ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 09/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

و يحكـى أن - 11 –

د/ محمـد الحكيم  

و يحكى أنه في بلد كان اسمه سوريا ، وفي فبراير /شباط 1969 حاول أنصار اللواء صلاح جديد الأمين المساعد لحزب البعث المسيطرون على فرع الحزب باللاذقية التخلص من تأثير اللواء حافظ الأسد وزير الدفاع بتصفية أبرز أنصاره فتبع ذلك إجراءات مضادة عنيفة، حيث أصدر الأسد أوامره باعتقال قيادة فرع الحزب باللاذقية واستبدال أعضائها بأنصاره الذين تم فصلهم من قبل0 و في 27 شباط 1969  فرض الإقامة الجبرية على محافظ اللاذقية -وهو أيضاً من قيادة فرع الحزب المحلي - ومنعه من دخول مكتبه أو المقر الرئيسي المحلي للحزب، وكذلك أغارت كتيبة المغاوير التي كانت مكلفة بحراسة المنشئات الحيوية في محافظة طرطوس على مكاتب الحزب هناك ( ومعظم أعضاء الفرع فيها علويون أيضاً ) والشعب المحلية ، وتم اعتقال أعضاء قيادة فرع الحزب، كما اعتقل عادل ناعسة وجرد من منصبه كسكرتير عام للحزب في اللاذقية و طرطوس وهو العضو العلوي الوحيد بالقيادة القطرية بجانب الأسد وجديد آنذاك ، وقد أجبر على مغادرة المحافظة فوراً تحت حراسة عسكرية.

وقد أصدر الأسد تعليماته للمخابرات العسكرية بمنع أعضاء قيادة الحزب من الاتصال بالجهاز المدني لفروع الحزب، وحذرهم وهددهم بالاعتقال، وقد اتخذت أعنف الإجراءات في محافظتي اللاذقية وطرطوس وفي الواقع كانت هذه الإجراءات التي اتخذها الأسد في أواخر شباط 1969 أشبه ما تكون بانقلاب عسكري، ونتيجة لذلك فقدت القيادة القطرية السورية معظم قوتها، بغض النظر عن استمرارها رسمياً وتواجدها بمنصبها، كما احتلت قوات الأسد مبنى الإذاعة في دمشق و حلب، بالإضافة إلى مكاتب أكبر جريدتين سوريتين (و الإعلام في سوريا حكومي منذ استلام البعث السلطة) وهما البعث والثورة، وتم فرض الرقابة العسكرية على نشرات الأخبار والتعليقات السياسية وجميع البرامج السياسية والثقافية والإعلامية ( فاضطرت جماعة صلاح جديد البعثية بإصدار جريدة بديلة في بيروت باسم "الراية" منذ 20 آذار1969).

وبناء على طلب القيادة القطرية السورية تم انعقاد مؤتمر قطري استثنائي في مارس/آذار 1969 بدمشق، حيث بُذلت الجهود للتوصل إلى حل وسط بين كتلتي الأسد و جديد، بيد أنه لم يكن بالإمكان الوصول لحل وسط بينهما، ولتقوية مركزه خلال المؤتمر قامت قوات الأسد بإجراءات استباقية كاحتلال مراكز إستراتيجية هامة في دمشق وضواحيها، وانتهى المؤتمر بمأزق واستمرت ازدواجية السلطة بين الأسد و جديد : حيث احتفظ الأسد بسيطرته عل العسكر بينما أحكم جديد قبضته على الحزب .

وقبيل انعقاد المؤتمر القطري الاستثنائي بوقت قصير قام أنصار الأسد العسكريون بمحاصرة مقر قيادة العقيد عبد الكريم الجندي (إسماعيلي ومؤيد مخلص لجديد) الذي كان يشغل منصب رئيس الأمن الوطني ورئيس إدارة المخابرات العامة، وقاموا باختطاف عدد من مساعديه وأنصاره ومصادرة السيارات الخاصة بمكتبه، فاضطر عبد الكريم الجندي للانتحار خشية وقوعه في أيدي أنصار الأسد ( اختار أخف الضررين ) .

وبموت الجندي انتهت الفترة التي تم فيها إما تحييد أو تصفية أبرز أنصار جديد العسكريين غير العلويين، بمن فيهم أحمد سويداني (سني من حوران ) وأحمد المير ( إسماعيلي من مصياف ) و نجد أن الصراع على السلطة الذي تلا ذلك والقائم بين جديد والأسد قد اقتصر على أعضاء الطائفة العلوية0

وفي عامي 1969و1970 حاول جديد وأنصاره استعادة بعض نفوذهم المفقود بوضع منظمة الصاعقة التي تم تشكيلها في سوريا بعد حرب يونيو/حزيران1967 تحت الإشراف المباشر للقيادة القطرية السورية، بهدف تحويل المنظمة إلى أداة قوة بديلة يمكن استخدامها في وقت لاحق كثقل مقابل قوة الأسد العسكرية.

وانعقد المؤتمر القومي الاستثنائي العاشر لحزب البعث بدمشق في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 1970 لمحاولة إيجاد حل لأزمة الحزب بيد أنه قبيل ذلك بوقت قصير قام الأسد بنقل بعض أنصار جديد العسكريين استعداداً لأي حدث محتمل، وليكون قادراً على فرض إرادته على خصومه السياسيين إذا ما سار المؤتمر في غير وجهته، وأثناء المؤتمر بات واضحاً أن الأسد وأهم مؤيد عسكري له - مصطفى طلاس- كانا معزولين تماماً، بينما تمتع جديد وحلفاؤه بتأييد غالبية أعضاء المؤتمر، أما في الجيش فكانت الصورة على عكس ذلك ، وعندما أصدر المؤتمر قراراً بإعفاء كل من وزير الدفاع الأسد، ورئيس الأركان طلاس من منصبيهما العسكريين وتكليفهما بمهام مدنية في الحزب، اتخذ الاثنان إجراءات مضادة فعالة على وجه السرعة.

حيث أمر الأسد - في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1970- العسكريين باحتلال مكاتب القسم المدني للحزب، وكذلك المنظمات الشعبية البعثية، بالإضافة إلى إلقاء القبض على أبرز قادة الحزب المدنيين، بمن فيهم صلاح جديد والرئيس نور الدين الأتاسي، وقد فر الكثير من أعضاء المؤتمر إلى لبنان بغية تفادي الاعتقال، واستمروا في معارضة النظام السوري الجديد من هناك (ظل اللواء صلاح جديد في الأسر حتى وفاته في 19 آب 1993 بسجن المزة بدمشق . أما نور الدين الأتاسي فقد أطلق سراحه بعد أكثر من عشرين عاماً من السجن ليموت بعد ذلك بقليل. وشارك العديد من البعثيين المدنيين والعسكريين المعارضين للأسد رفاقهم في نفس هذا المصير.).

و هكذا يبدو جلياً أن الأسد استغل الجيش و الحزب و الطائفة للوصول إلى أطماعه الشخصية في السلطة ، فبعد إبعاد الضباط السنيين من الجيش إثر انقلاب 8آذار 1963م و انقلاب 23شباط 1966م ، و على رأسهم الرئيس الفريق أمين الحافظ ، و لؤي الأتاسي و زياد الحريري و جاسم علوان ، تم إبعاد الضباط الدروز بعد انقلاب 23شباط 1966 و على رأسهم حمد عبيد و سليم حاطوم و فؤاد الشاعر ، و من ثم أبعد الضباط الإسماعيليين و على رأسهم أحمد المير و عبد الكريم الجندي ، كما أبعد الضابط العلوي محمد عمران بعد انقلاب شباط ، ليبقى الصراع محصوراً  بينه و بين اللواء العلوي صلاح جديد  الذي انتهى كما أسلفنا باعتقال جديد و أكثر رجاله ، و هروب من استطاع منهم إلى لبنان و الجزائر و باقي دول العالم ، و يعلم الجميع أن كل من ذكر من ضباط و معهم آلاف آخرون ممن صُفّوا كانوا أقدم من الأسد في الجيش و رتبهم أعلى ، و كانوا رفاقه في الحزب ، و قد شاركوا  في انقلاب 8آذار و ما تلاه من أحداث ،و مع ذلك تم تصفيتهم بمساعدة صلاح جديد ، و لينتهي الصراع بانفراد الأسد بالسلطة ، و تشكيل قيادة جديدة للحزب من رجاله المخلصين بعد ما سمي انقلابه بالحركة التصحيحية ، و إبعاد كل من يشك بعدم انتمائه المطلق للأسد من الجيش و الحزب و السلطة ، و الأكثر من ذلك فقد تم  الاحتفاظ بالقادة البعثيين في السجون حتى وفاتهم ، كما تم تصفية آخرين ممن هربوا خارج البلاد أمثال اللواء محمد عمران الذي صفاه الأسد بطرابلس لبنان في 4/3/ 1972 ، و صفي صلاح بيطار في باريس بتاريخ 21تموز1980، و هو من المؤسسيين و القادة  التاريخيين للحزب ، وبعد موته نَقلت زوجته جثمانه ليدفن في بغداد، حيث بحثت عن ملجأ له وسط أعداء حافظ الأسد من الرفاق البعثيين هناك0

كما حُكم على الرفيق المؤسس ميشيل عفلق بالإعدام غيابياً في عام 1971م ،بعد أن طرد من سوريا إثر انقلاب شباط، ومنع الأسد حتى جثمان أكرم حوراني من الدخول لسوريا بعد وفاته في منفاه بالأردن في شباط 1996 بعد أن أمضى حياته متشرداً خارج سوريا  منذ استيلاء البعث ( وهو أحد مؤسسيه ) على السلطة في آذار 1963م0

و بعد أن تخلص الأسد من خصومه السياسيين في الجيش والحزب و الطائفة ( المطايا التي ركبها للوصول للسلطة )، بدأ يعتمد على أخوته و أقربائه و أبناء قريته و عشيرته الأقربين ، فرفع شقيقه رفعت و سلمه سرايا الدفاع منذ عام 1970و أطلق يده في الخزينة و الجيش ، لتصبح قوة البطش الأساسية للنظام ، و كلفت بحراسة المراكز الحساسة في العاصمة دمشق كقصر الرئيس ، و مبنى القيادة العامة للجيش ، و مبنى القيادة القطرية للحزب ، و مبنى الإذاعة و التلفزيون 0 كما أصبح رفعت عضواً في القيادة القطرية للحزب ، و كذلك كان شقيقه الآخر جميل ، عضواً في مجلس الشعب ، وعضواً قيادياً في الحزب ،و أسس جمعية المرتضى الطائفية. كما كان بقية أخوته الثلاثة أعضاءً عاملين في الحزب رغم أنهم أميون و غير متعلمين.

و بعد قضائه على المعارضة الداخلية لحكمه بالحديد و النار ، و بعد أن أسكت الناس بالأمن و المخابرات و قوة البطش و التنكيل و القتل و الإعدام و التدمير و السجن و التشريد ، و سلط الجيش على رقاب الشعب ، تاركاً حراسة الجبهة لقوات الطوارئ الدولية ؛ بدأ بتحضير  ابنه الأكبر باسل لخلافته ، و في سبيل ذلك أبعد أقرب الناس إليه ، فطرد شقيقه رفعت خارج البلاد بعد أن حل سرايا الدفاع في عام 1984 و كذلك فعل مع جمعية المرتضى بعد أن أبعد شقيقه جميل ، و لكن القدر قال كلمته ، و مات باسل إثر حادث سير غامض على طريق مطار دمشق أوائل عام 1994، فاستدعى الأسد ولده الثاني بشار الذي كان يختص في طب العيون في لندن ، ليتابع مسيرة الفقيد ، و تم إبعاد كبار الضباط الذين قد يعارضوا استلام بشار و على رأسهم علي حيدر و علي دوبا و شفيق فياض و محمد الخولي وحكمت الشهابي ، و بعد ثلاثين سنة قضاها الأسد في رئاسة سوريا مات و هو مطمئن أن سوريا الأسد ستؤول لولده بشار من بعده ، و فعلاً سارت الأمور كما أراد لها و أجتمع مجلس الشعب الهزلي و عدل الدستور بلمسة سحرية وخلال عشر دقائق فقط ليصبح على مقاس بشار ، و أصبح عمر الرئيس بالدستور 34 سنة "هو عمر الأسد الثاني " عوضاً عن أربعين سنة-هي عمر الأسد الأول عندما استولى على السلطة- في دستور حافظ الأسد السابق ، و هكذا أصبحت سوريا الأسد مزرعة لعائلة حافظ الأسد إلى الأبد ، هم وحدهم الذين يقررون مصريها ، و يسنون قوانينها ، و يهبون صكوك المواطنة لمن شاءوا من شعبها ، و يحرمون و يطردون و يخونون من شاءوا ، و يرفعون من شاءوا و يضعون من شاءوا ، وما على الرعاع و العبيد سوى السمع و الطاعة والتصفيق و التمجيد .

و كل ســوريا و أنتم بخيــر... !!؟؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ