ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 27/10/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نعم لإعلان دمشق :

أما آن للنظام السوري أن يغادر السفينة قبل الغرق؟

لؤي عبد الباقي

في عام 1996 بدأت المظاهرات الطلابية في اندونيسيا بالخروج إلى الشارع ضد نظام سوهارتو الشمولي الذي حكم البلاد لمدة اثنين وثلاثين عاما قبل أن يسقط في عام 1998. وكانت تتلخص مطالب المتظاهرين آنذاك بالإصلاحات السياسية والديمقراطية. وعندما اشتدت الأزمة الاقتصادية الخانقة في جنوب شرق آسيا، بدأ سدنة النظام يفقدون الثقة بقدرته على الصمود أمام تلك الأزمة الخانقة، فما كان أمام مؤيدي سوهارتو السابقين إلا أن يغادروا السفينة التي بدت أنها غارقة لا محالة. وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير حين وقفت النخب العسكرية مترددة في تنفيذ أوامر الرئيس بقمع المتظاهرين، تحسبا لما قد يحصل فيما لو فشلوا في إنقاذ النظام بعد التورط في المزيد من القمع.

وهكذا وجد سوهارتو نفسه أمام خيارين أحلاهما مر: فإما أن يبقى متمسكاً بموقعه في السفينة الغارقة بعد أن بدأ الجرذان يغادرونها، وإما الاستقالة والتنحي عن دفة القيادة لأصحاب السفينة الذين وحدهم يملكون القدرة على إنقاذها بتوافقهم الوطني وتعاونهم الجماعي. وقد كان خيار سوهارتو، ولأول مرة في حياته السياسية، حكيما حينما قرر الاستقالة فاتحا الباب أمام الوطن للسير على الطريق الديمقراطي التوافقي، فقامت النخب السياسية المعارضة بالمضي قدما في إخراج البلاد من مأزقها، وما زالت حتى اليوم تضرب المثل للدول الإسلامية في العمل السياسي السلمي والتوافقي، حيث تتنافس التيارات والأحزاب السياسية الإسلامية والقومية والليبرالية، بشكل سلمي، في الانتخابات التشريعية والرئاسية، ويقبلون نتائجها دون غضاضة، فيتسلم كل موقعه في المجالس التمثيلية والمؤسسات التنفيذية حسب تمثيله النسبي وقاعدته الشعبية.

فأين حكام العرب وشعوبهم من هذه النماذج الحية وهذه الخيارات الوطنية التاريخية؟

لقد وقف صدام متمسكا بموقعه هو وسدنة نظامه حتى غرقوا جميعاً وأغرقوا البلاد في دوامة لا يعلم نهايتها إلا الله!

وها هو النظام السوري اليوم يخرج الطلاب إلى الشوارع ليقول للعالم أن شعبنا يدفعنا لمواجهة المجتمع الدولي بأسره، وكأنه اتخذ قرار صدام، وعزم على المضي على نهجه حتى النهاية!

إن حال النخب والأحزاب السياسية المعارضة في سوريا، ومعها منظمات المجتمع المدني، لا يختلف عما كانت عليه المعارضة السياسية في اندونيسيا، من حيث نهجها المعتدل ووعيها السياسي وتفهمها لخطورة الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد، بالإضافة إلى ضعفها في مواجهة النظام الأمني المستبد. فسقوط نظام سوهارتو الشمولي لم يكن بسبب قوة المعارضة السياسية التي عمل على تهميشها وفصلها عن القواعد الشعبية لمدة اثنين وثلاثين عاما، تماما كما يفعل النظام السوري. بل إن السقوط، كما يجمع المحللون السياسيون، كان بسبب الأزمة التي مرت بها البلاد، وبسبب موقف النخب الحاكمة التي رأت آنذاك أن سلامتها وسلامة البلاد تتطلب قرارا حكيما في لحظة تاريخية حاسمة.

واليوم هنالك فرصة ذهبية، وربما أخيرة، أمام النظام السوري لكي يتخذ القرار التاريخي الحاسم، فيستجيب لنداءات المعارضة السياسية التي برهنت المرة تلو الأخرى، وبكافة أطيافها الإسلامية والقومية واليسارية؛ عربية وكردية، عن اعتدال مواقفها، وعمق تحليلها وفهمها لتعقيدات الواقع المستجد، حيث أجمعت منذ البداية على أن الحل السياسي الوطني هو المخرج الوحيد للبلاد من أزمتها الخانقة، فدعت مرارا وتكرارا إلى عقد مؤتمر وطني شامل، لا يستثني أحدا، تتلاحم فيه جميع القوى الوطنية والسياسية، فتحشد الطاقات المبعثرة، وتنعش الآمال المختنقة، وتمسك بدفة السفينة التي تتلاطمها الأمواج في هذه العاصفة الهوجاء لتسير بها إلى بر الأمان.

لقد كان "إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي" خطوة شجاعة على الطريق الشاق الذي مازالت المعارضة الوطنية في سوريا تسلكه بصبر ومصابرة. لقد عبر الإعلان بوضوح وشجاعة عن أن المخرج الوحيد من الأزمة الخانقة " يتطلب تعبئة جميع طاقات سورية الوطن والشعب ، في مهمة تغيير إنقاذية ، تخرج البلاد من صيغة الدولة الأمنية إلى صيغة الدولة السياسية"، مشيراً بكل وضوح لا تطرف فيه إلى أن التغيير المطروح "يجب أن يكون سلمياً ومتدرجاً ومبنياً على التوافق ، وقائماً على الحوار والاعتراف بالآخر"، كما أكد على "نبذ الفكر الشمولي والقطع مع جميع المشاريع الإقصائية والوصائية والاستئصالية" ليقطع الطريق أمام أية تكهنات قد تثير التخوف من هذه المبادرة الوطنية الحكيمة.

إن هذا الإعلان ولاشك خطوة مباركة، على طريق التوافق والإجماع الوطني، وهو يمهد لانعقاد المؤتمر الوطني الشامل الكفيل بإخراج الوطن من محنته المزمنة، وهو يفتح الباب واسعا أمام التغيير الديمقراطيّ السلميّ، فعلى كافّة القوى السياسية والشخصيات الوطنية، في الداخل والخارج، أن تتخذ القرار الوطني في الانضمام إلى هذا الإعلان التاريخيّ، لإعادة بناء اللحمة الوطنية وبناء الإجماع السياسي المطلوب.

إنه باختصار تعاهد صريح وشجاع "على العمل من أجل إنهاء مرحلة الاستبداد" وتكفل بالاستعداد "لتقديم التضحيات الضرورية من أجل ذلك"، فهل يستمع هذا النظام الذي يسير بالبلاد نحو الغرق إلى هذه الأصوات الوطنية الحرة، ويستجيب لمتطلبات المرحلة التاريخية الحاسمة فيتخذ القرار الحكيم ويسلم دفة القيادة لأصحابها الشرعيين من أبناء الوطن ليقرروا بإرادتهم الحرة مستقبل أبنائهم؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ