ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 20/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

الإخوان المسلمون والمشاركة السياسية

الدكتور خالد الأحمد*

المشاركة السياسية عكسها الشمولية ، وبضدها تعرف الأشياء ، لذلك سنبدأ بالتعرف على الشمولية في الحكم .

الحكم الشمولي : هو أن يستلم حزب أو فئة معينة مقاليد الحكم ، بانقلاب عسكري غالباً ، يسيطر هذا الحزب على البلاد كلها ، وعلى دفـة الحكم والتخطيط والادارة والمـال ، ناهيك عن الجيش والقوات المسلحة ، والتربية والإعلام ... وأفضل مثال مافعله حزب البعث في سوريا منذ (8/3/1963) ... حيث صار مدير المدرسة بعثيـاً ، وهكذا وجدت عشرات المدار س الثانوية تسلم الإدارة فيها شاب تخرج منها قبل أربع سنوات فقط ، ثم حصل على الإجازة الجامعية ، وعين مديراً لهذه الثانوية ، ومدرسوه الذين علموه فيها خلال المرحلة الثانوية صاروا من مرؤوسيه ... لسبب واحد فقط وهو أنه بعثي ، وأنهم يكابرون ولم ينخرطوا في حزب البعث ... ولذلك وصل عدد البعثيين إلى ( 2) مليون كما يقولون ...

 

شمولية بعد الموت

واخترعت حالة جديدة من الشمولية لم يسبق لها مثيل في العالم على النحو التالي :

1-   احتكر حزب البعث السلطة ، من أصغر إدارة في الدولة إلى رئاسة الجمهورية ...

2-   في الخطوة الثانية سخر بعض العلويين لتنفيذ مخطط الحكم الشمولي ، وصار معظم القادة العسكريين ، والأمنيين ، من العلويين فقط .

3-   في المرحلة الثالثة انحصر الحكم الشمولي في أسـرة الأسـد ، وأقاربهم وأصهارهم ، وأزلامهم ..

4-   وفي الخطوة الأخيرة العجيبة ، امتدت الشمولية إلبى مابعد الموت ، فورث الحكم ، وانتقلت السلطة بالوراثة ، إلى الابن الذي لم يكن قد وصل إلى السن القانونية لاستلام الرئاسة ، وعندنئذ  جُمـع مجلس الشعب ـ على عجل ـ وخلال دقائق عُـدل الدستور ليصبح : رئيس الجمهورية يبلغ من العمر أربعاً وثلاثين سنة وأربعة شهور وأربعة عشر يوماً ....

هذا مثال واضح للحكم الشمولي ، الذي بدأ بالحزب ، وانتهى بأسرة حاكمة ، حصر السلطة والحكم والإدارة والمال بيدها وحدها ، مع أصهارها وأنسبائها فقط ...

 

الحكـم عندهـم غنيمـة :

وسبب ذلك أن هؤلاء القوم ينظرون إلى الحكم على أنه غـنـم ، مكاسب كبيرة جداً ، في الدنيا ، أما الآخرة فقد حذفت من حساباتهم ، أما في الدنيا فقد وصل دخل رامي مخلوف وشريكه( .... )  من شركة الخليوي إلى ( 2) مليون دولار يومياً ... ولم ولن يتمكن رامي مخلوف من امتلاك هذه الشركة لو لم يكن ( شريكه ) يملك القرار ، ويعطل حصول شركة أخرى منافسة لرامي مخلوف ، ويحرم خزينة الدولة من (700) مليون دولار ( على ذمة نائب رئيس الجمهورية السابق : السيد عبد الحليم خدام )   ..

 

الحكم عند الإسلاميين غـرم وليس غنمـاً

كانت فترة حكم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مزدهرة في تاريخ المسلمين ، وصل الأمر إلى أن يخصص راتب لكل مسلم في بيت المال ، حيث امتلأ بيت المال مرات عديدة بالأموال التي غنمها المسلمون خلال الفتوحات التي قضت على أكبر امبراطوريتين يومذاك ، وهم الفرس والروم . وفي كل مرة يوزعه عمر على المسلمين ...

وكان عمر رضي الله عنه مثالاً للحاكم العادل حتى لقب ( الفاروق ) ، ولما طعـن رضي الله عنه ،  وحضرته الوفاة اجتمع حوله كبار الصحابة ، وعرضوا عليه ترشيح ولـده عبدالله بن عمر رضي الله عنه ، للخلافة بعده ، وعبدالله معروف عنه الفقه والورع والتقوى وتقليد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سائر شؤون حياته ، ومع ذلك قال عمر رضي الله عنه وهو يرفض هذا الاقتراح :

ـ يكفي آل الخطاب أن يحمل واحد منهم وزر هذه الأمـة ...

وكان عمر رضي الله عنه يقول خلال صحته وقوته : لو أن شـاة عثرت على شاطئ الفرات خشيت أن يحاسبني الله عنها ؛ لِمَ لم أمهد لها الطريق ... وكان عمر يكرر القول : ليت التي ولدت عمر دفنته منذ الصغر ، ويقول حبذا لو خرجت منها ( الحكم ) ليس لي منها ولا علي منها شيء ...

هذا هو فقـه الإسلاميين نحو استلام الحكم ، والنصوص كثيرة التي تحث على عدم طلب الإمارة :

 

باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها

عن عبد الرحمن بن سمرة قال قال رسول الله r [ ياعبد الرحمن لاتسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها ]([1]) . وفي رواية [ إنا والله لانولي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه ] .

يقول النووي : ( قال العلماء والحكمة في أنه لايولي من سأل الولاية أنه يوكل إليها ولاتكون معه إعانة كما صرح به ، وإذا لم تكن معه إعانة لم يكن كفئاً ولايولي غير الكفء ولأن فيه تهمة للطالب والحريص ) .

وفي صحيح البخاري وضع ابن حجر باباً سماه  : باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها

وأورد فيه الحديث السابق ، وباب آخر عنوانه : باب من سأل الإ مارة  وكل إليها ، وأورد فيه رواية من روايات الحديث السابق .

ويقول ابن حجر في الفتح ( كتاب الأحكام ) : ومعنى الحديث أن من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصـه ، ويستفاد منه أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه ، فيدخل فيه الإمارة والقضاء والحسبة ونحو ذلك ، وأن من حرص على ذلك لايعان ، ومن وكل إلى نفسـه هلك ، ومنه في الدعاء ( ولاتكلني إلى نفسي ) ومن لم يكن له عون من الله على عمله لايكون فيه كفاية لذلك العمل فلاينبغي أن يجاب سؤاله ، ومن المعلوم أن كل ولاية لاتخلو من المشقة فمن لم يكن له عون من الله تورط فيما دخل فيه وخسر دنياه وعقباه ، فمن كان ذاعقل لم يتعرض للطلب أصلاً ، بل إذا كان كافياً وأعطيها من غير مسـألة فقد وعده الصادق بالإعانة ، وجاء تفسـير ذلك عن أنس رفعه [ من طلب القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل إلى نفسه ، ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكاً يسدده ] .

وينبني على هذا أنه لايجوز للمسلم أن يرشح نفسـه للعمل العام ( كالمجلس النيابي أو الوزارة وما شابهها ) ، وإنما الجماعة أو الجمعية أو الحزب أو أهل الحل والعقد أو بعضهم يرشحونه عندما يرون أنه كفء لذلك . 

 

 باب كراهة الإمارة بغير ضرورة

 عن أبي ذر t قال قلت يارسول الله ألا تستعملني ؟ قال فضرب بيده على منكبي ثم قال [ يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ] .

وفي رواية [ يا أباذر أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي لاتأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم ] .

يقول النووي ( هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات لاسيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية ، وأما الخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلاً لها ، أو كان أهلاً ولم يعدل فيها فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه ويندم على مافرط ، وأما من كان أهـلاً لها وعدل فيها فله فضل عظيم تظاهرت به الأحاديث الصحيحة مثل [ سبعة يظلهم ...] [ ...والمقسطين على منابر من نور ..] ، وغير ذلك وإجماع المسلمين منعقد عليه ، ومع هذا فلكثرة الخطر فيها حذره r منها ، وكذا حذر العلماء وامتنع منها خلائق من السلف وصبروا على الأذى حين امتنعوا ) .

وكان فقهاء الصحابة والتابعين يكرهون استلام الإمارة ... ويخافون من أن لايعانوا عليها فيهلكون فيها ...

 

فقـه الأخ محفوظ النحناح يرحمه الله :

لن يقبل الإخوان المسلمون في أي بلد عربي ، أن يحكموا البلد وحدهم ، بمفردهم ، لأنهم ينظرون إلى الحكم على أنه غـرم وليس غنماً ، لذلك يريدون أن يحمل هذا الغـرم كافة شرائح الأمة ، وهذا هو بيت القصيد :

لقد عرض العميد صدقي العطار عام (1962) أن يقوم بانقلاب عسكري ويسلم الحكم للإخوان المسلمين ، فرفض الأخ عصام العطار ذلك ، وأكد أن الإخوان ليسوا شموليين ، ولايمكن أن يسـتلموا الحكم بانقلاب عسكري ، ( كما فعل البعثيون بعد ذلك بأسـابيع ) .

وفي عدة بلدان عربية دخل الإخوان المسلمون الانتخابات بجـزء من طاقتهـم ، ولم يستخدموا طاقتهم كلها ، لأنهم يريدون المشاركة فقط ، ولايريدون الاستئثار بالحكم وحدهم . 

وفي التسعينات من القرن الماضي ترشح الأخ محفوظ النحناح أمير الإخوان المسلمين الجزائريين لانتخابات الرئاسة ضد الأمين زروال ، وقد سارع الإخوان في المشرق إلى انتقاده ، فكيف يحكم الجزائر ، التي تتكالب عليها أمريكا وفرنسا ، وسط معادلات معقدة مستحيلة الحـل .ويقول الإخوان الجزائريون أنـه لولا التزوير المؤكد لنجح محفوظ رئيساً للجزائر .

وشـاء الله أن ألقاه في موسم الحج ، ونقلت له ما قاله الإخوان في المشرق العربي ، وخلاصة ذلك عندما سألته بصراحة : ماذا كنت ستفعل لو نجحت في الانتخابات ، وأسندت لك رئاسة الجزائر !!!؟ كيف تحكم هذا البلد وسط معادلات مستحيلة الحل !!!؟

قال يرحمه الله :

المشكلة في عقولنا في العالم الثالث ، والعالم الإسلامي و العربي ، أننا لاننظر إلى الحكم إلا من زاويـة واحدة فقط ، وهو الحكم الشمولي ، أي أن الحاكم ، الفرد ، أو الحزب ، أو القبيلة ، يجب أن يكون وحده ، ولا أحد معـه . وسبب ذلك أن العالم الثالث ينظر إلى الحكم على أنه غنيمـة ، يريد أن يستأثر بها وحده ، أو حزبه ، أو قبيلته فقط . ولايسمح لأحد أن يسهم معـه في اقتسام هذه الغنيمـة .

أما نحن معشر الإسلاميين ، فالحكم عندنا مغرم وليس مغنماً  ، ومادام غرماً فلماذا نتحملـه وحدنا ، لماذا لايحمل معنا الآخرون ، وكما يقولون ( الحمل على المجموعة ريش ) أي خفيف .

لماذا لانوزعـه على الآخرين يحملونه معنا !!! لقد قررنا في الحركة الإسلامية الجزائرية في حالة استلام رئاسة الجمهورية تطبيق هذه الاستراتيجية ( المشاركة وليس الشمولية ) ، وقد أقرها التنظيم الدولي للإخوان منذ عهد قريب ، ولم تنتشر بعد في عقول أعضاء الإخوان ، وخاصة في المشرق . قررنا أن نوزع الحقائب الوزارية على القوى الوطنية الجزائرية ، ونشـارك معهم ، وهكذا نوزع الغرم على الجميع ، ونحن منهم ، وهذه هي ( المشاركة وليس الشمولية ) .

رحم الله الشيخ محفوظ ، وأدركت عندها أن عقولنا المشرقية مخربـة ، وقد حولنا الاستبداد إلى شعب أصم أبكم ، الحكم عندنا ماشاهدناه وما زلنا نشاهده منذ أن خلقنا الله ، حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع ، مدير المدرسة يجب أن يكون بعثياً ، ولو كان أساتذته الذين درسوه مازالوا مدرسين في هذه المدرسة . والجبهة الوطنية التقدمية لايحق لها العمل بين الطلاب والجيش ، ولايجوز لأي حزب ـ غير البعث ـ أن يعمل ويتكلم ويكتب و.... إلخ . هذه الشمولية التي جثمت على صدورنا وعقولنا وأكبادنا أكثر من أربعة عقود خربت عقولنا ، فلم نعـد نفهم الحكم إلا بصورته الشمولية فقط . ويتساءل الآن كثيرون كيف تستطيع المعارضة السورية تغيير النظام السوري ، لماذا يتساءلون لأنهم لم يروا في حياتهم كلها تغييراً للحكم إلا من وراء الدبابـة ، ثم البلاغ رقم (1) ، أما تغيير ديموقراطي ، فمازال هذا المصطلح غائماً في أذهاننا ، لأننا لم نره في بلادنا ، ولم نسمع عنه إلا في أوربا ( رومانيا ، روسيا ، ألمانيا ، الولايات المتحدة ، وغيرها )  .

وهذه حماس اليوم تعرض وتلح في عرضها على ( فتح ) أن تشاركها في تشكيل الحكومة ، مع أن عدد المقاعد التي فازت بها ( حماس ) تكفي لتشكل الحكومة وحدها ...

وفي الختـام : الإخوان المسلمون في سوريا ، وفي العالم العربي ، وأينما كانوا ، إسلامية  وطنية أصيلة ، تهمها مصلحة الشعب كافة ، بجميع أطيافه وفئاته وطوائفه ، وأعراقـه ، هكذا كانوا في ماضيهم ، وهاهم يؤكدون هذه المعاني في حاضرهم اليوم . ولم يطلب منا ولامن غيرنا أن نشق عن قلوب الناس حتى نصدقهم ، نترك لهم الفرصة للعمل ، والواقـع هو الذي يصدق أو يكذب مايقولون ، ونكرر لايريدون الاستئثار بالسلطة بل المشاركة فقط . وقد أكد التنظيم العالمي للإخوان المسلمين هذا المبدأ منذ منتصف التسعينات ، عندما أصدر المشروع السياسي ، وأكد الإخوان المسلمون السوريون هذا المبدأ في مشروعهم السياسي (2004) .

والحمد لله رب العالمين .

--------------

 [1] ـ وأخرجه البخاري في الأحكام في عدة مواضع في كتاب الأحكام .

*كاتب سوري في المنفى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ