ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 23/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


التمييز المطلوب ..

والفصل المرفوض!

صبحي غندور*

تعيش الأمَّة العربية جملةً من الأحدث والقضايا يصعب الفصل بينها، وربّما يكون العرب الآن حالة نادرة بين شعوب العالم المعاصر من حيث تشابك القضايا والأحداث، واختلاف الأولويّات والاهتمامات لدى أبناء الأمّة الواحدة.

فلم تعد هناك قضية مركزيّة واحدة تشدّ اهتمام العرب جميعاً، كما كان الحال العربي قبل منتصف السبعينات من القرن الماضي، وأصبح لكلِّ بلد عربي قضيته الخاصّة التي تشغل شعبه وحكومته، رغم وجود عناوين مشتركة لهذه القضايا مثل: الإصلاح السياسي الداخلي، التخلّف الاجتماعي والركود الاقتصادي، تحدّي الأمن والاستقرار، الحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي المشترك، إضافةً طبعاً إلى وجود مشكلة الاحتلال بوجْهيه الإسرائيليّ القديم والأميركيّ الجديد.

وفي كلّ هذه القضايا والتحدّيات، هناك حاجة لمجموعة من المفاهيم والضوابط التي ترشد الحركة في معالجة ومواجهة أيٍّ منها. وقد يكون بمقدور الحركات السياسية العربية الناشطة الآن، أن تحقّق خطوات إيجابية أوسع لو وضعت باعتبارها لائحة "التمييز المطلوب" هذه:

أولاً: التمييز مطلوب لدى البعض في عملهم السياسي ما بين تغيير الحكومات وبين تفكيك الكيانات. فالخلط بين النظام والكيان هو خطر على الوطن كلّه.

ثانياً: التمييز بين الطائفية والمذهب، وبين الطائفية والمذهبية. فالحالة الأولى هي ظاهرة طبيعية إنسانية موجودة في أكثر من مجتمع يقوم على التعدّدية. أمّا الحالة الثانية، فهي ظاهرة مرَضيَة تؤدّي إلى تفكّك المجتمع وضعفه وانقسامه.

ثالثاً: التمييز بين الاعتزاز بالوطنية المحليّة، وبين الانعزاليّة الإقليمية التي لا تحقّق أمناً ولا تصنع وطناً قادراً على العيش في عصر العولمة.

رابعاً:      التمييز بين أسلوب المقاومة المشروع ضدّ جيش الاحتلال على الأرض المحتلّة، وبين أساليب العنف الإرهابية التي تستهدف الأبرياء والمدنيين ووحدة المجتمع.

خامساً: التمييز بين الانتماء القدَري للعروبة، وبين الحركات القومية السياسية. فالعروبة هي انتماء ثقافيّ مشترك بين العرب كلّهم، وهي هويّة حضارية لكلّ أبنائها، في حين أنّ الحركات القومية هي حركات سياسية لها مضامين فكرية وعقائدية (ربّما متصارعة فيما بينها) تماماً كحال الحركات السياسية الدينية.

سادساً:     التمييز ما بين قدسية الأديان، وبين إنسانية الفقهاء ورجال الدين والحركات السياسية التي تحمل أسماءً دينية. فلا يجوز تكفير الآخرين لمجرّد اختلافهم مع رأي فقيه أو عالم ديني أو حركة سياسية دينية.

سابعاً:      التمييز بين الدين والدولة (وليس فصل الدين عن الدولة)، وتحديد المرجعية في التشريع الدنيوي القانوني للمؤسسات الشعبية المنتخَبة.

***

في مقابل هذه اللائحة من "التمييز المطلوب"، فإنّ الحركات السياسية العربية معنيّة أيضاً بلائحة من "الفصل المرفوض" ..

أولاً:       عدم الفصل بين الحرّية السياسية والحرّية الاجتماعية، "بين لقمة العيش والبطاقة الانتخابية".

ثانياً:       عدم الفصل بين حرّية الوطن وحرّية المواطن. فالاستبداد الداخلي هو المسؤول عن القابليّة للاستعمار الخارجي.

ثالثاً:       عدم الفصل بين أهمّية الإصلاح الداخلي في كلّ بلد عربي وبين إصلاح العلاقات العربية/العربية من أجل تكامل الأقطار العربية واتحادها على أسس دستورية سليمة.

رابعاً:      عدم الفصل بين الأطروحات النظرية وبين أساليب العمل التطبيقية. فكثير من الحركات السياسية العربية تقول ما لا تفعل، وتفصل بين الفكر والممارسة.

خامساً:     عدم الفصل بين المنطلقات والغايات والأساليب. فكثيرون يصفون الواقع ويكتفون بالحديث عنه، ويحصرون فكرهم وأنفسهم في التعامل مع هذا الواقع فقط بدلاً من اعتباره منطلقاً من أجل التغيير وتحقيق مستقبل أفضل ..

وكثيرون يتحدّثون عن الغايات بمعزل عن الواقع، ويكتفون بوصف الحلول وكأنّها كلمات سحريّة سوف تتحقّق بمجرّد النطق بها ..

وآخرون كثيرون أيضاً استباحوا في أساليبهم ما يتناقض مع الشعارات والغايات التي يطرحونها، فاجتمع لديهم شرف الأهداف مع انتهازية الأساليب.

***

 لقد حاولت كلّ التيارات السياسية والفكرية التعامل، بطريقة مشتركة أو مجزّأة، مع التحدّيات والمشاكل التي تواجه الأمّة العربية، لكن بقيت المشاكل والتحدّيات رغم تعثّر أو فشل النظريات الفكرية والحركات السياسية ..

وقد يكون من المفيد إعداد مشروع فكري/سياسي عربي يقوم على:

• عروبة حضارية: عروبة لا تجد تناقضاً مع تاريخها الحضاري ومع دور الدين عموماً في الحياة العربية.

• عروبة وطنية: عروبة لا تجد تناقضاً مع تعدّدية الأوطان، بل تعمل لتكاملها وفق النموذج الأوروبي في الحدّ الأدنى، وبما يحفظ خصوصيات كلّ بلد عربي ويضمن حقوق اختيار الشعوب للصيَغ المناسبة لكلّ وطن.

• عروبة ديمقراطية: عروبة تقوم على الديمقراطية في نظام الحكم، وفي أساليب المعارضة، وفي العلاقات مع البلدان والمجتمعات الأخرى.

• عروبة عادلة: ترفض التمييز بين أبنائها على أساس جنس أو لون أو أصل عرقي أو منشأ وطني أو انتماء طائفي أو مذهبي. عروبة تساوي بين الناس (رجالاً ونساءً) بالحقوق والواجبات.

• عروبة لا عنفية: عروبة ترفض استخدام العنف لتحقيق دعوتها أو في علاقاتها مع الخارج. عروبة تميّز بين الحقِّ المشروع لأبناء أوطانها المحتلّة بالمقاومة ضدّ قوات الاحتلال، وبين باطل استخدام أسلوب العنف ضدّ غير المحتلّين أو خارج الأرض المحتلّة.

• عروبة مؤسساتية: تقوم على البناء السليم للمؤسسات العربية المشتركة، وعلى منظمات مدنية مبنيّة على أسلوب العمل الجماعي الخادم لهدف وجودها.

***

إنّ انطلاق الحركات السياسية العربية، بغضّ النظر عن عقائدها الفكرية ومواقعها العملية، من هذا المفهوم للعروبة، سيؤدّي مستقبلاً إلى تكامل الرؤى الإصلاحية الشاملة المرجوّة لدى العرب وبين البلاد العربية.

فلقد مضى أكثر من ربع قرن من الزمن على محاولات تفكيك هموم الأمَّة العربية وتفكيك شعوبها من أجل تفكيك كياناتها ونزع هُويّتها الثقافية العربية واستبدالها بهُويات أخرى..

لذلك، فإنّ التمييز الحاصل بين خصائص القضايا العربية المثارة الآن، ومسبّباتها وتداعياتها، لا يعني فصلاً بين هموم الأمَّة والآمال المشتركة بين شعوبها في حياة أفضل.

----------

*مدير "مركز الحوار" في واشنطن

alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ