ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 10/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هذا بلاغ ...

يا ولدي ...... بشار

د. منير محمد الغضبان *

وأقولها ولدي لفارق السن بيني وبينك . ولا والله ما أحب أن تكون ولدي  وملء الأرض من أمثالك وأنت تقيم على ظلمك وطغيانك . وقد كشرت عن أنيابك تريد أن تلغ بدم شعبك . وتعلن أنك قررت استئصال فريق منه ، كما قرر أباك قبل ثلاثين عاما عندما كان في سنك . وكأنك تقول (( إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون )) لقد قلنا لك قولا لينا خلال خمس سنوات فما تذكرت وما خشيت . وها أنت تعلن حربك من جديد على الإخوان المسلمين وتعلن أنهم إرهابيون مثل القاعدة . كما صرحت للصحيفة الأمريكية : وقد قتلوا خمسة عشر ألفا من الشعب . وتمد يدك لليهود مصافحا ومعانقا . فتصافح رئيسهم  وترتمي على عتباتهم تطلب المفاوضة دون شروط  ولو انتهت بسفارة لهم في دمشق .

ولن أمضي معك برد الفعل الأحمق ، ولكني أذكرك فقط .. بالمحطات الأربع

تعال . أقص عليك يا ولدي قصة مؤتمر مثل هذا المؤتمر .. حيث كنت في الرابعة من عمرك تلهوا بألعابك . ويسيل مخاطك ولعابك . في ليلة ليلاء . عندما قرر حزبك هذا الذي تجتمع اليوم في مؤتمره العاشر . أن يدين من أسقط الجولان . وقاد لهزيمة حزيران . ورأى أن أباك ورئيس أركانه هما المسؤلان عن أعظم هزيمة لأمتنا في القرن العشرين .

لم يكن من أبيك إلا وتحرك في تلك الليلة الليلاء . بجيوشه وعساكره ودباباته وطائراته . وأحاط بالمؤتمر والمؤتمرين والمتآمرين جميعا وساقهم بعساكره إلى السجون . واعتلى سدة العرش . وأعلن انقلابه وحركته التصحيحية . أترى هؤلاء الأربعة الذين يجلسون معك على سدة طاولة الرئاسة : عبد الحليم خدام ، وعبد الله الأحمر ، ومصطفى طلاس ، ومشارقة وغيرهم . لا أدري . هؤلاء وحدهم الذين كانوا ضد إدانة أبيك ، فأعفوا من الاعتقال . وصاروا نواة الحزب الجديد  ولا يزالون منذ ستة وثلاثين عاما يحكمون هذا البلد . وهاهم اليوم يرمون  في سلة المهملات . وماذا كان مصير المؤتمر القومي والقطري ؟ كان مصيره – وعلى رأسه رئيس البلاد الأتاسي وأمين الحزب صلاح جديد ودولتهم وحكومتهم وهم الذين جاؤا بأبيك وأدخلوه الجيش – كان مصيرهم البقاء عشرات الأعوام في السجون حتى خرجوا إلى القبور ، أو شبيه القبور . وبقي أبوك يصول ويجول وحده في الساحة قائلا : أليس لي ملك سورية وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون . أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين.  والذي يدعى بصلاح جديد .أدعوك إلى هذه الغبرة الأولى ، خاصة أنك كنت طفلا عندما تم ذلك الاغتيال للحزب .

ثم أدعوك إلى العبرة الثانية ، وقد صرت فتى يشار إليك بالبنان ، وابن أسد سورية أو سورية الأسد التي ورثها عن آبائه وأجداده ، وطويت على اسمه . بدأ يعد العدة لتوريثها لأخيك باسل ليعتلي على العرش بعده . فسورية هي الأسد ، والأسد فقط ليس لها تاريخ قبله ولا تاريخ بعده . وأصبحت صور أخيك مع صور أبيك تملأ في سورية كل فج ، وأبعد الأبعد فرعون الصغير عمك رفعت ، واستقام المنسم لأخيك ، وأخذت الشهادة الثانوية ، ومضيت مختارا إلى أوروبا ، بعيدا هن هم السياسة ، لتكون طبيب عيون نطاسيا بارعا يشار إليك بالبنان .

وعين الثأر لم تنم حين نمت وأباك قرير العين .فقد ذبحتم المدينة حماة ، التي وقفت في وجوهكم ، ووزعتموها على السجون والقبور والمنافي . دون أن يرف لكم جفن .

أذكرك يا ولدي وأنت الرئيس الأوحد اليوم ، ولا أحد فوقك إلا ربك .

عين الثأر لم  تنم إذن يا ولدي ، فالذين قتلتم سيدهم من آل جديد . دبروا المؤامرة ، وحيث كان أبوك يقول : من سيقف في وجهي ، سوف أصليه نارا .

كان القدر يقف في وجهه . فإذا أخوك قطعا وأشلاء ممزقة ؛ سواء كان ذلك بجنونه وجنون سيارته ، أو كان الموتورون الثائرون وراءه . ولكن ماذا يفعل الإله السوري ؟! ممن ينتقم ؟!من القدر ؟! من الله ؟! ، يحارب الله ؟! يحارب القدر ؟!، يوجه الدبابات إلى السماء ؟! أم يرسل إنذارا إلى الله الذي استلب ابنه على عينيه ن كما استلب هو عشرات الألوف من أبناء الأمة من قلوب أمهاتهم ، وفلذات أكبادهم .

لو كنت أنت المرشح للرئاسة آنذاك . لكنت أنت تلك القطع الممزقة ، والأشلاء المتناثرة ، ولفاتك شرف الرئاسة اليوم ، ألا يعطيك مصرع أخيك درسا وعبرة في إنقاذ المظلومين ، والتخلي عن خط الظالمين والمستبدين .

لقد كانت المحطة الثانية ، واستدعيت على عجل  ونودي بك وريثا للسلطة . وتركت علمك وجئت لتعد رئيسا لسورية في الثلاثين من عمرك ، وبدأت الدنيا تضحك لك . وكانت ذروة ضحكها في ذروة محنتك.

هاهو حافظ الأسد  الذي ترتجف القلوب من اسمه ، وترتعب الأفئدة من ذكره . هاهو ملقى ميتا على سريره في جانب البيت . وجاءت الدنيا ورؤساء العالم ، وشيعوا جثمان أبيك ، وأنزلوه إلى قبره . وفي أقل من أسبوع صرت الأسد الجديد الثاني لسورية .

هل لك أن تذهب إلى قبر أبيك لتنظر إلى ذلك الجمال الآسر ، والشباب الفائر ، والقامة الوسيمة ، والبزة المرشومة بالأوسمة . لقد كان رئيسا مثلك يوم ارتديت أوسمتك . وفي عمره مضى أبوك . دون أن تملك له الدنيا كلها أن تزيد لحظة واحدة في عمره ، وأفضى إلى ما قدم . وسيجد سبعة عشر مليونا في انتظاره كل يطالبه بحقه منه ؛ لم أجاعه ؟  لم أخافه ؟ لم قتل أخاه ؟ لم شرد أباه ؟ لم ذبح ابنها ؟ لم ، لم ، لم ، . وليجب على هذه التساؤلات أمام ربه . أيضرب بكفه فيحضر دوبا وحيدر وطلاس فيأخذون المحتجين ضده إلى المشنقة ؟! ماذا يفعل ؟! هلك عني سلطانيه .

ألم تتعظ يا ولدي من هذه المحطة الثالثة ؟

ألف وخمسمائة ضابط ، اجتمعوا تحت امرتك . ينتظرون الهمسة من شفتك . وأعلنت لهم أن لا حل للإخوان المسلمين إلا الاستئصال ، لقد كان أبي مصيبا فيما فعل . هكذا بكل بساطة تقررون استئصال عشرات الألوف بغضبة مضرية أسدية . من يجرؤ أن يقول لا . إنه التصفيق والهتاف .

أتذكر إنذارا بسيطا وجه إليك وإلى قواتك ومخابراتك في دولتك الثانية التي كنت تحكمها . ممن هو أكبر من دولتك ، من أمريكا العظمى . فخسرت دولتك الثانية كلها وخرجت مذؤما مدحورا أنت وجيشك ومخابراتك . ألا تخشى مثل هذا الإنذار فتفقد دولتك الأولى ويصيبك ما أصاب سلفك صدام حيث سقط وسقطت العراق وتريد أن تسقط سورية معك . أما تخشى ذلك المصير ؟ أن تعيش في عالم من الرعب والملاحقة في كل مكان .. تتخفى في زي نساء أو زي شحاذ تخشى أن تغتال في كال لحظة ، تلاحقك المخابرات . فتنام في الكهوف والمغارات . هل الحياة كلها رئاسة ؟ ألا تدري أين تقود بلدك ؟ أما ترى إلى ما انتهت له العراق ؟ أما ترى إلى البلاء والدمار والموت ؟ أما ترى إلى المجازر والغلاء والفناء الذي حول العراق إلى مسبعة وحوش وإلى ضريبة الدم الكبرى التي يقدمها شعب العراق البطل ضد الاحتلال الأمريكي ؟

أما تسمع ؟ تريد بعد مؤتمرك القطري العتيد إصلاح ما أفسدتموه خلال ربع قرن ونيف ؟ تريدون أن نبقى ساحة تجربة أربعين عاما أخرى ؛ الوزارة الأولى والثانية والثالثة ، المؤتمر القطري ، الخطط الخمسية والعشرية . وحولتم سورية إلى مجتمع باطل عاطل جائع خائف مرعوب .تريدون أن ننتظر مؤتمركم الهمام حتى يعيد التجربة بعبقريته الفذة عشرة أعوام أخرى . الله أكبر . لقد قررتم إصلاح الفساد وإصلاح الإقتصاد من خلال الحزب القائد . أما الشعب فسنعطيه شيئا من الحرية ، يتنفس من خلال كوة في قبر . يكفيه ذلك . نحن نهب الحرية التي نريد لمن نريد والسجون لمن نريد والشنق لمن نريد . نحن الحاكمون . أواه لو فكرت في مصيرك أمام هذه المحطة الرابعة .

أتعلم قرارك العتيد في منع الأحزاب على أساس ديني أو عرقي لقد قتلت رمز الأكراد ، ثم قتلت الأكراد كلهم في منعهم عن التعبير عن رأيهم من خلال حزب سياسي . ما الفرق بينهم وبين العرب . لماذا يحرم عليهم حزب ينطق باسمهم . لماذا العرب . أليس العرب عرقا ؟ أم أنهم فوق الأعراق . لماذا كل الأحزاب القومية العربية ؟ ستجيب .. نسبة العرب أكثر من سبعين بالمائة من الشعب . وإذا كان الأمر كذلك . فلم لم تراع نسبة سبعين بالمائة من الأكثرية المسلمة ، فتسمح لهم بحزب . لا مانع من حزب يقوم على أساس الإلحاد . فرفض الله جائز . وعبودية الله محرمة . شرائع البشر جائزة . وشريعة الله محرمة .

امض إلى ربك وقد حملت معك منع شريعته . امض إلى ربك ، وقد أبحت الحرية لأعدائه . امض إلى ربك ، وقد حملت على عنقك مقاومة شريعته ، ومنع التعبير عنها ، والمطالبة فيها . لا حزب على أساس ديني أو عرقي . هذه خلاصة مؤتمرك .

عش ما شئت . ألن تموت . أقدر بأنك تؤمن باليوم الآخر . من أرضيت زبانيتك ؟ أزلامك ؟ رجال أمنك ؟ حزبك العتيد ؟. هنيئا لك به . كل شعبك يقول لك .. نريد التغيير والحرية للشعب كله ، هذه مطالب أربعة عشر حزبا من شعبك . قتلت المعارضة الداخلية والخارجية في كل أطيافها واتجاهاتها ، ورفضت كل مطالبها .

أما تحسب يا ولدي . أنك سوف يأتيك عزرائيل لحظة . وهل سينتظرك كما انتظر أباك ؟

عش ما شئت فإنك ميت . ستنزل في حفرة وحدك وتلقى كما لقي أبوك عشرين مليونا من شعبك يأخذون بخناقك ويجأرون إلى ربهم عن حقوقهم المسلوبة فماذا ستقدم لهم حيث لا طريق إلا الجنة أو النار .

(( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ،إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ، مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء . وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ، أولم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال . وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال . فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام )) سورة إبراهيم \ الآيات 42-47

هذا بلاغ ..

* باحث إسلامي سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ