ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 06/09/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الدور الأمريكي

في إنهاء القضية الفلسطينية

د. محمد الغزي

تأمل الإدارة الأمريكية أن يؤدي انسحاب قوات الاحتلال من غزة وتفكيك المستوطنات اليهودية إلى إحياء "خارطة الطريق" لتحقيق رؤية بوش في إقامة دولة فلسطينية وظيفية مسالمة تعيش بجانب الدولة العبرية، ويُوكل إليها مهام أمنية محددة.  وتستمر الإدارة الأمريكية في القيام بدور حساس في تقديم ضمانات لشارون بضم المستوطنات اليهودية في الضفة، وحفظ أمنها، وكذلك إعادة ترتيب الوضع الأمني والسياسي الفلسطيني بما يتناسب مع هذه الضمانات.

وقد عبر بوش بنفسه عن الدور القذر الذي سوف تتكفل به إدارته ومبعوثيه إلى المنطقة، فقد قال "إن تفكيك المنظمات الإرهابية عملية لا يمكن أن تتم إلا بتجريد الإرهابيين من السلاح وعزلهم" في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية والمقاومين الذين دحروا الاحتلال، وأشار إلى أنه لهذا السبب من المهم للولايات المتحدة كشريك ناشط في عملية السلام "أن تشجع على تشكيل قوات أمن تعمل على هزيمة الإرهاب بالأسلوب الذي تدعو إليه خريطة الطريق".

ولهذا الغرض عينت كندوليزا رايس في فبراير 2005م الجنرال وليام وورد منسقا خاصا لمساعدة الفلسطينيين في المجال الأمني، ومسؤوليته هي المساعدة في تنسيق مبادرات الدول التي تريد المساهمة في تدريب وتزويد وإصلاح القوى الأمنية الفلسطينية، وسوف يعمل على توحيد الأجهزة الأمنية والاستخبارية الفلسطينية في ثلاث أجهزه رئيسيه ومتابعتها وتقييم أدائها علي الأرض، وتقويه خطوط الاتصال مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتشكيل مجموعة تنسيق أمنية بقياده أميركية.

واستمرار المقاومة أو إنهائها هو موضوع الساعة الذي استحوذ على تفكير العديد من الكتاب والمراقبين السياسيين بالإضافة إلى الشارع الفلسطيني والعربي، وتبذل بعض الجهات الإعلامية التي تخدم الأهداف الأمريكية جهودا جبارة في محاولة يائسة لإقناع الجماهير العربية بأنه يجب على الشعب الفلسطيني أن يوقف مقاومته للاحتلال رغم هذا التأييد الكبير لاستمرار المقاومة الذي عبرت عنه الجماهير العربية من خلال الاستفتاءات والمقابلات، لهذا هناك حاجة ماسة لتناول الموضوع من أكثر من زاوية خاصة من زاوية طبيعة المشروع الصهيوني.

الانسحاب من غزة كان أمرا قاسيا لشارون حيث عبر عن ذلك ببكائه، لكنه برر الانسحاب وتفكيك المستوطنات بأنه يخدم أمن (إسرائيل)، ويمكن تفسير وجهة نظر شارون بقراءة ماهية المشروع الصهيوني وتحليل الظروف المحلية والإقليمية والدولية التي أدت إلى هذا الانسحاب.

المشروع الصهيوني هو مشروع ذو شقين: يهودي عبرت عنه الحركة الصهيونية التي تسعى إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، والشق الآخر هو إمبريالي استعماري يخدم أهداف الدول الغربية التي تسعى إلى تمزيق الأمة العربية، والحؤول دون قيام نهضة أو حضارة عربية إسلامية في المنطقة، والهيمنة على الشعوب العربية والسيطرة على مقدراتها.  وفي وقع الأمر فإن الشق الثاني يقوم على أساس استغلال وتسخير الشق الصهيوني لخدمة مصالح الدول الاستعمارية الإمبريالية الكبرى.

لذا فالمشروع الصهيوني هو يهودي الشكل إمبريالي المضمون اجتمعت فيه مصالح يهود العالم –المتمثل في الحركة الصهيونية– ومصالح الدول الاستعمارية الإمبريالية التي استغلت الحركة الصهيونية في تحقيق أهدافها.  ويعتمد تقدم هذا المشروع الغربي على مدى التقاء المصالح الصهيونية بالمصالح الغربية الاستعمارية، وهذه الشراكة هي التي تقود التوجهات الاستراتيجية لهذا المشروع، باستثناء هامش صغير مسموح به للخلاف بين تلك المصالح، ومرجع هذه الخلافات هو خصوصية كلا الطرفين اليهودي والغربي.

لذلك فعندما يشكل هذا المشروع عبئا على المصالح الأمريكية ويؤدي إلى تعريضها للمخاطر، ويعجز عن القيام بدوره الوظيفي وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة، تقوم هذه الدولة بالتخلي عن هذا المشروع وتحويل مساراته واستراتيجياته بما يتناسب مع مصالح الولايات المتحدة والغرب.

والظروف المحلية والإقليمية والدولية أدت إلى تحويل المشروع الصهيوني الغربي إلى محرقة جديدة للصهاينة على أرض فلسطين وعبئ كبير على الولايات المتحدة الأمريكية، فعلى الصعيد الفلسطيني أدت الانتفاضتان الفلسطينيتان وبروز المقاومة المسلحة ذات الطابع الإسلامي إلى تقهقر المشروع الصهيوني بعد إنهاك القوة العسكرية والاقتصادية للدولة العبرية تحت ضربات المقاومة الفلسطينية.  

وعلى الصعيد الإقليمي فقد فشلت الولايات المتحدة فشلا ذريعا في العراق ولم تعد قادرة على إعادة تشكيل وصياغة المنطقة العربية بشكل يتلاءم مع مصلحة (إسرائيل) ومصالحها، فالمقاومة العراقية المتنامية أدت إلى استنزفت القوة العسكرية الأمريكية وقصمت ظهر الاقتصاد الأمريكي.  فبفضل الله ثم الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة العراقية لم تعد (إسرائيل) تجرؤ على تنفيذ حلمها بطرد الفلسطينيين إلى الأردن فيما تسميه عملية الترانسفير، ولم تعد الولايات المتحدة قادرة على إنشاء وطن للفلسطينيين في الأردن بعد نقل النظام الملكي الأردني إلى العراق ليقيم مملكته هناك.

أما على الصعيد الدولي فقد تزايد التأييد الشعبي للقضية الفلسطينية العادلة في العالم خاصة في دول الاتحاد الأوروبي، وقد تفهمت كل شعوب العالم نضال الشعب الفلسطيني العادل من أجل تحرير أرضه واسترداد حقوقه.  وفي ذات الوقت ازداد العداء للحركة الصهيونية وللكيان الصهيوني باعتباره كيانا شريرا ينتهك الحقوق ولا يذعن لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، وبدأ هذا العداء يتجسد في دول الاتحاد الأوروبي على شكل مقاطعة نقابة الأكاديميين البريطانيين لجامعات إسرائيلية، ودعم مؤسسات أوروبية حقوقية وقانونية وأكاديمية للمؤسسات والجامعات الفلسطينية.

وبالفعل فقد عجزت (إسرائيل) عن القيام بمستلزمات المهام الموكلة إليها من تصدي لأي نهضة عربية وقمع ومحارة الشعوب العربية، ولم تعد قادرة على حفظ مصالح الولايات المتحدة فضلا عن حفظ أمنها ومصالحها الذاتية، وما يزيد الطين بلة بالنسبة لهذا الكيان الذي يحمل أسباب فنائه في ذاته أن الولايات المتحدة قد وقعت في مستنقع يتعذر عليها تجاوزه بسلام وهو المستنقع العراقي.

لقد ضعفت (إسرائيل) في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة الإسلامية والوطنية في فلسطين، وأصبحت تكلف الولايات المتحد أكثر مما يمكن أن تحتمله، وارتبط الفشل الأمريكي الذريع في العراق بالغضب الشعبي العربي والإسلامي الناتج عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والذي أدى إلى تحريك الشعوب نحو مقاومة مسلحة متنامية، وهو ما تسميه الولايات المتحدة "الإرهاب" الذي بات يهدد خصوصا المصالح النفطية للولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى الحضارة والثقافة الغربية ذاتها.

وقد تبين لإدارة بوش من خلال الدراسات السياسية والاستراتيجية ومن خلال نصائح السياسيين القدامى الأمريكيين والغربيين أن الاستمرار على هذا الحال في منطقة الشرق الأوسط سوف يؤدي بشكل حتمي إلى تهديد الأنظمة الموالية لها وتكوين أنظمة جديدة تهدد المصالح الأمنية والقومية للولايات المتحدة، وربما تؤدي إلى تهديد الهوية الثقافية والحضارة الغربية بسبب الدور الذي تعلبه الجاليات العربية الإسلامية في الغرب وخاصة في دول أوروبا الغربية.

من هذا المنطلق فقط يمكن فهم الدوافع التي أدت إلى قبول أشد المتطرفين في الكيان الصهيوني بتنازلات مؤلمة نتج عنها الانسحاب وتفكيك المستوطنات، ومن هذا المنطلق فقط يمكن فهم تبرير شارون لقبوله بتلك التنازلات المؤلمة بأنها تخدم أمن (إسرائيل).  ومن في هذا السياق فقط يمكن أن نفهم الدور الذي تؤديه المقاومة الفلسطينية والعربية في إنهاك الإمبريالية الأمريكية وبالتالي القضاء على المشروع الصهيوني الذي جعل من (إسرائيل) قاعدة عسكرية أمريكية.

وعند الحديث عن المقاومة فينبغي التمييز بين ثلاثة أمور؛ جمع السلاح، إنهاء المقاومة، حل الحركات والفصائل المقاومة.  وأعتقد أن هذه الأمور غير مرتبطة بالانسحاب بشكل مباشر ولكنها مرتبطة بخطة "خارطة الطريق" ورؤية الإدارة الأمريكية لإنهاء القضية الفلسطينية، فأما بالنسبة لجمع السلاح فقد كانت هناك محاولات كبيرة لتحقيقه قبل انسحاب جيش الاحتلال من غزة، فقد عرضت بعض قيادات الأجهزة العسكرية والأمنية دفع مبلغ محدد مقابل كل قطعة سلاح يتم تسليمها، لكن ذلك لم ينجح.

وأما بالنسبة للمقاومة المسلحة فقد كانت (ولازالت) هناك مطالبة فلسطينية رسمية بإنهاء المقاومة العسكرية خلال الانتفاضة قبل فترة الانسحاب، وأصبح التعبير "وقف عسكرة الانتفاضة" شعارا لمرحلة جديدة من المساومات والتنازلات الفلسطينية الرسمية.  وها هو بوش يطلب بشكل واضح بحل التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي دحرت الاحتلال.

المقاومة هي حق للشعب الفلسطيني والشعوب العربية وهي ليست اعتداء، وهي واجب شرعي وفرض علينا.  والدور الأمريكي يعمل على كسر شوكة المقاومة وإنهائها بتجريدها من سلاحها في الوقت الذي تقوم فيا الإدارات الأمريكية بتزويد الانفصاليين في جنوب السودان والمتمردين في دارفور والمستوطنين اليهود في فلسطين بشتى أنوع الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي، ولا نسمع أي مطالبة بتجريد المستوطنين اليهود من الأسلحة التي يستخدمونها في شن هجمات إرهابية على الفلسطينيين في الضفة والمناطق المحتلة عام 1948م والقطاع.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ