ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 04/02/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

هل تقف شعوبنا

مع حماس والشعب الفلسطيني؟!

د. محمد الغزي

الفوز الساحق الذي حققته «حماس» في الانتخابات البرلمانية أثار مخاوف دول كثيرة فانعكس ذلك على مواقف حكوماتها ورؤسائها الذين أظهروا ما تُكِن صدورهم من خوف وكراهية وأكدوا تأييدهم اللا محدود لدولة العدوان والاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني فأخذوا يتوعدون شعبنا المظلوم ويهددونه، إلا أن هذا الفوز وما تلاه من ضجيج عالمي صاخب وظلم ينوء بالجبال الشامخات لم يحرك شعور المواطن العربي المتبلد ولم يوقظ ضميره النائم منذ زمن بعيد ولم يستحثه على كسر الصمت المخجل، فمعظم شعوبنا وحكامنا يرقبون ممارسة دول الاستكبار ضغوطها على حماس وعلى الشعب الفلسطيني ويلقون السمع لتهديد دول التجبر ووعيدها لشعبنا غير مكترثين بما يمكن أن تؤول إليه الأمور من عدوان على شعبنا وإجحاف بحقه، وأعداؤنا يراهنون على شدة ضعف أمتنا ويعولون على ضعف نصرة الدين وموت حمية الأخوة عند الشعوب العربية والإسلامية المقهورة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد من الضعف والهوان والسلبية والجمود؛ بل أخذ كثير من أبناء الوطن وأبناء الدين ينثرون الأشواك والعراقيل في طريق حماس وأخذوا يزيدون التضييق عليها في أحرج ظروفها بالتشويش وإثارة الشكوك والشبهات، بل قد تجاوز الأمر ذلك بكثير إلى تمني بعض أبناء الدين أن تتحقق تخرصاتهم وتنبؤاتهم بفشل حماس وهلاكها وتنازلها عن حقوق الشعب الفلسطيني، ولا يبالي هؤلاء في سبيل إثبات غرورهم ووجهة نظرهم أن تسقط أحلام الشعب الفلسطيني وطموحاته.

لقد جسدت الحالة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني، خاصة، والشعوب العربية والإسلامية في هذه المرحلة العصيبة مدى الضعف الذي تعاني منه أمتنا، هذا الضعف الذي يجعل الكثير من أبناء شعوبنا يفسرون كل خطوة تخطوها حماس وحركات التحرر العربية الأخرى سقوطا في المؤامرة وكأن السلبية هي قدرنا، ما يبرر لهم كف أيديهم عن المؤازرة وبسط ألسنتهم بالسوء وكيل الاتهامات الداحضة، إنهم يؤكدون على نقاط الخلاف ويضخمونها ويمارسون الاستنزاف الفكري والتخذيل والتثبيط ضد من هم في أمس الحاجة إلى الوقت والجهد والهدوء لتدبر أمور الشعب والأمة.

لقد صار التهجم على حماس واتهامها والتشكيك في منهجها وفكرها ومسارها نقطة التقاء بين كل المتناقضين والمتشاحنين، ولم يشذ عن هذا إلا القليل من النيرين وأصحاب الوعي والدين، فبينما تعمل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي على تقويض حماس وحملها على التخلي عن حقوق الشعب الفلسطيني وعن منهجها الإسلامي الأصيل؛ يتهمها الكثير من أبناء الأحزاب والحركات الإسلامية بالتقصير وبالوقوع في مؤامرة الأعداء، وبينما يتهمها آخرون بالعلمانية والانحراف عن النهج القويم؛ يتهمها العلمانيون بالتعصب والمغالاة في الدين، وبينما كان البعض يشن حربا دعائيا ضد مشاركة حماس في الانتخابات البرلمانية؛ يشنون الآن حملة شعواء تطلب من حماس إعلان دولة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة فورا دون مراعاة لظروف قاهرة أو حكمة ومرحلية، ورغم أن هؤلاء يبررون لأنفسهم عدم الخروج من المرحلة المكية إلا أنههم لا يكفون عن مطالبة حماس بالخروج من هذه المرحلة وإقامة الدولة الإسلامية، إنهم يتغنون دائما برفضهم لاتفاقية سايكوس–بيكو التي تقسيم الوطن العربي إلى فتات؛ ولكنهم يريدون أن تقيم حماس دولة إسلامية على جزء من فتات غير محرر من هذا الوطن.

إن الكثير من أبناء شعوبنا ينظرون إلى أزمة الشعب الفلسطيني بسطحية قاتلة، لذلك فهم يشنون حربا على حماس لعدم نيتها في الإعلان عن دولة إسلامية فورا؛ وكأن أمر إقامة دولة وتطبيق الشريعة لا يتوقف إلا على الحصول على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي؛ وكأن تطبيق الشريعة الإسلامية لا يحتاج إلا إلى سن القوانين وفرضها بالقوة حتى لو أدى هذا إلى إشغال الشعب الفلسطيني في صراع طاحن مع بعضه البعض واستعداء كل العالم وفتح جبهات مع العالم بأسره.

وبينما لا تجد حماس من يدافع عنها ويمد لها يد العون يقوم متنطعون مغالون باتهامها بالتقصير في واجبها والتخلي عن برامجها ومقاومتها للاحتلال وهي مازالت لم تبدأ الطريق بعد ولم تشكل حكومة، ويطالبونها باستعداء العلمانيين والليبراليين وأبناء الوطن كله؛ بل حتى محاربة كل دول العالم، ويا عجبا لما قرأت عبر منتديات الحوار من كلام ينم عن خلل في التفكير وسوء فهم لمقاصد الشريعة الإسلامية وعدم إدراك لمعنى تطبيقها، إنهم يطلبون من حماس شن حرب على أبناء الشعب المعارضين والغير إسلاميين وإكراههم على الدين.

لن تستجيب حماس لكل هذه العواطف والدعوات التي تفتقر إلى الشرع والعقل والمنطق والمتجاهلة للواقع، إن حماس سوف تسير بالتدرج وبالمرحلية التي لا تتجاهل واقع الأمة الضعيف ولا تسيء فهم الظروف الدولية القاهرة، ولا تغفل الحرب العالمية المعلنة على الإسلام في كل مكان، وسوف تسير على منهجها في الإصلاح الذي يهيئ للشعب الجو الطبيعي النقي لاختيار سرعة ومدى الالتزام بالدين خلا ممارسة الدعوة والإقناع وإصلاح مؤسسات الدولة وإعادة تشكيلها، فلن تجبر حماس النساء على ارتداء الزي الإسلامي ولن تجبر الناس على الصلاة إلا بالتي هي أحسن على قاعدة "لا إكراه في الدين" وذلك بعد أن تبين للناس الرشد فيتبعوه وتبين لهم الغي فيجتنبوه.

ولننظر إلى المفارقة العجيبة التي نشهدها في هذه الأيام على الساحة الدولية، فهذه (إسرائيل) تعبئ شعوب العالم وقادته وتألب الرأي العام العالمي ضد حماس وتطالب بعزلها دوليا وحصارها اقتصاديا، ويطير قادة الكيان الصهيوني إلى دول العالم، ومن بينها الدول العربية، لحث الأنظمة الحاكمة على الوقوف في وجه حماس وتطويق الشعب الفلسطيني، أما نحن العرب فنقع بين سلبي غير مكترث ومشكك مثبط ومعاد لتطلعات الشعب الفلسطيني التي عبر عنها برنامج حماس، وهذا الإعلام العربي الرسمي والفضائيات العربية اللسان الأمريكية النهج يقصرون في دورهم تجاه شعوبنا المغلوبة، بل أن هذا الإعلام يقوم بدور مساند للأعداء عن طريق صم آذان الشعب الفلسطيني بتهديدات دول الظلم والطغيان والتركيز على الأحداث الفوضوية وتضخيم فعاليات المناوئين لحماس، ومازالت قناة «العربية» الفضائية تمارس دورا عبثيا سخيفا في تقليل أهمية نتائج الانتخابات التشريعية والاستهزاء بالنجاح الذي حققه شعبنا وحركته حماس، فبدلا من مناصرة شعوبنا المظلومة أخذت العربية تجمع كل ما هب ودب من نكات وسخريات مريضة لنشرها إلى جماهيرنا مستهزئة بالنهج الإسلامي والحركات الإسلامية.

وهنا لا بد من الإشارة إلى مجموعة نقاط يجب على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية أن تتدبرها لنتجنب حدث إحباط للشعب الفلسطيني وإجهاض لمحاولاته التخلص من نير الاحتلال والعدوان الغاشم من الكيان الصهيوني والدول التي صنعته وتدعمه وتؤيده:

أولا: أي انتكاسات أو مصائب جديدة تتعرض لها حماس سوف لا ينجوا منها أي فرد من الشعب الفلسطيني، فالوضع يحتاج إلى توحيد الصفوف واستنفار كل أفراد شعبنا ليقفوا في وجه محاولات إذلالنا وكسر إرادتنا وإيقاعنا في مستنقع التشرذم والاختلاف والاقتتال الداخلي.

ثانيا: العمل على عرقلة برامج حماس وجهودها في نيل الحقوق الفلسطينية كاملة سيؤدي إلى وضع أسوء مما كنا عليه قبل الانتخابات حيث ستكون أي سلطة يقبل بها الأعداء هي سلطة غير شرعية، وهذا سيؤدي إلى انتفاض شعبنا مرة ثالثة ونشوب صراع داخلي ربما يتطور إلى حرب أهلية وفشل مشروع التحرر الفلسطيني، وهذا يؤدي إلى تقهقرنا إلى الوراء وخسارتنا لكل الإنجازات التي نالها شعبنا بصبره وتضحياته الجسيمة وجهاده ومقاومته، فالوضع لن يعود إلى ما كان عليه الأمر قبل الانتخابات لأن الشعب قد حكم على السلطة وقرر وتغييرها وتصليح ما أفسدته.

ثالثا: على الشعوب العربية والإسلامية ومؤسساتها النقابية والحقوقية ومنظماتها الأهلية إعلان تضامنها مع حماس ومع الشعب الفلسطيني والتعبير عن هذا التضامن بالمسيرات السلمية وإعلان الغضب على العدو الحقيقي الذي يتربص بأمتنا والذي أذاق كل شعوبنا الويل والثبور لعشرات السنين، فهل غضب العرب ونصروا شعبنا الفلسطيني ولو لساعة واحدة؟!

رابعا: على الشعوب العربية والإسلامية تقديم يد العون والمساعدة لحماس وحكومتها المقبلة في كل المجالات التعليمية والاقتصادية والإعلامية وبذل الجهد والوقت في التفكير الجاد في كل ما يمكن أن يؤدي إلى كسر الطوق والحصار الاقتصادي الخانق الذي يفرضه الاحتلال والدول الداعمة له.

خامسا: على الشعوب العربية والإسلامية، التي تنفق مليارات الدولارات على مساحيق التجميل والروج والعطور سنويا، أن تتبرع بسخاء بالمال اللازم لتخفيف الخناق عن شعبنا ولبناء المجتمع الفلسطيني وإصلاحه.

سادسا: على الحكومات العربية، التي تبرعت بمئات ملايين الدولارات وبراميل النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال كارثة إعصار كاترينا، أن لا تبخل على شعبنا بالدعم الذي يستحقه، فمن أولى يا ترى: الشعب الفلسطيني المظلوم أم من يمارس عليه أبشع الضغوط؟!

سابعا: على الجامعة العربية والحكومات العربية والإسلامية أن تسارع بالاعتراف بالحكومة التي تشكلها حماس ونجدتها وتطبيع العلاقات معها وعدم الاستجابة إلى مطالب الحكومة الصهيونية التي تنوي زيارة القاهرة وعمان للضغط على حماس ووأد المشروع الذي تحمله.

ثامنا: على المثقفين العرب والمسلمين أن يكونوا مع حماس والشعب الفلسطيني في محنته وأن يتوقفوا عن تنظيرهم المشكك في قدرة حماس والشعب الفلسطيني على تجاوز أزمته، وعليهم أن يحثوا الشعوب على كسر صمتهم والانتفاض من أجل نصرة شعبنا المظلوم الذي تتوعده الذئاب والوحوش بكل شر.

أما بالنسبة لحماس فعليها أن تضع برنامجا واضح المعالم يتسم بالواقعية والحكمة ليكون ميسر الفهم والاستيعاب لك شعوبنا العربية والإسلامية ولجعله يشد اهتمام ودعم هذه الشعوب حتى يتم تحرير فلسطين، ويجب أن لا يجعلها هذا البرنامج في فوهة مدافع الأعداء مع تأكيد التمسك بشرعية المقاومة وممارستها ضد المحتل المعتدي وعدم الاستسلام والرضوخ لمطالب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بالتخلي عن السلاح والاعتراف بالكيان الغاصب والدخول في مسلسل لا ينتهي من التفاوض والتنازل، ولنعلم جميعا أن النصر مع الصبر وأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة ولتنكر قول الله تعال: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }آل عمران173، 174.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ