ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 07/01/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

انشقاق خدام عن النظام السوري! ...

توبة في الوقت الضائع، أم خطوة محسوبة ؟

الطاهر إبراهيم*

يؤكد بعض المحللين أن خطوة نائب رئيس الجمهورية السورية السابق "عبد الحليم خدام" الأخيرة، وإعلانه الانشقاق عن نظام حزب البعث، لم تكن قفزة في المجهول، بعد أن خسر كل ما استثمره في النظام السوري على مدى أكثر من أربعة عقود .

إن الخطوة التي خطاها الأستاذ خدام لا ينبغي أبدا دراستها بعيدا عما يتمتع به من شخصية وقدرات تميزه عن كثير ممن تناوبواعلى الحكم البعثي في مراحله المتعددة منذ اليوم الأول لاستيلاء حزب البعث على السلطة في سورية في آذار 1963 .

وفي السياسة فقط، يحق للمراقب أن يقفز فوق الخصوصية وصولا إلى الحقيقة. وفي هذا المجال لابأس أن نقارن شخصية الأستاذ خدام مع شخصيات بعثية أحيلت إلى "مستودعات" حزب البعث في نفس الوقت الذي استغني فيه عن خدمات "خدام"، مثل النائب الآخر لرئيس الجمهورية "زهير مشارقة"، ووزير الدفاع السابق المزمن "مصطفى طلاس". أو نقارنه مع  شخصيات ما تزال حاضرة ولكنها في حكم الغائب مثل الأمين العام المساعد السابق لحزب البعث الأستاذ عبد الله الأحمر. وكل هؤلاء ،عدا خدام، جاؤوا إلى واجهة السلطة في وقت واحد مع وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى سدة الحكم في عام 1970 .

على أن من وضعتهم في مجال المقارنة مع خدام ، لم يكن لهم شأن يذكر في بداية حكم البعث عام 1963. فقد كان "مشارقة" مديرا لمدرسة دار المعلمين الابتدائية في حلب. أما "طلاس" فكان ما يزال ضابطا مغمورا في قطعات الجيش السوري. ولم يكن "الأحمر" ،هو الآخر، معروفا خارج مدينة "التل" الصغيرة، التي تقع على بعد كيلومترات قليلة شمال دمشق (اتصلت الآن بها). هؤلاء الثلاثة ،إضافة إلى"خدام"، جاؤوا إلى واجهة النظام مع انقلاب حافظ الأسد على قيادة حزب البعث في نوفمبر عام 1970 .

"عبد الله الأحمر" عين محافظا لمدينة "إدلب" بداية عام 1970 ، حيث كان "قاسم حج قاسم" أمينا لفرع حزب البعث فيها. وكان "قاسم" قياديا بارزا في حزب البعث، فغطى على نشاط "الأحمر، "كمحافظ ينبغي أن يكون الرقم "واحد"في  فعاليات المحافظة.

ولم تتغير أحوال "محمد زهير مشارقة" كثيرا بعد أن رقى إلى منصب نائب الرئيس كجائزة "ترضية" لأهالي "حلب"،عاصمة الشمال السوري، والمدينة الأكثر حضورا في الأحداث التي اندلعت بين نظام حافظ الأسد وبين المعارضة الإسلامية في ثمانينيات القرن العشرين، واعتقل منها الآلاف على خلفية تلك الأحداث.

وغني عن القول أن "مصطفى طلاس"، الذي كان وزيرا شرفيا للدفاع، لم يكن له حضور حتى في شئون وزارته، حيث كان رئيس الأركان هو الأكثر حضورا ، كما هو الحال مع "حكمت الشهابي" الذي استغني عن خدماته في أواخر عهد حافظ الأسد. واستطرادا فإن الشهابي هو الآخر لم يكن مؤثرا في سياسة النظام إلا أثناء أحداث الثمانينيات ،حيث كان "سوطا" في يد "حافظ الأسد" لتأديب محافظة حلب التي ينتمي إليها الشهابي.

صعود نجم "خدام" ونجاحه في سلم السلطة

وحده "عبد الحليم خدام" كان الأكثر بروزا بين أقرانه الثلاثة، الذين صعدوا إلى السلطة مع حافظ الأسد في عام 1970 . وقد ابتدأ حياته السياسية مع بداية سيطرة حزب البعث على السلطة في سورية واستمر معها حتى أشهر قريبة خلت، ما يعني أنه كان يملك مؤهلات ميزته عن غيره من الرفاق الذين تساقطوا على الطريق.

ربما كانت بداية حياة "عبد الحليم خدام" السياسية في عام 1964،عندما عين محافظا لحماة، المدينة الأكثر إقلاقا لنظام حزب البعث. ففي عهده حدثت مصادمات مع بعض الإسلاميين، وقتل بعضهم خلال تلك المصادمات. وقد تدارك الأمر عالم حماة ،في ذلك الوقت، الشيخ "محمد الحامد" يرحمه الله، ونزع فتيل الأزمة، وأعانه في ذلك رئيس الدولة "أمين الحافظ" وعضو قيادة الثورة "أحمد أبو صالح"، بعد أن أدركا أن وزير الدفاع الدرزي اللواء "حمد عبيد" يخطط للانتقام من أهالي "حماة" ردا على قصف "أديب الشيشكلي" لبعض مدن جبل الدروز عندما كان رئيسا للجمهورية في خمسينيات القرن الماضي. ولا نكاد نجد مصادر حيادية، تتحدث عن حسن سيرة خدام أو سوئها في إدارته لمحافظة حماة .

ومع هيمنة شخصية "حافظ الأسد" خلال مدة حكمه التي دامت ثلاثة عقود،فقد استطاع "عبد الحليم خدام" أن يكون رقما مميزا في دائرتي حزب البعث والسلطة على مدى حكم حافظ الأسد. تدرج في الحكم وزيرا للخارجية حتى عام 1984 ،حيث عين نائبا لرئيس الجمهورية إضافة إلى "رفعت الأسد" شقيق الرئيس و"زهير مشارقة".

لم يكن خدام لاعبا فقط في الملف اللبناني على مدار عشرين عاما،بل كان له دور هام على الساحة السورية،حيث نجح في كل مهمة كلفه به الرئيس الأسد،بما أوتي من قدرات، مكنته أن يكون موضع ثقته.وإذا كان الرئيس الراحل حافظ الأسد يوصف بأنه قارئ جيد للأحداث ، فإن "خدام" كان قارئا جيدا، ومنفذا ماهرا، لرغبات الرئيس. وما لا يعرفه كثير من الناس هو أن خدام قدم خدمات هامة لحافظ الأسد، فحاز على ثقته حتى موته.

هل أقصي خدام عن منصبه أم أقصى نفسه ولماذا ؟

من رأى شحوب وجه "عبد الحليم خدام" عشية موت حافظ الأسد،وكأنما قد أبلغ ورقة وفاته من السلطة في سورية. ولا أحد يعرف ما كان يدور في دائرة القرار داخل "آل الأسد" في حينه. ولكن ما هو مؤكد أن مصير خدام، الذي كان هو الرئيس الشرعي بعد موت الأسد، أصبح على كف عفريت. وقد لعبها بمهارة عندما أوحى إلى تلك الدائرة، أن موافقته لا بد منها على ترقية بشار إلى رتبة الفريق وتعيينه قائدا أعلى للجيش، وهكذا كان.

وجاء المؤتمر القطري في تموز عام 2000 ،ورأينا عبد الحليم خدام يأخذ دوره إلى جانب الرئيس، وليكون ساعده ومساعده ورجل المهمات الصعبة كما كان في عهد والده .

وعندما حانت مرحلة التمديد للرئيس اللبناني "إميل لحود"، جرت عملية فرز على الساحتين اللبنانية والسورية. وإذا كانت عملية الفرز على الساحة اللبنانية تتعلق بمصالح هذا الفريق أو ذاك، فقد كان عبد الحليم خدام ،مع ما يحمله من ودٍ للرئيس "رفيق الحريري" و"جنبلاط" اللذين كانا يرفضان التمديد، يسمع ويرى على المستوى الدولي والإقليمي ما لم يكن يسمعه أو يراه الرئيس السوري . 

وفي الوقت الذي كان قلب الرئيس السوري ممتلئا غيظا على الراحل "رفيق الحريري"،لأنه رفض التمديد إلى الرئيس إميل لحود، فقد كان واضحا أن "خدام" لم يقطع حبال الود مع "الحريري"، وهذا ما جعل قلب الرئيس السوري يتغير عليه.

ويحلو للبعض المقارنة بين الرئيسين "الأب" و "الابن"، في حادثة هامشية ولكنها ذات دلالة. فعندما أحيل العماد "حكمت الشهابي" إلى التقاعد من رئاسة الأركان في عام 1998 ،وكان قد تغير قلب حافظ الأسد عليه، استأذن بأن يذهب إلى أمريكا للاستشفاء. وكان عبد الحليم خدام مع الحريري وجنبلاط في وداع الشهابي في مطار بيروت. ولم يغير ذلك قلب حافظ الأسد على خدام. وعلى العكس من ذلك فقد استطاع مبغضو خدام أن يوغروا صدر بشار الأسد عليه عند ما ذهب ،بصفته الشخصية، للتعزية في وفاة الرئيس الحريري.  

ما أردت قوله أن تغيّر قلب بشار الأسد لم يكن ليخفى على خدام،فعرف أن أيامه إلى جانبه أصبحت معدودة. بل إن أخطاء الرئيس قد تجعل أيامه هو الآخر معدودة. وكأنما رأى خدام ،-وهو يعلم من خفايا اغتيال الحريري الشيء الكثير-أن مقتل الحريري هو بداية النهاية لحياة الرئيس السوري ،بل وللنظام السوري ككل، فأراد أن يقفز من السفينة قبل غرقها، ويستقيل قبل أن يقال. ومهما اختلفنا أو اتفقنا مع خدام، فإنه أثبت أنه ما يزال لديه أوراق  تمكنه من قلب الطاولة على خصومه الذين عملوا على إخراجه من الحكم .

كثيرون يعتقدون أن "عبد الحليم خدام" أصاب في القفز من السفينة. فقدم تقريره للمؤتمر القطري، منتقدا سياسة وزير الخارجية "فاروق الشرع"، ليبرر خروجه من القيادة. ولكن قلة منهم من يعتقد بأنه قد بقي لخدام  دور سياسي، ربما ظن أنه يمكن أن يلعبه مع القادمين الجدد إلى حكم سورية...  

*كاتب سوري يعيش في المنفى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ