ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 27/09/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

إذا لم يكن الهجوم على السفارة الأمريكية مسرحية مفبركة ....

فمن وراءه إذن؟

الطاهر إبراهيم*

مع أن الشك –حسب مبدأ ديكارت- أول مراحل اليقين، فالأصل أن يتم التعامل مع ظاهر الحدث حتى يتبين خلافه، ما لم يكن مصدر الخبر المخابرات الأمريكية، أو إعلام النظام السوري. لكن النظام الديمقراطي يجعل أمريكا تتمتع بقدر من الشفافية تجعل كل خبر متاحا أمام الإعلام إلا ما اقتضته المصلحة الوطنية العليا. ومن هذه النافذة تتم معظم الفبركات الأمريكية للأحداث، ما يجعل الجري وراءها يشق على جيش كامل من الإعلاميين. أما في سورية، فإن مصلحة النظام العليا اقتضت أن لا يكون فيها ديمقراطية ولا شفافية ولا حرية ،ولا حتى نافذة ضيقة تتيح ولو قدرا ضئيلا من الإعلام الصحيح. والأصل أن نشك في كل ما يذاع من وسائل الإعلام السورية حتى يثبت العكس.

ونسجل استطرادا، ما يجعلنا نزيد من جرعة الشك لدينا، بأن إعلان وزيرة خارجية أمريكا عن (امتنا) حكومتها لإفشال العملية الإرهابية، ما أوحى للمراقبين بوجود مصلحة مشتركة بين البلدين وراء هذا الهجوم. على أننا نود أن ننسى ،مؤقتا، ما قلناه آنفا، ونبحث عن فاعلين محتملين وراء الهجوم على سفارة واشنطن في دمشق، إن كان ثمة هجوم حقيقي وغير مفبرك. وقديما قيل: "أخبرني من المستفيد أخبرك من المسئول" ،هذا القول قد يصلح مؤشرا لمعرفة المتورطين، إذا كان الهجوم بدوافع إرهابية.

هناك مصلحة مشتركة بين واشنطن والنظام السوري في أن لا يتم اتهام الإخوان المسلمين، كلٌ لأسبابه الخاصة به. فدمشق تحاول أن تظهر للإعلام أن لا وجود للإخوان في سورية، وأن سياستها الأمنية الحازمة وفرت الاستقرار في سورية بعد أن كسرت شوكتهم في مطلع ثمانينيات القرن العشرين، وأن لا رصيد لهم الآن في الساحة السورية. أما واشنطن فليست في وارد توجيه اتهام لهم لأنها لا تريد أن تهيّجهم عليها وهي لمّا تُبلورْ بعْدُ مشروعا خاصا بها في التعامل مع الإخوان المسلمين في "سورية ما بعد حكم البعث".

ورغم استعداد تنظيم "القاعدة" لمهاجمة الأهداف الأمريكية في أي مكان، إلا أن التنظيم ليس في وارده أن يجعل من سورية مكانا لأهدافه في الوقت الراهن لأسباب منها: عدم وجود أهداف أمريكية موجعة لواشنطن في سورية، وفقدان الثقة بالنظام السوري بعد أن استجاب لضغوط واشنطن بإيقافه تدفق العابرين إلى العراق للالتحاق بالمقاتلين العرب. على أن انعدام ثقة القاعدة بالنظام السوري لا ينحصر بتدفق المقاتلين عبر الحدود فحسب، بل يعود في جزء هام منه إلى علاقة الود ،المثيرة للجدل، بين دمشق وطهران.

ومع أن الحكمة تقتضي أن لا نهمل أي عامل، فلا يعتقد على نطاق واسع أن الهجوم على السفارة الأمريكية هو محصلة تصفية حسابات بين أجهزة أمنية سورية متنافسة على النفوذ، أو صراع على السلطة بين أجنحة النظام التي قيل الكثير عن خلافات بينها مؤخرا. فبعد غياب وزير الداخلية السابق "غازي كنعان" ،منتحرا أو منحورا، لم يعد أحد في دائرة النفوذ الأولى يعتقد أنه مقبول دوليا، لترسيخ أقدامه في السلطة ،أو أن يكون البديل.

فبالرغم مما يقال عن خلافات الرئيس بشار أسد مع أخيه ماهر أو خلاف الاثنين مع آصف شوكت صهرهما العتيد، وكلها خلافات ترجمت إلى تعيينات وصرف من الخدمة بين كبار ضباط أجهزة الأمن والحرس الجمهوري، إلا أن ذلك لا يجعل أحدَ الثلاثة مقبولا دوليا أكثر من الاثنين الآخرين، بعدأن وجهت أصابع الاتهام إلى جميع شاغلي الدائرة الأولى، وبالتالي فإنهم جميعا في "سلة الشبهة" بمقتل الشهيد الحريري، أمام المجتمع الدولي.

وإذا كان: "إن بعض الظن إثم"، فهذا يعني أن بعضَه الآخر ليس كذلك. وما علينا من سبيل إذا أسأنا الظن بالنظام السوري فقد قيل: "سوء الظن من حسن الفطن". فكل ما أعلن عنه من عمليات في سورية، في حي "المزة" في دمشق أو "جبرين" قرب "حماة" (200 كم شمال دمشق) أو "معرة النعمان" (250 كم شمال دمشق) أومدينة "إدلب" (300 كم شمال دمشق)، فإن أهم ملاحظة يمكن أن يخرج منها المراقب من تلك العمليات المزعومة ، أنها من النوع "البارد"، أي التي ينطفئ أثرها بعد يوم أو يومين على الأكثر.

فمن جهة لم يشعر السوريون أن هناك أقرباء لمن قام بالعمليات كأنهم مقطوعون من شجرة .كما أن يد التحقيق لم تمتد إلى آخرين، حتى يقال إن من نفذ هذه العمليات هم من أسرة كذا من حي كذا. ومن جهة أخرى لم نسمع حتى الآن، عن محاكمات أقيمت لمن بقي حيا بعد تلك العمليات. وتبقى الإشارة الأهم، أن عملية المزة التي اتهمت "جند الشام" بها، تبين لاحقا أن من نفذها هم عصابة الطواحين الإجرامية التي نفذت عمليات سطو في الأردن.

كثير من المراقبين للشأن السوري، رجحوا أن يكون وراء الهجوم على السفارة الأمريكية أكثر من رسالة سورية إلى واشنطن وأوروبا. فمن جهة تريد دمشق أن تقول إنها ضحية للإرهاب التكفيري مثلها مثل أمريكا وأوروبا، وأنها تريد أن تنضم إلى نادي المستهدَفين من الإرهاب، وأن تنزع عنها صفة كونها منطلقا للإرهاب. وربماأراد النظام ،من استهدافه السفارة الأمريكية، "أن يظهر العصا من تحت العبا"، وأنه ما لم تبادر واشنطن إلى التنسيق مع دمشق، فإن تنظيم القاعدة قد ينشط للعمل انطلاقا من سورية.

لعل من المفيد أن ننبه إلى قضية غَفِلَ عنها الكثيرون. فواشنطن لا تريد لتنظيم القاعدة أن يغيب عن ساحة الأحداث. فلطالما كانت العمليات التي نسبت إلى القاعدة مبررا لواشنطن لشن أعمالها العدوانية ضد الشعوب الإسلامية. أمرٌ آخر توده واشنطن من بقاء القاعدة في الساحة، وهو أن تبقى حكومات الدول الإسلامية تشعر بعقدة الذنب تجاه الغرب، لأنها إما أن تكون الحكومات منتجة لعناصر القاعدة، أو موطنا لعملياتها. وإذا صح هذا الاستنتاج، فإن النظام السوري يخطئ كثيرا عندما يلعب هذه اللعبة الخطرة مع أمريكا.

كما يخطئ النظام السوري كثيرا إذا كان يظن أن هذه العمليات لا ضرر منها لأنها لاتترك أثرا حتى ضد أمريكا، لأنه قطعا لا يدرك ماذا يدور وراء الأبواب المغلقة في عشرات مراكز البحث التي تنفق واشنطن عليها المليارات، وأهم وظيفة لها هي صنع السياسات والسياسات البديلة لمنطقة ما تزال واشنطن تضعها في رأس أولوياتها، ولا تسمح لأي نظام في المنطقة أن يوجه إليها رسائل لاتريدها.    

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ