ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 15/02/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

التطاول على الرسول الأكرم:

بين حرية الرأي المزعومة.. وإرهاصات اليقظة القادمة

أسامة أبو ارشيد

مرة أخرى نقف عند جريمة التطاول على سيد الخلق أجمعين، محمد صلى الله عليه وسلم. فالموقف لا زال متوترا، إن لم يكن في تصاعد. والسبب هو إصرار الحكومة الدنماركية على التمادي في غيها، ورفضها الاعتذار عن قبح ما اقترفته صحيفة نابية في بلادها.

ولكن هذا السبب وحده لا يكفي لتبرير حالة الاحتقان المتزايدة والمتنامية على هذا الصعيد. فثمة عوامل أخرى دخلت لتصب مزيدا من الزيت على النار المشتعلة. ولعل في الموقف الغربي الصلف-بإجماله لا بكليته- دليلا يضاف على أن الإسلام هو الهدف وهو المستهدف وهو المشكلة. فأغلب الدول الغربية وقفت إلى جانب الدنمارك منددة بما تتعرض له منتجاتها من مقاطعة شعبية في العالمين العربي والإسلامي. ووجدت في حوادث الاعتداء على سفاراتها في دمشق وبيروت وطهران، منفذا لتحويل النقاش من مسألة إساءة للنبي الأعظم إلى إدانة لـ"غوغائية" المسلمين، وكأن الرسوم الهابطة التي نشرت بغرض الإساءة... والإساءة فقط، لرمز بشري فذ من طراز محمد صلى الله عليه وسلم، يعتبر دليلا على "حضارية" الراسم والناشر والمؤيد!؟ شتم محمد، صلى الله عليه وسلم، بالنسبة للغرب مسألة رأي.. وإن كانت غير مسؤولة... ولكنها حق للمعبر عن رأيه! أما إعلان صحيفة إيرانية تنظيم مسابقة لأفضل رسوم كاريكاتيرية عن المحرقة فهي وقاحة وجريمة بشعة تفتقد للذوق!... هذا ليس اتهاما... هذا هو للأسف موقف البيت الأبيض الذي تراجع عن الموقف الأولي الإيجابي الذي أدان فيه نشر هذه الرسوم. أما الصحيفة الدنماركية المسيئة، ومن لف لفها، من المتباكين على فضاء الحرية الذي يخنقه "المتطرفون المسلمون"، فقد فضحتها الحقائق، التي تؤكد أنها لا تؤمن بحرية رأي ولا غيره، وبأن القضية لا تعدوا كونها خطوة منسقة لإهانة الإسلام والمسلمين. ذات الصحيفة التي تقمع الرأي الآخر، على عكس ما تزعم، رفضت من قبل نشر صور مسيئة للمسيح عليه السلام. وذات الصحيفة المتشدقة بحرية الرأي، ترغم محرر صفحتها الثقافية الذي يقف وراء نشر هذه الرسوم المسيئة، على أخذ إجازة جبرية. لماذا؟ ليس لأنه تسبب بكل هذه الأزمة، بل لأنه تجرأ على أن يصرح بأنه سيعيد نشر بعض من الرسومات الساخرة من المحرقة، والتي ستنشرها إحدى الصحف الإيرانية، ليثبت بأن المسألة مسألة رأي لا استهداف للإسلام.. ولكنه عاد و"لحس" كلامه في ذات اليوم ليقول أنه أخطأ بقوله أنه سيعيد نشر الرسومات التي تستهزئ بالهلوكوست.. وذلك قبل أن يجبر على أخذ إجازة، "وذلك لأنه تجرأ ونفى أن الحملة لا تستهدف الإسلام". العبارة الأخيرة بين نصين هي قناعتي الشخصية، وليس كلاما قالوه... ولكنها حقيقة باهرة لا يمكن إخفاءها، حتى ولو وجدت تلك الصحيفة وبعض الغرب بعض المرتزقة بين صفوفنا الذين خرجوا من جحورهم يكتبون وينظرون حول معاني حرية الرأي في السياق الغربي. هؤلاء المرتزقة هم أول من يعلم أن عقوبة التشكيك في المحرقة في دول من مثل بريطانيا وفرنسا والنمسا وألمانيا هي السجن و"الجرجرة" في المحاكم وقطع الرزق، وسحب الشهادات العلمية.. ولكنها العمالة الفكرية.. وكره الذات.. والحقد على الإسلام.

وفقط كنقطة استدراك.. قبل أن نستطرد في الموضوع. فإن هذا لا يعني أبدا تأييدنا كمسلمين لما قام به بعض الغاضبين من حرق واعتداء على السفارات الدنماركية في كل من سوريا ولبنان وإيران. فهذا أمر ندينه ولا نرتضيه. ولكن ما ينبغي التشديد عليه هنا أن هذه ردود أفعال غاضبة على جريمة. وبالتالي لا يعقل أبدا أن نحاسب رد الفعل وننسى الفعل نفسه. فالخطأ المقابل لا يلغي الخطأ الأول، وكلا الطرفين مدان... لا الطرف الثاني فقط. وما بين حجم الجريمة الأولى، المتمثلة بالرسوم المسيئة، وما بين رد الفعل الغاضب لبعض المسلمين، بون شاسع من الفداحة وحجم الضرر. فالاعتداء على مباني السفارات يعالج بإعادة بناءها وترميمها ومعاقبة المتورطين فيها... أما الاعتداء على مقدس عند ربع البشرية، فلا يعوضه مال الأرض كله. أيضا، فإننا وكما أننا لا نقبل أن تمس مقدساتنا بسوء أو أن يستهزأ بها، فإننا أيضا نعارض أن يقوم مسلم بإهانة مقدسات أي طرف كان.

من أسف أن هناك من المسؤولين والمفكرين في الغرب من يسعى جاهدا لاستنهاض صدام حضاري مع الإسلام. وربما يشجعهم ضعف المسلمين على ذلك. ولكن ما لا يفهمه هؤلاء أن ضعف المسلمين شيء، والقوة الكامنة في الإسلام شيء آخر. نعم، يخطأ من يظن أن ضعف الأمة، يعني ضعفا للإسلام. ويخطأ من يظن أن جرَّ المسلمين لصدام حضاري سيعني استئصال شأفتهم. ببساطة لأن ما يجري اليوم هو إعادة تعبئة للصحوة في هذا الجسد الخامل، وليس مزيدا من تخديره. قد يظن البعض أن في جرِّ المسلمين من معركة إلى معركة إرهاقا لهم وقطعا لأنفاسهم، ولكنها في حقيقتها قد تكون إجراءات لإعادة هذا الجسد إلى الوعي من حيث لا يحسبون.

وقبل أن أختم، أقول أولا، إن أولئك الذين تجرأوا على نشر هذه الصور في العالم العربي والإسلامي، باسم حرية التعبير، التي لا يعرفونها إلا عند التطاول على مقدسات أمتهم، ما هم إلا حثالات لفظت من جسد أمتهم. والعميل يبقى منحطا ودونيا حتى في نظر من استعمله. وثانيا، وهي رسالة عتاب، إلى بعض علمائنا ومفكرينا الذين يمارسون من حيث يدرون أو لا يدرون دور المثبط لعزائم وهمم الناس، عندما يطالبونهم بالتوقف عن الاحتجاج والمقاطعة، حتى لا "تلطخ سمعتنا الحضارية". أقول لهم، هذه أمة قد طال سباتها، وها هي اليوم تستيقظ بفعل الصدمات، بعد أن عجزت مواعظكم عن إيقاظها. دعوا الأمة تحيي مواتها.. دعوها تنتصر لحبيبها غضبا بعد أن عجزنا عن فعل ذلك رضا. رشدوا المسيرة.. ورشدوا الغضب. أما ذلك المسمى "عالما" والذي وصف المقاطعين للمنتجات الدنماركية بأنهم "حمير" فالزمن كفيل بإثبات من يستحق ذلك الوصف. هذا الرجل بدل أن يرشد وينصح بادر للتثبيط والتحقير لعواطف "العامة".

في حادثة الإفك الشهيرة، عَلَّمَ الله رسول وأمته بأن مثل هذه المواقف على شدتها وقسوتها ليست بالضرورة شر، "لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" (النور: 11). نعم هو خير لنا لأنه أحيا موات هذه الأمة. وهو خير لنا لأنه صدمنا بحقيقة هي أننا أمة لا تنتج ومستعبدة حتى بحليب أطفالها وملابسها. وهو خير لنا لأنه غربل صفوفنا من الداخل. وفوق هذا وذاك، هو خير لنا، لأنها بشائر العودة والتمكين لهذه الأمة، كما كانت هذه الآيات إذ ذاك إيذانا بحفظ مقام الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وشرف زوجه، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، لتكون هذه الآية من ضمن أخر، سيفا مسلطا إلى يوم الدين على بعض تلك الفئات الضالة التي اتخذت من التطاول على عرضها وشرفها وفضلها ديدنا لها.  

وأختم بالقول إنها إرهاص نصر. فحينما توفي أحد أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كفار قريش: "بُتِرَ محمد ولَا عَقِب لَهُ فَإِذَا هَلَكَ اِنْقَطَعَ ذِكْره". ولكنه وعد الله الحق "إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ" (الكوثر: 3). لقد سجل التاريخ أسماء من عادوا محمدا ورسالته في مزبلته، وكان نصيب محمد ورسالته وراثة الأرض. ولم ينقطع ذكر محمد كما زعموا وتمنوا، بل إن أولادهم هم أنفسهم وذرياتهم، أضحوا من أتباع محمد يحملون مشاعل رسالته ويتبرأون من آبائهم الذين عيروا رسول الله يوما بأنه أبتر. لقد هلكوا وانقطع ذكرهم.. ومات رسول الله وبقي ذكره. من هو الأبتر!؟ أولو كان رسول الله أبترا كما زعموا أكانت تحركت أمته غضبا على الإساءة له!؟ نعم هي تباشير النهضة.. وهي إرهاصات الانبثاق من جديد.. فأمة محمد أثبتت أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس بأبتر. فيا أهل الرأي فينا رشدوا الغضب والمسيرة.. وحذار من وأدهما.. لا بقول ولا بفعل ولا بتثبيط.  

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ