ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 14/10/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

في بطن السبع ولا في بطن الضبع!

الطاهر إبراهيم*

نقل موقع "البوابة" الإلكتروني يوم 7 تشرين أول "أوكتوبر" الجاري خبرا عن تسليم "قطر" للرئيس السوري عرضا بالتنحي عن الحكم .... هو ليس الأول من نوعه.

وفي التفاصيل تقول مصادر قريبة من قصر الحكم في الدوحة للبوابة أن هذا العرض كان قد قدمه أمير قطر الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني" بعد نهاية الحرب الإسرائيلية على لبنان، عندما زار دمشق يوم الاثنين الموافق 22 / 8 / 2006 . وإذا كان هذا العرض قد قدم إلى الرئيس السوري فعلا، قَبِلَه أو رفضه، فإن القضية تستحق النظر. وقبل أن أستطرد، أنقل للقارئ الكريم الطرفة التالية:

"يحكى أن أسدا وذئبا جلسا ليلة يسمران، يتبادلان فيها القصص، يقطعان بها ليلهما الشتائي الطويل، قال الأسد: يوم أمس رأيت ضبعا يحاول أن يفترس خروفا فسارعت لإنقاذه منه. فقال له الذئب ثم ماذا؟ قال الأسد أكلت الخروف. قال الذئب وأي إنقاذ هذا، والمسكين، في النهاية، قد أصبح في بطنك؟ قال الأسد: لأن يقال للخروف إنه في بطن السبع خير له من أن يقال إنه في بطن الضبع".

ذكرتني هذه القصة بالمأزق الذي تعيشه دمشق من خلال الضغوط التي تمارسها واشنطن عليها، ما جعل القيادة السورية تبدو عليها الحيرة حول أسلم السبل التي عليها أن تسلكها في وجه تلك الضغوط. وفي هذا السياق نؤكد أنه مايزال هناك فرصة ذهبية أمام الرئيس بشار أسد، إذا ما أراد أن يضع مصلحة سورية فوق كل اعتبارات أخرى، ليضع حدا لهذا القلق الذي يعصف بالنظام. ولعل الطريق الأسلم أمام الرئيس السوري في مواجهة واشنطن هو أن يقول لها لا. لكن قبل ذلك لا بد من إصلاح ما فسد بينه وبين الشعب السوري ولو أدى به الأمر إلى خسارة الكرسي الذي يجلس عليه. فالخسارة مع الوطن ربح، كما أن الربح مع واشنطن خسارة، فهل يدرك الرئيس ذلك قبل فوات الأوان؟    

الذين يراقبون العلاقة الحالية الشائكة بين واشنطن ودمشق يؤكدون أن الضلوع  –المزعوم حتى الآن- لرموز في النظام السوري باغتيال "رفيق الحريري" رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، سوف تستغله واشنطن لكي تأخذ من هذا النظام ما تريده. ورغم غموض ما تريده واشنطن من دمشق، إلا أن تصرفات القيادة السورية توحي بأنها تدرك ما هو مطلوب منها –أمريكيا- بشكل واضح، وأنها تدرك أنه سوف يؤدي بالنهاية إلى تفكيك بنية النظام. وإلا فإن هذه القيادة -لو أنها ضمنت بقاءها في السلطة- مستعدة لتقديم ما تريده واشنطن بلا

تردد. فماعدا خسارة السلطة كل شيء هين ومقدور عليه.

ما سيكشف عنه التقرير النهائي للقاضي البلجيكي "سيرج براميرتز" حول من أعطى الأمر، ومن نفذ جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق الشهيد "رفيق الحريري" ليس كل ما يقلق رموز النظام السوري فحسب، بل إن هناك ماهو أهم عند النظام ألا وهو رفض إدارة "جورج بوش" إعادة العلاقات مع دمشق إلى سابق عهدها قبل أحداث 11 "سبتمبر" 2001، رغم ما قدمه النظام من خدمات استخبارية أعطيت لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (c I a) حول إرهابيين محتملين كان لدى أجهزة الأمن السورية علم عنهم وعن أهدافهم، ما جعل الرئيس السوري يذكّر –في معظم مقابلاته الصحافية والتلفزيونية- بتلك الخدمات التي أنقذت أرواحاً أمريكية.

لم نأت بحكاية السبع والضبع لنرفه عن القارئ، بل لنقول إن الطريق الوطني الوحيد أمام الرئيس السوري هو رفض الإملاءات الأمريكية، فالقبول بها إذلال للوطن. إن البديل الذي يحفظ للوطن كرامته هو الدعوة إلى مؤتمر وطني عام لايُستثنى منه أحد تنبثق عنه حكومة إنقاذ وطني، تدعو إلى انتخابات نيابية شفافة. وعندها سوف يُسقط في يد واشنطن، وستجد نفسها بمواجهة الشعب السوري كله. فإذا رفضت المافيات الاحتكارية -التي لا تهمها إلا مصالحها الضيقة ولوكان من بعدها الطوفان- هذا المشروع، ولم يكن من حلٍ أمام الرئيس إلاترك الحكم والرحيل، فليكن. على أنه لن يكون هذا الرحيل هو الأول من نوعه، فقد سبق "أديب الشيسكلي" غيره من حكام سورية، عندما تنازل عن حكم سورية عام 1954، خوفا من نشوب حرب أهلية، مع أنه لم يكن الرئيس الأضعف بين من حكموا سورية.  

وفي التفاصيل: فإن "حسني الزعيم" قاد أول انقلاب في سورية في آذار عام 1949، أطاح به الرئيس المنتخب "شكري القوتلي". ما هو معروف أن الانقلابات التي حدثت في سورية في الفترة (1949 -1954 ) كانت بتدبير من العقيد "أديب الشيشكلي" مباشرة أو من وراء ستار. فقد كان الذراع الأيمن للزعيم "حسني الزعيم"، ثم سندا للزعيم "سامي الحناوي" في انقلابه على "حسني الزعيم" في أغسطس 1949 . بعد ذلك قام الشيشكلي بانقلابه الأول على "الحناوي" في أواخر عام 1949 ، حيث دعا إلى انتخابات نيابية،  انتخب على أثرها "هاشم الأتاسي" رئيسا للجمهورية. وفي عام 1951 قام "الشيشكلي" بانقلابه الثاني، نصب بعده نفسه رئيسا للجمهورية، وحكم سورية بيد من حديد. في عام 1954 تحرك ضباط من وحدات عسكرية متمركزة في مدينة حلب، وقاموا بحركة عصيان مسلح، أعلنوا فيها عن نيتهم الزحف إلى دمشق للإطاحة بالشيشكلي. ومع أنه كان ما يزال ممسكا بزمام الحكم بقوة، فقد آثر "الشيشكلي" ترك الحكم، رغم معارضة كبار مساعديه، وقاد انقلابا سلبيا، نفى فيه نفسَه –في سابقة لم يفعلها أحد من قبله- طوعيا إلى بيروت، التي كان يلجأ إليها كثير من السياسيين السوريين عندما يصبحون خارج الحكم. (استطرادا فقد أدرك الرئيس الراحل حافظ أسد بعد انقلابه على رفاقه البعثيين في نوفمبر 1970 خطورة الحرية التي يتمتع بها لبنان، وأنه لن يستقر لحكمه قرار في سورية ما لم تصبح لبنان كلها حديقة خلفية لنظامه، فعمل مع حليفه الرئيس "سليمان فرنجية" على إدخال الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 ، بترتيب مسبق مع واشنطن، وهكذا كان).

قد يقول قائل إن دعوة الرئيس بشار إلى التنحي عن الحكم ،عدا عن أنها فكرة طوباوية، لن تجد آذانا صاغية، وستقاوم بشدة من قبل العائلات الاحتكارية التي تحكم البلد، وقد تدخل سورية في متاهة الفلتان الأمني والسياسي. ونحن نقول إن شيئا من هذا لن يكون إذا حدث في سورية ما فعله المشير "سوار الذهب" في السودان عندما انقلب على حكم جعفر النميري في عام 1986 وحكم السودان لفترة انتقالية مقدارها سنة واحدة تم فيها التحضير لانتخابات تشريعية، حيث تنحى عن السلطة، واستلمت الحكم بعده حكومة وطنية ائتلافية.

ويبقى أننا -في طرحنا لهذه الفكرة- نخيّر النظام الحالي بين السيء والأسوأ. فالسيء ،في حساب النظام، هو التخلي وطنيا عن الحكم. والأسوأ ،في حساب الوطن والمواطن، هو قيام الأجنبي بتفكيك النظام الحالي لصالح وضع أسوأ بكثير، على شاكلة ما يحدث في العراق الآن. العاقل من يتبصر أمره ويختار الطريق الأقل وعورة وأكثر أمنا، ويترك لنفسه بعض السمعة الحسنة. ليس هناك كثير وقتٍ أمام الرئيس ليختار بين السيء والأسوأ، فالشاعر دله على الطريق عندما قال: "إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا     فما حيلة المضطر إلا ركوبها". 

فهل يقتدي الرئيس السوري بشار أسد بأديب الشيشكلي ويترك الحكم طواعية؟ أم سيتردد حتى لا يصبح أمامه قدوة إلا الملك الشاب الأندلسي "أبو عبد الله الصغير"؟

*كاتب سوري  

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ