ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 01/11/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محاكمة المجرمين ....

لماذا الدجيل فقط؟

أمير أوغلو / الدانمارك

Amirs05@hotmail.com

أنفقت أمريكا إلى الآن ما يزيد عن 75 مليون دولارا على محاكمة صدام، وجمعت وراجعت ما يزيد عن مائتي ألف ورقة ووثيقة وملف سري، وبحثت وكشفت عشرات المقابر الجماعية في سبيل إظهار الوجه الديمقراطي الحر للولايات المتحدة وتوابعها في العراق، يضاف إلى هذا تكاليف حراسة صدام وتنقلاته وتأمين القضاة ومحامي الإدعاء وتأمين المحكمة ومكان انعقادها إلى آخر المهمات الأمنية المرتبطة بالمحاكمة. سمعنا أيضا أن هناك ما يزيد عن ثلاثمائة تهمة كان يمكن أن توجه لصدام أختصرت في النهاية إلى إثنتي عشرة تهمة رئيسية، ولكننا فوجئنا يوم المحكمة التي حُشرت لها كل طاقات الإعلام الغربي والأمريكي وتوابعهما العربية بأن التهمة الوحيدة التي سيحاكم عليها صدام هي جريمة قرية الدجيل التي راح ضحيتها مايزيد عن مائة مواطن عراقي بريء. أشارت المصادر المقربة من الحكم  والمحكمة أن هذه التهمة وحدها تكفي، في حال ثبوتها، لإعدام صدام والتخلص من هذا الملف المزعج لأمريكا ولنوابها في العراق.

لماذا اختيرت جريمة الدجيل من بين مئات الجرائم التي اتهم بها صدام؟ ولماذا لا تذكر كل الجرائم ويحاكم عليها في نفس الوقت كما حصل مع الكثيرين من مجرمي الحرب السابقين منذ محاكمات نورنبرغ الشهيرة؟ (بالمناسبة وقتت المحكمة ليكون تاريخها تماما في الذكرى الستين لمحاكمات نورنبرغ. هل هذه عبقرية الجعفري التاريخية أم طالباني) ماهي  خصوصية هذه الحادثة؟ ولماذا هذا التركيز الشديد عليها؟

الحادثة كما ظهرت على شاشات التلفاز هي محاولة اغتيال فاشلة قام بها أفراد من حزب الدعوة الشيعي أثناء زيارة الرئيس لقرية الدجيل أي أنها قضية شخصية تماما وانتقام شخصي من صدام تجاه مجموعة حاولت اغتياله قام من خلالها الرئيس السابق بإعدام مجموعة كبيرة بقصد إرهاب الناس وبحجة مشاركتهم في المؤامرة، تماما كما فعل أو كان سيفعل أي حاكم عربي أو دكتاتور آخر في أي مكان من العالم. ولا ننسى هنا عدد ضحايا محاولة إغتيال عبد الناصر في المنشية، ولا عدد ضحايا محاولة إغتيال حافظ الأسد عام 81، ولا عدد ضحايا محاولة إغتيال مبارك في السودان ولا غيرها من محاولات الإغتيال العالمية لحكام آخرين.

الحقيقة إن إنفاق أمريكا لكل هذه المبالغ في سبيل محاكمة صدام كان الغرض منه احتواء هذه المحاكمة تاريخيا وسياسيا فصدام حكم دولة عربية رئيسية لمدة تزيد عن عشرين سنة، وعنده الكثير من المعلومات والأسرار التي لا ولن يُسمح بخروجها للعلن. إختيار هذه الجريمة من بين كل الجرائم واحتمال الإكتفاء بها لإصدار حكم الإعدام لا يدل إلا على محاولة إخفاء الجرائم الأخرى بقصد إخفاء كل أثر لكل من له علاقة بها. جرائم صدام الأخرى له فيها شركاء دوليون وعرب على  مستوى ملوك ورؤساء وأمراء لذلك لا حاجة لفتح ملفاتها وعلينا الإكتفاء بهذه الحادثة التي لم تثر بالمناسبة عند حصولها أي اهتمام من أي جهة أجنبية ولا عربية ولم يغضب لها مسؤول سياسي واحد لا في الشرق ولا في الغرب فماذا تغير الآن؟ جرائم صدام الأخرى قد تظهر فيها أسماء ممنوعة من دخول المحاكم أصلا مثل رامسفيلد، بوش الأب، بوش الإبن، ملوك النفط في العالم، ملوك إنكلترا ورؤساء فرنسا، أمراء وملوك الأردن والخليج، إلى آخر القائمة البيضاء التي لم يحن وقت تحولها إلى قائمة سوداء بعد.

إن الذين يظنون أن أمريكا تنفق كل هذه الأموال وتتكلف كل هذه التكاليف من أجل سواد عيونهم أو عمائمهم هم حمقى ومغفلون، والذين يظنون أن أمريكا التي دعمت صدام عشرين سنة تريد الآن التخلص منه انتقاما لقتلى حلبجة والبصرة هم ممن سيغضب الحمقى والمغفلون إذا أدخلناهم في زمرتهم.

على أية حال تبقى هذه المحكمة على هزالتها وعلى سخافتها ورغم كل الأسباب الحقيقية الكامنة ورائها، مقدمة لمحاكمات أخرى للكثير من حكام المنطقة وحكام العالم المتحضر، وهي نموذج قد يكون مازال في طور الطفولة لمحاكمات نتمنى أن نرى فيها الكثير ممن يجلسون على كراسي شبيهة بكرسي صدام السابق، وأولهم المجرم الذي قتل منذ أسبوع في يوم واحد فقط ثلاثة وعشرين طفلا عراقيا في قصف عشوائي على الإرهابيين المزعومين الذين يتحولون بقدرة قادر في كل مرة يُقصفون بها إلى أطفال ونساء وعجائز وشيوخ. هذا المجرم الذي أعطى الأوامر باحتلال العراق تماما كما أعطى صدام الأوامر باحتلال الكويت، المجرم الذي خالف كل القوانين الدولية عام 2003 تماما كما خالف صدام كل القوانين الدولية عام 91، المجرم الذي صار في رصيده مائة ألف مدني عراقي قتيل تماما كالمائة ألف عراقي المدفونين في القبور الجماعية، المجرم الذي وصل رصيده ورصيد أسلافه إلى مليون طفل عراقي قتيل أثناء الحصار تماما كما وصل رصيد صدام في حربه ضد إيران أو في غيرها من الحروب التي قادها صدام، المجرم الذي يقوده الخيال الديني القومي المهووس تماما كما قاد هذا الخيال نفسه الرجل القابع الآن أمام المحكمة.

المراد من هذه المحكمة وكل المحاكم القادمة في بلاد العرب إقناعنا بأن الديمقراطية والحرية قادمتان على متن الطائرات الأمريكية، وما هذه الصواريخ التي تقتل الأطفال الأبرياء وتدمر البيوت العراقية والأفغانية على رؤوس أصحابها إلا مقدمات ومبشرات وإرهاصات الديمقراطية والحرية الأمريكية، (فللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق). ومن لا يسيح دمه بآلة القتل الأمريكية لن يفهم معنى الحرية ولن يستطيع تذوقها. تماما كما لم يفهم العربي معنى الحرية والإشتراكية إلا في سجون القمع العربي الممتدة من الخليج إلى المحيط. هذه هي مدارس الحرية والعدالة الجديدة في القرن العشرين والواحد والعشرين فلا تتأخروا في الإنتساب إليها لئلا يطول بحثكم عن الحرية والعدالة في هذا العالم الحر.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ