ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 26/11/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

ليس من حقنا أن نحب أو نكره

إلا بقرار

م . خالد مبارك

على مدى ما يقارب الخمسة عشر عاماً من الفترة التي بدأت أعي فيها ما حولي وأميز وأختزن في ذاكرتي مما سيصبح جزءً من ثقافة شربتها بمشيئتي أم رغماً عني وذلك منذ منتصف السبعينات من القرن المنصرم  لحظات دخولي إلى المدرسة وحتى حرب الخليج الثانية وما أفرزته من نتائج ومتغيرات على الوضع الإقليمي والدولي ، كان علينا أن نشرب كأس عدائنا وكراهيتنا لأمريكا على مدار الأيام في المدرسة وفي وسائل الإعلام ، في مناهجنا ، وفي كل مناحي الحياة في سوريا وحتى مساجدنا وكنائسنا ودعوات رجال الدين بأن يمحق الله أمريكا الإمبريالية ، كم هي عدد المسيرات التي أُخرجنا بها جميعنا ، كل أبناء الوطن من المعامل والجامعات والمدارس وكافة المؤسسات لنرفع الشعارات والهتافات ضد أمريكا معتمدين على ما تضخه علينا وسائل الإعلام من خطابات وتصريحات وندوات ونشرات و .... كلها تطالب بالموت لأمريكا لكونها العدو الأول لوطننا وأهدافنا القومية وشعارات الوحدة والحرية والاشتراكية .

ولكن ومع نهاية حرب الخليج الثانية وما نتج عنها من إخراج العراق ( وعلى كل سلبيات نظامه الدكتاتوري وسياساته اللاعقلانية ) من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي بأيدٍ أمريكية ومباركة وتواطؤ ومشاركة عربية في عملية الذبح ، ومن ثم مجيء مؤتمر مدريد للسلام الموعود كمكافأة لمن وقفوا إلى جانب العدوان على العراق ، وإذ بنا أمام خطاب رسمي مغاير تجاه عدو الأمس وباتجاه معاكس تماماً لكل ما استطعنا أن نحصله خلال الفترة الماضية من مخزون شعاراتي لطالما انطلقت به حناجرنا ، فكان علينا وخلال مدة قصيرة أن نروض عقولنا وبالسرعة الكلية للتأقلم مع مرحلة جديدة في صراعنا مع الإمبريالية الأمريكية حامية إسرائيل حسبما تم تحفيظنا وإفهامنا على مدى سنين عديدة وإذ بأمريكا تتحول إلى راع للسلام والضامن لاستعادة الحقوق العربية والتي يمكن استرجاعها عن طريق الاستجداء والترجي ، وهكذا اختفت وخلال فترة وجيزة كلمات الإمبريالية وكل مصطلحات العداء الكثيرة المرافقة لها من وسائل الإعلام وتحولت إلى عبارات لا تخلو من الثناء أحياناً والسكوت ( شيطان أخرس ) في أغلب الأحيان .

ولكن بالنسبة لنا نحن البسطاء الذين لا نستطيع تقدير الأمور كما يقدرها أهل الحكم والسياسة في بلادنا فقد بقيت أمريكا هي أمريكا سواءً حكمها الجمهوريون كجورج بوش الأب أو حكمها الديمقراطيون مثل بيل كلينتون أو صقور الجمهوريون كزمرة بوش الابن وحاشيته الحالية ، فلربما يختلف أسلوب الصفعة ولكنها موجودة معهم جميعاً ( قصف بغداد في أواخر حكم بيل كلينتون ) !! مع الانتباه طبعاً إلى ضرورة وحتمية تداخل وتشابك العلاقات بيننا وبين الغرب وبما في ذلك أمريكا ولكن على ألا تكون على حساب المصالح الوطنية والقومية بأي شكل كان وبكل الأوقات .

ثم جاءت الانتفاضة الثانية وبعدها حرب الخليج الثالثة ( احتلال العراق ) وكانت مجازر مخيم جنين ومجازر الفلوجة وغيرها ، فخرجنا تحت تأثير عواطفنا بضع عشرات للاعتصام والتظاهر ولعدة مرات وبشكل هادئ وبسيط ضد أمريكا وسياساتها تجاه منطقتنا بلافتات بسيطة وببعض هتافات تندد بأمريكا وإسرائيل ، وليس لأننا الأكثر وطنية وشعوراً قومياً ولكن ربما لأننا أردنا أن نكون أقل خوفاً من الأكثرية لكوننا جميعنا لم نعتد إلا على أن نخرج بأوامر وقرارات وبشعارات تُسقِط اليوم من قد يصبح صديق وشقيق الغد ، أما أن يكون الخروج ذاتياً فهو ممنوع حتى لو كان العدو المفترض مشتركاً ، وبغض النظر عن طريقة الخروج كانت المفاجأة غير المتوقعة إلى ذلك الحد حينها والتي تمثلت بإخراج أعداد من الطلاب أوغيرهم وزجهم في مواجهتنا وكأننا أعداء لهذا الوطن ووضعنا في موقف المتهم والخائن ، على الرغم من أن كل شيء كان واضحاً وأن تعبيرنا كان موجهاً باتجاه أمريكا وإسرائيل ولم يكن لأجل القضايا الداخلية تلك التي لو قُدِر لنا أن نخرج من أجلها لكان علينا أن نبقى في حالة تظاهر مفتوحة ومتواصلة !!!.

وتدور الأيام ويأتي زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما نتج عنه من تداعيات وقرارات وتقرير ميليس مروراً بالقرار 1636 والضغوط الأمريكية التي تزداد كل يوم تجاه النظام السوري ، وإذ بنا نعيد الزمن إلى الوراء ولتعود أمريكا الإمبريالية ومخططاتها العدائية تجاه القلعة الصامدة سوريا ، وإذا بنا أمام إعلام رسمي قديم جديد ومسيرات واعتصامات ضد أمريكا أكثر حتى مما عايشنا خلال الفترة الممتدة حتى بداية التسعينات ، والتي لو كان لمثل هذه الطريقة أن تحقق شيئاً لما كان العراق على ما هو عليه ، لقد أُخرج في عراقنا الذبيح قبل احتلاله الملايين على امتداد رقعته وعلى مدى أيام وأسابيع ، وكان هناك جيش القدس الذي وصل تعداده إلى خمسة ملايين من المتطوعين حسبما كنا نرى ونسمع ، وبالإضافة إلى كل ذلك كان الجيش النظامي الذي فاق بعدده المليون ، فما هي النتيجة إنها ليست بحاجة لأي شرح أو توضيح فبكل بساطة لا يمكن لشعب مقهور ومسحوق ومقيد بقوانين طوارئ وأحكام ومحاكم استثنائية ومغلوب على أمره أن يدافع عن ظلاّمه ومستعبديه بل ولن يكون لديه القدرة للدفاع حتى عن نفسه !!! .

وبالتالي فأي عقل يجب علينا أن تضمه رؤوسنا بحيث تكون له القدرة على المناورة السريعة والإمكانية على التكيف والتأقلم مع نتائج سياسات وممارسات لاعقلانية و على حساب المصالح الوطنية و بحيث نكون منفعلين ومفعول بهم وليس فاعلين وإنما تبعاً لما تحدده لنا ممارسات الأنظمة وتقرير متى نحب ومتى نكره وكيف نعبر عن هذا الحب أو هذا الكره ، لأنه وبكل ببساطة ليس من حقنا أن نحب أو نكره إلا بقرار .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ