ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 17/09/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


القَبض لِحسابهم ..

والدَفع مِن حِساب بلدانِهم ، أو أحزابِهم!     

عبد الله القحطاني

عادَة قديمة .. بل رّبما كانت سنّة لدَى بعض الناس .. وربّما كانت فلسفةً متكاملةً، لدَى بعضهم الآخر ..!

أ-يمارسها الحكّام مع بعض أبناء شعوبهم : يَدفعون لهم أموالاً، تحت مسمّيات شتّى.. (إكراميّات ..هدايا.. إقطاعات .. عَلاوات ..تَرقيات ..!)

يَدفعون الأموال لجيوب هؤلاء ، ليَـقبضوا منهم أشياء أخرى أهمّ من الأموال ..هي "المَوقِف" ، أو " الولاء" ،أو " البَصمة: الموافَقة على رأي الحاكم "! وبمعنى آخر ، وبالعربي الفصيح ، وباللغة الدارجة :

 (إنّهم يشترونهم ..يشترون مواقفَهم ، وقرارتِهم ، وذممَهم ..!)

وربّما كان ( المشترَى ) أو ( المطلوب شراؤه) سياسيّاً بارزاً ، أوعالِماً مشهوراً،أو كاتباً ، أو أديباً ، أو إعلاميّاً ، أو عسكريّاً ، أو موظّفاً، أو زعيماً قبَـليّاً ، أو وَجيهاً في حيّ أو قبيلة ..!

ب_ ويمارسها بعض قادة الأحزاب وأعوانهم ، مع بعض عناصر أحزابهم ، لشراء ولاءاتهم ومواقفهم ..!

ج- ويمارسها بعض زعماء القبائل ، مع بعض العناصر من قبائلهم ..

د- ويمارسها بعض كبار الموظّفين ، في المؤسسات العامّة والخاصّة ، مع بعض الموظّفين الآخرين ، في مؤسساتهم ..!

هـ- وأخطر عمليّات الشراء ، هي عمليّات شراءِ الحكّام أنفسِهم ، مِن قِبل بعض القوَى المتنفّذة ، داخلَ الدولة أو خارجَها ..!

فالشركات العملاقة ، و" اللوبيّات " المتنفّذة داخلَ دولة مثل الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، تَدفع أموالاً طائلة في أثناء الحملات الانتخابيّة ، التشريعيّة والرئاسيّة ، لإنجاح أشخاص تَضمن ( مواقفَهم ) و ( قرارتِهم ) لمصلحتها ، بعد أن يصلوا إلى مواقع المسؤوليّة..

والدول القويّة ، تَدعم ساسةً من أبناء الدول الفقيرة أو المتخلفة ، وتوصِلهم إلى مواقع المسؤوليّة في بلادهم ، ليَرهنوا لها قراراتِ دولِهم ، ويُسيّروا سياساتِ بلدانهم ، في الاتّجاه الذي يخدم مصلحة الدولة التي تدعم الحاكم ، ( سياسيّاً..ماليّاً.. عسكريّاً.. أمنيّاً..)، فيقبض الحاكم لحسابه ، ويدفع من حساب وطنه وشعبه ..!

والذين يرفضون بيعَ ( قراراتِهم .. مواقفَهم .. ذِممَهم ..) مَصيرُهم – بالطبع – الاستِبعادُ ، والتهميش ، وربّما التضييق والمحاصَرة والمحارَبة ..!

ز- والدارِج المألوف لدَى الذين يَشترون : " اخْدِمْنا ، واقْبضْ الثَمن .. وإلاّ أتَينا بغيرِك ، وأضعتَ على نفسك الفرصةَ الذهبيّة .." . كما أنّ الدارج المألوف لدَى الذين يَبيعون : " إذا لمْ أبِعْ انا باعَ غَيري ، فربحَ وخَسرتُ .. فلمَ لا أسبِق الآخرين وأغتَنم الفرصة !؟ "

(ولن أضرب أمثلة.. فالأوطان التي بيعَت للغرباء ـ عَبرَ حكّامهاالمشتَرَين ـ كثيرة ..ومن ,  مَظاهِر البيع البارزة والمألوفة:رَهن قرار الدولة للقوى الأجنبيّة.. والتخلّي عن منطقة أو مناطقَ من أرض الوطن للأجانب ، في حروب شكليّة أو صفقات مريبة..!          والأحزابُ التي بيعَت ـ عَبرَ زعمائِها المشترَين ـ للسلطاتِ الحاكمة في بلادها، كثيرة..!ومِن أبرزِ عمليّات البيع، رَهن قرار الحزب، للسلطة الحاكمة في الدولة..!).   

ح- العناصر الرافضة المحتملة :

1- المتديّنون: الذين يَرون في أفكارهم ومواقفهم ، أماناتٍ لا يَحلّ لهم بيعُها ، أو التَفريط بها ..ـ وهذا بحسَب الأصل .. وإن كان ثمّة أناس من هؤلاء، لديهم شيء من قلّة الدين،  أو قلّة الوعي، أو من قلّة الإثنين معا ـ فهم يفضّلون الحاجةَ والعَوز ، على مالٍ يقدّم لهم بصفةٍ مشروطةٍ ، أو يمكن أن يَستغلّه دافعوه لاحقاً ، في طلبِ تقديمِ تنازلاتٍ مِن ( قابِضه ) .. بصورة مباشرة، أو غير مباشرة . (وبالطبع، يمكن أن يكون الثمن المدفوع ، مقابلَ الموقف ، مَنصباً ، أو دَعماً سياسياً ، أو عسكريّاً ! ).

2- أصحاب المروءات والأخلاق الرفيعة : الذين تَأبى عليهم مروءاتُهم قبضَ أثمان( ماليّة أوغير ماليّة) ، مقابلَ التنازل عن مواقفهم أو أفكارهم ..

وقد يَجدون في إكرام الآخرين لهم عبئاً ثقيلاً على نفوسهم ، لا يستطيعون التخّفَف منه إلاّ بِردّه ، من خلال التنازل عن مواقفهم أو أفكارهم ..!

وربّما تمثّل بعضُهم ببيت المتنبّي :

إذا أنتَ أكرمتَ الكريمَ ملكتَه    وإن أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تَمرّدا

فلا يستطيع الواحد من هؤلاء ، أن يكون (مَملوكاً) لصاحبِ فَضل ، كما لا يستطيع أن يكون (لئيماً) ، فيقابل الفضلَ بمواقفَ مخالِفةٍ – فِكريّاً أو مَبدئيّاً – لصاحبِ الفضلِ!(الذي يأمل ـ سَذاجَةً.. أو حِنكَةً ـ أن يَرى فضلَه، قد قوبِل بالفضل الذي كان يرجوه مِن المتفَضَّـل عليه..!)  لِذا يرفضون الفضل ابتداءً ..

ومعروفة قصّة العالم الذي مَرّ من أمامه أحد الحكّام في المسجد ، وكان العالِم مادّاً رجلَه ، فلمْ يكفّ رجله احتراماً للحاكم ، الذي غضِب منه ، وأراد أن يُذلّه ، فبَعث إليه بمالٍ، رفضَ العالم أخْذَه ، وقال لحامله: قلْ لمولاك : مَن يَمدّ رِجله لا يمدّ يدَه . فقال الحاكم : صدَقَ .. ولَو مدّ يدَه لقطعتُها ..!

ط ـ ويَبقى سؤال: إذا كان ثمّة رجال من ذَوي الفضل والمروءة ـ سَواء اكانوا حكّاماً، أم وجهاء ، أم أثرياء ـ ، يَبذلون أموالَهم، كَرماً، أو ابتغاءً لمرضاةِ الله ـ ابتداءً ـ دون أن يُطلَب منهم ذلك .. فهل يَحقّ لهم أن يَطلبوا، ـ أويأملوا ـ من الآخَرين (المتَـفَضّـل عليهم!) ردَّ الجميل ، على شكل (مَواقفَ، أو موافقاتٍ، أوقرارات..) مستَشهدينَ ـ إذا كانو مسلِمين ـ بالآية الكريمة: " هلْ جَزاءُ الإحسانِ إلاّ الإحسانُ "!؟ أمْ أنّ هذا يختلف باختلاف الرجال ، من حيثُ كرمُ النفسِ، وسموّ الطبع.. ومن حيثُ الوعيُ، والقدرةُ على التمييز، بين المال الذي هو سِلعة ماديّة، ينفقها المرء من جَيبه ، أو يَردّها من جَيبه.. وبين المواقف والآراء والأفكار، النابعةِ من القيَم والمبادئ ، والمرتبطةِ بها، والتي هي ـ في الأعمّ الأغلَب ..وبحسَبِ الأصل ـ متعلّقة بالشأن العامّ..وهي ، بالتالي ، ملكٌ للأمّةِ، أوالشعبِ ، أو الوطنِ ، أو الحزبِ ، أو القبيلةِ!؟

 ويتفرّع عن هذا السؤال سؤال آخر، متعلّق بمَن يَقبل المالَ الذي يتفضّل به الآخرون عليه،  ـ سواء أكان ذا مواقفَ وآراء يأنَف أن يفرّط بها، أم لمْ تكن لدَيه إلا عزّة نفسِه ـ والسؤال هو:

 إذا كان بعضُ ذَوي الفضل يَحفظون بيتَ الشِعر:

  أحْسِنْ إلى الناسِ تَستَعبِدْ قلوبَهمُ      فَطالَما استَعبَدَ الإنسانَ إحْسانُ

 أفَلا يَجدر به ـ أيْ: مَن يَقبل فَضلَ الآخرين ـ  أن يَحفظ بيتَ الشِعر الآخَر:

وأَسْتَفّ تُربَ الأرضِ كَيلا يَرى لَه   عَلَيّ مِن الطَولِ امرُؤٌ متَطَوّ لُ !؟

   كما يَبرز هنا سؤال آخَر وأخير، هو:

    ماالحلّ العمليّ والمجدي ، لمشكلة العاملين في الشأن العام ، الذين تَفرض عليهم الحاجة الماديّة واحداً من خيارَين صعبَين : *الأول: قَبولُ مساعداتِ الآخرِين ، مع احتمال التفريط باستقلاليّة القرار والموقف ـ مباشَرةً أوغيرَ مباشَرةٍ ..على المَدى القريب أو البعيد ـ!؟

 *التخلّي عن العمل في الشأن العام ، والبحثُ عن الكفايةِ الماديّة ، في مجالات العمل الخاصّ..!

(والحديث هنا هو عن الرشوة السياسية ، أي رشوة الساسةِ والمسيّسين ـ حكّاماً كانوا أم محكومين.. في السلطة أو في المعارَضة ـ لاعن الرشوة العاديّة، رشوة الموظّفين العامّين ، من العاملين في السلطة التنفيذيّة ،أو القضائيّة أو سواهما..فهذه الرشوة الأخيرة، تتعلّق بمصالح أفراد ـ أشخاصٍ عاديّين، أو مجموعاتٍ بَشريّةٍ ، أوشركات خاصّة، أونحو ذلك.. يراد تحقيقُها على حساب أفراد آخرين ، أومجموعات أخرى من االبشر، أوشركات أومؤسّسات خاصّة، أو نحو ذلك.. أو يراد تحقيقها على حساب المصلحة العامّة، اقتصاديّةً كانت ، أم إداريّة أم نحوَ ذلك..!)

والجواب هنا من شقين:

*الأول: يتعلّق بالعناصر المستعدّة للبيع ، بيع الذمَم والمواقف والقرارات ،، سواء أكانت بحاجة إلى المال ، أم كانت من ذوي الثروات الطائلة..وهذه العناصر لامشكلةَ لديها ألبتّة؛ إذ حَسمت خياراتها ـ ابتداءً ـ وروّضَت عقولَها وضمائرها على بيع كلّ شيء، مقابلَ نفع مادّي ـ مالٍ ، أو منصب ، أو نحوِ ذلك..!

وهذه لاشيءَ يَردعها، سوى القوانين الصارمة، والعقوبات الصارمة بحق المخالفين، لاستئصالهم، ورَدعِ أمثالِهم.. بِما يَرون مِن مَصائرهم..!

*الثاني: يتعلق بالمتديّنين غيرِ المزيّفين ، الذين جَمعوا إلى صحّة التديّن ، الوعيَ الجيّد، والخلق الرفيع..كما يتعلّق بأصحاب المروءات غيرِالزائفة، والمباديء التي يؤمن بها أصحابها بقوّة ، ويَدعمون إيمانَهم بخلق إنسانيّ نَبيل..

وهؤلاء وأولئك ، لابَديل أمامَ الجهات التي تحمّلهم مسؤولياتِ العمل العامّ، سوى أن تكفيَهم ماديّاً من صندوق المال العامّ، سواء أكان صندوقَ دولة، أم صندوق حزب، أم صندوق قبيلة يتَولّون مسؤوليّةً عامّة فيها..! فهذا، وحدَه، الذي يخرجهم من مأزقِ المفاضلَة بين البديلَين السيّئَين المتقدّم ذِكرهما(وهما:  قبول مساعدات الآخَرينَ تحتَ ضغطِ الحاجة.. أو تَركُ العمل العامّ والبحثُ عن الكِفاية الماديّة في ميادين العمل الخاصّ..! ). وإلاّ ضاعت الأمانات، أمانات الدول والأحزاب وسائرالهيئات الاجتماعيّة، التي تَحرص على أن تكون لها قرارات مستقلّة، تحافظ عليها من عبَثِ السماسرة والمرتَشين وضعاف الأخلاق، مِن أتباعها والمحسوبين عليها، مِن تلك النماذج التي أضاعت أمَماً ودولاً وشعوباً وقبائلَ وأحزاباً.. على مرّ العصور..!

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ