ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 16/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نظرة إلى العقل العربي !.

الدكتور : نصر حسن

nsarhm05@yahoo.com

إن الواقع العربي اليوم في أزمة، أزمة مركبة سياسية اقتصادية اجتماعية نفسية، أي أنها أزمة معرفية فكرية بنيوية، ترتبط بالإرث المعرفي الفكري أولا ً، وبآلية عمل العقل العربي ثانيا ً،وبطريقة قراءة الواقع ثالثا ً،وعندما أقول العقل العربي،فإني أقصد العقل الجماعي للأمة العربية،علماً أنه من الثابت علميا ًأن العقل البشري بشكل عام له تركيب واحد وبنية واحدة،يختلف في آلية عمله بين هذه المجموعة البشرية أو تلك،بين هذه الأمة أو تلك،هذا الإختلاف مصدره أساسا ًهو اختلاف الوسط المادي الذي يتعامل معه،وطبيعة الذاكرة الثقافية لهذه الأمة أوتلك ،ولاأريد الخوض في المقارنة بين المدارس الفلسفية ،ونظرة هذا الفيلسوف أوذاك، للعقل وطبيعة عمله،لأن هذا ليس من اختصاصي، وليس هدفي،واستطرادا ًيمكن القول:بأن هناك عقل عربي وعقل أوربي وعقل صيني وعقل أمريكي ,أي أن خصائص وطبيعة النظام المعرفي الذي يغذي العقل،هو الذي يحدد خصائص الأمم والشعوب وثقافتها،فماهي خصائص العقل العربي؟.وأين هو الآن ؟.

بداية ًإني أطرح رأيا ً لفتح باب المناقشة والحوار في هذا الموضوع قناعة ًمني بأن العقل العربي والواقع العربي قد وصل حدا ًمخيفاً من التخلف ،وأن الفجوة أصبحت كبيرة ً جدا ًبينهما وبين العصر ،وإثباتا ً للوجود الفاعل في هذا العالم ولأن الأمم والشعوب الحية ،هي التي تحلل في مفاصل تاريخية حرجة  الواقع وتصل إلى تصحيح ما يجب تصحيحه للإستمرار في مسيرة الحياة ،وعلى هذا الأساس تستمر بعض الأمم في الوجود ، وتختفي أمما ً أخرى ، لهذا ولفهم الواقع العربي الآن ،وفهم الطور التاريخي الذي تمر به الأمة العربية ،لابد من دراسة وتحليل العقل العربي والمساهمة في تحديد ملامح أزمته ، وإعادته إلى رشده ، لأن الواقع يقول : إن العقل العربي خارج عن الرشد ! .

إن العقل العربي هو عقل مركب، لأن النظام الذي غذاه ويغذيه وبحكم نشأته التاريخية،نظام مركب أيضا ً،وعند تحليل العقل العربي الآن معرفيا ً، يمكن القول : أن النظام المعرفي الذي أسهم في تحديده، يمكن تسميته" سلسلة معرفية كمية " بمعنى أنها عملية تغذية غير منتظمة وغير مستمرة بعلاقتها مع الزمن، أي أنها موجودة في فترة معينة من التاريخ وغائبة كليا ً في فترة أخرى ،وهذا يعني أن هناك انقطاع معرفي في بعض الفترات الزمنية ،وأن عملية التغذية المعرفية متناقضة في كثير من الأحيان،وهذا أحد المحددات الأساسية التي طبعت العقل العربي بعدم الإستقرار المعرفي، وهنا لن أخوض في المئات من الكتب الفلسفية والفكرية حول هذا الموضوع ، ولكن سوف أحاول الدخول إلى العقل العربي من مدخلا ً آخر، أراه ضروريا ًعلني أستطيع وبمساعدة المهتمين والحريصين على حاضر ومستقبل هذه الأمة ,أن أتمكن من الدخول إلى حجرة هذا العقل وأتمكن من قراءة صفحاته كما هي, وتحليلها وإعادة ترتيبها بالشكل الذي يجعلها منسجمة مع الواقع وقادرة على الفعل والتطور!.

بداية ًإن المسافة الرمادية التي تفصل بين الهدف" الحلم"وبين"الواقع "هي التي تحدد التفاهم أوما يسمى حالة"التجاوب المعرفي" الذي يرسم الطريق الذي يسير عليه الفرد والأمة،وعند المقارنة بين" الواقع" المتخلف والحلم " النموذج " ،نجد أن الواقع يتناقض مع الحلم ، وما دام العقل العربي أسير المنطقة الفاصلة بين الواقع والحلم وتحجر فيها، وأصبحت منطقة عزل وليست منطقة اتصال،سيبقى هذا الإشكال الفكري والعقلي قائم ،إلى أن يصل التناقض حدا ً يصبح فيه أكبر من حدود هذه المنطقة ، وفي هذه النقطة الحرجة معرفيا ً ،التي يجب أن تتواصل العلاقة بينهما .

إن مسيرة الحياة والتطور مستقلة تماما ًعن عملية التفكير بها ،وبالتالي هي مستمرة مع الزمن، وأن الإنسان هو الذي يسقط وعيه وطريقة تفكيره على واقع معين بزمن معين،ولفهم ذلك ،لابد من تحديد صفات العقل العربي الآن ، فما هي هذه الصفات ؟.

1- العقل العربي عقل انعكاسي :بمعنى أنه يرفض مايسقط عليه ،وبشكل أبسط فإنه أشبه بالمرآة التي تعكس الضوء دون التفاعل معه ،وعمليا ً هذا يعني أنه ضعيف الصلة بالتطور .

2- العقل العربي عقل إرتدادي : إن عملية التفكير مرتبطة دائما ًبالواقع المادي ،وكلما كان الواقع المادي  يعاني من أزمات يعجز عن حلها العقل أو النظام المعرفي الموجود،كلما ارتفعت نسبة التفكير بغير المحسوس ، وعند مواجهة أزمة مادية معينة،ولا يستطيع العقل من تقديم حل ملموس لها ،يلجأ للإستعانة بحلول غيبية ، وهذا يعني الهروب والإرتداد ،أي الخروج من الواقع المادي الذي أفرز الأزمة ،إلى محيط آخر يتصوره  بشكل غير حسي ،ويضع حل غيبي لمشكلة مادية واقعية ،وهذا يفسر إلى حد كبير التناقض والإرتباك المعرفي والفكري في مواجهة الواقع .

3- العقل العربي عقل توافقي : بمعنى أنه عندما لايستطيع العقل حل مشكلة مادية تواجهه ،يلجأ إلى عملية مصالحة نفسية بين مشكلة مادية محسوسة ،وحل غيبي وهمي ،وهذا يعني التوافق ،أو بشكل أدق ترتيب المتناقضات ضمن تسلسل معرفي صوري معين مقبول منطقيا ً وعقليا ً ،وقد يكون في معظم الأحيان غير واقعيا ً ،وهذا يفسر إلى حد كبير بقبول الإنسان العربي بما لايريد ، ويتكلم عكس مايقصد ،ويستخدم الرمزية وعدم الوضوح الفكري ،وبمعنى واضح وشامل إستعداده لقبول الأمر الواقع ، وعدم محاولة تغييره طوعيا ًوذاتيا ً واعتباره قضاء ًوقدرا ً.

على خلاف العقل الأوربي ،الذي هو بدوره وقبل النهضة الأوربية ،نتاج واقع مأزوم ماديا ً وروحيا ً ،ولكن تم التعامل مع هذا الواقع بصدق فكري وتحليله وإيجاد الحل العملي للأزمة ،وليس الهروب خارج الأزمة ،تمت معالجة الأزمة بشكل حسي ملموس ،لأن الأزمة المادية لايمكن أن تحل إلا بأسلوب واقعي مادي ،وهذا يعني المواجهة بين العقل والواقع ،هذه المواجهة الصادقة هي التي أنتجت هذا البناء الفلسفي والفكري والحضاري والتكنولوجي الضخم ،الذي أسس لعصر النهضة الأوربية والتقدم الذي يشهده الغرب بشكل عام .

الأخطرمن ذلك من الناحية المعرفية و الفلسفية والنفسية أن العقل العربي وبالرغم من الفشل والإخفاق العام والمخيف،لايعترف بذلك،ويرجع سببه لعوامل خارجية ،وليس إلى سبب ذاتي،وإلى قصور معرفي عقلي،هذا الأمر الخطير الذي يبقي العقل العربي في الوهم والغيبوبة،ومادامت عملية تغذية العقل العربي(على مستوى الفرد والجماعة) تتم بواسطة الأوهام ،فإنه لن ينتج إلا َ أوهاما ًوبعدا ًعن الواقع،وفشلا ًيضاف إلى فشل،وسيبقى العقل العربي مستمرا ًبتوليد الأوهام،مادامت تغذيته بها مستمرة،وهذا مرتبط بشكل مباشر بالنظام السياسي القائم،وهنا يتحدد الدور الوظيفي الخطر للنظام السياسي العربي الرسمي في دوره السلبي،بإبقاء العقل العربي في حالة التناقض والإرتباك والعجز،والقبول بما يفرض عليه،وفي كثير من الأحيان لايعبر عن  قناعاته ,  فيلجأ إلى النفاق الفكري والعقائدي( أي تشويه معرفي) لتغطية عملية القبول الإضطراري بما لايريد، وهذا يفسر إلى حد ٍ كبير مقدرة الإنسان العربي على تحمل الظلم والقمع والبؤس والجوع أكثر من غيره من الشعوب،وإن مجموع هذه المترادفات التي تحطم الإرادة وتحبط النفس ، وتلغي عملية التفكير ،وتروض الإنسان وتفقده توازنه , وبالتالي تجعله جاهزا للقبول أو الألفة بين المريض والداء.

يبقى السؤال الذي يقلقني ويحيرني،والذي طالما فكرت وأفكر به طويلا ً,وهو إلى متى سيبقى الإنسان العربي يتحمل هذا الكم الهائل من الظلم والقمع والذل والجوع وامتهان الكرامة الإنسانية؟ ! و ما السبيل الذي يساعد هذا العقل، وبالتالي الإنسان العربي من الخروج من دائرة الوهم والإستكانة،إلى الواقعية والفعل الحضاري ؟!!!.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ