ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 28/05/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هل يغفر الشعب السوري للمجرمين بحقه؟

رفعت الأسد نموذجاً

بقلم : محمد الحسناوي*

بمناسبة اعتزام نائب رئيس الجمهورية قائد سرايا الدفاع سابقاً رفعت الأسد .. على العودة من منفاه الإجباري إلى سورية .. تطرح أسئلة متعددة ، لعل أهمها : ما موقف الشعب السوري من صاحب القبضة الأمنية الحديدية ، المسؤول عن عدد من المجازر الجماعية ، مثل مأساة (حماة) 1982م ومجزرة (تدمر) عام 1980م ، وقائد (سرايا الدفاع ) سيئة الذكر ؟  وسبب هذا السؤال أن الرجل يطرح فيما يطرح شعارات تغيير واسعة ، تتقاطع معظمها مع شعارات المعارضة الوطنية ، مثل الديموقراطية والانتخابات الحرة وخروج الجيش السوري من لبنان إلخ...

الداعي إلى هذا الموضوع ما تناقلته وكالات الأنباء من تصريحات الناطق باسم رفعت (الحارث الخير ) عن عودة الرجل ، لأن سورية ( مهددة بخطر ، وعودتي للمساهمة بإنقاذها ) ، وذلك من (خلال مواصلة دوره السياسي والوطني وسط أبناء الشعب السوري لإقامة مجتمع العدل والحرية والسلام ) على حدّ قوله (الشرق الأوسط - 20/5/2005م ) . وتأتي أهمية الخبر ، الذي هو حتى الآن (بالون اختبار) مع مناسبة (انعقاد مؤتمر القيادة القطرية) للحزب الحاكم في السابع من شهر حزيران  ، وكون رفعت ( رئيس المحكمة الحزبية ) فيها  ، فضلاً عن الظروف الداخلية والخارجية المحدقة بالقطر على غير العادة .

بالطبع سوف نتجاوز الأسباب الداعية لعودته ، هل هي مشروطة بألا يتدخل في السياسة ، كما اشترط على السياسيين العائدين قبله ، مثل اللواء جاسم علوان ، ورئيس الجمهورية الأسبق الفريق أمين الحافظ ، أم هي للإسهام في السلطة  المرتبكة بعد الخروج من لبنان وتراكم الاستحقاقات الدولية ، أم هي – كما نرجح – نتيجة التوجهات الأمريكية لمحاكمة القيادات السورية القمعية ، بعدما تسرب عن دراسات لجان الكونجرس من أجل عرض رفعت أسد وآخرين على محكمة دولية ، عن ارتكاباتهم في مجزرة (حماة) وسواها . والمفهوم أن هذا التوجه إلى القضاء لن يقتصر على رفعت أسد وأمثاله ، بل يستدعي بالترابط والتداعي رؤوساً أخرى كثيرة ، مما تنص عليه الدعاوى ، أو يضطر رفعت للاعتراف عليهم ، وهذا يعني فيما يعني زلزلة عرش النظام القائم على السياسة الأمنية القمعية .

و بناء على هذا السؤال يطرح سؤال آخر : هل يحمي النظام السوري  رؤوسه القمعية ؟ وبالدقة ، هل يستطيع منع تسليمهم لمحكمة دولية؟ بالطبع لن يستطيع لأن ذلك يكلفه وجوده كله ، وهو المعروف بحرصه على الوجود ، ولو بمصافحة رئيس الكيان الصهيوني  مرتين في جنازة البابا . فما معنى عودة رفعت الأسد في هذه الحال؟ الجواب : أن العودة هي جزء من موقف النظام السوري العام ، الذي هو قبول الأقل سوءاً من السوء الأكبر ، كأن يتم التفاهم بين الرؤوس القمعية عن كثب على كيفية لفلفة الجرائم الماضية من جهة ، أو الانفتاح على الشعب السوري  المقموع ، للتحصن به من جهة ثانية ، بعد فوات الأوان .

وهنا نعود إلى أصل السؤال المطروح : ما موقف الشعب السوري من شخص رفعت الأسد ، ومن طروحه التغييرية المتقاطعة ( في كثير منها ) مع طروح المعارضة السورية الوطنية ؟ فالناطق باسمه يفيد ( أن رفعت الأسد لا يطمح لأي دور أو منصب < سوى رغبته في القيام بدور لتدعيم الوحدة الوطنية ، والمصالحة الوطنية ، وكله لتعزيز الديموقراطية والحرية . فسورية مهددة . وسورية الوحدة الوطنية تحتاج إلى دعم متنوع ، لأن الديموقراطية فيها متأرجحة وغير صحيحة ، والشعب غائب >) .

من البديهي أن حديثنا عن رفعت أسد عائداً أو تائبا ، يمكن أن يندرج على الرؤوس القمعية الأمنية الأخرى إذا سلكت سلوكه قبل فوات الأوان ، نعني علي دوبا ومصطفى طلاس و حسن خليل وأمثالهم وأتباعهم المعروفين جميعاً .

ومن المفهوم أيضاً أنني – هنا – لا أتكلم  باسم الشعب ، ولا باسم فريق أو فصيل شعبي ، لأن الشعب يتكلم باسمه ممثلوه الحقيقيون  بعد انتخابات شرعية ، ولأن الجرائم المقترفة ، لا يمكن القضاء فيها دون ذوي المغدورين مباشرة ، لكن هذا المقال مقاربة للمسألة من باب الحوار ، وتوضيح القضايا المصيرية التي لا يمكن تأجيلها ، ألا وهي الخروج بالقطر السوري : شعباً ودولة وأرضاً وتاريخاً من العاصفة المدمرة .

إن قاتل حمزة عم النبي رضي الله تعالى عنه  تاب ، وقبلت توبته ، وأبلى في الإسلام بعد ذلك بلاءً حسناً ، ولو أن الرسول طلب منه ألا يُريَه وجهه ، لصعوبة ذلك عليه صلى الله عليه وسلم .

فهل يتوب رفعت الأسد وأمثاله ، أو بعضهم في الأقل ؟

إن التوبة لله أولاً ، ولذوي الضحايا ثانياً ، وللشعب السوري ثالثاً .

إن أول برهان على  عودة رفعت إلى الشعب لا إلى الماضي البغيض – في رأيي - أن يعيد كل الأموال التي  اغتصبها من هذا الشعب ، وما أكثرها ، ثم أن يسهم بفعالية في إزاحة النظام القمعي القائم  الذي يعطل إرادة الشعب ، ويغتصب الدولة والمجتمع طوال أربعين عاماً ، لكي تستعيد دولة الحق والقانون والمؤسسات الدستورية وضعها الحقيقي .

أما كيف يعيد الأموال المغتصبة ، فهذه مسائل قانونية لا أرى الدخول في تفاصيلها الآن ، ثم كيف يسهم بفعالية في إزاحة الحكم البوليسي القمعي ، وصولاُ مع كل الشرفاء الوطنيين إلى دولة سورية الديموقراطية ، فأمور هو يعرف بعضها ، وبعضها الآخر عند أطراف الطيف السوري المعارض .

بصرف النظر عن احتمال عودة رفعت الأسد الجغرافية والسياسية ، فإننا مضطرون للنظر إلى القضية من منظار المصلحة العليا للقطر ، ومصلحة القطر هي الإصلاح من داخل سورية ، وليس الاستقواء بالقوى الدولية ، كالإدارة الأمريكية ، التي تطرح نفسها ومشروعها الشرق أوسطي ، لإعادة تشكيل المنطقة والقطر السوري بالذات . وهو ما عبرت عنه أطراف الطيف السوري المعارض ونخبه المثقفة ، والمواقف الميدانية المعلومة لشعبنا السوري من احتلال العراق ، ومستقبل القضية الفلسطينية أيضاً .

القول بخيار الإصلاح من داخل سورية مرهون بشكلين : إما الإصلاح بإسهام  الحزب الحاكم  نفسه - ورفعت الأسد جزء لا يتجزأ حتى الآن من هذا النظام - وإما إصلاح بنفض اليد نهائياً من الحزب الحاكم ، ثم الاحتكام إلى الشعب وقواه المدنية والسياسية المنظمة ، كما تذهب إلى ذلك قوى المعارضة ، وجماعة الإخوان المسلمين ، التي وضعت حداً نهائياً لكل المراهنات السابقة ، حين حددت مهلة ثلاثة أشهر للنظام كي يغير ، وإلا فإنه يتحمل وحده مسؤولية إعراضه ومغامراته القاتلة .

نحن بصراحة نشك بتحول رفعت أسد وأمثاله مئة وثمانين درجة ، أي أن يتنازل عن الأموال الطائلة المغتصبة ، وأن يعلن على رؤو س الأشهاد ندمه واعتذاره للشعب ، وتبنيه للتغيير الجذري للنظام ، بدءاً من نقد الواقع ، مروراً بكشف التجاوزات القانونية والمالية والدستورية وشركاء المرحلة الماضية ( جماعة الشد العكسي حتى الآن ) ، وإقناع من يمكن إقناعه (من الرؤوس) ، أو حشده من يمكن حشده وراء هذه المطالب ، وتحمل نتيجة ذلك كله ، كما يتحمل الشرفاء المخلصون . لكن الشك شيء وامتحان كلام الرجل شيء آخر .

إن إسهام رموز النظام حتى الآن في عملية الإصلاح أو التغيير محفوفة بكثير من الريب والتجارب القريبة والبعيدة المخفقة ، فعلى أبواب انعقاد المؤتمر القطري للحزب الحاكم - وقراراته كما يستفاد مجرد توصيات - تواجهنا ممارسات قمعية من اعتقالات واختطافات للمواطنين بالمفرق وبالجملة ، وإرهاصات لتكريس الحزب القائد للدولة والمجتمع ، ولتقنين قانون الطواريء ، والمصادرة على عقيدة الأحزاب وتوجهاتها الفكرية قبل صدور ما يسمى قانون الأحزاب .

صحيح أننا نسمع بكلام عن إلغاء قانون (49) لعام1980م ، القاضي بإعدام كل منتسب لجماعة الإخوان المسلمين ، وبفصل الحزب الحاكم عن الدولة ، وبمحاربة الفساد والمفسدين ، وبتحرير الصحافة من الرقابة ، لكن ذلك مخلوط بما يناقضه أو ينسفه من الأساس ، أو يذكرنا بالوعود السابقة بدءاً بخطاب القسم  الذي ألقاه الرئيس الجديد يوم تقليده الرئاسة ، مروراً ببيانات الحكومات المتعاقبة ، ولا شيء بعد الانتظار الطويل . وأخيراً يأتي رفعت الأسد في وسط هذه المعمعة ، ليجعل المراقبين يتساءلون : هل يأتي رفعت  لينقذ جلده ، أم لينقذ النظام المتهالك ، أم ليسهم في إنقاذ القطر مع الشرفاء والمخلصين ؟

ثمة احتمال مشتق من معادلة الظروف المحدقة بالقطر ومن ماضي رفعت نفسه ، وهي أن يكون الرجل (حصاناً ) أمريكياً للوضع السوري ، كما كان يتهمه أخوه الرئيس حافظ الأسد ووزير الدفاع السابق العماد مصطفى طلاس ، لكن هل الإدارة الأمريكية من الغباء لدرجة تراهن معها على الرجل ، وهو من هو في نظر الشعب السوري المسحوق بسياساته وسياسات أمثاله ؟ ما نظن ذلك . ولكن الطروح الجديدة لرفعت ، هل تمهد له السبيل داخلياً وخارجياً ؟

ثم ما موقف شركاء رفعت بالأمس ، أعداء اليوم ، من طرحه المعارض ، أو كونه حصان إنقاذ أمريكياً للنظام المتهالك ؟ هل يجمعون عليه في لحظة السقوط ، أو يجمعون على تصفيته جرياً على تصفياتهم المدوية في سورية ولبنان ، ومن المحيط إلى الخليج ؟

المهم أن صخرة ضخمة سوف تلقى في بحر الأوضاع السورية الهائجة ، فهل تضيع ، أم تزيد الهياج صخباً وعنفاً ؟

رفعت . لا يستطيع الشعب السوري حتى الآن أن يقول لك : مرحباً بك في المملكة التي تركتها على كف عفريت . فهل تستطيع أنت أن تجتاز الهوة ؟

* كاتب سوري وعضو رابطة أدباء الشام

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ