ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 06/02/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

علامات الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم (1)

أ.د/ عبد الرحمن البر

كلنا يدّعي الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فما هي علامات هذا الحب؟ وما هي الأمارات التي تصدق هذه الدعوى؟

أول هذه العلامات: طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن علامة الحب الطاعة، وقد جعل الله طاعته فرضا، فقال: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾، وقال: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ ، وقال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ ، فلا تصح طاعة الله إلا بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة كاملة وبلا تردد ؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

قد يقول قائل: كلنا يطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما الجديد في هذا؟ فأقول: علامة الطاعة أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر على خلاف هواك، فتخالف هواك وتطيعه وتنزل عن رأيك لتوجيهه، مهما كلفك أموالًا أو مشقةً أو تعبًا أو نصبًا، وفي الحديث الذي أخرجه ابن أبي عاصم وغيره: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ».

وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعوه يأمر بأمر، لا يترددون في تنفيذه مهما كانت العوائق، فهذا سيدنا حذيفة بن اليمان في غزوة الأحزاب، يحكي ما كان من أمره حين ندبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لمهمة شاقة فيقول فيما أخرجه أبو عوانة (وأصل الحديث في صحيح مسلم): «لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَنَحْنُ صَافُّونَ قُعُودًا، أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَحْزَابِ فَوْقَنَا، وَقُرَيْظَةُ الْيَهُودِ أَسْفَلُ مِنَّا نَخَافُهُمْ عَلَى ذَرَارِينَا، وَمَا أَتَتْ عَلَيْنَا لَيْلَةٌ أَشَدُّ ظُلْمَةً، وَلَا أَشَدُّ رِيحًا مِنْهَا، فِي أَصْوَاتِ رِيحِهَا أَمْثَالُ الصَّوَاعِقِ، وَهِيَ مُظْلِمَةٌ مَا يَرَى أَحَدُنَا إِصْبَعَهُ، وَجَعَلَ الْمُنَافِقُونَ يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُونَ: بُيوتُنَا عَوْرَةٌ، وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ، فَمَا يَسْتَأْذِنُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَذِنَ لَهُ، فَيَأْذَنَ لَهُمْ فَيَنْسَلُّونَ، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِذِ اسْتَقْبَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا رَجُلًا، فَقَالَ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ اللَّيْلَةَ جَعَلَهُ اللَّهُ رَفِيقًا لِمُحَمَّدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، قَالَ: فَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ يَقُومُ، قَالَ: فَمَا زَالَ يَسْتَقْبِلُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ، وَمَا عَلَيَّ جُنَّةٌ مِنَ الْعَدُوِّ، وَلَا مِنَ الْبَرْدِ، إِلَّا مِرْطٌ (كساء تكتسي به المرأة) لَا يُجَاوِزُ رُكْبَتِي، قَالَ: فَأَتَانِي وَأَنَا جَاثِي عَلَى رُكْبَتِي، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» ، فَقَالَ: حُذَيْفَةُ: قَالَ: «حُذَيْفَةُ؟»، فَتَقَاصَرْتُ بِالْأَرْضِ، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَرَاهِيَةَ أَنْ أَقُومَ، فَقَالَ: «قُمْ» ، فَقُمْتُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ كَائِنٌ فِي الْقَوْمِ خَبَرٌ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ»، قَالَ: وَأَنَا مِنْ أَشَدِّ الرِّجَالِ فَزَعًا وَأَشَدُّهُمْ قُرًّا (أي إحساسا بالبرد الشديد)، فَخَرَجْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ»، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَزَعًا وَلَا قُرًّا أَجِدُهُ فِي جَوْفِي إِلَّا خَرَجَ مِنْ جَوْفِي، حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْ عَسْكَرِ الْقَوْمِ نَظَرْتُ فِي ضَوْءِ نَارٍ لَهُمْ تُوقَدُ، وَإِذَا رَجُلٌ ضَخْمٌ آدَمٌ يَقُولُ بِيَدَيْهِ عَلَى النَّارِ وَيُسَخِّنُ خَاصِرَتَهُ، وَيَقُولُ: الرَّحِيلَ، وَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَبَا سُفْيَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَانْتَزَعْتُ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي أَبْيَضَ الرِّيشِ فَأَضَعُهُ عَلَى كَبِدِ قَوْسِي لِأَرْمِي بِهِ فِي ضَوْءِ النَّارِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِي» ، فَأَمْسَكْتُ وَرَدَدْتُ سَهْمِي، ثُمَّ إِنِّي شَجَّعْتُ نَفْسِي حَتَّى دَخَلْتُ الْعَسْكَرَ، فَإِذَا أَدْنَى النَّاسِ بَنِي عَامِرٍ، وَيَقُولُونَ: يَا آلَ عَامِرٍ الرَّحِيلَ، لَا مُقَامَ لَكُمْ، وَإِنَّ الرِّيحَ فِي عَسْكَرِهِمْ مَا تُجَاوِزُ عَسْكَرَهُمْ شِبْرًا، قَدْ دَفَنَتْ رِحَالَهُمْ وَطَنَافِسَهُمْ، يَسْتَتِرُونَ بِهَا مِنَ التُّرَابِ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ بَيْنَهُمَا قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: اللَّيْلَةُ لَيْلَةُ طَلَائِعٍ، فَلْيَسْأَلْ كُلُّ رَجُلٍ جَلِيسَهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتَ الْحِجَارَةِ فِي رِحَالِهِمْ وَفُرُشِهِمْ، الرِّيحُ تَضْرِبُهُمْ بِهَا، فَقُلْتُ لِلَّذِي عَنْ يَمِينِي: مَنْ أَنْتَ؟، وَقُلْتُ لِلَّذِي عَنْ شِمَالِي: مَنْ أَنْتَ؟، ثُمَّ خَرَجْتُ نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ بِيَ الطَّرِيقُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِذَا أَنَا بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ فَارِسًا مُعْتَمِّينَ، فَقَالُوا لِي: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَاهُ الْقَوْمَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ بِشَمْلَةٍ يُصَلِّي، فَوَاللَّهِ مَا عَدَا أَنْ رَجَعْتُ رَجَعَ إِلَيَّ الْقُرُّ رَجَعْتُ أُقَرْقِفُ (أي أرتعد من البرد) فَأَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ بِيَدِهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَأَسْبَلَ عَلَيَّ شَمْلَتَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى، فَأُخْبِرَ خَبَرَ الْقَوْمِ، وَأُخْبِرَ أَنَّهُمْ يَتَرَحَّلُونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

فهذا تكليف فوق الطاقة لحذيفة الذي لا يجد ما يأكله ولا ما يستره، والجو شديد البرودة، ويؤمر بأن يذهب ليدخل إلى معسكر الكفار، لكنه لم يجد بدا من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتردد، إنما قام وذهب، ودخل بين القوم، وتعرض لمشكلة ولكن الله تبارك وتعالى أنقذه بذكائه وحسن فطنته، ووجد نفسه قريبا من قائد معسكر الكفر يستطيع أن يقتله بسهولة، لكنه نفذ توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم «ولا تحدثن شيئا حتى ترجع»؛ ولذلك لم يقتله، ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر، فهذه طاعة كاملة.

فالطاعة الحقيقية له صلى الله عليه وسلم تكون في العسر واليسر، والمنشط والمكره والشدة والرخاء، فهل هذا هو واقعنا؟

كثيرا ما تحدُث بعض المشكلات، فتقول لبعض أطراف المشكلة: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكذا، أو ينهى عن كذا، أو كان هديه في مثل ذلك كذا، فلا تجده يُعِير هذا الكلام أي اهتمام، وعندما تسأله: هل تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: نعم! فما مدى مصداقية هذا الحب؟

وأين هذا مما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المبادرة والإسراع إلى تننفيذ أمره، وسأضرب لك مثالا في غاية العجب والروعة:

فقد أخرج الشيخان واللفظ لمسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ جَاءَ جَاءٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُكِلَتِ الْحُمُرُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا طَلْحَةَ، فَنَادَى: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ» أَوْ «نَجِسٌ» ، قَالَ: فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا.

في غزوة خيبر، ضاق الحال بهم وهم يحاصرون اليهود مدة طويلة حتى غلبهم الجوع، فلم يجدوا أمامهم ما يذبحونه إلا الحُمُر التي يركبونها، فذبحوها وفيما كانت القدور تفور وتغلي، جاء النهي عن أكل لحم الحمر، ويكاد الجوع يأكلهم، لكنهم أكفأوا القدور، ورموا باللحم، ولم يذوقوا شيئا. هذه هي الطاعة في العسر واليسر والمنشط والمَكْرَه، أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر أو ينهى عن شيء فتستجيب له فورا ولو خالف هواك.

فهل نحن فعلا نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخاص والعام من شئوننا؟

والآن يا عزيزي، ما رأيك فيمن يسعى في تفريق الكلمة وتمزيق الأمة والإفساد في الأرض بزعم استكمال الثورة؟ هل يدخل تصرفه هذا في مفهوم الطاعة أم في مفهوم المعصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وما رأيك فيمن يبذل طاقته وأمواله في تكوين مجموعات للهدم والتخريب والسرقة، وسفك الدماء، وإسقاط السياحة، وما رأيك فيمن يسكت على ذلك أو يشجعه؟ هل يدخل هذا التصرف في مفهوم الطاعة أم في مفهوم المعصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

وفي ذات الوقت ما رأيك فيمن يشغل نفسه وإخوانه بعلاج مئات الآلاف من المرضى من خلال تنظيم قوافل مجانية، وفيمن يقوم بزراعة مئات الآلاف من الأشجار المثمرة، وفيمن يجتهد في إقامة مئات الأسواق والمعارض في المدن والقرى لتوفير السلع الغذائية بسعر التكلفة لملايين المواطنين، وفيمن يتعاون في تنظيف الشوارع والطرقات، وفيمن يتوجه لترميم آلاف المدارس، وفيمن يبذل وسعه في تنشيط السياحة؟ أليس ذلك كله من أهم الطاعات التي ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

وصدق الله العظيم ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى. وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾.

نستكمل علامات الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المقال القادم إن شاء الله.

============================

الرد على الغارة الإسرائيلية !!

محمد فاروق الإمام

كتب عدد من الكتاب والمحللين العديد من المقالات عن الغارة الإسرائيلية الأخيرة على موقع عسكري في منطقة جمرايا في ريف دمشق، ووصفت وكالة سانا الرسمية ذلك الموقع بأنه مركز للبحوث العلمية، وقال بيان صادر عن قيادة الجيش جاء فيه: "اخترقت طائرات حربية إسرائيلية مجالنا الجوي فجر اليوم (الجمعة 30/1) وقصفت بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس الواقع في منطقة جمرايا بريف دمشق، وذلك بعد أن قامت المجموعات الإرهابية بمحاولات عديدة فاشلة وعلى مدى أشهر للدخول والاستيلاء على الموقع". في حين ذكرت تقارير غير رسمية من داخل إسرائيل تقول بأن الغارة شنت داخل حدود سوريا, في قرية النبي شيت, قرب مدينة الزبداني السورية. حيث قيل إن الهدف كان يتمثل في قافلة من الشاحنات تحمل صواريخ أرض جو روسية متطورة، كانت في طريقها إلى حزب الله في لبنان، سبق واشتراها الحزب من بعض الضباط السوريين الفاسدين بمبالغ طائلة من وراء ظهر النظام، بإشراف عدد من ضباط الحرس الثوري الإيراني، فيما ذكرت بعض وسائل الإعلام أن إسرائيل قامت بهذه العملية الاستباقية بعد أن حصلت على تقارير تفيد أن الجيش السوري الحر هو على قاب قوسين او أدنى من الوصول إلى هذه الأسلحة المتطورة واغتنامها، مما يجعل موازين القوى ترجح لصالح المعارضة السورية التي ستتمكن من تحييد الطيران السوري وبالتالي التعجيل في إسقاط النظام الذي أمن الحدود الشمالية لإسرائيل لنحو أربعين سنة.

وسائل إعلام النظام السوري وأبواقه رددوا مقولة النظام الممجوجة التي يرددها بعد كل اعتداء إسرائيلي على سورية أو استباحة أجوائها من قبل طيرانها، بأنه هو من سيختار المكان والزمان المناسبين في الرد، وسمعنا من بعض حلفاء النظام من المسؤولين الإيرانيين لهجة تهديدية نيابة عن رموز النظام الذين احجموا عن أي تصريح حول إمكانية الرد على العدوان الإسرائيلي، فقد صرّح الجنرال مسعود جزائري نائب رئيس هيئة الأركان الإيرانية، أن الرد السوري على الغارة الإسرائيلية الأخيرة، "سيكون صدمة كبيرة للنظام الصهيوني."

كما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إيرنا"، أن المسؤول العسكري الإيراني أكد وهو في معرض تقييمه للغارة الإسرائيلية الأخيرة التي شنتها إسرائيل على أهداف سورية، أن الرد السوري على تلك الغارة، "سيصيب النظام الصهيوني بحالة من الغيبوبة وعدم الاتزان."

وكشف مصدر عسكري روسي عالي المستوى عن أن موسكو كانت على علم مسبق بالغارة الإسرائيلية على ضواحي دمشق، وأعطت "ضوءا أخضر سلبيا" لتنفيذها، موضحا بأن"الضوء الأخضر السلبي" يقصد به عادة "عدم الاعتراض، وإن لم يتضمن الأمر موافقة صريحة". وقال المصدر إن الحكومة الروسية أخذت علما بالغارة خلال زيارة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب عاميدرور إلى موسكو الأسبوع الماضي.

وكانت إسرائيل أعلنت الأسبوع الماضي أن رئيس الحكومة بنيامين نتياهو أوفد عاميدرور إلى موسكو على وجه السرعة "لبحث مسألة الأسلحة الاستراتيجية السورية". وقد تزامنت الزيارة مع قيام إسرائيل بنشر منظومات القبة الحديدية المضادة للصواريخ في الجولان السوري المحتل مع تسريبات في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن إمكان قيام الدولة العبرية بعملية عسكرية "خاطفة" تحت عنوان " نقل الأسلحة الكيميائية السورية إلى جهات إرهابية".

وقال المصدر إن عاميدرور أبلغ المسؤولين الروس بأن "إسرائيل ستنفذ الغارة على موقع سوري ترتبط أنشطته بإنتاج أسلحة كيميائية وبيولوجية، لأنه على وشك السقوط في أيدي المسلحين الثوار، حيث لا يستطيع النظام السوري الأسدي حمايته.

وأجدني في نهاية مقالي أقول لله وللتاريخ: إن النظام السوري الذي جاء على ظهر دبابة ضالة أدارت ظهرها للعدو الصهيوني في الثالث من آذار 1963 لم يكن يوماً من الأيام مقاوماً، ولم يضع في حسابه يوماً من الأيام الرد على أي عدوان خارجي، فقد كان همه ومن الساعات الأولى لانقلابه جعل سورية مزرعة له وجعل الشعب السوري خدم وعبيد يقومون على أعمال هذه المزرعة، ولعل الجميع يقر بذلك، وأنا لا أتجنى على هذا النظام، فقد عشت فصول سنينه العجاف، وتجرعت من كأسه كما تجرع الشعب السوري كله بلا استثناء المرارات والعذابات في كل شؤون حياتنا الأسرية والمجتمعية والوظيفية.

وتأكيداً على أن هذا النظام لم يرد في خلال السنوات الخمسين الماضية على أي اعتداء على الوطن أو حماية مياهه وأجوائه أروي لكم ما حصل معي شخصياً عندما كنت أؤدي الخدمة الإلزامية في مرتفعات الجولان (القطاع الشمالي- نقطة زعورة):

في 3/11/1964 قام الطيران الإسرائيلي بقصف الجبهة السورية من شرقها حتى غربها ولمدة تزيد على 30 دقيقة بقنابل فسفورية، وكان قائد نقطة زعورا التي أنا فيها هو الملازم أول محمد بدور (ضابط احتياط وهو معلم مدرسة من الشيخ بدر التابعة لمحافظة طرطوس) عندما شاهد الطائرة تحلق قريباً من نقطتنا هرع إلى الاختباء في أحد (البلوكوسات) الإسمنتية ووقع منه مسدسه فتركه ومضى حيث يريد، فأخذت المسدس ولحقت به وقدمته له، وكانت فرائصه ترتعد من الخوف، وكنت في حينها مسؤول عن ثلاث رشاشات م/ط، فطلبت منه الأمر للتصدي لهذه الطائرات، فكان جوابه: قرد ولا.. والله ما تفعل لقدمك للمحاكمة بتهمة العمالة وكشف النقطة. تركته والتحقت بموقعي وأعطيت الأوامر لمجموعتي ان يتصدوا للطائرات إذا ما فعلت أنا ذلك، وكانت كوة البلوكوس الذي احتمى به الملازم الأول خلفي مباشرة، وكانت طائرة الفانتوم الإسرائيلية تقترب منا حتى أنني كنت أرى الطيار في داخلها، وكلما طلبت منه السماح لي بالتصدي سمعت منه الويل والثبور والتهديد والوعيد، ولكنني عزمت على التصدي مهما كانت النتائج، وبالفعل فما ان اقتربت الطائرة حتى قمت برشقها بزخة من رصاص مدفعي الرشاش وفعل الباقون من أفراد المجموعة نفس الشيء لثلاث مرات، وكانت الطائرة في كل مرة تولي هاربة دون أن تتمكن من ضرب النقطة.

بعد توقف القصف الإسرائيلي خرج الملازم أول بعد أن شعر بالأمان يتوعد ويزمجر، فقلت له افعل ما بدا لك.

استدعاني بعد ثلاثة أيام قائد الجبهة اللواء فهد الشاعر على ضوء تقرير رفعه إليه الملازم الأول، كما علمت، فرويت له كل ما جرى، فانفرجت أساريره بعد أن كان مقطب الجبين مكفهر الوجه ومد يده إلي مصافحاً وهو يقول أنت تستحق وسام شرف وليس عقوبة، وبالفعل أمر بمنحي شهادة تقدير وإجازة 12 يوماً. وفوجئ الملازم الأول بموقف قائد الجبهة، أما أنا فحزمت أمتعتي وذهبت إلى بلدي لقضاء الإجازة بين أهلي، ولكن فرحتى لم تدم طويلاً، فقد جاءني طراق الليل وأشباح الظلام ليأخذوني إلى أحد أقبية الأمن، جزاء لموقفي الوطني الشجاع، وباقي القصة ليس مجال روايتها في هذا المقال.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ