ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 09/11/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

"وشهد شاهد من أهلها":

الطائفية بدأت يوم حكم النظام الحالي سورية.

الطاهر إبراهيم*

لم تعرف سورية في تاريخها -خصوصا اعتبارا من عشرينيات القرن العشرين- الطائفية السياسية بمفهومها الحالي. ما ذهبنا إليه، أكدته الثورات التي قامت ضد المستعمر الفرنسي في سورية، من  ثورة جبل الزاوية وكفرتخاريم بقيادة "ابراهيم هنانو" في عام 1921، إلى ثورة "صالح العلي" في الساحل السوري وجبال العلويين، إلى الثورة السورية الكبرى في دمشق وجبل الدروز ومعظم المحافظات السورية. بل إن الطوائف المسيحية والإسلامية، بمختلف مذاهبها، وقفت على قدم وساق تؤازر تلك الثورات.

ما أردت قوله: أن السوريين لم يعرفوا التمايز الطائفي، وتاريخ سورية بعد الاستقلال عن فرنسا عام 1946يشهد بذلك. بل إن "فارس الخوري" مندوب سورية إلى عصبة الأمم في عامي في 1945- 1946،استطاع أن يكون شوكة في حلق فرنسا التي زعمت أنها جاءت لحماية المسيحيين من عدوان المسلمين. كما رأس –وهو نصراني- مجلس النواب، ورأس مجلس الوزراء في أربعينيات القرن العشرين.

فلا تكاد تجد أثرا للطائفية في سياسة الحكومات المتعاقبة على سورية بعد الاستقلال. وحتى الانقلابات التي حدثت في سورية أعوام 1949 - 1954، التي سادتها "شخصنة" القيادات العسكرية فقد خلت من الانحياز الطائفي، وإن بدأ التوظيف الحزبي والمناطقي في بعضها. فقد تولى "أكرم الحوراني" وزارة الدفاع في انقلاب الشيشكلي الثاني، حيث أدخل إلى الكلية الحربية كثيرا من البعثيين، جلهم كان من مناطق ريف حماة ومن جبل العلويين. وبقيت سورية بعيدة عن التوظيف الطائفي حتى نهاية عهد الانفصال 1961 - 1963، فقد كان وزير الدفاع فيه اللواء "عبد الكريم زهر الدين" ،وهو درزي.

مع بداية حكم حزب البعث أخذت الطائفية السياسية منحى آخر عندما قام "صلاح جديد" في 8 آذار بتسريح معظم الضباط الذين كانوا ينتمون إلى الأكثرية السنية، واستدعى بدلا منهم ضباطا بعثيين، كما سنرى في الشهادة التي أدلى بها البعثي السابق "حديثة مراد".  المواجهات الدموية التي بدأت عام 1979 بين الإسلاميين وبين نظام حافظ أسد،لم تكن أبدا لأسباب طائفية، بل افتعلها النظام لإزاحة الإسلاميين من الساحة السورية بعد أن تعاظم وجودهم في سورية في النصف الثاني من السبعينيات. فقد ذرت الطائفية قرنها عندمااعتقل الشيخ "مروان حديد" الذي أخضع للتعذيب عام 1976 حتى مات، فانتقمت عناصر الطليعة المقاتلة له باغتيال الرائد "محمد غرة" وهو ضابط مخابرات علوي.

في مقالنا الذي نشرته مركز الشرق تحت عنوان "الرفيق حديثة مراد مرحباً بك على قيد الحياة مرة ثانية في سورية" جاء فيه (صلاح جديد هوأول من بدأ في التأسيس لحكم الطائفة في سورية عندما سرح الضباط السنة واستبدل بهم ضباطاً من طوائف أخرى، ما جعل  كثيرا من السوريين يتنبهون لهذا لأمر منذ اليوم الأول لانقلاب آذار 1963).

في مايلي نقدم (شاهدا من أهل البعث) كان قد شارك مع بدايات حزب البعث، وهو "حديثة مراد" (بعثي قديم عاصر قدامى حزب البعث وأساتذته الكبار. شارك في السلطة بعد انقلاب شباط "فبراير" عام 1966 ،الذي أطاح برئيس الدولة "أمين الحافظ" وبالقيادة القومية لحزب البعث. صار قائدا للحرس القومي وهو ميليشيا بعثية كانت تثير اشمئزاز المواطن السوري .صار عضوا في القيادة القطرية بين عامي 1966 و 1970 .اعتقل بعد انقلاب حافظ أسد على رفاقه البعثيين في نوفمبر عام 1970. بقي في سجنه 23 عاما من دون محاكمة حتى نسيه الناس. أطلق سراحه وكأنه يعود للحياة من جديد). سأحاول أن اقتبس من كلام الشاهد دون أي تغيير أو تصحيح لغوي، وكل ما سيأتي ليس لي فيه أي مشاركة إلا النقل.

ففي مقابلته مع مجلة "ثرى" يعترف "حديثة مراد":

((أنه كان متطرفا إلى ابعد الحدود، في اشتراكيته وقبلها في بعثيته، ويعترف أيضا بأخطاء جسيمة ارتكبت من قبل القيادة السياسية لحركة 23 شباط، ليس بهدف جلد الذات أو جلد الحزب، وإنما من أجل التقويم المنطقي التاريخي لماجرى. ويعتقد أن أي حزب يحمل اسم البعث لن يكون له مستقبل لا في السلطة ولا في المعارضة.  

يعتقد إن حزب البعث ،بعد أن حل نفسه في عهد الوحدة قد انقسم إلى أربعة تيارات:

- بعث "قومي" وصل إلى الحكم  بعد 8 آذار في سورية والعراق 

- بعث "قطري" كان يضم عددا كبيرا من مناضلي الحزب القدامى الذين يحمّلون الأساتذة الثلاثة ميشيل عفلق وأكرم الحوراني وصلاح البيطار مسؤولية حل الحزب –زمن الوحدة- وكانوا يدعون إلى إخراجهم من الحزب.

-  بعث "ناصري" وهم الذين التزموا بمخابرات مرحلة الوحدة أو بعبد الناصر كشخص وتاريخ ونضال.

- بعث "اشتراكي" هو تيار الأستاذ أكرم الحوراني.

 إذن كل فئة من الأحزاب الأربعة كانت تستعين بمجموعة من العسكريين الذين يتفقون مع وجهة نظرها. "القومية" استعانت في مرحلة مابمحمد عمران ثم بأمين الحافظ وحسين ملحم ومصطفى الحاج علي وسواهم. "القطرية" استعانت بصلاح جديدوعبد الكريم الجندي وأحمد المير وحافظ الأسد- أتكلم عن الرتب بالتسلسل- وسليم حاطوم وحمد عبيد.

إذن كل تيار بالحزب المدني كان يستعين بمجموعة عسكرية، وبالتالي بقي على الدوام دور أساسي للعسكريين بالقرار. هذا الأمر حكم مجمل مسار الحزب بعد الوصول إلى السلطة وكان له أثر تدميري بعد الهزيمة –هزيمة حزيران -، لأن هذا المسلسل من التوترات والتغييرات بين مرحلة ومرحلة كان يحدث نزفا بالكفاءات العسكرية، وكل حدث كان مقترنا بتصفيات عسكرية في المجموعة التي لا تتفق معه في الرأي. ولدى إضافة هذه التصفيات مع تلك التي حدثت أيام الوحدة والانفصال والتصفيات التي وقعت في الحزب نفسه نستنتج كيف أن الجيش أصبح مفرغا من قسم كبير من كفاءاته. ونقطة أخرى هي أن كل تصفية كانت تستهدف قسما ينتمي إلى طائفة محددة. ففي8 آذار استهدفت المنتمين إلى العائلات النافذة والبرجوازيين وذوي الجذور الإقطاعية ومعظمهم من "السنة" وليسوا من الريف بل من المدن. في حين أن التصفيات التي وقعت زمن الوحدة  طالت البعثيين والشيوعيين وهؤلاء منهم من الريف ومنهم من الفلسطينيين، وهناك دورة –ضباط- كاملة من الشيوعيين صفيت زمن الوحدة.

 وبعد 8 آذار طالت التصفيات –الضباط- "السنة" لأنهم التفوا حول أمين الحافظ، ونادرا ما طالت العلويين أو الدروز أو الاسماعليين وبالتحديد لم تطل العلويين باستثناء محمد عمران كشخص كونه وزيرا للدفاع.

هذا المسار رتب واقعا في الجيش. وعند قيام 23 شباط، أصبح الحجم الأساسي الفاعل بين الضباط ينتمي إلى مذاهب ثلاثة: هم العلويون والدروز والإسماعيليون، ولا أستطيع تقدير النسب. من المؤسف أن نتكلم بهذا المنطق لكنه واقع. وعندما قامت حركة 8 أيلول 1966 التي كانت بقيادة سليم حاطوم وفشلت، أدت إلى تصفية القسم الأكبر من الضباط الدروز والاسماعليين وتعزز موقف الطائفة العلوية، وهذا ما قلته في المؤتمر القطري الرابع عام 1969 وأخذ كلامي نحو 45 دقيقة وتحدثت فيه عن تنامي الطائفية في الجيش وانعكاس ذلك على الشعب.

أما اليوم، فلم يعد التباين طائفيا وإنما طبقي، فالانقسام اليوم هو انقسام طبقي وليس طائفيا، وأنا أرفض تماما، ليس دعائيا بل واقعيا، مقولة الانقسامات الطائفية في سورية ـ الآن-، لأن الانقسامات اليوم هي طبقية، والمستقبل هو مستقبل صراع طبقي بين الذرى المنتمية إلى طوائف متعددة، وبين المتضررين في مصالحهم وقيمهم الخلقية والوطنية والقومية. وهذا الانقسام تبلور منذ العام 1970 وتنامى.)). 

انتهى الاقتباس من مقابلة الرفيق البعثي "حديثة مراد"، وفيه يجد القارئ الممارسات الطائفية التي ابتدأت في آذار عام 1963 مع صلاح جديد، وتم تطويرها وتكريسها كأبشع ما يكون مع نظام حافظ أسد الذي وجد أن الحكم دان له في سورية. لكنه كان يعتقد أنه مهدد في أي لحظة ما لم يقض على خصومه، وكان الإسلاميون أخطرهم على الإطلاق. فبدأ في عميلة استئصالهم التي انتهت في أحداث حماة المعروفة عام 1982 .

كان الله في عون سورية.

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ