن بحدّة وشدّة قضيّة الملف النووي الإيراني بعدما ركّزت في الفترة السابقة على "التدخّل" السوري في الشأن العراقي، ثمّ فجأة اتّجهت واشنطن لطهران وخفّت كثيراً الانتقادات الأميركيّة لسوريا في موضوع العراق!

ويبدو أنَّ الإدارة الأميركيّة ارتأت قبل إثارة موضوع الملف النووي الإيراني، أن تضغط على القوى المتحالفة مع إيران في المنطقة العربيّة بحيث تحرم طهران من إمكانات الحركة أو التأثير في ساحات أخرى. وقد استخدمت واشنطن، وما زالت،  أسلوب الترغيب والترهيب (وهو مضمون مثال: العصا والجزرة) مع دمشق وحزب الله وحركة حماس، وهي قوى متفاعلة مع إيران ومتحالفة معها منذ سنين عديدة.

واقع الحال الآن، أنَّ الحكومة السوريّة مهدّدة بسيف لجنة التحقيق الدوليّة باغتيال رفيق الحريري، ومطلوب منها أميركيّاً أن لا تشكّل قوّة مساندة لإيران في الصّراع الأميركي معها. "والمقابل" الأميركي لذلك هو عدم تحريك مجلس الأمن من جديد لاستصدار قرارات تدين الحكم السوري.

واقع الحال الآن، أنَّ حزب الله في لبنان مُهدّد بسيف القرار 1559 وبتصنيفه ميليشيا يجب نزع سلاحها (كما الحال أيضاً مع القوى الفلسطينيّة المتحالفة مع دمشق)، واستخدام واشنطن لقوى و"مكبّرات صوت" لبنانيّة تعزف هذا "اللّحن الأميركي" بوتيرة عالية من أجل جعل  "حزب الله" في حال "المتّهم" بعدما كان هو حامي الحدود اللبنانيّة ومحامي قضيّة لبنان الوطنيّة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ومن ضمن المطلوب أميركيّاً في مسألة الضغط على "حزب الله" عدم استخدام طهران أو دمشق للساحة اللبنانيّة في الصراع مع واشنطن.

واقع الحال الآن، أنَّ "حركة حماس" أصبحت في السلطة الفلسطينيّة ومحكومة بقيود العمل الرّسمي الفلسطيني ومسؤوليّاته تجاه الداخل والخارج. و"الترهيب" يمارَس الآن ضدّ الفلسطينيين أمنيّاً عبر الاحتلال، واقتصاديّاً وسياسيّاً من خلال وقف المساعدات للسلطة الفلسطينيّة.

ولا أعتقد أنَّ واشنطن تستهدف من ضغوطها الواسعة على طهران أو من تصنيف إيران بأنّها التحدّي الاستراتيجي الأكبر لأميركا، التمهيد لحرب عسكريّة معها، بل هو تحّرك أميركي يريد في هذه المرحلة دفع الحكم الإيراني للقبول مضطرّاً بخيارات واشنطن بشأن العراق أوّلاً ثمّ مسألة التسوية الشاملة مع إسرائيل. فالسلطة الفلسطينيّة بقيادتها الجديدة، والحكم في كل من سوريا ولبنان، هي أطراف مهمّة في الصراع مع إسرائيل ولم تعترف بها بعد، وبدونها لا يمكن تحقيق تسوية شاملة مع إسرائيل.

إذن، هي سنة حاسمة للسياسة الأميركيّة في عموم منطقة الشرق الأوسط، ولمصير العراق، ولمستقبل الصراع الأميركي الإيراني، ولآفاق القضيّة الفلسطينيّة، ولاحتمالات الأوضاع في لبنان وسوريا ولعلاقاتهما معاً.

وقد لخّص هذا الأمر المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتّحدة تيري رود لارسن، والّذي يمارس عمليّاً دور مرآة الرؤية الأميركيّة للمنطقة، حينما قال في زيارته الأخيرة للقاهرة: " إنَّ الأوضاع الجديدة التي تتشكّل في الشرق الأوسط في الأسابيع القليلة المقبلة ستحدّد مسار الأحداث في المنطقة لفترة طويلة مقبلة". وربط لارسن في تصريحاته هذه بين بحث مجلس الأمن للملف النووي الإيراني وبين تشكيل الحكومات الجديدة في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينيّة، إضافة إلى تطوّرات الساحة اللبنانيّة.

وربّما يكون المؤشّر البارز لهذه التطوّرات هو المرتقب من حوار زعماء الطوائف السياسيّة اللبنانيّة، إذ أنَّ اتّفاقهم على "لبنانيّة" مزارع شبعا وعدم اتّفاقهم (حتّى كتابة هذا المقال) على مصير سلاح المقاومة، يعني أنّ الخطوة الأولى ستكون تحويل قضيّة "مزارع شبعا" إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار جديد يثبّت "لبنانيّتها" ويطالب إسرائيل بالانسحاب منها شرط انتشار الجيش اللبناني وقوّات دوليّة على طول الشريط الحدودي مع إسرائيل، فيكون بعدها "سلاح المقاومة" مسألة قابلة للبحث على ضوء التطوّر الجديد. وقد قيل أنَّ ذلك الأمر كان في محادثات وزير الخارجيّة السّوري وليد المعلّم مع لارسن حينما التقيا بموسكو مؤخّراً، ولا نعلم إذا كان سيُطرَح أيضاً في محادثات واشنطن مع طهران رغم تأكيد الطرفين على وحدانيّة موضوع العراق في محادثاتهما المرتقبة.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن.

 alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ