ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 29/12/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

عندما تكذب آلة الإعلام ..

المنشاوي الورداني

مترجم بالتليفزيون المصري

المتأمل في مسيرة الكذب الإعلامي في قصص الأولين يجد ارتباطها الوثيق بتوجه معين يريده صاحب السلطة والنفوذ ، حيث يعزز هذا التوجه بكل ما أوتي من قوة للحيلولة دون وجود المنافس الذي قد ينزله عن عرش الهيمنة والقهر . ولا غرو.. فالآلة الإعلامية ليست وليدة العصر الحديث فحسب ، بل سبق وأن بسطت رداءها في العصور الأولى ولكن بأشكال تختلف عن وسائل عصرنا الراهن الذي يتمتع بالوسائل الإعلامية الحديثة كالانترنت والصحافة والإذاعة والتليفزيون .

 

وقد اشتركت جميع الوسائل الإعلامية – قديمها وحديثها- في الكلمة الكاذبة لتوجيه الجمهور نحو توجه معين يريده من يملك الكلمة. والكلمة هنا هي الخطاب الإعلامي والذي كان في القدم ما يصدر عن اللسان ، وفي العصر الراهن أيضا ما يصدر عن اللسان ولكن في صور مطبوعة ومرئية ومسموعة.. وتأمل موقف القرآن من الشعراء حيث كان ما تلوكه ألسنة الشعراء هو النموذج الإعلامي القديم في ديوان العرب ، وتذكر قارئي العزيز تلك المساجلات والمعارضات بين جرير والفرزدق من أجل مناصرة الحكام بسلطان الشعر. . وما كان يحدث في فجرالإسلام من جانب شعراء الجاهلية بهدف ضرب الدعوة في مهدها ، لذلك ذم القرآن ذلك النوع من التوجه الإعلامي الذي يهيم فيه الشعراء : " والشعراء يتبعهم الغاوون . ألم تر أنهم في كل واد يهيمون . وأنهم يقولون ما لا يفعلون . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا.."( الشعراء / 224-227)

 

ولما كانت الكلمة أساس الخير وأساس الشر ، فقد جعل الله تبليغ رسالة الرسل بالكلمة ، و جاء الطواغيت ليفسدوا في الأرض في مبدأ الأمر بالكلمات .. كما حكى الله عن فرعون : "ما علمت لكم من إله غيري " ( القصص/38) ..وعن قارون :" إنما أوتيته على علم عندي " (القصص / 78). وأول معصية كانت كلمة ، كما حكى الله عن إبليس : "قال أنا خير منه "( ص/76) . وما أصاب المدلسون أعراض الرسل والصحابة والرموز الإسلامية إلا بالكلمات . وعن أبي هريرة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يَتَبَيَّن فيها يزِلُّ بها في النار أبعد مما بين المشرق ) رواه البخاري . وعند الترمذي: ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى لها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار )

 

 وقد قال الحافظ في ( الفتح ):- وكأنه يستشرف الخطاب الإعلامي قديما وحديثا - قال بن عبد البر: الكلمة التي يهوى صاحبها بسببها في النار هي التي يقولها عند السلطان الجائر . وزاد بن بطّال بالبغي أو بالسعي على المسلم فتكون سببا لهلاكه ، وإن لم يُرِد القائل ذلك لكنها ربما أدّتْ إلى ذلك ، فيكتب على القائل إثمها . والكلمة التي ترفع بها الدرجات ويكتب بها الرضوان هي التي يدفع بها عن المسلم مظلمة ، أو يفرج بها عنه كربة ، أو ينصر بها مظلوما . لذلك يرى الإمام النووي : في هذا الحديث حثٌّ على حفظ اللسان ، فينبغي لمن أراد أن ينطق أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق ، فان ظهرت فيه مصلحة تكلم وإلا أمسك .. فعن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) رواه الجماعة إلا النسائي وابن ماجه .

 

 

 وإن من الكلام الذي ينفع صاحبه هذه الأيام مناصرة المصلحين والمجاهدين الذين يشن عليهم الكاذبون والمدلسون الحملات تلو الحملات ، ومنها حملات الإعلام والكلام التي كانت موجهة ضد غزة فلسطين وأفغانستان وباكستان وحاليا ضد ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وسوريا وليبيا وغيرها بدعوى الإرهاب ، وكذلك نصرة الأقصى والوقوف مع المواجِهين لليهود في بيت المقدس الذين يريدون هدْم الأقصى وبناء كنيس الخراب وهيكلهم المزعوم .

 

 

 ولكي تعرف الفرق في الخطاب الإعلامي الصادق ونقيضه الكاذب : تأمل كلمات الرسل في تبليغ الرسالة وكذلك من كانوا لهم أعداء لهدم هذه الرسالة .. حيث ستجد مسألة طلب الأجر ممن يتبنون الكذب الإعلامي والزهد في هذا الأجر لدى الصادقين . ولقد أكد جميع الرسل في خطابهم الإعلامي لأقوامهم أنهم لايريدون في رسالتهم هذه الأجر أو المال ، بينما يطلب محترفو التدليس والكذب هذا الأجر وذلك المال : يقول تعالى في سورة الشعراء على لسان أكثر من نبي في الآية 109 و الآية 127 و 145 و 164 و 180 : "وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ".. وعلى النقيض ترى سحرة فرعون وهم أشبه بمحترفي التزوير والكذب الإعلامي المعاصر – تراهم يطلبون الأجر من الفرعون صاحب السلطان في مصر القديمة ، وقد جاء طلب هذا الأجر في أكثر من مناسبة في القرآن الكريم حيث يقول ربنا على لسانهم : (وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113/ الأعراف) ، و(فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41/ الشعراء ) . لذلك كانت الرسل وأصحاب الدعوات الإصلاحية في ثبات وتأييد رباني لأنهم لا ينتظرون و لا يقبلون ولا يسعون للمقابل إلا من الله .. بل قد يسمو المصلح فوق نفسه وفوق حطام الدنيا الزائفة ولا يريد هذا المقابل لدرجة أن يرفض ويحارب المقابل فهو لله و مع الله و بالله يعمل ..وهل هناك أجمل و أنظف وأرقى من هذا التوحيد الخالص الذي يصفي السريرة فلا تعلم هل أنت تمشي على الأرض أم تسبح مع الملائكة ..؟

 

وكما أسلفنا .. فإن الكلمة التي يتفوه بها اللسان هي آلة الإعلام قديما وحديثا ، وإن كانت الحملات الإعلامية الكاذبة في عصرنا الراهن قد اكتسبت أسماء حديثة عبر الشبكة العنكبوتية والإذاعات والفضائيات وكذلك الصحافة الصفراء ، فليس هذا بجديد .. بل هي معركة قديمة قِدَم المعركة بين الخير والشر، وقد جعل الله لنا في رسوله -صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة في كل أموره، ومنها: مواجهة كيد الكائدين بالصبر واليقين؛ ولعل أبرز الأمثلة في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواجهة تلك الدوامات: "حادثة الإفك"، وما أحوجنا جميعًا إلى تعلم الدروس التي علمها الله للمجتمع المسلم ككل عندما يواجِه بعض أفراده مثل هذه الحملات: صبر ويقين من صاحب القضية، وحُسن الظن ومناصرة من باقي المجتمع، وتَثبُّت وإمساك عن الخوض فيما لا برهان عليه، وإن "دوَّرته الآلة الإعلامية" ليل نهار، لكن إلى أي مدى يمكن أن نثبت أمام هذه الحملات؟!

 

 

ولقد كان لحادثة الإفك هذه التأثير البين لسطوة الإعلام الكاذب في المجتمع المسلم : " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " ( النور/ 15) فالحادثة قد شطرت مجتمع الإيمان ونشرت الكذب والتدليس والتزوير في ربوع المدينة وأطلت الفتنة كالأفعى برأسها : " والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم "(النور/ 11) .. ولكن شاء الله بتأييده أن تكون هذه الحملة الشعواء منحة من بعد محنة : " لا تحسبوه شرا لكم ، بل هو خير لكم " .. لذلك نحن نؤكد هنا مع الباحثين في علم الاتصال والإعلام خطر وأثر الإعلام في توجيه الرأي العام أو تكوينه .. حيث ترى الباحثة الألمانية "إليزابث نويلة" التي أعدت دراسة عن تأثير الإعلام على الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي انتهت فيها إلى أن الإعلام كثيرًا ما يشكل ضغطًا رهيبًا على الرأي العام؛ ليصبح الرأي العام هو ما يريده الإعلام لا ما يريده الشعب، عبر آلية أو نظرية أطلقت عليها: "دوامة الصمت".

 

وهي تقوم على افتراض رئيسي هو أن الإنسان في الأعم الأغلب لا يحب العزلة، ويخشى مِن مصادمة الرأي العام، وأن الإعلام يستطيع تحت شرط معين أن يلح على فكرة أو موقف من شخص أو جماعة بدرجة تعطي قناعة لدى جميع المتلقين أن هذا هو الرأي العام، ومِن ثَمَّ ترتفع الرغبة لدى مؤيدي هذه الفكرة، ويفتخرون بالانتماء إليها، بينما يشعر المعارضون لها أو المؤيدون لأطروحات أخرى بالحرج والخجل فيلزمون الصمت؛ مما يحوِّلهم إلى "أقلية صامتة" في المجتمع! بل ذهبت النظرية إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو أن الإعلام يستطيع إذا توحد على وجهة نظر مصادمة لرأي الأغلبية أن يحولها إلى "أغلبية صامتة" تخجل من مبادئها؛ حتى لو كانت هي مبادئ الأغلبية! بينما الأقلية المساندة من الإعلام تشعر بأنها صارت الأصل.

 

ولكن الشرط الرئيسي لكي تحدث هذه الظاهرة، هو: أن تتوحد وسائل الإعلام على أيديولوجية أو فكرة أو هدف، وهذا حاصل في حالات الإعلام الموجَّه مِن قِبَل الحكومات الديكتاتورية.

 

ولكن هل يمكن حدوث ذلك في حالات الإعلام الحر؟!

 

تجيب الباحثة الألمانية: إن البلد موضع الدراسة -وهو الولايات المتحدة الأمريكية- يحرر أعلى درجات التحرر الإعلامي، ومع هذا وجدت أن الأُطر العامة التي تحرِّك المؤسسات الإعلامية المتنافسة هي أطر واحدة، ومِن ثَمَّ فإن هذه المنافسة بين تلك المؤسسات لم تمنعها من أن تكون كلها تقريبًا ضاغطة لصالح توجهات معينة تدافع عن مصالح الشركات الأمريكية الكبرى.

 

وإذا أضفنا إلى رأي هذه الباحثة آراء باحثين آخرين يرون أن "التنوع الإعلامي" ما هو إلا أكذوبة كبرى؛ علمنا الحقيقة المُرة التي تواجهها البشرية عامة، لا فرق في ذلك بين عالم متقدم وآخر نام إلا في نوعية المتسلط على عقول الناس مِن الديكتاتور السياسي في العالَم النامي إلى الديكتاتور الرأسمالي في العالَم المتقدم.

 

إن آلة الإعلام الحالية عندما تتحرى الكذب .. يبدو أنها تتخذ مثلها الأعلى نظرية وزير الإعلام النازي (جوبلز ) الشهيرة: " أكذب اكذب، اكذب، حتى يصدقك الناس.. ) . – وقديما بحث الكافرون عن الغلبة بهذه الطريقة فقالوا : " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون " (فصلت /26 ) - هذه المقولة اندثر جسد صاحبها لكن العمل بها يبدو أنه لم يندثر..فنحن ما زلنا نشم روائح الكذب.. في بلاد الربيع العربي بغرض وأد الثورات العربية ، وكنا نظن إنه عندما تفوح رائحة الكذب سيخجل الكذابون، ولكنها تتكرر.. وتتكرر حتى تعودت الأنوف رائحته.. وصار طبقا رئيسا على الموائد بعد أن كان طبقا جانبيا.. ومع التكنولوجيا والثورة المعلوماتية صار القول إن الصورة أصدق من الكلمة، أو إن الصورة لا تكذب.. ) هو الآخر كاذب، فعملية قص ولزق ممكن أن تضع صورة مع خبر لا يمت لها بأي صفة، ناهيك عن عملية الفوتو شوب، التي من الممكن أن تغير بالملامح..وكأن الاستنكار القرآني للخطاب الإعلامي الكاذب القديم لدى بني إسرائيل لا يزال موجودا ، ولكن للأسف بين أبناء بلاد الربيع العربي الذين تشكوهم الثورات الوليدة إلى الله :

" ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "( البقرة /42 ) ..لذلك نعود لنؤكد أن حاجة المسلمين اليوم ليست إلى السلاح والعتاد بأشد منها إلى جهابذة كلمة الحق الذين يزيلون اللبس عن الناس ويبلغون الحق عن رسل الله عز وجل الذين ورثوا أمانتهم وميثاقهم.. ويصححون كذب آلة الإعلام بقدها وقديدها.

==========================

بشار والعد العكسي للإنهيار -2

بقلم : مصطفى منيغ*

عناد ليس إلا، وبهتان خارج عن الملّة، وتيهان ممسوخ يزيد لعنة بشار علة التشبث فيما تبقى له من أيام هي على قلبه مثقلة مملة. فلا روسيا دائمة له ولا إيران مخلصة لحمايته وقد جد الجد واتضح لها ما اتضح بالحجج والأدلة ، أن ديكور العظمة والافتراء بلا حشمة ،جناحي غراب ، من تحليقه في علياء منتشر بين ضبابها الغضب ، إلى سقوطه المشهود (حاصل لا محالة) ليتمرغ في التراب ، وقد هجرته الأسراب، مَن ْكانت على شاكلته قبل اكتشافها أن قضية بشار وزمرته سراب في سراب .

 العيب ليس فيمن لا زال يطبل ويزمر كأن المشاهدين لقنواتهم الإخبارية من السذاجة حتى يسايروا خزعبلاتهم الإعلانية المدفوعة الأجر الباعثة على الضحك في وقت عز فيه ذاك الشعور ، وإنما العيب في الفقر الذي استوطن ضمائر "قلة" حاولت و تطاولت على تشويه أحقية السوريين في العيش أحرارا كما كانوا قبل استلاء منجم العمالة والخيانة نظام الأسدين ألبعثي العبثي ، الذي انحاز لتقليد الشيوعية فلزمه الاختفاء (تحقيقا لأهدافه الذاتية المحصورة في تمتيع الأسرة الصغيرة بمزايا البذخ والثراء ، كأن سورية ضيعة خاصة بهم تتوزع على جيوبهم الغائرة وتلج بطونهم المضطربة بما لذ وطاب بتطبيق قوانين الغاب) وراء "الاشتراكية" مظهرا و"اللبرالية" المتوحشة جوهرا، فيظهر لمرحلة أنه نظام على مقاس خاص متفرد في العالم يعيد سمة العبيد بشكل لا يشمله تعريف أو تحديد ، المهم عليهم قائد ، إن أطاعوه أكلوا ورقصوا ، وإن أبوا جاعوا ولأجساد بلا روح تقمصوا ورويدا في العدد تقلصوا ، ليبقى النظام السيد بلا منازع، ومن أشار بالاحتجاج ولو داخل كوخه فقد أقر على وجوده أنه ضائع .

 روسيا بعد زيارة "بوتين" لأنقرة ، بات واضحا لها أن "بشار" مجرد بقرة ، لا تساوي "لتسمينها" استراتيجيا كل تلك المواقف المهدرة ، أكان "الفيتو" في اجتماعات مجلس الأمن المتكررة إحداها ، أو انسياقها لعمامة " المقدس سره" كما يحلو لحسن نصر الله تسمية سيد "قم"، دامت أمعاؤه بالحسرة على انتصار أحرار سورية عامرة ، لتحظى روسيا كالعادة بما يحظي به المنشار المتحرك داخل أضيق دائرة ، الخشب فيها خشيبات تُسْتَبْدَلُ بأقصى أحجام المنافع المُسْتَثْمَرَة ، تاركة إيران مع بيضها الفاسد في احتجاجها نكرة مستنكرة لفشلها البين ناكرة ، وتهنأ روسيا بنصيبها في الدجاجة المحمرة ، تحتسي كؤوس " الفوتكا" كأنها خارجة من سهرة ، نجمها "بشار" في رقصة العار يرتجف ارتجاف فأر سها عن جحر يلجأ إليه ساعة فرار ، فتيقن آخر المطاف أن حماقاته جرته لهذه النهاية الخطيرة ، التي كانت لكل دكتاتور قاتل لشعبه منتظرة .

 

النظام إلى زوال ، مذ هذا الزوال ، وما تلاه من قليل توقيت منتهي وهذا الخطب الرهيب قد تبدد وزال ، فيصبح "بشار" في خبر كان رئيسا لدولة بدل الحَكَامَةِ الرشيدة في عرف النماء والحداثة لنيل سوريا التقدم غرق في يم من دم حينما لذبح شعبه زاول . أكد ذلك من في الصفوف الأمامية يناضل على امتداد شهور المجد ولا زال ، ليس بقرار سياسي اتخِذ بل بإرادة نساء ورجال في سوريا الأبطال ، وقسمهم المقدس على الاستمرار فيما هم فيه إلى لحظة الإعلان الحتمي أن "بشار" (مذموما مسحوقا مهزوما مكسورا ذليلا منحطا بوجه مُسْوَد ، مقيد اليد ، شبيهة حالته بالمساق ليتوارى – حيا - تحت لحد ، لمجرم مثله أُعِدّ ، بقاع تسكنه الأفاعي وجوانب واصلة لها ما يذيب بتؤدة الجسد ، حتى يرحم من في الثرى من أحياء - ولو مجهرية - من عفونة سفاح شعبه) وقد رحل .

... بالتأكيد ، وباختصار شديد ، نِعْمَ الرأي السديد ، القاضي بتجنب التدخل الأجنبي وإبقائه في الأبعد البعيد . هذا ما جعل و يجعل أحرار سوريا يومه أسياد كل سيد ، ولن يتحولوا غدا (تحت أي ظرف أو ضغط مساعدة خارجية مهما كان حجمها أو وجهتها) لمجرد عبيد.

…الدخان في قلب دمشق تصاعد ، والزحف المبارك لقصر المُطاح به "بشار" امتد ، والإصرار على سحق النظام الجائر احتد، والمنشقون عن الدرع "إياه" اتسعَ بتعدادهم العد ، كل ذلك تحقق وعلى الذات السورية بعد الله الاعتماد، لذا كانت الثورة السورية في القمة محتفي بها المجد بحضور الأجداد: العزة والكرامة والشهامة والإقدام والسؤدد ، والأحفاد: المستقبل وراحة البال والإجابة بحرية في التعبير عن أي سؤال .

... انطوى الكثير ولم يبقى للنصر سوى هدم ذاك السد ، المختبئ خلف تحصيناته الآخذة بين جزر ومد ، مصير لا يتصور هول مصائبه أحد ، ممن تخندق مع الطرف الخاسر ماسكا السراب وواقع انبطاحه قهرا منه الأقرب ، فحينما تُدَقّ ساعة الفرج لا وجهة أمام الفارين وقتها إلا وجهة الاستسلام لمحكمة الشعب لتصدر في حقهم ما يناسب الأرواح التي زهقت بين الطرقات، وما يعادل دماء الشهداء التي أُرْهِقَت عبر الساحات دون ذنب له اقترفت .

... صيحة جماعية مرتقبة وشيكة الوقوع لا محالة يقتلع بها الشعب السوري العظيم جذور فساد أسود عمر أزيد من عقود أربعة غير عابئ بحقوق الإنسان ولا مكثر بمقولة للصبر حدود، ولا مقدما الحساب ، كأن سوريا ضيعة كل ما فيها خرفان وشياه لا شغل يغنيهم عن خدمة "بشار" والويل لمن زاغ فيهم عن المحدد له أو تكبر ، معرض حتما للكي بالنار إن رغب في إثبات إنسانيته ليصبح من الأحرار في شام الأبرار .

الآن انقلبت الآية أصبح "بشار" أمام أصعب اختيار ، الفرار أو الانتحار (يتبع)

___________

*مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية

عضو المكتب التنفيذي لحزب الأمل

====================

و يسألُ دائماً عني

عبد الله علي الأقزم

أتهوى العيشَ رحَّالاً

و منكَ المدُّ

و الجزرُ ؟

و مِنْ ضدَّيكَ

يسطعُ

ذلك البدرُ

و مِن تعريفِ عينكَ

يُعرَفُ الدُّرُّ

و معناكَ الرفيعُ هنا

يُضيءُ لكلِّ منحدرٍ

فلمْ يُلجَمْ

لهُ نهيٌ

و لمْ يُطفأ

لهُ أمرُ

و عيشُكَ بين أجزائي

يُسافرُ بي

فيُكشَفُ

ذلكَ السِّفْرُ

و قربُكَ في يدي

قصرٌ

و بُعدُكَ عن يدي

قبرُ

و عطرُ هواكَ في صدري

يُزلزلُني

و ليس لهُ

بزلزالِ الهوى

جسرُ

و تعبرُني

حكاياتٌ مدمِّرةٌ

و تفصلُ بيننا الجدرانُ و التيَهَانُ

و البحرُ

و أنتَ أنا

على صورٍ ممزَّقةٍ

جراحاتٌ معذبةٌ

و لاقطُها

هو الهجرانُ و الترحالُ

و القهرُ

و قبلكَ

ليس لي ظهرُ

و بعدَكَ

ليس لي صدرُ

و بينهما عراكٌ

بين حرفيْنا

فوصلُهما هو اليُسرُ

و قطعُهما هو العسرُ

و بين عروج قلبينا

سمعتُ صراخَ

مشكاتي

أفوق خناجرِ الهجرانِ

يُقتلُ ذلكَ الفكرُ ؟

أبين تباعدِ الصَّدرينِ

يُخنقُ ذلك النهرُ ؟

أبين فراقِ بدريْنـا

تساقط بيننا

الثغرُ ؟

و هذا المعولُ الآتي

أمِن روحي

لهُ مهرُ ؟

و هذا الكشفُ أتعبني

و يحلو عندهُ

الأسرُ

و نزفُ تلاوةِ الخفقانِ

لو تدري

هو التـنقيطُ و الترميزُ

و السِّرُّ

سأعلنُها

لكلِّ القادمينَ شذا

دمائي منكَ أشعارٌ

بأوَّلِها

و آخرها هو النثرُ

و قرطاسي

خراباتٌ تكوِّنُهُ

و فاتحُهُ

هو الفقرُ

و كفِّي مِن نسيجِ الليلِ

لمِ يُشرِقْ بهِ

فجرُ

أتـتـركُني

لسلسلةِ افتراقاتٍ

و أرقامي لكلِّ تقدُّمٍ

صفرُ ؟

و حبُّكَ ذا يُكوِّنُني

قواريراً معـتـقةً

و كُلِّي منكَ لو تدري

هو الحرفُ الذي لولاهُ

لم يُكمِلْ لنا

سطرُ

و صدرُكَ حينَ أدخلُهُ

تُراقصُ داخلي

الأزهارُ و الألحانُ

و البِشْرُ

جمعتـُكَ في يدي

ورداً

و أنتَ أنا

كلانا ذلك العطرُ

و لولا حبُّكَ السَّيَّالُ

لمْ ينهضْ

لأبياتِ الهوى

حبرُ

بفضلِ هواكَ

فوق يدي

قراءاتٌ

نقاطُ جميعُها

خضرُ

و ظلّـكَ حينَ غادرها

فكلُّ جميعِها

قفرُ

و لولا الحبُّ

لمْ يُثمرْ

لنا نهيٌ

و لمْ ينضجْ

لنا أمرُ

_________

23/12/2012م

10/2/1434هـ

=========================

مفهوم المواطنة

مازن هاشم

يتردّد هذه الأيام في سياق الثورات العربية مصطلح المواطنة على أنه هو العنصر المفتقد في الثقافة السياسية للعرب، وأنّ غياب هذا المفهوم ينتج عنه تفاوتاتٌ اجتماعية وربما بُغضٌ وتناحرٌ بين فئات المجتمع. وبالمقابل، إذا آمن الناس بمفهوم المواطنة إيماناً عميقاً استوى فيه موقع جميع الناس في الدولة، مما يزيل تلقائياً كل دواعي الفرقة ومصادر الكره.

 

والخطاب في ذلك موجه خصوصاً إلى الحراك السياسي الإسلامي، لأن الطرح الإسلامي يحمل معه حُكماً اعتباراتٍ إضافية لفكرة الانتماء إلى المجتمع لا تقتصر على المواطنة. ولا يخفى أنه تقبع خلف التأكيد على مفهوم المواطنة مخاوف أقلوية من غير المسلمين خصوصاً، مدفوعة بقلق من مظنّة ظلمٍ يأتي من جهة محورية الشريعة في أذهان الإسلاميين، وربما بتخوّف أيضاً من فكرة النظام المليّ الذي كان قد انتهجه العثمانيون. وليست وظيفة هذه العجالة تبيين موضع غير المسلمين في فلسفة الشريعة، ولا التحقيق العلمي في الواقع التاريخي لنظام الملّة. كل الذي يهمّنا هنا هو الإشارة إلى أن الطرح الشائع لمفهوم المواطنة طرح ناقص، وينجبر هذا النقص عند التفريق بين العقد السياسي و الجذر الذي تتأسس فيه هوية المجتمع؛ وهذا الذي سوف أسعى إلى شرحه.

 

فمثلاً، الناس يتنعّمون بالمياه المتوافرة في بيوتهم، وجرّ المياه إلى المدن والأحياء يتحصّل بمجهود من الدولة لا من قبل مجموعة سكان قرية تعاونوا على نقل الماء؛ فكيف لا يكون جميع الناس متساوون في ذلك. أي أنه لما كان المشروع وتنفيذه يتجاوز حيّز الجماعات الخاصة، اقتضى الأمر أن يتساوى فيه الناس جميعاً وأن يتشاركوا في كلفته من خلال الرسوم والضرائب. وفي أغلب أنشطة الحياة الحديثة لا يعقل عدم تساوي المواطنين حقاً في الانتفاع وواجباً في تحمّل الكلفة. إلى هذه الحدّ ليس هناك إشكال في الفهم، ولا عجب إذاً أنه تقبّلت الحركاتُ السياسية الإسلامية هذا المفهوم، وأكّدت على أنّ المواطنين في الدولة الجديدة بعد نجاح الثورات سوف يتساوون فيما بينهم في الحقوق والواجبات.

 

غير أن السؤال المُلحّ هنا هو إذا كانت رابطة المواطنة كافية لصيانة المجتمع وتماسكه. إن الانتفاع المشترك وشعور التساوي فيه لا يكفي أن يكون مرساة للهوية. نعم الانتقاع يُنشئ روابط بين الناس ويُشعرهم أنّ حياة كل منهم معتمدة على الآخر، فيدفع ذلك فئات الناس إلى قبول بعضهم البعض بناء على الاشتراك في الحاجات. لكنّ روابط الانتفاع المشترك ما كان لها أن تصبح ميثاقاً غليظاً يعفي الناس عن الانتماء لما هو أبعد من الانتفاع وما هو أعمق في قلوبهم.

 

عقد الانتفاع المشترك غير كاف للحياة البشرية لأن في النفس أعماق لا يلامسها الانتفاع. وفي مخيال الأمم انتماءات كبرى، سواء أكانت دينية أو قومية أو غير ذلك، تملؤ كينونتهم الشعورية وتشكّل شخصيتهم الحضارية.

 

الفلسفة الوجودية هي التي تفترض أنّ بإمكان الأفراد الاستمتاع بطينة رغباتهم دون أن يعتديَ أحدٌ على الآخر. وهذا الافتراض وهمٌ لا يثبت عند التحقّق. هؤلاء يستشهدون عادة بالدول الغربية. ولكن لنا أن نسأل إذا كان رغد الاستمتاع المشترك في هذه البلدان غير مستند إلى ثروات العلائق الاستعمارية، مواد خامٍ رخيصة أو عمالة بأجر زهيد. وناهيك عن هذا، النزاع الداخلي في هذه البلدان اليوم هو تحديداً نزاع على تزعزع الثقة بوعد بالاستمتاع ولأنه عملياً لا تستوي فيه كل فئات هذه المجتمعات.

 

ثم إنه لا يمكن لرابط المواطنة -الرقيق طبيعة- أن يكفي إلا إذا ارتبط بانجازات حقّقتها الدولة المعنيّة. فلا يمكن الإدعاء بأنه ليس في البلدان التي يُطلق عليها وصف "الديمقراطيات الصناعية" روابط غير روابط المواطنة. وحين يفتخر أهل اليابان بمواطنتهم فلأن اليابان الحديثة قدّمت لهم شيئاً نفيساً، وكذا ألمانيا وكذا فرنسا. هذا الرابط الوطني يقوى بعد الإنجاز لا قبله. أما همّة الإنجاز فتترسخ في شيء أعمق في القلب والخيال: البلد التي لا تغرب عنها الشمس في الحالة اليابانية، والعرق الألماني المميز في الحالة الثانية، والثقافة الراقية في الثالثة.

 

الخلاصة: عقد المواطنة وفق دستور وقوانين يستوي فيها كل من اعتبر "مواطناً" هو المناسب قطعاً في إدارة الحياة الحديثة. ولكن مضامين هذا العقد لا تكفي لبناء حضارة ولا لإلهام أمة. مفهوم المواطنة مطلوب للتأسيس القانوني للعيش المشترك، غير أنه لا يكفي للدفع نحو السؤدد ولا يملأ جوانب الحياة الرحيبة المتّصلة بالتاريخ والمرتبطة بالكينونة البشرية. وربما يصح القول إنّ المواطنة حدّ أدنى مطلوب فحسب. والأقليات التي تحسب أن رابط المواطنة كافٍ لحمايتها هي مخطئة في ذلك، فما يحميها مثل الرابط الخُلقي الروحي لجنس الإنسان، أما مجرد العقد القانوني فكثيراً ما يهدر عند استئثار الأطماع.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ