ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 11/12/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

المعارضة السورية إلى أين ؟ !

الدكتور/ نصر حسن

مرت المعارضة السورية وعبر أكثر من أربعين عاماً من عملها ضد النظام الإستبدادي الذي يحكم سورية إلى فترات مواجهة مختلفة مع النظام كانت خاسرة في معظمها ولعل أشدها ألما ً لها وللشعب السوري ماحدث في الثمانينات , حينها نجح النظام وبخبث إلى جر المعارضة إلى الصدام المسلح وبالتالي سورية إلى تصفيات وطنية ظالمة بحق الشعب فكانت الأحداث الدامية والجرائم التي ارتكبت ضد الشعب وبمستوى مشين من الوحشية والهمجية في معظم المدن السورية خاتما ً إياها بتدمير مدينة حماة وترويع المدنيين وقتل الآلاف من النساء والأطفال واعتقال عشرات الالاف وفقدان خمسة عشر ألفا ً وتشريد أكثر منهم إلى الآن في أصقاع الأرض , كانت جريمة ضد المعارضة والشعب وشكلت ولاتزال جرحا ً وطنيا ً نازفا ً يحتاج إلى التضميد الوطني ورد المظالم إلى أهلها ومحاسبة المسؤولين عن تلك الفتنة التي أحدثت خللا ًوطنيا ً لازال قائما ًوبحدة في ذاكرة النظام والشعب والمعارضة على حد ٍ سواء.

كان ثقل المعارضة السورية التقليدية موجود في العراق وبشكل أقل في السعودية والأردن حيث تتواجد بعض أطراف التيارالديني ومعظمه ينتمي إلى الإخوان المسلمون , وبعض اليساريين في الجزائر ودول المعسكر الإشتراكي سابقا ً,كان وجود المعارضة الأساسي في العراق ولأسباب واضحة أهمها التمتع بقدر من الحرية والدعم في عملها ولقربها جغرافيا ً من سورية مما يسهل ميدانيا ً على المعارضة على أن تكون على صلة مباشرة مع الداخل ,ورغم أن المعارضة وعلى مستوى البنية  الداخلية تتمع بقدرات قيادية تقليدية معروفة فاعلة على ساحة العمل الوطني داخل سورية سواء ً كأفراد أو أحزاب أو شخصيات وطنية تمثل سورية بشكل وطني حقيقي إلى حد ٍ كبير ,خلاصة عملها الطويل كان محكوم إلى حد ٍ كبير بالموقف العربي والدولي المؤيد والداعم بشكل مطلق للنظام السوري , وأن الحاجة الإقليمية لدوره كانت أكبرمن قدرة المعارضة , وتمثل حاجة خارجية تتعلق بشكل أساسي بالصراع العربي الصهيوني وبالتالي تغييب أي دور لنظام وطني حقيقي  في سورية , وعلى هذا الأساس كانت هذه العقدة تحكم عمل المعارضة وهذا يفسر إلى حد بعيد التغطية العربية والدولية لجرائم النظام الذي ارتكبها في سورية ,وكأن الجميع كانوا عميان وطرشان ولم تنمُ عندهم بعد أحاسيس حقوق الإنسان ,هذا العامل الأساسي الذي كان السبب وراء فشل المعارضة من التغيير في سورية  ,بالإضافة إلى أسباب  أخرى مقيدة لها لكونها موجودة في العراق حيث الصراع الدائم والطويل  بين النظامين والذي انعكس سلبيا ً على جملة الأهداف الوطنية والقومية الذي عبث بها النظام السوري إلى الحد الذي كتبت على جواز السفر السوري وهو وثيقة وطنية تمثل دولة ولا تمثل نظام ,العبارة الوطنية والقومية المشهورة " يسمح بدخول كافة دول العالم عدا العراق " وهنا لمن دواعي الشك بأن كاتبها ينتمي إلى هذه الأمة وثقافتها ! .

المعارضة السورية التقليدية وبأطرافها القومية واليسارية والدينية دفعت وتدفع الثمن غاليا ً في السجون والشهداء والمشردين ورغم كل ذلك لازالت هي القوة المؤهلة الأساسية للعب دور أساسي في عملية التغيير في سورية رغم ضبابية الصورة السياسية إلى الحد الذي لم يستطع بعض الطارئين على العمل الوطني والسياسي من رؤية الأمور بموضوعية وعقلانية يتطلبه عمل المعارضة اليوم ,يساعدها على لعب هذا الدور الآن جملة عوامل واقعية وأولها وهنا يتطابق تقريبا ً موقف القوميين مع اليساريين مع الإخوان المسلمون من تقييم النظام لأنهم على صراع طويل ومرير معه ولأنهم يمتلكون رؤية فكرية واضحة ومعروفة ولأنهم كذلك يمتلكون مساحة وطنية أوسع من المعارضة الحديثة التي في أفضل مقارباتها لعملية التغييريقتصر برنامجها على المطالبة بالديموقراطية وتحسين أوضاع حقوق الإنسان وحرية الرأي ومطالب ذات حساسية خاصة في هذه الظروف الذي يحاول النظام خلطها لتشويه المعارضة وتصويرها على أنها غرفة عمليات متقدمة لقوى خارجية ,رغم أن الديموقراطية هي المفقود الأساسي والذي أدى تغييبه من قبل النظام إلى حضور الطغيان بأبشع صوره والإقصاء بأعنف أشكاله والفردية  والإستبداد الذي أنتج كل هذه الهزائم والكوارث والنكبات على المستويين الوطني والقومي  .

مرت المعارضة في حالة من السكون والهامشية بسبب ظروف داخلية تخصها وظروف إقليمية خارجة عن نطاق قدرتها بالتعامل مع مثل هذه المستجدات والتي كانت على ما يبدوا خارج إطار توقعاتها المستقبلية يضاف له فتك النظام في الكثير من عناصرها ,استمر ذلك حتى وراثة بشار سورية وبالشكل غير القانوني والشرعي المعروف للجميع , والذي رأى فيه البعض وبدفع قوي وخفي من النظام وأجهزته على أنها مرحلة جديدة وستكون بداية لإنفراج وطني وسياسي تجاوبت معه بشكل خاص المعارضة الداخلية وبدأت حراكا ً وطنيا ً وسياسيا ً سمح به النظام لترتيب أموره الداخلية والإقليمية وليس إيمانا منه بضرورة السماح للمعارضة بحرية الحركة والنشاط وتوسيع هامش الديموقراطية , فكان ربيع دمشق والحرية النسبية لبعض المنتديات منتدى الأتاسي وبعض لجان إحيا ء المجتع المدني وكانت كلها تتحرك ضمن الدائرة الأمنية المحسوبة من قبل النظام وعندما بدأت تأخذ بعض الأبعاد الإيجابية من تبنيها لمطلب الإصلاح اعتقلت معظم رموز ربيع دمشق وأغلقت المنتديات الثقافية وآخرها منتدى الأتاسي وتم اعتقال معظم رموزه ,والعائدون من العراق ودول أخرى يعتقلون أفرادا ً وجماعات ,وأصم  النظام أذنيه عن سماع كل النداءات المسؤولة وطويت صفحة الحرية البسيطة ومنع الحوار الوطني في هذه الظروف الخطيرة التي تحيط بسورية ,وعاد النظام إلى صلب سياسته السابقة من القمع والملاحقات وبدأ بالإنقضاض على المعارضة في الداخل والخارج وتسلسل الأمور معروف,لكن تسارع وتيرة وفلتان الأحداث على المستوى العربي وعلى سورية على وجه التحديد وارتباك النظام وعدم قدرته على فهم التطورات الإقليمية والدولية ودخوله إلى فخ اغتيال الحريري الذي كان زلزالا ً سياسيا ً مركزه لبنان وقواه الإرتدادية ستكون كارثية على سورية ولبنان والمنطقة وتدمر مابقي من بنيان فيها ,كذلك أربك النظام ومعه ارتبكت المعارضة لأنها رهنت نفسها بردود فعل على طريقة تعامل النظام معها ,وأصبحت المعارضة تركض مع النظام بنفس الإتجاء وبنفس الإرتباك وحالها أشبة بحال مسافر " أوتو ستوب " تحرك آلي وتوقف ألي, تتحرك بعشوائية الطريق وصعوبة تضاريسه ! والنظام يحاول ضياع الوقت ليطيل عمره ولو على حساب ضياع  ماتبقى من الوطن علّ الصدف تنقذه أوتحقق له  صفقة طارئة تطيل أيامه قليلا ً ,أو حاجة ً لدوره من قبل هذا الطرف العربي والدولي أو ذاك ,لكن النظام العربي أصبح أشبه بكسيح لايقدر على حمل نفسه فمابالك ليحمل عجز الآخرين ,المعارضة أعطت كل الفرص للنظام لكي يستطيع ترتيب بيته وينقض عليها من جديد , نظام أتقن الكذب وأدمن السلطة واحترف المتاجرة بأرواح الأبرياء وبكرامة العباد والبلاد , لا يمكن أن يكون موضع ثقة في القول والفعل ,و المقياس الوحيد على صدق أقواله وأفعاله يجري دائما ًعكس ماتشتهيه سفن المعارضة الراسية طويلا ً في موانئ التغيير !

المعارضة تتعامل مع الوقع السوري ببطء شديد وقد يكون رهانها على الكثير من الأمور رهان خاسر إذا لم تسقط نهائيا ً من برنامجها أن هذا النظام يقبل بالحوار أو المشاركة في المسؤولية وتحمل القرار , نظام يؤمن أن مكان المعارضة الوحيد هو السجون والمنافي وتقديم الولاء والغطاء لسلوكه المنحرف عن الخط والنهج الوطنيين , وأن وعوده في أغلب الأحيان هي ستار لحمايته وستر عوراته وبعثرة أوراق المعارضة وخلط المواقف وحرف الأهداف عن الطريق الصحيح .

المعارضة السورية في صراع مصيري على أكثر من جبهة ,ويحاول النظام بخبث جرها لمعارك وهمية ليبعدها عن التفاعل البيني لدى مكوناتها , وليبعدها أكثر عن التفاعل مع الشعب لحرمانها من الحاضنة الإجتماعية المطلوبة لتقوية الموقف الوطني وتطويره باتجاه توفير القاعدة الشعبية لحماية الدولة ووحدة الوطن في أي وضع طارئ خطيريحدث فجأة ً , لأن الذين ينفذون لعبة الموت في المنطقة يعملون ليل نهار لتنفيذ مخططاتهم المشبوهة وفي وضع ميداني مكشوف أمامهم , وبضمنها قوة النظام وقوة المعارضة ودور الشعب في لحظات معينة يريدون بها تنفيذ فعلي لما تبقى من أهدافهم الشريرة , تأسيسا ً على ذلك يجب على المعارضة السورية أن تدرك التعامل الجيد مع عامل الزمن , وأن تفعّل عملها وتنتقل إلى تقوية جسور الحوار والتفاعل المستمر مع الشعب وإشراكه تدريجيا ً في قيادة الأمور وهذا هو صمام الأمان الوحيد في ظروف سورية الراهنة المليئة بصواعق الإنفجار .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ