ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 29/11/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

خطوط متشابكة

على خارطة الطريق الأميركية!

صبحي غندور*

تشابكت في زمنٍ واحد جملة قضايا هامّة معنيّة بها منطقة الشّرق الأوسط، وتقود واشنطن تفاعلاتها بأوجه مختلفة. فرئيس السّلطة الفلسطينية محمود عباس زار واشنطن بعدما اجتمع في باريس برئيس الوزراء اللّبناني فؤاد السنيورة برعاية فرنسية/ أميركية/ لارسنية ( نسبةً إلى تيري رود لارسن)، ثم توجّه إلى واشنطن ليعود منها للأراضي الفلسطينية بتراجع أميركي عن دعم إعلان الدّولة الفلسطينية في زمنٍ قريب. وبعد ساعات من لقاء أبو مازن مع الرّئيس الأميركي، تحول الاهتمام كليّاً إلى تقرير ميليس وإلى الشّأن السّوري فيه. ثمَّ جاء تقرير لارسن ليزيد من حجم التساؤلات عن هذه الخيوط المتشابكة في قضايا المنطقة الّتي أصبحت الآن دمشق مكمن عقدتها بالمنظور الدولي رغم العنف والتّأزم القائمين في العراق والأراضي الفلسطينية المحتلّة.. والمحررة. ويبدو كأنَّ زيارة أبو مازن لباريس وواشنطن كانت من أجل الملف الفلسطيني في لبنان وسورية أكثر مما هي لأجل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو للدّولة الفلسطينية الموعودة.

المسؤولون الأميركيون كانوا واضحين في غايات هذا التصعيد السياسي الدّولي الحاصل ضد الحكومة السورية. فالمطلوب من دمشق هو تغيير السّلوك والنهج في مسائل العراق وفلسطين ولبنان، أي ما هو خارج نطاق التحقيق الدولي بشأن اغتيال رفيق الحريري. كذلك كان تقرير لارسن واضحاً في أبعاده الإسرائيلية والأميركية، ومراميه السّورية والفلسطينية. لكن كيف أصبح التحقيق في اغتيال الحريري قضية متشابكة مع المسألتين العراقية والفلسطينية، فإنّ جواب واشنطن لم يقنع بعد الكثير من اللبنانيين والأطراف العربية والدوليّة.   ثم ما هو المطلوب تحديداً من دمشق أن تفعله في المسألتين العراقية والفلسطينية، فإن واشنطن تكتفي بالإجابة: غير كافٍ ما تقدّمه الحكومة السورية، ودون الإعلان عن كل اللائحة المطلوبة أميركياً!.

وفي غمرة هذه التطورات، تزداد الأمور الأمنية والسياسية في العراق تعقيدا وتأزّماً في ظل تأجج مشاعر الانقسامات الطائفية والمذهبية داخل العراق وخارجه. الملفت للانتباه هو محدودية ذكر الأردن في هذه التطورات رغمَ جواره الجغرافي مع كل من العراق وسورية والأراضي الفلسطينية. والملفت للانتباه أيضاً هو الإشارة الأردنية الّتي حصلت منذ أسابيع قليلة عن إمكانية إتحاد كونفدرالي مستقبلاً بين الأردن والدولة الفلسطينية المنشودة!.

من الواضح، أنَّ العراق "هو الجبهة الأمامية في الحرب الأميركية على الإرهاب"، هكذا يكرر المسؤولون الأميركيون في أكثر من مناسبة. لكن الوجه السياسي لهذه المقولة الأمنية أنَّ العراق هو أيضاً الآن الجبهة الأمامية في السياسة الرّاهنة للإدارة الأميركية، بل حتّى قبل وقوع الأعمال الإرهابية في أميركا يوم 11 سبتمبر 2001 . وهاهي إدارة بوش تعيش الآن أسوأ أيامها السياسية على المستوى الداخلي الأميركي حصيلة ما حدث ويحدث في العراق، بعدما انخفضت شعبيّة بوش إلى أدنى مستوياتها، وبعد فضائح وتقصيرات لم يفصلها الشّعب الأميركي عن تداعيات الحرب على العراق. والغريب في الأمر، أنَّ الرّئيس بوش أشاد بمدير مكتب نائبه تشيني (لويس ليبي) رغم إدانة المدّعي العام الأميركي له، منطلقاً من القاعدة القانونية "أنَّ المتّهم بريء حتّى تثبت إدانته"، وكان قبل ذلك يرفض التعليق على الموضوع بحجّة "أنَّ التّحقيق القانوني لم ينتهِ بعد"، فلماذا لم تعتمد الإدارة الأميركية هذه القاعدة القانونيّة مع تقرير ميليس؟ ولماذا تحصل المحاكمة في مجلس الأمن والتّهديد بالعقوبات رغم أنَّ التّقرير الدّولي أشار إلى أنَّ التحقيق سيتم استكماله بناءً على طلب الحكومة اللبنانيّة، وهو حتى الآن ليس بإدانة اتّهامية قانونية لأي جهة!.

صحيح أنَّ في تقرير ميليس جملة حقائق، لكنَّ التّقرير تجاهل حقائق أخرى مضادة، وخضع ويخضع التّقرير لتوظيف دولي وإقليمي ومحلّي بما هو أكبر من لبنان وأكثر من اغتيال رفيق الحريري. وفي اليوم نفسه الّذي كان يدين فيه المدّعي العام الأميركي، مدير مكتب تشيني، كان الرئيس الأميركي يتحدث عن سورية وإيران ويصفهما بالأنظمة الخارجة عن القانون وبدعم المنظّمات الإرهابيّة!.

إنَّ التفاعلات الداخليّة الأميركية لن تغيّر الآن في الأجندة القائمة للإدارة الحاكمة في واشنطن. فالتركيز على "الجبهة الأمامية " – أي العراق- لا يعني عدم وجود " جبهات" أخرى مفتوحة يتم ربطها جميعاً في حربٍ واحدة تقودها واشنطن الآن من أجل سلّةٍ من الأهداف المستقبليّة لمنطقة الشرق الأوسط.

إنَّ الحملة الأميركية الآن على سوريا وإيران و"المنظّمات الإرهابيّة" ( على حسب تعبير واشنطن ) ستحقق مناخاً سياسيّاً يفيد التحرّك الأميركي في كل المنطقة وحول قضايا مختلفة. وطبعاً استفادت وستستفيد الإدارة الأميركية من أخطاء الحسابات أو القرارات أو التصريحات الّتي حصلت أو تحصل من هذه الأطراف المستهدفة الآن في الحملة الأميركية.

وإذا جاز التّقدير لغايات الحملة الأميركية ذات الرؤوس المتعددة الأهداف، فيمكن اختصارها بالآتي:

1- حرمان إيران من التواصل مع حلفاء قدامى: سورية، حزب الله ومنظّمات فلسطينية، وإضعاف نفوذها مع حلفاء جدد في العراق، وتقليص علاقاتها مع دول المنطقة.

2- عزل سوريا من خلال إسقاط أوراق عديدة كانت تملكها سابقاً، فالصّديق الفرنسي أصبح خصماً، والثِّقل اللّبناني في الموقف السّوري أصبح عبئاً عليه، والحليف الإيراني خاضع للحصار أيضاً، والعامل الفلسطيني الرافض أصبح مبرّراً للاتهام بالإرهاب بينما الضغط مستمر على السّلطة الفلسطينية لوقف التواصل أو التنسيق مع دمشق ولضبط المخيّمات الفلسطينية في لبنان، وهذه ربّما كانت أهم القضايا الّتي أرادتها واشنطن من زيارة أبو مازن للعاصمتين الفرنسية والأميركية.

3- فرط عقد التحالف الثلاثي: المصري/ السعودي/ السوري الّذي كان فاعلاً في عقد التسعينات كلّها بعد عودة الجامعة العربية للقاهرة، كما كان هو الأساس في التهيئة لحرب أكتوبر عام 1973، ولأي تضامن عربي فعّال.

4- استمرار الضغوط من أجل وقف كل الأنشطة العسكريّة لجميع المنظّمات والجماعات بما فيها من خليط مقاومة ضد الاحتلال، وعمليّات إرهاب تحدث هنا أو هناك.

5- تمهيد الطريق، ولو بعد ردحٍ من الزمن، لتوطين مئات الألوف من الفلسطينيين في العراق ولبنان وسورية، خاصّةً في ظل سيادة الغرائز الطائفيّة والمذهبيّة الّتي قد تعتبر التوطين تصحيحاً لتوازنات ديمغرافيّة ! ! !

6- جعل الدولة الفلسطينية مشروعاً قابلاً للتنفيذ في ظل إتحاد كونفدرالي يضم الأردن وفلسطين وإسرائيل معاً، خاصّةً في ظل ما تحمله الساحة الفلسطينية من احتمالات مستقبليّة يُراد بها استمرار السّلطة والصّراع عليها في آن واحد، وبما يؤدّي إلى القناعة بالحل الكونفدرالي مع الأردن وإسرائيل. أي أنَّ الدّعم الأميركي للسّلطة الفلسطينية لن يصل إلى حدّ تأهِلُها لتكون دولة مستقلّة، ولن يقلّ عن ضرورة استمرارها لمنع قوى أخرى من السيطرة!.

وحينما يحصل هذا الإضعاف المتعدد الرؤوس والأهداف في الشرق الأوسط، فإن خارطة الطريق الأميركية ستصبح أكثر سهولة نحو خواتيمها المرجوة.

لقد كانت قضية الّلاجئين الفلسطينيين – وستبقى – هي الأساس في أي تسوية مستقبليّة للصّراع مع إسرائيل. فالحدود ومسألة القدس يمكن ترتيب الاتفاقات بشأنهما، لكنَّ العقبة الأساسيّة أمام مشروع واشنطن للدولة الفلسطينية هي قضية الّلاجئين الفلسطينيين. ولعلّه، وفق حسابات الإدارة الأميركية، أن يتطلّب قيام دولة جديدة في المنطقة سقوط دول أو حكومات قديمة ! .

--------------------

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن.

 alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ