ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 14/11/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

فتح مكة -9

الدكتور عثمان قدري مكانسي

لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، واطمأن الناس ، خرج حتى جاء البيت ، فطاف به سبعاً على راحلته ، يستلم الركن بمحجم في يده ؛ فلما قضى طوافه ، دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، ففتحت له ، فدخلها ، فوجد فيها حمامة من عيدان ، فكسرها بيده ثم طرحها ، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكَفَّ( اجتمع) له الناسُ في المسجد ‏،

فقال ‏:‏ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ، ففيه الدية مغلظة ، مائة من الإبل ، أربعون منها في بطونها أولادها ‏.‏

يا معشر قريش ، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية ، وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم ، وآدم من تراب ، ثم تلا هذه الآية ‏:‏ ‏(‏ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ‏)‏ ‏.‏‏.‏‏.‏ الآية كلها ‏.‏

ثم قال ‏:‏ يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل فيكم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ خيراً أخ كريم ، وابن أخ كريم ، قال ‏:‏ اذهبوا فأنتم الطلقاء ‏.‏

إقرار أمر السدانة لعثمان بن طلحة ‏:‏

ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده ، فقال ‏:‏ يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أين عثمان بن طلحة ‏؟‏ فدعي له ، فقال ‏:‏ هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يوم بر ووفاء ‏.‏

طمسه صلى الله عليه وسلم ما كان في الكعبة من الصور ‏:‏

لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت يوم الفتح ، فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم ، فرأى إبراهيم عليه السلام مصورا في يده الأزلام يستقسم بها ، فقال ‏:‏ قاتلهم الله ، جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام ، ما شأن إبراهيم والأزلام ‏!‏ ‏( ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنفياً مسلماً ، وما كان من المشركين ‏)‏ ‏.‏ ثم أمر بتلك الصور كلها فطمست ‏.‏

إسلام عتاب والحارث بن هشام وسببه ‏:‏

دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال ، فأمره أن يؤذن ، وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة ، فقال عتاب بن أسيد ‏:‏ لقد أكرم الله أسيداً ألا يكون سمع هذا ، فيسمع منه ما يغيظه ‏.‏ فقال الحارث بن هشام ‏:‏ أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته ، فقال أبو سفيان ‏:‏ لا أقول شيئاً ، لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى ، فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏ قد علمت الذي قلتم ، ثم ذكر ذلك لهم ؛ فقال الحارث وعتاب ‏:‏ نشهد أنك رسول الله ، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا ، فنقول أخبرك ‏.‏

إضاءة:

1-        المسجد للمسلم رَوح وريحان ، وأمن وأمان، ، بيت الله يؤمه المسلمون خمس مرات في اليوم ويقفون بين يديه سبحانه يصلون مجتمعين يرجون ثوابه ويخافون عقابه يسألونه الهدى والتقى والعفاف والغنى، فالمسجد عنوان وحدة المسلمين، ودليل التزامهم بهذا الدين العظيم والصلاة ثاني أركان الإسلام وإذا قُبلت قُبل ما بعدها.

2-        كان صلى الله عليه وسلم إذا عاد إلى المدينة من غزوة أو سرية أو دعوة يمّم وجهه نحو مسجده فصلى فيه ركعتين قبل أن ينطلق إلى أبياته ، ومن سنن الحجّ أن يقف الحاجّ في مسجد حيّه - حين يعود من حجه- يستقبل مهنّئيه بالحج ويدعو لهم فدعاؤه قبل دخوله بيته مقبول ، فإن دخل بيته كان كبقية الناس.

3-        تحية المسجد أن تصلي فيه ركعتين إلا المسجد الحرام فتحيّته الطواف حول الكعبة سبعة أشواط ، وهذا ما فعله الحبيب المصطفى لما اطمأنّ الناس ودخلت مكة في دين الله وأسلم أهلها أمرَهم لله ورسوله.

4-        كانت سدانة البيت في الجاهلية لبني شيبة فلما فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عثمان بن طلحة وأخذ منه المفتاح ، فرغب فيها علي بن ابي طالب وسأل رسول الله أن يجمعها لبني هاشم مع السقاية التي كانت لهم لكن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن دخل الكعبة وصلى داخلها ركعتين وخرج للناس أعاد المفتاح لآل شيبة ممثلين بكبيرهم عثمان ابن طلحة وأعلن أن هذا اليوم الأغرّ يوم خير وبركة وبِرٍّ ووفاء. وهو – صلى الله عليه وسلم يعلّمنا أن الحاكم لا ينبغي له أن يستأثر بالمفاخر ولا ينسب لنفسه وآله المكارم كلها – وهو سيد البشر وقمة المكارم - كما يعلمنا صلى الله عليه وسلم كيف نتألّف القلوب ونكسب ود الأعداء والأصدقاء على حد سواء بوضع الأمور في نصابها والحفاظ على مكانة الآخرين وشرفهم.

5-        روى ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنَّ أشدَّ النَّاسِ عذابًا عندَ اللَّهِ يومَ القيامةِ المصوِّرونَ" فهم يضاهئون فعل الله تعالى ويُقال لهم " أحيوا ما خلقتم" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ رأى حمامة من عيدان في البيت كسرها بيده ثم رماها، ثم أمر بطمس الصور ،فالمساجد لله تعالى وحده . وترى كثيراً من المسلمين يترخّصون بوضع التماثيل في بيوتهم يقلدون غيرهم عن جهل وبُعد عن فهم الدين والتزامه .

6-        اجتمع الناس أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمعون ما يقرر في أمر مكة وأهلها الذين ناصبوه العداء ثلاثة عشر عاماً وهو فيهم، وثمانية أعوام وهو مهاجر إلى المدينة ،ما فتئوا يكيدون له ويمكرون به ويحاربونه ويحاولون وأد هذا الدين العظيم " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" لكنّ الداعية يغفر ويعفو ، ويسامح وينسى أذاهم ، إنه حين يظفر بهم يحمد الله تعالى أنْ مكّنه منهم ليهديهم به إلى الطريق المستقيم والنور القويم ، ومثاله الساطع قول الله تعالى ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم ، وما يُلقّاها إلا الذين صبروا ، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).

7-        قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تظنون أني فاعل بكم؟" وماذا يفعل الكريم إذْ ظفر بأعدائه فذلوا له وأذعنوا ؟ إنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، لكنه الجحود والاستكبار منعهم من الإيمان به .. والآن يقرون بفضله وكرمه ونبل أخلاقه: (أخ كريم وابن أخ كريم.) أفيعاقبهم ويقتص منهم ؟! كلا إنهم يعطيهم أبلغ درس في الغفران والعفو ( اذهبوا فأنتم الطلقاء العُتقاء) فتسري في مكة الفرحةُ العارمة بين الناس ويُقبلون على دين الله أفواجاً.

8-        أما النصر فإنه من الله ( وما النصر إلا من عند الله ، إن الله عزيز حكيم) ورسول الله أول من يُقرُّ بهذا فيصدح على سمع البرية كلها بتعظيم الله وردّ الفضل له سبحانه" لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده" فهو الله الواحد الأحد ، الفرد الصمد، لا شريك له ولا ولد ، صدق اللهُ رسولَه إذ وعده بالنصر فحققه وكان له الفضل أولاً وآخراً، وما المسلمون وهم يقاتلون إلا أداة لإحراز النصر الإلهي ( فلم تقتلوهم ولكنّ الله قتلهم ، وما رميتَ إذ رميتَ ولكنّ الله رمى) فلا ينسبَنّ أحد الفضل لنفسه ، كلُّ شيء بأمر الله تعالى والسعيد من عرف هذا وعمل له وسلّم أمره لمولاه..

9-        ويقِرّ الحبيب الرسول جملة من التشريعات المناسبة ويغرس فسائل الحق والخير لتكون في قابل الأيام أشجاراً باسقة وظلالاً وارفة للمجتمعات الإسلامية على مر الدهور وكرّ العصور.

أ‌- فلا تسابق بين المسلمين إلا بالعمل الصالح.

ب‌-       الناس سواسية ، لا فضل لأحد على الآخر إلا بالتقوى. يدخل الرسول الكعبة ومعه بلال بن رباح رضي الله عنه – وما أدراك ما بلال- ثم يرتقي بلال ظهر الكعبة ويصدح بالأذان فتنتشي بطاح مكة وبيوتاتها وجبالها بصوته العذب يرطّبُ أنداءَها ويعلن راية التوحيد فيها.

ت‌-       ما تعارف عليه الناس في الجاهلية موضوع إلا ما جمعهم على الخير( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).فألغى ما خالف الشرع وثبّتَ ما وافقه.

10-      تأييد الله لرسوله واضح في سيرته ودعوته صلى الله عليه وسلم ، إن الله تعالى يؤيد الدعاة ما أخلصوا وكان عملهم لله وحده، وقصة عتاب بن أُسيد والحارث بن هشام وسفيان بن حرب مثال واضح على ذلك ، فأولهم مشرك لم يدخل الإيمان قلبه ، وثانيهم يبحث عن الحق ولمّا يصلْ إليه ، وثالثهم أسلم وكان إسلامه إذ ذاك رقيقاً . ويخبر جبريلُ عليه السلام رسولَ الله بما جرى بينهم من حديث ، فيخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّثهم بما قالوا دون تقريع ولا تانيب، لكنه مسَّ شَغاف قلوبهم ، فيزداد الثالثُ إيماناً، ويُسلم الآخران ويحسن إسلامهما .

========================

عملية صناعة القرار ( 1 – 2 )

(1)

أ .محمد بن سعيد الفطيسي

azzammohd@hotmail.com

تشكل سلسلة القرارات والإجراءات واللوائح والقوانين التي تعمل على أساسها الدول بشكل عام, الروح الحركية والتفاعلية التي تنظم مسيرة الحياة بها في الداخل ومع العالم الخارجي, وبمفهوم آخر تعني النظام نفسه, وبالتالي فإن ما يقابله في الجانب الآخر هو الفوضى وعدم الاستقرار, وعليه فإن تلك القرارات المنظمة "لدينمو" الحياة في تلك الدول, تعني صورة النظام الذي تتحرك على أساسه مسيرتها التنموية والحضارية.

وانطلاقا من هذا المفهوم, فإن خطورة وأهمية صناعة ذلك القرار, وما قد يسببه من فوضى في حال لم يؤسس على قواعد علمية وعملية قوية, يجعل من ضرورة الاعتناء به, بمكانة ومنزلة تحضر ورقي الدولة نفسها, أي أن فشل ذلك القرار في تحريك عجلة النظام والاستقرار, سيتسبب في فوضى لا حدود لها, ما سيؤثر بشكل أو بآخر في روح ومسيرة تلك الدولة الحضارية والتنموية في الداخل, وربما علاقتها مع بقية دول العالم, وذلك لارتباط العديد من تلك القرارات الداخلية بالعالم الخارجي, وبالتالي فشلها في مواكبة التغيرات والتحولات الدولية المتسارعة.

لذا فقد برز الاهتمام من قبل جل دول العالم وحكوماتها بصناعة القرارات انطلاقا من تلك الأهمية البالغة, والخطورة سالفة الذكر, وتنقسم القرارات دائما إلى قسمين, قسم خاص بالسياسة الداخلية للدولة أو المؤسسة, والقسم الآخر هو ما يخص الجانب الخارجي, أي السياسة الخارجية للدولة أو المؤسسة.

فأما القسم الداخلي فهو ذلك الجانب الذي يهتم بتنظيم حركة التنمية ومسيرتها العمرانية والإنسانية في الداخل, وذلك من خلال القرارات التي تشكلها القوانين واللوائح المنظمة لها, كقوانين الأحوال الشخصية والجزائية والمرورية على سبيل المثال لا الحصر, وتقوم بصياغتها الجهات المعنية, والأشخاص المخولون من قبل الدولة بذلك, كالقضاة وخبراء الشرطة وأساتذة الجامعات, ومن على شاكلتهم من الأكاديميين والمفكرين.

أما بالنسبة لصناعة القرار السياسي الخارجي, وهو الأخطر بكل تأكيد, لما يترتب عليه من ارتباط سلوكي وتواصل ونشاط بالعالم الخارجي, وما قد تنعكس سلبياته على العملية التنموية في الداخل, فيقصد به تحويل الهدف العام للدولة إلى قرار محدد, ويبنى انطلاقا من جهات تبدأ من رئيس الحكومة, ووزير الخارجية, والأجهزة الحكومية الأخرى, وعلى رأسها الاستخبارات ومجالس الأمن القومي والسلطة التشريعية, وفي بعض الدول تساهم الأحزاب السياسية وجماعات الضغط السياسي ووسائل الإعلام والرأي العام في ذلك.

لذا فإننا ومن خلال هذا الطرح سنحاول اختصار تعريف صناعة القرار Decision Making وخطوات صياغته, والأسس العلمية المفروض توافرها قبل البدء في اتخاذ إجراءات تنفيذ ذلك القرار Decision Taking المحدد, حيث لا بد أن نعرف أولا, أن هناك فرقا شاسعا بين الأول والآخر, حيث تعتبر إجراءات اتخاذ القرار هي المرحلة النهائية من منظومة صناعة القرار, وبالتالي فإن هذا الأخير هو الخطوة الأولى والرئيسية في إدارة العملية التنموية والحضارية للدولة بشتى فروعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية و00الخ.

وحيث إننا لن نتناول سلسلة الخطوات التي يمر بها إجراء اتخاذ القرار, فقد وجدنا ضرورة التطرق إليها هنا بشكل مختصر, وذلك بهدف معرفة الفرق بين خطوات صنع القرار وإجراءات تنفيذه, حيث تدور عملية اتخاذ القرار في إطار معين يشمل العناصر التالية :- الموقف أو المشكلة, فمتخذ القرار, ثم الهدف والبدائل المطروحة وأخيرا قواعد الاختيار وعملية اختيار الحل الأمثل بين البدائل المعطاة أو المتوفرة.

أما بالنسبة لصناعة القرار وهو ما يهمنا هنا, فقد (تعددت النماذج التحليلية لعملية صنع القرار، ورغم ما يبدو من اختلاف بين الباحثين في هذا الموضوع إلا أن هناك عناصر اتفاق بينهم, كذلك فيتفق كل الباحثين في أن صنع القرار يمر بمجموعة مراحل, إلا أنهم يختلفون في عدد هذه المراحل وترتيبها, وعلى أية حال نجد أن هناك نماذج تحليلية لصنع القرار يتراوح ما تحتويه من خطوات ما بين أربع خطوات وتسع خطوات أساسية يجب أن تتم في ترتيب محدد).

ولنبدأ أولا بتعريف مصطلح أو مفهوم عملية صناعة القرار, فالقرار هو (البت النهائي والإرادة المحددة لصانع القرار بشأن ما يجب وما لا يجب فعله للوصول لوضع معين وإلى نتيجة محددة ونهائية, ومن ثم يمكن تعريف القرار بأنه مسار فعل يختاره المقرر باعتباره أنسب وسيلة متاحة أمامه لانجاز الهدف أو الأهداف التي يبتغيها لحل المشكلة التي تشغله).

كما يعرفه نيجرو Nigro بأنه الاختيار المدرك (الواعي) بين البدائل المتاحة في موقف معين, أما من - وجهة نظرنا الشخصية - فإننا نتصور ان عملية إدارة القرار هي سلسلة الخطوات العلمية والعملية المتبعة لتحقيق الصواب في الوصول إلى الهدف المحدد, وهو القرار نفسه, والذي نعرفه بأنه الحل النهائي الناتج عن التفكير النموذجي والعلمي المتبع في سلسلة الخطوات الإجرائية المتعارف عليها في عملية إدارة صنع القرار, دون التطرق إلى صحة ذلك القرار من فشله في نهاية المطاف, فالحقيقة ان القرار قد يتخذ في عملية صياغته الإجراءات المحددة والمرسومة سلفا, ورغم ذلك ينتج عنه قرار أو حل غير صحيح.

وهنا لا يعود الخطأ في ذلك إلى سلسلة الإجراءات العلمية المتبعة, وإنما إلى النماذج السلبية المطروحة في خطوات الحل, كالمعلومات الخاطئة أو الناقصة عن المشكلة, أو الأساس الخاطئ الذي يقوم عليه القرار, أو التحليل السيئ للمشكلة, كما قد تؤثر النواحي السيكولوجية (النفسية) لمتخذ القرار والتوقيت غير المناسب, وكفاءة الإداري في فشل إدارة عملية اتخاذ القرار, والوصول في نهاية المطاف إلى حل سليم وصحيح للمشكلة المطروحة.

وتختلف هنا النماذج السلبية المؤثرة على عملية صنع القرار عن المعوقات التي قد تصادف إدارة العملية نفسها, حيث إن من ابرز تلك المعوقات التي قد تبرز خلال إدارة تلك العملية والتي يشير إليها الأستاذ والباحث هيوزويوين بالاتي: التنظيم الخاطئ للمشكلة والتسرع في اتخاذ القرار والتفكير المزدوج والقرار الوحيد الذي لا قرار دونه والتقصير في عملية الاتصال.

(2)

 تختلف النماذج السلبية المؤثرة على عملية صنع القرار عن المعوقات التي قد تصادف إدارة العملية نفسها , حيث أن من ابرز تلك المعوقات التي قد تبرز خلال إدارة تلك العملية والتي يشير إليها الأستاذ والباحث هيوزويوين بالاتي : التنظيم الخاطئ للمشكلة و التسرع في اتخاذ القرار والتفكير المزدوج والقرار الوحيد الذي لا قرار دونه والتقصير في عملية الاتصال.

 وانطلاقا من الأهمية القصوى لتلك السلسلة التي سنتطرق إليها , وما قد يترتب عليها من فشل ذريع في التوصل إلى حل نهائي صحيح , في حال لم يتم الوصول فيها إلى أقصى درجات التركيز و الوعي العلمي , فإننا سنحاول تحليلها وشرحها بطريقة أدق , فمثلا نجد بان "جريفث" يحدد هذه المراحل في :- تحديد وحصر المشكلة ومن ثم تحليلها وتقويمها فوضع المعايير والمقاييس المناسبة والتي سيتم حلحلة المشكلة ووزنها من خلالها , فجمع المعلومات الكافية حولها , وأخيرا وضع الحلول الممكنة واختبارها مقدما , فاختيار الحل الأنسب من بينها .

 أما "لتشفيلد " فيضعها في الصورة التالية , وهي تعريف القضية ومن ثم تحليلها فحساب وتحديد البدائل , فالمداولة وأخيرا اختيار الحل , وبالطبع فقد تطرق الكثيرون بخلاف ما ذكرنا , إلى خطوات تلك السلسلة من الباحثين المتخصصين والمفكرين السياسيين والاجتماعيين والإداريين , وان كان هناك اختلاف بسيط في تلك المراحل بين شخص وآخر , فانه لا خلاف على الخطوات الأساسية التي تنحصر في تحديد القضية أو المشكلة , ومن ثم تحليلها بشكل أكثر تفصيل ودقة وذلك بمعرفة أسبابها وتطوراتها وجمع المعلومات حولها على سبيل المثال , ثم تحديد الحلول الممكنة والمتاحة لاحتواء ما تبقى منها بهدف القضاء عليها بشكل نهائي أو التخفيف من أثارها بقدر الإمكان , وهنا تأتي أهمية المداولة والمشاورة ونوع الأشخاص ومراكز الدراسات والأبحاث التي سيتم التوصل إلى الحل من خلالهم , فاختيار الحل النهائي والأخير 0

 وهنا نشير إلى أهمية كل خطوة في تلك السلسلة من عملية إدارة صناعة القرار, وضرورة إعطاءها القدر الكافي من الوقت والاهتمام , وإلا فان النتيجة النهائية والقرار الأخير سيكون عقيم وناقص , وعلى وجه الخصوص , نشير إلى ابرز واخطر تلك الخطوات , والتي نتصورها من وجهة نظرنا تمثل ثلثي السلسة , وهي جمع المعلومات والمداولة التي تعتمد اعتماد كلي على نوعية الأشخاص الذين سيقومون بتقييم المشكلة وتحليلها ورفع حل نهائي بها إلى الجهات المعنية .

 ( حيث يرى البعض أن من أهم الصعوبات التي تعترض عملية اتخاذ القرار ، عدم توافر المعلومات الجيدة والمتجددة عن ظروف العمل وإمكاناته ، حيث تعتبر المعلومات بمثابة الدعامة الأساسية لاتخاذ القرارات ، ويرجع ذلك إلى المعلومات التي تفيد في تحديد المشكلة والبدائل وتقييمها طبقا للنتائج المرتقبة من كل بديل ، والتغذية الراجعة عن نتائج التنفيذ ضرورية لتقييم القرار واتخاذ إجراءات تصحيحه إذا لزم الأمر ).

 وحيث أن لجمع المعلومات تلك الأهمية القصوى في عملية اتخاذ القرار , فانه لزم أن يكون القائمين على تجميعها بالقدر الكافي من الخبرة والكفاءة , كما لابد أن يتم جمع تلك المعلومات دون ضغوط نفسية أو جسدية أو زمنية , وتوفير الأجهزة والأدوات التي تساعد على تسهيل الوصول إليها , وإلا فان ذلك سيؤثر بالتأكيد على جودة وسلامة القرار المتخذ .

 

 

 

 

 

 هذا من ناحية , أما من ناحية أخرى فنشير كذلك إلى نوعية الكادر المطلوب لإخراج ذلك القرار , فعلى سبيل المثال لابد أن يكون الكادر مؤهل بالخبرة الميدانية والعلمية والثقافية , - أي – أن لا يكون الأشخاص القائمين على صياغة ذلك القرار من الأفراد الذين لا زالوا يبصمون على قرارات الحكومة إن صح التعبير, أو المجاملين والمنافقين أو ذوي المصالح و الأهواء الشخصية , أو ممن يقعون تحت تأثير الضغوط الخارجية والداخلية , كان يكونوا جزء من المشكلة أو لهم صلة بها , بشكل مباشر أو غير مباشر .

 ( فمن المسلم به أن عملية اتخذ القرار يمكن أن تتأثر بالسلوك الشخصي لمتخذ القرار ذاته ، والذي يتأثر بدوره إما بمؤثرات خارجية أو مؤثرات داخلية كالضغوط النفسية ، واتجاهاته ، وقيمه ، وأفكاره ، وخبراته ، وهذا الأمر يترتب عليه حدوث ثلاثة أنماط من السلوك هي : الإجهاد و الحذر والتسرع ، وهذه الأنماط تنعكس آثارها على الأفراد خلال قيامهم بعملية صنع القرار، فمنهم من يتعامل مع المشكلة بحذر وبطء فتتفاقم آثارها ، ومنهم من يتعامل معها بسرعة فلا يتمكن من الإحاطة بجزئياتها ، والبعض الآخر يتعامل معها بتردد ) وهكذا 0

 وعليه فانه قد بات من الضروري , أن تهتم دولنا العربية بشكل عام , والخليجية على وجه الخصوص , بهذا النوع من عمليات إدارة القرار, وذلك من خلال توفير الأشخاص و الكوادر المؤهلة لذلك , وخصوصا المبدعين والخبراء منهم , أو من خلال رفع كفاءة المؤهل منهم , والمساهمة في بناء مراكز الدراسات والأبحاث المتخصصة في هذا الشأن , وذلك لما لها من أهمية فعالة في بناء خطط التنمية المستقبلية , وعلى وجه الخصوص مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية لما لها من دور أساسي وريادي في توفير المعلومات والدراسات والمخططات الأولية والبحوث العلمية , لفهم تفاصيل بقية الجوانب الحياتية الاقتصادية والتنموية , وذلك من منطلق أن العامل السياسي هو المحرك الأساسي لبقية الأنشطة الحياتية وخصوصا في وقتنا الراهن 0

 

* باحث في الشؤون السياسية

رئيس تحرير مجلة السياسي - المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ