ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 15/12/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

كيف تتجاوز حماس

محاولات تقويضها؟

د. محمد الغزي

تنظر الإدارة الأمريكية إلى حركة المقاومة الإسلامية على أنها تعيق المشروع الأمريكي الذي أصبح نجاحه وتقدمه في منطقتنا مرهونا بإنهاء القضية الفلسطينية، لذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بوضع الحركة على قائمتها للإرهاب وأعطت الضوء الأخضر للاحتلال لتصفية قياداتها وكوادرها وعملت على عرقلة الدعم المالي الذي يعزز قدرتها على مواصلة المقاومة ضد الاحتلال، ومن جانبه قام الاحتلال، لعزل حماس عن الشعب، بجعل استخدامه للعقاب الجماعي ضد شعبنا مترتبا على العمليات التي تشنها حماس ضد الاحتلال، وقد فشلت كل هذه المحاولات في النيل من حماس وإضعافها، ما حدا بالإدارة الأمريكية إلى تغيير طريقة تعاملها، وليس موقفها، مع حماس بناء على نصائح أوروبية للإدارة الأمريكية بالتحلي بالمرونة في تعاملها مع حماس؛ إيمانا بأن موقف الإدارة الأمريكية المتشدد قد يكون "كارثة" على الفلسطينيين الذين يستفيدون من المساعدات التي تقدمها حماس، بحسب دبلوماسيين أوروبيين.

لذلك فهناك محاولات "ناعمة" لتقويض حماس ولسلبها حقها في مقاومة الاحتلال ولإضعاف قدرتها على إفشال التسويات التي تحول دون حصول الشعب الفلسطيني على استقلاله وتقرير مصيره على أرضه، وتشمل محاولات التقويض تفكيك الجهاز العسكري لحماس وإضعاف التعاطف الشعبي الكبير الذي تحظى به الحركة ومقاومة نفوذها السياسي في فلسطين، والوسيلة هي إشراكها في العملية السياسية، وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم البيت الأبيض في يونيو 2005م أن بوش لم يغير رأيه بان حماس منظمة إرهابية لابد من نزع سلاحها، وأضاف "لدينا ثقة كبيرة في الديمقراطية والانتخابات.. عندما يمنح الناس فرصة للتعبير عن أنفسهم فإنهم يميلون لاختيار هؤلاء الذين يسعون إلى السلام وهؤلاء الذين يسعون إلى تحسين نوعية حياتهم وليسوا الإرهابيين."

ورغم أن الإدارة الأمريكية تضع حماس في قائمتها للمنظمات الإرهابية إلا أنها باتت تدرك أنه من المستحيل إقصاء حماس الآن بسبب قوتها المؤسساتية والمجتمعية والعسكرية وتعاظم التعاطف والتأييد الشعبي لها وتصاعد نفوذها السياسي، وفي نفس السياق قال دبلوماسي أوروبي انه "يوجد الآن داخل إدارة بوش إدراك بان حماس لها دور تلعبه.. وانه إذا أدخلتها إلى الصف السياسي فانك ستهمش حينئذ العناصر العسكرية لهذه الجماعات."

لذلك فإن أكثر ما تسعى الإدارة الأمريكية إليه في مرحلة ما بعد الانتخابات هو حرف مسيرة حماس لإضعاف جهازها العسكري وعزل قادتها العسكريين عن التأثير في نهج الحركة حتى تفقد حماس فاعليتها على الصعيد المحلي فتمرر الولايات المتحدة حلها للقضية الفلسطينية طبقا للرؤية الصهيونية.

لهذا السبب على حماس أن تنظر إلى المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة على أنها فرصة للتعاطي مع كل المتغيرات الإقليمية والعالمية بطريقة تضمن لها مواصلة مسيرتها وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني وطموحاته، ولهذا فإن قرار حماس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية سوف يؤدي إلى تجاوزها محاولات التقويض إذا ما عملت على استنهاض الشعب الفلسطيني لعلمية لإصلاح والتغيير في كل المجالات في سبيل التمكين للدعوة وتعزيز قدرة الشعب الفلسطيني على مواصلة مقاومته المشروعة ضد الاحتلال.

ولا شك أن معيار النجاح في فترة ما بعد الانتخابات التشريعية يكمن بشكل كبير في قدرة حماس على المناورة لتجاوز «مرحلة التقويض» ولتفويت الفرصة على الأمريكيين والاحتلال بإنهاء القضية الفلسطينية، ويجب على حماس أن تحدد نهجها وتقيِّم مدى تقدمها في مرحلة ما بعد الانتخابات على أساس هذا المعيار، وكذلك على حماس أن تستغل الظروف الجديدة على الساحة الفلسطينية لتحقيق أهدافها التي وضعتها منذ لحظة انطلاقها، ومما يعزز مسيرة حماس أن هناك تناقضات كبيرة في السياسات والمواقف الأمريكية والصهيونية التي تؤدي إلى هشاشة موقف السلطة الداعي إلى تسوية سلمية ناقصة وإلى الحد من قدرتها على الاستجابة للمطالب الأمريكية والصهيونية بنزع سلاح الفصائل المقاومة وتفكيك بينتها، ما يجعل عملية إفشال محاولات تهميش حماس وتقويضها أمرا ممكنا.

وحيث أن حماس هي حركة مقاومة إسلامية، اسما ونشأة ونهجا وأهدافا، فإن مقاومتها للاحتلال بكافة الوسائل المشروعة هو الذي يعطي لها مبرر وجودها، فالوقوع في الفخ الأمريكي الأوروبي والصهيوني والانجراف نحو المسار السياسي البحت يعيد حماس إلى الوراء ويلغي مبرر وجودها ويعطل أهدافها ودستورها، وهذا ما تسعى إليه أوروبا والإدارة الأمريكية والصهاينة رغم أن واشنطن تتظاهر بإبداء معارضة لدخول حماس في الانتخابات التشريعية؛ للضغط عليها والحصول على تنازلات مثل "تمديد الهدنة" و "التهدئة" بدون مقابل أو التزام من الجانب الأخر.

ولا بأس أن تلجأ حماس إلى تمديد الهدنة أو التهدئة إلى أجل مسمى في مرحلة ما بعد الانتخابات حتى تستطيع استيعاب متطلبات المرحة الجديدة وتبعاتها، وكذلك حتى تُفشل الهجمة الأمريكية والعالمية على المقاومة الإسلامية الفلسطينية وتخرس الأصوات التي تتذرع بـ "الخروج عن الإجماع الوطني" لتصفية القضية الفلسطينية، ولكن يجب أن تصر حماس في كل الأحوال على بقاء جهازها العسكري بقيادته وسلاحه وكوادره دون مساس؛ وإلا فإن حماس ستفقد أهم عناصر قوتها وأكبر إنجاز حققه الشعب الفلسطيني طول مسيرته الجهادية الطويلة.

وستثبت الأيام أن (إسرائيل) سوف تنبذ الاتفاقيات وتعود إلى إجرامها المعتاد من القتل والاغتيال والاعتقال، وسوف تستمر كذلك في المماطلة مع السلطة بحيث لا تلبي الحد الأدنى للمطالب الفلسطينية العادلة، وسوف تستمر في ضم المزيد من أراضي الضفة الغربية إلى كيانها الغاصب وتوسيع المستوطنات واستقدام المهاجرين اليهود من الشتات وتهويد القدس وإبقاء الأسرى والمعتقلين في سجونها وإثارة الفتنة بين الشعب ودفعه إلى الاقتتال، ولا شك أن هذا سوف يعيد الشعب الفلسطيني إلى مقاومة تلقائية تؤدي إلى تصعيد الوضع من جديد والعودة إلى الانتفاضة.

وتقتضي استراتيجية الاحتلال استمرار (إسرائيل) في نهجها الإجرامي ضد شعبنا في الضفة الغربية والقدس، ولهذا سوف تقوم قوات الاحتلال بممارسات وقائية استباقية تؤدي إلى مزيد من الاعتقالات والاغتيالات وإغلاق المؤسسات الدعوية والخيرية في الضفة الغربية، وهذا كفيل بتصعيد الوضع وإبقاء شعلة المقاومة مشتعلة، ما يتيح لحماس مساحة واسعة من المناورة السياسية تجعلها قادرة على رفض نزع سلاح جناحها العسكري أو تفكيكه وكذلك باقي فصائل المقاومة.

ومن هذا المنطلق فإن إستراتيجية حماس في المرحلة القادمة يجب أن تتضمن الرد على أي خروق إسرائيلية بطريقة مناسبة في الوقت المناسب لربط المقاومة باستمرار الاحتلال والعدوان والانتهاكات الإسرائيلية التي لن تتوقف؛ بحيث لا تعطى الفرصة لواشنطن وحلفائها وجيش المنافقين الموالين لها بشن حملاتهم السامة للمطالبة بإنهاء المقاومة وحصر جهود حماس في عملية المطالبة ببعض الحقوق واستجداء الصهاينة.

ويجب أن تتضمن استراتيجية حماس للمرحلة القادمة الاستجابة المناسبة والذكية لسلوك الاحتلال وردات فعله، التي باتت معلومة حتى لدى أطفال فلسطين، بحيث تضمن استمرار التعاطف والتأييد الشعبي لبرنامجها ومطالبها العادلة، فمن المعلوم أن الخطوة الأولى التي سوف تقوم بها (إسرائيل) بعد الانتخابات هي مطالبة السلطة بنزع سلاح المقاومة، ويمكن لحماس ربط هذه الخطوة، مثلا، بجملة شروط على رأسها تحرير الأسرى والمعتقلين من سجون اليهود، ومن البديهي أن ترفض حكومة الاحتلال إطلاق سراح المعتقلين لإيمانها بأن هذه الخطوة سوف تكون في صالح المقاومة ودعمها وتعزيزها، وشعبنا الفلسطيني يدرك ألاعيب الاحتلال ومماطلته فيما يتعلق بالأسرى والمعتقلين ولهذا فلن يضغط شعبنا على حماس لنزع سلاحها قبل إطلاق سراح أخر أسير.

وحيث أن الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين و(إسرائيل) يجعلون نزع سلاح المقاومة أول خطوة في «خريطة الطريق» يجب على حماس العمل بكل الوسائل المتاحة إلى تأخير هذه الخطوة إلى حين الوصول إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات بين السلطة و(إسرائيل) على نقاط مفصلية مثل الانسحاب الكامل من الضفة وتفكيك كل المستوطنات اليهودية منها، وكذلك مثل التفاوض على الوضع النهائي للقدس حيث ستصر (إسرائيل) على إبقائها عاصمة لها، ولا شك أن الولايات المتحدة وحلفائها معنيين بإعطاء جهودهم الدبلوماسية والاقتصادية لإنهاء القضية الفلسطينية فرصة مناسبة وأجواء مناسبة، وهذا من شأنه أن يأخذ وقتا طويلا متيحا لحماس الفرصة للعمل على مقاومة محاولات نزع سلاح المقاومة.

وفي نفس الوقت على حماس أن تحشد طاقات أفرادها للعمل الدعوي والانخراط في العمل التطوعي والمشاركة الفعالة في إصلاح وبناء المجتمع والعمل من خلال مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك على حماس إجراء تعديلات مناسبة على برامجها الدعوية والسياسية كما ونوعا لاستقطاب المزيد من المثقفين والمفكرين وكسب تأييد كل فئات الشعب الفلسطيني بما فيهم المستقلين والمنتمين إلى التنظيمات والحركات الفلسطينية الأخرى، وهذا يتطلب نقلة نوعية في سلوك وممارسات الأفراد لتناسب مع المرحلة المصيرية الحرجة التي تمر بها الحركة.

إن أهم المكاسب التي تحققها حماس من وجودها بفعالية في الحياة السياسية الفلسطينية هو تجاوزها لمحاولات التقويض، وحصولها على شرعية دولية، وعدم إعطاء الفرصة لعملية إقصائها عن مسرح الأحداث المحلي والعالمي، وحصولها على فرصة لإعادة بناء صفوفها وقياداتها ومؤسساتها في الضفة الغربية والقدس، ومد جسور التنسيق والتفاهم والتعاون مع فلسطينيي الشتات والشعوب العربية والإسلامية، وتمثيل الشعب الفلسطيني وعرض قضيته بطريقة صحيحة في المحافل الدولية وأمام الرأي العام العالمي، وفضح الممارسات الصهيونية ضد شعبنا، وإحراج الإدارة الأمريكية التي تدعي حرصها على تطبيق ديمقراطيتها المزيفة في بلادنا، وهذه مكاسب عظيمة جديرة بالاهتمام.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ