ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 06/02/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

صراع حضارات

ولكن بأدوات غير حضارية

د. محمد الغزي

لا يأت ما يحدث في الدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وغير ذلك من دول غرب أوروبا من إساءات إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم اعتباطا وإنما جاء نتيجة حتمية للحملة الغربية والصهيونية المستمرة على الإسلام ووصمه زورا بالإرهاب، وما أظن أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو المقصود شخصيا بهذه الإساءات؛ لأنهم لم يسمعوا عنه من إعلامهم الضال إلا أكاذيب وافتراءات، وإنما يُقصد بها الاعتداء على الإسلام والإساءة لكل العرب والمسلمين في وقت أصبح فيه الإسلام مطلبا إنسانيا لتخليص البشر من طغيان الحضارة الغربية وشرورها وترميم كل ما دمرته من المعاني والقيم والأخلاق الإنسانية التي أصبح كثير من البشر في المجتمعات الغربية يفتقرون إليها.

إنها الحملة الصليبية التي أعلن عنها جورج بوش الصغير عقب أحداث سبتمبر 2001م والتي تشترك فيها تلك الدول بأشكال متنوعة ويوزعون الأدوار فيما بينهم؛ فمنهم من يغزو البلاد ويعيث فيها فسادا وقتلا وتدميرا ونهبا، وآخرون يقمعون حرية مسلمي تلك البلاد الغربية في إقامة الشعائر الإسلامية ويصدونهم عن الالتزام بالإسلام، وآخرون يزعزعون الاستقرار في بلادنا ويخلقون مبررات التدخل في شؤونها تمهيدا لاستباحتها وتفتيتها، ومنهم من يستهزئ بالإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم والذي أرسله الله رحمة للعالمين، أما الكيان الصهيوني وصهاينة الغرب ويهوده فهم يقومون بتحريض الحكومات الغربية على الجاليات المسلمة في الغرب ويرقبون عن كثب مدى تمسك تلك الجاليات الإسلامية بدينها الحنيف، ويعجز هؤلاء اليهود والصهاينة عن إخفاء مدى فزعهم من زيادة وعي مسلمي الغرب ونفوذهم وتوجهاتهم الإسلامية وزيادة حرصهم على رعاية تعاليم دينهم العظيم وشرائعه وشعائره، فيصدرون تقاريرهم المسمومة ويطلقون التحذيرات إلى الحكومات الغربية وشعوبها لتحريضهم ضد المسلمين.

ولا يزال الإعلام الصهيوني يقوم بدور عنصري قذر من خلال تشويه الإسلام والاستهزاء بالأنباء والمرسلين والتطاول على رب العالمين عز وجل، بتغذية الحقد على الإسلام والمسلمين، ما جعل الكثير من الغربيين يجسدون حقدهم في إساءاتهم المتكررة للإسلام والمسلمين؛ متجردين من كل معاني الفضيلة والأخلاق الحميدة ومظهرين ضعفهم الشديد أمام الثقافة الإسلامية، فتارة يصف حاخامات اليهود المسلمين بأنهم أفاعي وحشرات، وتارة أخرى يتطاولون، بأخس الوسائل، على شخص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وهم لا يكفون عن دعوة حكومتهم المجرمة للقضاء على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى.

إن هذه الإساءات المتكررة سبََّبَها ما يكرره قادة الكراهية والشر في هذا العالم، من أمثال بوش وبلير وغيرهم الكثير، مرارا وتكرارا من أن ما يقوم به المسلمون من جهد المقل في الدفاع عن أوطانهم ودينهم وأنفسهم ما هو إلى دليل على كراهية المسلمين وحسدهم للغرب وحضارتهم ونمط حياتهم، هكذا ادعى هؤلاء الضالين وغيرهم من دعاة «الصدام اللا حضاري» أمثال صمويل هنتنجتون وفرانسيس فوكوياما وغيرهما ممن يشكلون تيارا أكاديميا مسيحيا صهيونيا متطرفا يعمل على تأليب الرأي العام الغربي وملئ عقول الغربيين بالأحقاد والأكاذيب، هؤلاء الذين لم يجدوا وسيلة لصد الناس عن الإسلام إلا بقتل مئات الآلاف من العرب والمسلمين باسم الديمقراطية واقتراف كل منكر وقبيح باسم حرية التعبير عن الرأي.

ولقد عجبت كثيرا حينما خرج ملايين الأوروبيين في مسيرات كبيرة قبيل شن الحرب الظالمة على العراق ظنا مني أن هذه التظاهرات جاءت بدوافع إنسانية ومعايير أخلاقية عالية احتجاجا على قرب شن تلك الحرب في ذلك الوقت، ولكن، عندما سكتت هذه الهبة تلقائيا بمجرد أن تبين للشعوب الغربية عدم تسببها في الإضرار بمصالحهم وحياتهم، زال العجب وأدركتُ أن تلك التظاهرات كانت تنم عن مجرد خوف هؤلاء الغربيين على مصالحهم وأمور حياتهم نتيجة تداعيات خطيرة للحرب تكهن بها العديد من الكتَّاب والمفكرين الغربيين الذين توقعوا نشوب حرب نووية وقيام البلاد العربية بوقف ضخ نفطهم للغربيين وتعرض الكيان الصهيوني لضربات مؤلمة، كما توقعوا سقوط بعض الأنظمة العربية الخائبة وتمكن شعوبنا المقهورة من اختيار نظم حكم مستقلة، ما يهدد المصالح الغربية.

وما يؤكد زيف هذا التوجه للشعوب الغربية أن الحرب استمرت طويلا ولا تزال مستمرة حاصدة لأرواح عشرات الآلاف من العراقيين ومدمرة لكل مقومات الحياة ومعالم الحضارة العراقية، بل الأكثر من هذا أن معظم الغربيين لم يحركوا ساكنا حتى بعد أن تبين لهم عدم شرعية تلك الحرب وبطلان مبرراتها وأسبابها، فبعد ما تبين لهؤلاء الغربيين أن العرب والمسلمين هم وحدهم الذين يدفعون ثمن هذه الحرب الظالمة، التي تدور رحاها في عقر دار العرب والمسلمين بعيدا عن البلاد المعتدية، وأنهم في مأمن منها وأن نتائجها لن تؤثر على مستوى رفاهية الغربيين ونمط حياتهم ناموا وسكتوا ولم يعد يقلقهم أي شيء رغم تغنيهم بحقوق الإنسان ورعايتهم لمنظماتها الكثيرة رسميا وشعبيا.

وهذه الإساءات ليست جيدة في طابعها ومقصودها؛ فقد دأبت كثير من حكومات الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تشجيع الضالين، ممن نسبوا أنفسهم زورا للإسلام والمسلمين، على سب الإسلام والتشنيع عليه وعلى أهله والنيل من قدسية معانيه ومبادئه العظيمة، ولا تزال تلك الحكومات تحتضن كل شاذ وضال ممن له تاريخ أسود حافل بالتطاول على الإسلام وعلى شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم والتربص بالإسلام والمسلمين من أمثال سلمان رشدي؛ وتقدم لهم الحماية والرعاية متذرعين بحرية الرأي وتشجيع الأعمال الفنية والأدبية، ولكن هذه الحكومات المريضة تنسى كل تلك الذرائع عندما يمس الأمر حلفاءهم اليهود رغم إجرامهم بحق شعوبنا واغتصابهم لأوطاننا وحقوقنا.

لقد سنت إدارة بوش قانون "معادة السامية" حماية لمجرمين صهاينة من تعرض كتَّاب وصحفيين وسياسيين غربيين لهم بالنقد والإساءة التي يستحقونها، وتبعه بعد ذلك دول أوروبية عديدة حفاظا على الصورة المزيفة التي رسمتها الدعاية الصهيونية للكيان الصهيوني الغاشم وتجاهلا لحقوق شعبنا الفلسطيني المقهور، بل إن بوش أصر على وصف من غاص إلى ركبتيه في دماء وأشلاء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بأنه "رجل سلام" ضاربا بالأرض كل ما ادعاه من معان لا رصيد لها من الواقع غير المصطلحات الناعمة والتعبيرات الجذابة مدللا على العنصرية الغربية والكيل بمكاييل متعددة، ثم تأتي إدارة بوش بعد ذلك وتحاسبنا على الحريات الدينية وتتهمنا بالكراهية الدينية لتفرض على الأنظمة الحاكمة تغيير مناهجنا الدينية لتمحو ثقافتنا الإسلامية.

لقد جاء كل ما حدث من تهجم على الإسلام ومقدساته في سياق الفهم الغربي لأيديولوجية "الخير والشر" التي تعتبر المسلمين شرا لا بد من إزالته، ويتفق هذا مع تفسير أهل الضلال من أمثال مؤسس حزب الائتلاف المسيحي المتطرف وأكبر منظري المحافظين الجدد الأمريكيين، بات بيترسون، الذي اعتبر أن إعصار كاترينا جاء غضبا من الله على الولايات المتحدة الأمريكية وعقابا لها على إجبارها حكومة السفاح شارون على الانسحاب من بعض أراضي قطاع غزة وإخلاء المغتصبات اليهودية المقامة عليها، بل إن بيترسون فسر ما أصاب شارون من غيبوبة وشلل على أنه عقاب من الله تعالى له على قيامه بالانسحاب من بعض أراضي غزة، أما الاحتلال وما يمارسه من قتل وخراب ودمار وإفساد فهم مقبول، بحسب بيترسون، عند الله، تعالى الله عما يصفون.

وإذا كان الخوف من الإسلام هو الذي يدفع الغربيين إلى النيل من شخص رسولنا الكريم فهذا تصديقا لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين يعز عزيزا ويذل ذليلا عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر "، رواه الإمام أحمد، وهذه بشرى للمسلمين بعد أن ظهر لكل الناس زيف حقيقة الحضارة الغربية وتبين قرب انهيارها وبعد أن فشلت قوة الغرب العسكرية والتكنولوجية ولم يجد الغربيون سوى السب والشتم للنيل من المسلمين الذين قاوموا عدوان الغرب بكل بسالة وأثبتوا أنهم لن تلين لهم قناة ولن يستسلموا مهما بلغ الظلم والعدوان.

ولقد أظهرت شعوبنا المقهورة أنها لا تزال قوية وأنها أكثر توحدا وانسجاما وقدرة على الرد المزلزل على العدوان العسكري والمعنوي من أي وقت مضى، بل إن ثقافتنا الإسلامية غلابة لا قبل للثقافة الغربية بها، وسواء استخدم الغرب الوسائل الحضارية (!!) أو أسلحة الدمار الشامل لن يستطيع النيل من ديننا، وها هو شعبنا الفلسطيني يعيش أزهى لحظات انتصاره بتحديه للحصار الاقتصادي الذي يفرضه عليه "العالم المتحضر".

وربما تكون المقاطعة الناجحة التي أذلت الدنمارك هي بمثابة التفاحة التي ألهمت نيوتن على اكتشاف الجاذبية، والمطلوب زيادة هذه المقاطعة الاقتصادية الناجحة اتساعا وعمقا وشمولية، والمطلوب أيضا أن نقوم بتعرية الحكومات الغربية وأدواتها الإعلامية في مجتمعاتنا ليتبين لكل شعوبنا مدى بشاعة الحملة الصليبية الصهيونية على ديننا الحنيف، وعلى كل فرد من أبناء ديننا أن يجد له مكانا مناسبا يدافع من خلاله عن قيمنا ومقدساتنا وأوطاننا، وهذه هي بداية الطريق إلى الخلاص من التبعية الغربية وتحرير الأوطان من دنس الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال، { ... وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور}.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ