ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 06/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

"إسرائيليون" بلا حدود!

صبحي غندور*

صحيح أنَّ لإسرائيل عملاء يتحرّكون ويعملون في أكثر من مكان بالعالم، وبأنَّ بعضهم انكشف واعتقل حتّى في أكثر الدول صداقة ورعاية لإسرائيل كالولايات المتّحدة، كما هو حال الأميركي جوناسون بولارد، المعتقل بتهمة التجسّس لإسرائيل في أميركا منذ العام 1986 ...

    وصحيح أنَّ اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين يعرفون أكثر من غيرهم من العرب حجم التّسلل الإسرائيلي في مؤسّساتهم السياسية والحزبيّة والاجتماعيّة على مدى أكثر من أربعين عاماً، منذ ظاهرة كوهين في دمشق إلى ظاهرة "أبو الريش" في رأس بيروت...

وصحيح أنَّ السلطات المصرية كشفت عدّة مرات عن شبكات تجسّس إسرائيلية وما زال بعض عناصر هذه الشبكات معتقلاً، رغم وجود علاقات طبيعيّة بين إسرائيل ومصر، ومما يعيد للذاكرة دائماً فضيحة شبكة نافون التخريبيّة في مصر الّتي مضى نصف قرن من الزمن عليها، لكن مثيلاتها ما زالت تحدث في أمكنة مختلفة بالعالم دون كشف خباياها حتّى الآن...

صحيح كل ذلك وغيره من الأمثلة والشواهد العديدة، لكن هل يعقل أن تكون إسرائيل في كل مكان وفي كل قضية ساخنة تعيشها الآن المنطقة العربيّة وجوارها الإقليمي؟!

*      *      *

أطرح هذا التساؤل لأنَّ كلاً من التطورات الراهنة، يحمل فقط طابع المصالح والمنافع الإسرائيلية بينما "الآخرون" - وهم هنا العرب والمسلمون والأوروبيون والأميركيون- يتضرّرون ممّا في هذه التطورات من مخاطر أمنيّة وسياسية على مجتمعاتهم وأوطانهم وعلى مصالحهم المشتركة. وقد كانت قضية الرسوم الكاريكاتورية في الدانمارك، وبعض ردود الفعل عليها، خير دليل على ذلك. فأصوات العداء بين "الشرق الإسلامي" وبين "الغرب المسيحي" تزداد بينما إسرائيل (التي هي "جغرافياً" في الشرق، و"سياسياً" في الغرب، وتنتمي إلى حالةٍ دينية "لا شرقية إسلامية ولا غربية مسيحية") هي المستفيد الأكبر من صراعات الشرق والغرب في مطلع القرن الجديد!.

أيضاً، إن وزيرة الخارجيّة الأميركيّة كونداليسا رايس زارت المنطقة مؤخّراً وفي جعبتها ملفّات تحمل عناوين مختلفة لكن مضامينها تنسجم كلها مع نظرية "الأمن الإسرائيلي".

فالملف الفلسطيني كانت ترجمته الأميركية بالدعوة إلى عدم تقديم المساعدات للسلطة الفلسطينيّة في ظل قيادة حركة حماس لها، بينما كان أجدى بالوزيرة الأميركيّة، أن تزور إسرائيل وتطالبها بالالتزام في الاتفاقات الّتي وقّعت عليها بإشراف أميركي ودولي، وبالانسحاب من الأراضي الّتي احتلّتها عام 1967 فلا يعود هناك أي مبرّر لعمليّات عنف مسلّح بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وليكون ذلك تأسيساً لدولة فلسطينيّة مستقلّة.

    كذلك كان حال القضايا الأخرى الّتي أثارتها الوزيرة رايس، حيث "الأمن الإسرائيلي" هو المستفيد أولاً منها، لا العلاقات العربيّة/الأميركيّة. فكيف تتوقّع واشنطن أن تجد دعماً لسياستها بشأن الملف النووي الإيراني، الّذي ما زال مشروعاً لم ينفّذ بعد، بينما تملك إسرائيل السلاح النووي المهدّد للمنطقة كلها منذ عقود!

ولماذا تعتقد واشنطن أنَّ للدّول العربيّة مصلحة في تأجيج الوضع المتأزّم داخل لبنان، وبينه وبين سوريا؟ وهل هناك أصلاً منفعة أميركيّة من فلتان الأوضاع الأمنيّة في هذين البلدين، وهل تقدر الإدارة الأميركيّة على ضبط نتائج هذا الفلتان إذا ما حدث؟ ألا يكفي العراق نموذجاً لأخطاء السياسة الأميركيّة الراهنة في المنطقة العربيّة؟!

    حتّى الآن، فإنَّ إسرائيل هي أكبر المستفيدين مما جرى ويجري في العراق، وفي تحويل الأنظار الأميركيّة عن مصادر الإرهاب الّذي حدث ضد أميركا، بل وتغذية هذه المصادر بنتائج السياسة الأميركيّة الخاطئة للإدارة الحاليّة بحيث أصبح التطرّف يرفد ويغذّي بعضه البعض.

فأين هي المصلحة الأميركيّة في تحويل الخصوم إلى أعداء، والأصدقاء إلى خصوم، وفي جعل أي مقاوم للاحتلال الإسرائيلي إرهابياً يطاله القانون الدولي بينما شرعة الأمم المتحدة تدين الاحتلال أينما كان وتجيز مقاومته على الأرض المحتلّة؟!

المصلحة الأميركيّة الحقيقيّة لا يمكن أن تكون في توسيع دائرة الغاضبين على أميركا، ولا يمكن أن تكون في زيادة الهوّة بين العرب والمسلمين من جهة وبين الأميركيين والغرب عموماً من جهة أخرى.. فهذه مصالح فئويّة لقوى وشخصيّات حاكمة لكنّها حتماً ليست مصالح الدول والشعوب.

هناك الآن الكثير من "المعارك" الإسرائيليّة الّتي تجري تحت "راية أميركيّة"، لكن المصالح الأميركيّة هي جزء من ضحاياها! وكم هي مفارقة محزنة أن يُنظَر لإسرائيل في القرن الماضي وخلال فترة الحرب الباردة، على أنَّها "رأس الحربة الأميركيّة" في الشرق الأوسط، بينما يُنظَر إلى أميركا الآن، وهي القطب الدولي الأوحد، على أنَّها سيف إسرائيل الطاعن في المنطقة!

    أمّا على الطرف العربي والإسلامي، ف"الإسرائيليّات" موجودة أيضاً بكثافة. وهناك عرب ومسلمون يقومون أيضاً بخوض "معارك إسرائيليّة" تحت "رايات وطنيّة أو عربيّة أو إسلاميّة". وهم عمليّاً يحقّقون ما كان يندرج في خانة "المشاريع الإسرائيليّة" للمنطقة من تقسيم طائفي ومذهبي وعرقي يهدم وحدة الكيانات الوطنيّة ويقيم حواجز دم بين أبناء الأمّة الواحدة لصالح فئات تستفيد من فتات الأوطان فتقيم ممالكها الفئويّة الخاصّة ولو على بحر من الدّماء. أليس هو مشروع إسرائيلي تفتيت المنطقة العربيّة إلى دويلات متناحرة؟ أما هي مصلحة إسرائيليّة كاملة نتاج ما جرى وما زال يجري الآن في العراق من هدم لوحدته الوطنية؟ أليست هي أيضاً رؤية إسرائيليّة لمستقبل لبنان وسوريا والأردن ومصر والسودان وشبه الجزيرة العربيّة؟!

أليس هو بمنظر خلاّب ممتع للحاكمين في إسرائيل وهم يرقبون ما يحدث في لبنان من دعوات للفتنة ومن محاولة النيل من المقاومة اللبنانيّة الّتي أذلّت جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن تسعير لحملات العداء للعرب والعروبة، وللفلسطينيين والسوريين على أرض بيروت الّتي كانت العاصمة العربيّة الوحيدة الّتي احتلّتها إسرائيل، ثمّ منها بدأت شعلة المقاومة ضدّ المحتل؟!

إنَّه "زمن إسرائيلي" ينتشر فيه وباء "الإسرائيليّات" وتقلّ فيه المضادات الحيويّة الفكريّة والسياسيّة، وتنتقل فيه العدوى سريعاً، ويُصاب به "بعض الأطبّاء" أحياناً فتجتمع العلّة في الطبيب والمريض معاً!!

هذا "الوباء الإسرائيلي" لا يعرف حدوداً، كما هي دولة إسرائيل بلا حدود، وكما هم العاملون من أجلها في العالم كلّه.

    المشكلة لم تكن ولن تكون في وجود "الوباء"، بل هي بانعدام الحصانة والمناعة، وفي انعدام الرّعاية الصحيّة الفكريّة والسياسية داخل الأوطان العربيّة وبلدان العالم الإسلامي، وفي الجهل المقيت بكيفيّة الوقاية والعلاج بل حتّى في رصد أعراض المرض وسهولة انتشاره!.      

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن.

 alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ