ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 14/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بوش قضى على القاعدة

وأنشأ مئة قاعدة

أمير أوغلو / الدانمارك

Amirs05@hotmail.com

لا يشك منصف أن السيد بوش قد استطاع توجيه ضربة قاضية أو شبه قاضية للقاعدة في أفغانستان بعد إسقاط نظام طالبان، وأنه ألجأها إلى الكهوف والمغاور، وأنه استطاع القبض على الكثيرين من أعضاء الصف الأول في التنظيم بمساعدة باكستان بالدرجة الأولى والدول العربية بالدرجة الثانية.

بقاء الشخصين الرئيسيين في القاعدة طليقين لا يعني هزيمة لبوش فهما محاصران لا يمكنهما سوى إصدار بعض البيانات والخطابات المتلفزة يوجهانها إلى الشعوب العربية بشكل خاص وإلى الحكومات المختلفة بشكل عام ولكنها  بيانات لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تفيد عمليا ولا يمكنها أن توجه أو تقود تنظيما يراد لنا أن نصدق بأنه على قدر من القوة والقدرة والإمكانيات يستطيع بها أن يضرب من يشاء متى يشاء.

المشكلة التي يواجهها بوش والأنظمة الغربية والعربية معه، أن القاعدة لم تعد موجودة كأشخاص مدربين ومعدين لتنفيذ عمليات في الشرق والغرب ولا كإمكانيات عسكرية أو إستخباراتية، فالجيل الذي تدرب في افغانستان صار عمره خمسة وثلاثين عاما على الأقل وهو جيل ترهل ولم  يعد قادرا على تنفيذ أية عمليات عسكرية، وهو بنفس الوقت عاجز عن تدريب كوادر جديدة لانعدام المكان والسلاح فلم يعد هناك أفغانستان ولا صومال ولا سودان والمكان الوحيد المتبقي هو العراق ولكنه لا يصلح للتدريب فالداخل إليه مفقود والخارج منه مولود، وهو تحت السيطرة الأمريكية كمكان وفضاء.

المشكلة أن القاعدة تحولت إلى شبح مرعب لا يمكن الإمساك به أو القضاء عليه بالأساليب التقليدية المتبعة حتى اليوم في هذه الحرب. القاعدة تحولت بكل بساطة إلى فكرة يلتقطها أي شخص ثم يقوم بأي عمل إرهابي أو جهادي أو استشهادي – سمه ماشئت – يخطر على باله، فإذا بالقصة تبدأ من  جديد وإذا بنا جميعا نعود إلى المربع الأول وكأنك يا أبا زيد ما غزيت على رأي المثل العربي. وإذا بنا بعد أن كان لدينا قاعدة واحدة صار لدينا مائة قاعدة. فكل إنسان في العالم يملك عود ثقاب يستطيع أن يشعل به حريقا في مكان ما من العالم صار هو بحد ذاته قاعدة جديدة.

يضاف إلى هذه المشكلة أن اسم القاعدة واسم الإرهاب الدولي، والمقصود طبعا هنا الإسلامي، صار مطية لكل أجهزة المخابرات في العالم،  فكل من أراد ضرب هدف أو عدو أو أي شيء يزعجه ألبس العمل لباس الإسلام وقام به وهو متأكد من أن الناس كلها لن تشك في أنهم رجال القاعدة طاروا من أفغانستان إلى أقصى مكان في العالم وضربوا وانسحبوا إلى قواعدهم سالمين أو هي الخلايا النائمة كما يسمونها استيقظت وتحركت وضربت ثم عادت إلى النوم الهادئ اللذيذ. ولا ننسى في هذا المجال أبو عدس في لبنان وأبو حمص في الأردن وأبو فول في مصر وهكذا إلى آخر السلسلة.

يؤكد يعض المراقبين الغربيين في هذا المجال أيضا أن كل الخلايا الصغيرة التي تشكتشف هي خلايا مخترقة، وأهدافها مدروسة بعناية شديدة وهذا يعطي المسألة بعدا آخر لسنا مجبرين على تصديقه ولكنه يستحق الإهتمام والمتابعة والملاحظة.

السعداء أيضا بهذه القصة هم الحكومات العربية والإعلام العربي فالإعلام يضمن المشاهدين ويضمن الإعلانات التي تدر الملايين في برامج المقابلات مع خبراء الإرهاب والمحللين السياسيين البارزين والذين يعرفون كل شيء عن القاعدة وابن لادن سوى مكانه الحالي، فهم يعرفون كيف يفكر وكيف يخطط وكيف يجند الناس وكيف يوصل الأسلحة النووية والجرثومية والعنقودية إلى أعضاء التنظيم في أستراليا وتايوان ولندن والرباط ويعرفون كيف يتصل بالعالم وما هي الشفرة السرية التي يبثها عبر رسائله في الجزيرة والعربية ويعرفون متى ينام ومتى يستيقظ ومتى يصلي منفردا ومتى يصلي في جماعة وهكذا تستمر القصص الشيقة وتستمر الإعلانات المدفوعة وترتفع نسب مشاهدة القنوات الإخبارية المتخصصة بهذه المواضيع.

أما الحكومات العربية فمخابراتها وحكامها لا يمكن أبدا أن يضيعوا فرصة كهذه، فكلما شعروا أن الشعب قريب من الإنفجار في بلدانهم وأن المعارضة قويت شوكتها نوعا ما أوعزوا إلى القاعدة المزعومة فضربت شيئا ما في بلادهم وفجرت برميل زبالة أو سيارة أو باص ولا بأس هنا من التضحية ببعض المواطنين الأبرياء فهم مستعدون جميعا أصلا للموت في سبيل القائد الأوحد، فإذا بالشعب ينتظم صفا واحدا خلف القائد الملهم الذي سيؤمن الأمن والسلام للناس وإذا بحركات المعارضة تصمت فلا تستطيع الكلام خوفا من التهمة الجاهزة وهي العمالة للخارج والتعامل مع القاعدة وهي أخطر تهمة يمكن أن يتعرض لها مخلوق في هذا الكون في أيامنا هذه.

في الغرب وبعد تفجيرات لندن ظهر مؤشر جديد على أن اللعبة التي تلعبها أمريكا والتي يقودها بوش وتابعه بلير، بدأت تخرج عن السيطرة. فقد كان الأمر إلى الآن يتعلق بعرب مسلمين يعيشون في الغرب ولديهم كما يقال حقد على كل ما هو  غربي لأنهم يحملونه مسؤولية ما يحصل في بلدانهم. الآن ظهر مسلمون آخرون ليسوا عربا أي أنهم ليس عندهم مشاكل مباشرة مع الغرب الذي يحتل فلسطين والعراق وأفغانستان، وهم جيل لم يعرف التطرف ولم يعايشه بل ولد وتربى في الغرب ولكنه التقط الفكرة – فكرة القاعدة – كما قلنا وتحول إلى قاعدة جديدة.

المستقبل يحمل لبلير وبوش مفاجأت أخرى فالجيل الثالث أو الرابع من الإرهابيين قد يكون من غير المسلمين، وهذا أمر غير مستبعد، فهناك اليسار الذي يُقمع بقوة والذي تعرض للإزالة التامة والنهائية بعد سقوط الإتحاد السوفيتي، وهناك الطبقات الجديدة المسحوقة في المجتمعات الغربية والتي نرى جزءا من تحركها ضد العولمة وضد التحكم بثروات العالم الثالث وهناك الشعوب المسحوقة من دول  العالم الثالث والتي يعيش مواطنوها أيضا في الغرب ولن يكون بعيدا ذلك اليوم الذي تعود فيه حركات مثل بادر ماينهوف الألمانية أو الألوية الحمراء الإيطالية إلى الظهور في الغرب بأشكال جديدة فالدوافع تتكرر الآن بشكل أكثر وضوحا وأكثر عنفا وشدة.

في الدول العربية الأمر أخطر وأقسى، وقد بدأت ظواهره بالتشكل في السعودية وفي مصر وفي سوريا، إذا صدقنا كل ما يقال عن العصابات والإرهابيين الذين يلقى القبض من حين لآخر في تلك البلدان، ففي السعودية أسماء لإرهابيين جدد ولوائح جديدة لشباب لم تكن لهم أي علاقة بجيل ابن لادن والظواهري ولم يشاهدوا أفغانستان إلا في التلفاز ولا يعرفون عن معسكرات القاعدة إلا ما تعرفه أي عجوز أمريكية تتابع التلفاز الغربي أو العربي. وفي مصر أسماء لشباب ونساء يقفزون من فوق الجسور ويحملون الرشاشات في الطرقات ويطلقون النار على الباصات وهم قادمون من وسط الأحياء الفقيرة ولم يخرجوا من مصر في حياتهم ولا يهمهم لا أين يعيش ابن لادن ولا الظواهري ولا من هو المنظر الأول للفكر الإرهابي ولا من هو المنظر الأخير. وفي سوريا عصابات تريد تفجير طفلة في الثالثة من عمرها ولفها بحزام ناسف كما قال رئيس الدولة في مقابلته الأخيرة، وقصص لمتسللين عبر الحدود من الجهات الأربع، أبطالها شباب أيضا لا علاقة لهم بالقاعدة لا من قريب ولا من بعيد.

إذا الخلاصة أن بوش نجح في ضرب القاعدة ولكنه في نفس الوقت فتتها إلى مئات بل آلاف القطع كل قطعة منها صارت مشروع قاعدة جديدة. لم يعد لدينا قاعدة واحدة وإنما صار لدينا في كل مدينة قاعدة وصار لدينا في كل كتاب قاعدة وصار لدينا في كل تجمع قاعدة.

لا أدري هل يستحق السيد بوش أن نشكره أم نشتمه أم نمدحه أم نذمه؟ ولا أدري هل هو واع لما يفعل ولنتائج ما يفعل؟ ولا أدري إن كان كل ما يحصل يصب في مصلحة الفكرة التي يتبناها اليمين المتطرف بزعامة بوش والتي تريد فعلا تهيئة الأجواء لقدوم المسيح الجديد بعد تطبيق كل الخرافات والنبوءات المرتبطة بهذه الفكرة، أم أن الأمر سيعود على منفذيه ومخططيه ومنظريه بالوبال والفشل الذريع؟ كل هذا سيظهر في المستقبل القريب ولكن الواضح تماما في الوقت الراهن ان الأمن والأمان اللذين تشن باسمهما الحروب أوصلا العالم إلى الخوف والإرهاب، والقادم أعظم.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ