ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 18/06/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


سورية بعد القفزة النوعية

سورية قبل القفزة النوعية

سلمى السهروردي

بتكثيف شديد لا جديد. وقد جهد جهابذة البعث وحواته للالتفاف على الوعد اللامسوؤل الذي أطلقه الكحال (طبيب العيون) بلا رؤية ولا روية: (القفزة النوعية) وتواترت النداءات من يمين وشمال بعد أن شعر القوم أن (الكحال قد عماها): لا تؤملوا كثيراً.. قالها بعثيون عتاة يابسو العود ليحتوا الاندفاعة العاطفية التي تعود أن يتنطح بها من مازال يظن أنه رئيس.

لا جديد، وليست المشكلة في الوضع النفسي للمجتمع السوري أو لأفراده فهؤلاء منذ كان نظام البعث، نظام الأقلية الانعزالية (فقلت لها إن الكرام قليل..) لا يزنون في ميزان البعث نقيراًَ. وإنما المشكلة في المعطى الموضوعي الحقيقي الكامن في عقول البعثيين أنفسهم. والسؤال الأهم في هذا السياق: كيف ينظر البعثي إلى نفسه؟ ففي حين يصر البعثي على أن يرى نفسه في (مرآة أمه) يراه المواطن السوري في (مرآة الواقع)، بل يراه بعضهم بفعل عوامل كثيرة من المرارات التي تولد التحيز اللامعقول  في مرأة القرود وأحياناً في مرآة الشياطين.

الأدب العام الذي ينبغي أن يتحلى به مقال تحليلي مثل هذا، لا يسمح أن أبرز العناصر المكونة لصورة البعثي في مرآة مواطن (نصف) لأن المقال سيدخل حينها تحت عنوان الهجاء السياسي، وهذا ليس من أهداف المقال. ربما يفيد أن ننصح رفاقنا البعثيين، بأن يجروا استبياناً حراً وعشوائياً آمناً حول الموضوع، تجربتي المتواضعة طرحت السؤال مفاجئاً على خمسة أشخاص فقط في سوية ثقافية وسياسية متقدمة ولا ينتمي أي منهم إلى معارضة، بل ربما يصنفون في المعارضة الصامتة التي تشكل 95% من الشعب السوري، ويدخل فيها ضمناً أكثر من نصف المليونين من البعثيين.

ما تعني لك كلمة بعثي؟! وكانت الأجوبة

انتهازي ـ مصلحجي ـ كذاب ـ فاشي ـ فاسد..

التقويمات جاءت عفوية. يؤسفني أن ليس فيها ما يرضي غرور البعثيين. لكنها جديرة بالتأمل عند الذين يحاولون الإصلاح أو يريدونه. وكذا كان جديراً بالتأمل الاستبيان الذي طرحته محطة الجزيرة حول الأمل في إصلاح البعث، أظن أن ثلاثة أرباع المشاركين قالوا: لا أمل في إصلاح في سورية. ألم تعن هذه النسبة شيئاً (للكحال) الذي زعم يوماً أنه يؤمن بالرقم الشفاف الذي لا يكذب.

المشكلة الكبرى إذاً هي التي تكمن في عقول البعثيين، وعلى الرغم من تقدم الطب والعلم، إلا أن أمراضاً من هذا النوع ماتزال تستعصي على العلاج. ففي كل بيئة اجتماعية تجد أشخاصاً مضطربين تقمصيين بعضهم يظن نفسه (نبياً) وآخر (قائداً) ولا أدري لماذا تستهوي شخصية (هتلر) النازي الكثير من هؤلاء ومنهم رفاقنا البعثيون.

شخصية هتلر إذاً هي الشخصية التي تستهوي البعثي في ادعائه التفرد وفرضه الوصاية على العالمين. ذلك أن البعثيين يعتقدون بلا مراء بأنه لو كان في العالم تقدير حقيقي للكفاءات، لكان يجب أن يجتمع مؤتمرهم شديد الوقار على سفح الأولمب، وأن تحال إليه مشاكل وقضايا العالم أجمع، وأن يجعل من رئيسهم الشاب المثقف المحبوب اللامع زعيماً للنظام العالمي الجديد!!

حتى الآن لم يدرك البعثيون أن لباس الصيف لا يصلح للشتاء، وأن الثوب الوردي الذي يجعل من الصبايا الصغيرات فراشات تتهادى، لا يليق بعجوز شمطاء تساقطت أنيابها من نهش اللحم البشري، وقال لها الأول:

وهل يصلح العطار من أفسد الدهر

الأغرب أنها لا تزال تزعم أن الدهر لم يفسد شيئاً!!

وعلى الرغم من دخول عوامل كثيرة على مضمار التحرك السياسي الداخلي والإقليمي والدولي فإن زلزالاً مثل (تسونامي) لم يدفع البعثي إلى النظر تحت قدميه. ولم يدفعه إلى إعادة فرز القوى على الساحة. البعثي يعتقد أن صيرورة الوضع في لبنان هي من مسؤولية (اللبناني ناكر الجميل..!!) حتى عندما ذكر (الكحال) أنه حدث في لبنان بعض الأخطاء، لم يكن ذلك إلا لدق مسمار في الجدار الصلد كشماعة تُعلق عليها أمور                مائعة مضطربة غير محددة. لماذا لم تحدد الأخطاء؟ ولماذا لم يتم الاعتذار عنها؟ ألا تعطي هاتان الخطوتان: الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه مصداقية وتمسح برفق على الجرح اللبناني الذي مايزال ينز قيحاً وكراهية؟!

حين يلبس البعثي (روب المثقف) يقول لك أخطاء الممارسة لا تلغي التجربة. حسنا نقول دعونا نقف عند أخطاء الممارسة ونحاول إحصاءها والاتفاق عليها، وتحديد مصححات عملية لها.. ولكن هل يجرؤ البعثي الذي يعترف (بأخطاء عامة) أن يعترف بخطأ واحد محدد نمسك به جميعاً؟!

كل أبناء الشعب السوري غير 5% من البعثيين يجدون في المادة الثامنة من الدستور غضاضة لا تتجاوز على حقوقهم، وإنما تنال من كرامتهم، ومن شعورهم بذاتهم. كثيرون ينظرون إلى هذه المادة الكريهة على أنها مدخل من مدخلات التمييز العنصري الشائن الذي كان شائعاً في جنوب أفريقية، ومن قبل في الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن هل استطاع الثقل الذي يمثل ثمانية عشر مليون سوري أن يزحزح قناعات (الكرام القليل) ولو قيد أنملة؟!

قالت لي صديقتي الباحثة في تاريخ الشعوب الحضاري: إنها قرأت في عادات عرب ما قبل الإسلام، أن الرجل إذا مات أبوه، وأراد أن يتزوج امرأءته، ألقى عليها رداءه فتصبح زوجته!! تؤكد صديقتي هذه أنها لا تزال تتمثل نفسها تلك البدوية المسكينة، وقد ألقى بشار الأسد عليها رداءه. وأنها لا تزال تشعر منذ الدقائق الخمس التي عدل فيها الدستور أنها وسورية أجمع، ذكوراً وإناثاً، رهينة حال اغتصاب يتم تحت سمع العالم وبصره وفي وضح النهار.

مشاعر رهيبة يعانيها مجتمع (اللئام الكثير) المقابل لفئة (الكرام القليل)، دون أن يستطيع مثقفو البعث أو أدعياء الثقافة فيه، لأنني لا أعتبر الثقافة (كماً معلوماتياً) ولكنني أظنها حالة من الاستواء النفسي والمعرفي لا يعلق بأرضها بعثي قط. أقول دون أن يستطيع واحد من هؤلاء أن يدرك غور هذه الأحاسيس أو آفاقها أو انعكاساتها، وهل يخاف العقلاء إلا من انعكاساتها.

معضلة أخرى مايزال البعثيون يلتفون حولها: الفساد. حاول أحدهم أن يمعن في التفلسف فصاغ تساؤلاته بشكل سلبي لكي تبدو جديدة في مقولة المناسبة بين الرجل والمكان. سأسمح لنفسي أن أطرح على البعثيين هذا السؤال: هل كان الرئيس الراحل الفذ الفخم الضخم العملاق على صواب يوم مرر على الشعب السوري دستوراً يحدد عمر رئيس الجمهورية بأربعين سنة؟! هل هناك أي حكمة من وراء هذا الشرط؟! أم أنه مجرد شرط تحكمي لا قيمة له؟ فإن قالوا قلنا.. وإن قالوا قلنا.. وإنما يذكرنا هذا ببعض التاريخ يوم بويع بعض الخلفاء وهو ابن سبع، فلما قلد السيف تبين أن السيف أطول منه!! يبدو أن الرفاق البعثيين لم يدركوا حكمة الرئيس الراحل ولا حكمة الدستور السوري يوم خرقوه.

أعود إلى موضوعة الفساد التي يكمن حلها في سؤال واحد أولي: هل يستطيع أي رجل موقع عام في سورية أن يكتفي بمرتبه ليحيا حياة نصف كريمة..؟! أن الولوغ في الفساد كالشرب من الماء الأجاج، كلما شرب المرء منه ازداد عطشاً. أحفظ أن عمر بن الخطاب قال يوماً: إن الذي أدى هذا لأمين (لمال حمل إليه) فأجابه أحد رعيته (عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا).

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ