ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 13/10/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

اِنْعِكاسُ المواقفِ، و التَّحركاتِ الأخيرةِ على المَشْهدِ السُّوري

محمد عبد الرازق

شهدت الساحة الإقليمية في اليومين الماضيين جملةً من المواقف، و التحركات السياسية حرَّكت المشهد السياسي الراكد الذي خيم على الساحة السورية مؤخرًا.

و كان من ذلك:

 تصريح الوزير ( أوغلو ) الذي ذكر فيه عدم ممانعة المعارضة السورية من تولِّي ( فاروق الشرع ) مرحلة انتقالية في سورية.

 و تصريح آخر له حول رغبة المسؤولين الإيرانيين بإجراء محادثات مع الأطراف المعنية حول المرحلة الانتقالية في سورية.

تصريح نائب وزير الخارجية الروسي عن أن روسيا ليست متمسكة بالأسد، و ما يعنيها هو منع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول.

 تصريح وزير الدفاع الأمريكي ( بانيتا ) عن إرسال (150 ) جندي أمريكي لمراقبة الترسانة الكيمياوية في سورية، و التدخل حين فقدان السيطرة عليها من قبل النظام. و هو الأمر الذي نفته الأردن.

 زيارة رئيس وزراء العراق ( نوري المالكي ) إلى موسكو، و عقد صفقة سلاح معها بما يقرب من ( أربعة ) مليارات دولار.

 ما كشفته الصحف الأمريكية عن قيام حكومة المالكي بتزويد نظام الأسد بشحنات من النفط، و بأسعار تفضيلية تصل إلى نصف القيمة خلال الأشهر الماضية؛ بموجب اتفاقية عقدت بينهما منذ عدة أشهر.

 استقبال سمو أمير دولة قطر لرئيس الاستخبارات السعودية ( الأمير بندر بن سلطان ).

 قيام وزير الخارجية الإيراني بزيارة الدوحة في أثناء وجود هذا الأخير.

 قيام المبعوث الأممي، و العربي المشترك في سورية ( الأخضر الإبراهيمي ) بزيارة السعودية، و لقائه مع المسؤولين هناك في مدينة جدة.

 قيام الحكومة التركية باعتراض طائرة الإيرباص السورية ( 320 )، القادمة من موسكو، و إجبارها على الهبوط في مطار ( أضنة )، و إخضاعها للتفتيش، و مصادرة جزء من حمولتها الحاوية ذخائر روسية، و أجزاء من أنظمة الصواريخ  حسب تصريح الخارجية التركية، و هو ما أعاد تأكيده رئيس الوزراء ( أردوغان ) قبل ساعات في أثناء لقائه الرئيس الكازاخي ( نور سلطان ).

 و كان آخرَها نفيُّ حزب الله القيام بإرسال مقاتليه إلى سورية، حسبما صرَّح الليلةَ أمينُه العام السيد ( حسن نصر الله ).

إنَّ هذه الأمور تشير إلى أنَّ الأمور في سورية آخذة بالسير نحو محطات محددة حددتها الأطراف الفاعلة على الصعيد الميداني، غير أن هذه الأطراف تودُّ جرَّها نحوها قدرَ الاستطاعة؛ فروسيا باتت محرجة من الحديث عن دعمها للأسد، في الوقت الذي ذهبت فيه وعوده بالقضاء على الثورة أدراج الرياح. لا بل وصلت آثارها إلى مسقط رأسه ( القرداحة )؛ فالصراع ( العلوي  العلوي ) آخذٌ بالتمدد؛ الأمرُ الذي قد يفاجئ النظامَ قبل حلفائه بتطورات دراماتيكية غير مضمونة النتائج.

و عليه فإنها قد قامت بتكليف عدد من شركات العلاقات العامة بتحسين صورتها المهتزة من جراء ذلك؛ إلاَّ أنها قد رضخت للرشوة الإيرانية التي قدمها لها ( نوري المالكي ) بعدما باتت العقوبات الإقتصادية تلقي بثقلها على قيمة الريال الإيراني؛ من أجل أن تستمر في دعمها لنظام الأسد ( عسكريًّا )، و لا ضير في صدور بعض التصريحات الدبلوماسية على لسان مسؤوليه، على غرار ما كان من تصريح نائب وزير الخارجية الذي أشار فيه إلى عدم تمسك الروس بالأسد.

و قد جاء مفعول هذه الرشوة سريعًا، و تجسَّد في إرسال الطرود العسكرية برفقة عددٍ من رجال الاستخبارات، و المستشارين الروس عبر طائرة الإيرباص السورية؛ غير أنَّ ما فاجأهم هو قيام حكومة أنقرة بناءً على معلومات استخباراتية بإنزالها، و التحفظ على هذه الشحنات المخالفة لبوليصة التأمين التي بحوزة الطيار، و قد سبب هذا حرجًا للقيصر الذي يريد أن يظهر بلبوس القديسيين من خلال حملة العلاقات العامة التي بدأها مؤخرًا، و لعلَّ الحرج الأكبر له هو انكشاف هوية عملائه السريين ( الثلاثين ) الذين كانوا برفقة الأنظمة الإلكترونية، و الصاروخية في تلك الرحلة المدنية الخالية من أي راكب مدني، ما عدا طاقم الطائرة ( خمسة سوريون )، و قد يكونون غير ذلك. و هذا ما جعل الروس، و نظام الأسد في حالة هيجان، و عصبية، و أخذوا يلحون على استعادة الشحنة المصادرة، في الوقت الذي كان فيه الأتراك في وضع مريح بعدما وضعوا في أيديهم ما يدين الروس أمام المحافل الدولية؛ بسبب التزوير الذي أقدموا عليه في أمر الشحنة، و تهديدهم بكشف حقيقة المرافقين لها.

و فيما يتعلَّق بزيارة كلٍّ من: الأخضر الإبراهيمي إلى جدة، و الأمير بندر، و وزير الخارجية الإيراني إلى قطر، و تصريح الوزير ( أوغلو ) عن تولي ( فاروق الشرع ) المرحلة الانتقالية، و عن مساعي طهران للتباحث مع السوريين حول المستقبل السياسي لسورية، و تصريح نائب وزير الخارجية الروسي عن عدم التمسك بالأسد؛ فإنَّ الأمور على ما يبدو قد بدأت تتجه إلى إنضاج حلٍّ إقليمي تتبناه الدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري ( المجموعة الرباعية ) بمبادرة من مصر، يتولى فيه ( الشرع ) المرحلة الانتقالية، و هو الأمر الذي تشير التقارير أنه يلقى ارتياحًا من ( روسيا )؛ كونه محسوبًا عليها، و هي تفضله على أيّ حل قد تُلجأ إليه في حال استمرت الأمور على المستوى الميداني في الاتجاه الذي هي سائرة فيه باتجاه فرض سيطرة أقوى للمعارضة، و لاسيما بعد دخول العنصر العلوي في معادلة الصراع.

و وفق هذا يوضع تصريح الأمين العام للأمم المتحدة ( بان كيمون ) بأن الإبراهيمي ذاهب إلى دول المنطقة  بعد سُبات  من أجل وضع النقاط على حروف مبادرة يسعى للاتفاق عليها مع دول الإقليم، و من بعد ذلك ينتقل إلى دمشق ليضعها أمام الأسد كأمر واقع.

و يرى المراقبون أن رد الأسد لن يكون إيجابيًّا في حال تضمنت هذه الخطة أيَّة إشارة ، و لو من بعيد إلى تنحيه على الطريقة اليمنية، أو على أية طريقة أخرى؛ فالأسد حسب منظور هذا النظام باقٍ إلى الأبد، و هو سيقاتل طالما يجد من الأصدقاء من يمده بما يحتاج في مواجهة الشعب، بدءًا من ( هوغو تشافيز )، الذي أعلن فور فوزه بالاِنتخابات قبل يومين أنّه سيقف إلى جانب صديقه الأسد في معركته ضد الإمبريالية الأمريكية. و وصولاً إلى طهران، و أدواتها في المحيط السوري ( المالكي، و السيد حسن )، الذين يرَوْن في ذهاب الأسد تفكُكًا لنظام يُنظر إليه على أنّه قاعدة المثلث الصفوي في المنطقة.

إنَّ ما يجري من هذه التحركات لا يشي بكثير خير للشعب السوري، الذي خذله أصدقاؤه بانتظار ( السادس من نوفمبر )، و تكالب عليه أعداؤه من بقايا الأنظمة الشمولية في العالم، و دعاةُ الإمبراطورية الصفوية؛ فكان منهم أن قدموا للأسد من الدعم ( اللوجستي، و السياسي ) ما لم يحظَ به دكتاتور على مدى التاريخ القديم، و الحديث.

غير أن كل هؤلاء بمثابة المتحوِّل في الثورة السورية، و أمَّا السوريون الطامحون للحرية فهم الثابت الذي يُمثِّل قُطبَ الرَّحى في معادلة الصراع التي ستُخرج كل أولئك من المنطقة في هيئة أقلَّ ما يقال عنها: إنَّها مُذْرِيَة.

=========================

إيران.. نهاية الخداع!!

احمد النعيمي

Ahmeeed_asd@hotmail.com

كشفت صحيفة "الواشنطن بوست" يوم الأربعاء 14 شباط 2007م أن السفير السويسري لدى إيران "تيم غولدمان" أبلغ المسؤولين الأمريكيين عام 2003م أن عرضاً إيرانياً لإجراء مباحثات شاملة مع واشنطن، خضع للمراجعة والموافقة من قبل خامنئي والرئيس الإيراني آنذاك محمد خاتمي ووزير الخارجية كمال خرازي، وبعث غولدمان برسالة مرفقة بالعرض إلى الخارجية الأمريكية في أيار 2003م جاء فيها "لدي انطباع واضح أن هناك إرادة قوية لدى النظام من أجل معالجة المشكلة مع الولايات المتحدة الآن وتجربة هذه المبادرة"، وأرفق غولدمان بالرسالة العرض الإيراني المؤلف من صفحة واحدة كتب عليها "خارطة الطريق" تضمنت الأهداف الإيرانية والأمريكية من المفاوضات المحتملة، مثل إنهاء الدعم الإيراني للمقاتلين الذين يحاربون إسرائيل، واتخاذ تدابير ضد المجموعات الإرهابية على الأراضي الإيرانية والقبول بحق إسرائيل في الوجود .

وهو نفس ما ذهب إليه بارسي في كتابه "حلف المصالح المشتركة" الذي أكد وجود علاقات وطيدة بين إيران والغرب، ومفاوضات تجري بين الطرفين في العديد من الدول الغربية منذ بداية عام 2001م، ومنها مؤتمر أثينا عام 2003م، تحاول من خلالها إيران إجراء صفقة كبرى مع الأمريكان تنفذ به جميع ما تطلبه الإدارة الأمريكية، مقابل تعهد الأمريكان بتنفيذ الطلبات الإيرانية، وكانت إيران من خلال هذه الصفقة تحاول التركيز على ثلاث نقاط رئيسة وهي برنامجها النووي، وسياساتها تجاه إسرائيل، ومحاربة القاعدة، وتم هذا عبر وسيط سويسري يدعى "تيم غولدمان" نقله بدوره إلى وزارة الخارجية الأمريكية، ومن الأمور التي تضمنتها الوثيقة السرية الإيرانية لعام 2003م والتي مرت بمراحل عديدة منذ 11 أيلول 2001م ما يلي:

أولا: عرض إيران استخدام نفوذها في العراق لتحقيق الأمن والاستقرار، وإنشاء مؤسسات ديمقراطية، وحكومة غير دينية.

ثانياً: عرض إيران شفافية كاملة للتأكيد أنها لا تطور أسلحة دمار شامل، والالتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدون قيود.

ثالثاً: عرض إيران إيقاف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة والضغط عليها لإيقاف عملياتها العنيفة ضد المدنيين الإسرائيليين داخل حدود العام 1967م.

رابعاً: التزام إيران بتحويل حزب الله اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني.

خامساً: قبول إيران بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمة بيروت عام 2002م أو ما يسمى "طرح الدولتين" والتي تنص على إقامة دولتين والقبول بعلاقات طبيعية، وسلام مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل إلى حدود 1967م .

وقد كان فقد استلم العراق حكومة إيرانية برئاسة المالكي من جديد بعد أن زورت الانتخابات لصالحه وبموافقة أمريكية، وتم تكليفه رسمياً في 25 تشرين الثاني 2010م بتشكيل حكومة بعد ثمانية أشهر من الانتخابات المشكوك في صحتها، بعد أن انخرطت إيران في مجموعة اتصال مع أمريكا والدول الغربية للقضاء على حركة طالبان والقاعدة التي انطلقت في روما في شهر تشرين الأول 2010م، وقد أكد المبعوث الأمريكي لافغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك على هامش اجتماع روما أن:" لإيران دوراً تلعبه في حل أزمة أفغانستان.. وأن بلاده لا تعترض إطلاقاً على أن تحضر إيران الاجتماع لأن هذا البلد بحدوده الطويلة والمفتوحة تقريباً مع أفغانستان وبمشكلته الكبيرة مع المخدرات يملك دوراً يلعبه في حل أزمة أفغانستان سلمياً" ، وتحول كل من حزب الله وحركة حماس إلى حزبين سياسيين انخرطا في السياسة وتركا ما عداها، وتوقفت العمليات التي كانت تستهدف المحتل الصهيوني، وسط إصرار من حركة حماس الالتزام بالهدنة رغم عشرات الخروقات التي خرقتها إسرائيل للهدنة!! وأما حزب الله فقد تعهد أن تكون حرب تموز الحرب الأخيرة بينه وبين إسرائيل، وقد كان!!

وفي عددها الصادر يوم الثلاثاء 11 أيلول 2012م كشفت صحيفة السياسة الكويتية عن شخضية وثيقة الصلة بتيار رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر أن رئيس الوزراء نوري المالكي نقل رسالة من القيادة الإيرانية إلى وفد الكونغرس الأمريكي برئاسة "جوزيف ليبرمان" الذي زار العراق الأسبوع الذي سبقه، وتتضمن الرسالة "الصفقة" بحسب المصدر:

أولاً: وقف البرنامج النووي لمدة عشر سنوات بما فيه وقف جميع عمليات تخصيب اليورانيوم الحالية بشكل فوري.

ثانياً: إنهاء سلاح حزب الله والسماح للجيش اللبناني بالانتشار في جنوب لبنان لفرض سيطرة الدولة على الحدود مع إسرائيل.

ثالثاً: عقد اتفاق سري بين طهران وتل أبيب لتطبيع الأوضاع في الشرق الأوسط وإنهاء حالة العداء بين الدولتين.

رابعاً: إبرام اتفاق بين طهران وواشنطن للتعاون في مكافحة الإرهاب.

خامساً: في حال بقاء الأسد يتم تقليص أعداد الجيش السوري والتخلص من الأسلحة الكيمائية والإستراتيجية، وان يقتصر دور نظام الأسد بعد سحق الثورة على حفظ الاستقرار والأمن داخل سوريا.

في مقابل أن تقوم الإدارة الأمريكية باستخدام نفوذها ووسائلها المادية لإنهاء عملية إسقاط النظام السوري برمتها، من خلال تضييق الخناق على المعارضة السورية المسلحة، ومنع وصول أي أسلحة إليها، والسماح لقوات الأسد بتنفيذ عملية شاملة لسحق البؤر الكبيرة للثورة في حمص وحماة ودرعا وحلب ودير الزور ودمشق، ووقف أي دعم أوروبي للجيش الحر.

وأشار المصدر إلى أن المرجعين الأساسيين كاظم الحائري المقيم في مدينة قم الإيرانية، وعلي السيستاني المقيم في مدينة النجف العراقية، هما من يدفعان خامنئي إلى نتهاج الأسلوب الدبلوماسي في حل الملفات العالقة مع الإدارة الأمريكية، وفي مقدمتها الملف السوري .

وفي الحقيقة فإن هذا الطرح من الجانب الإيراني ليس جديداً وإنما هو تتابع لما جرى بينهم من مفاوضات سابقة أدت إلى سقوط كابول وبغداد بيد المحتل الأمريكي، ما يفسر موقف الغرب المشارك في إبادة الشعب السوري رغم ظاهر الكلام والاعتراض على جرائم الأسد، كما صرح بهذا وزير الدفاع الفرنسي "جان لودريان" يوم الجمعة 14 أيلول 2012م نافياً أن تكون فرنسا قد سلحت المعارضة السورية "لم ولن نقوم بذلك البتة" ، مما يؤكد كذب إيران في أن الغرب يدعم الثورة السورية بالسلاح، وإنما الثابت هو دعم المعارضة بأجهزة تصوير حديثة، لكي يصور الشعب السوري نفسه وهو يقتل أمام كميرات المنظومة الإرهابية، وتمويهها أن الأسد لم يعطى للآن ضوءً أخضراً في إبادة المدن والقرى السورية بالحديث عن إعطاءه الآن للأسد، بينما في الحقيقة فإن هذا الضوء قد أعطي له منذ بداية الثورة، وزيد اليوم بأكبر أدى إلى تهديم المباني فوق ساكنيها في أكثر من ستة محافظات سورية، سويت كثير من بيوتها بالارض.

ولكن الأخطر في تصريحات المصدر وثيق الصلة بالتيار الصدري جاء في تاكيده:" إن المواقف المتشددة التي تظهرها القيادة الإيرانية حيال الازمة السورية في مقدمها الخطاب القائل أنها ستحارب للدفاع عن الأسد، مجرد كلام إعلامي لا أساس له من الصحة على مستوى ما يتم تداوله في دوائر القرار في طهران"، مضيفاً:" أن المالكي حذر القيادة الإيرانية من خوض أي حرب إذا تطورت الأمور في سوريا إلى الاسوأ وأبلغها أن تدخلها سيعني نهاية كل شيء: سقوط الأسد، وتدمير القوات المسلحة الإيرانية، وإنهاء حكم التحالف الشيعي في العراق دفعة واحدة" .. أي ان إيران رغم شعاراتها وادعاء العداء سيكون فعلها في حال سقوط الأسد على يد الشعب السوري أن تلملم لسانها وتنسحب إلى حدودها العراقية، تبكي من هناك على الاطلال والخوف من إنهاء حقبة الخيانة الشيعية، تاركة نصر الله للتحالف مع اليهود كما صرح الطفيلي، وهو نفس ما فعلته ايران أثناء حرب غزة عندما صرح جليلي مساء يوم الأحد 4 كانون الثاني 2009م من دمشق "أن إيران وحزب الله لا ينويان خوض معركة مع إسرائيل" .

وهذا ما يبرر حدوث المهارشات والحروب الكلامية الدائمة بين الغرب وإيران لاخفاء العلاقات الخفية بينهم، والتي تنتهي دائماً كما انتهت كل الحروب الكلامية السابقة، دون أن تطلق رصاصة واحدة، فلا إيران تهاجم ولا دولة الاحتلال تمسح عن الخارطة، ولا مضيق هرمز يغلق، وإنما تبدأ حرب كلامية جديدة، بتهديد صهيوني جديد بهجوم على المنشآت الإيرانية في الخريف القادم من هذه السنة، أي في الوقت الذي تكون فيه أمريكا منشغلة بانتخاباتها، على نفس ما درجت عليه الحروب الكلامية السابقة، يرافقها عشرات التهديدات هذا الشهر والذي قبله بالرغم من عدم انتهاء المهلة الحالية التي حددت لهذه الحرب الكلامية الجديدة.

فقد كشفت صحيفة "يديعوت احرنوت" الإسرائيلية يوم الأحد 12 آب 20012م أن نتنياهو ووزير دفاعه يهود باراك قد حسما الأمر وأن الهجوم على إيران سيقع في الخريف، إضافة إلى إجراء مناورات عسكرية استغرقت خمسة أيام للتأكد من جاهزية الجيش الإسرائيلي لمواجهة حرب شاملة ، بينما علقت مجلة "تايم" الأمريكية على موقعها الالكتروني يوم الأربعاء 15 آب:" إن البيت الأبيض إذا اعتقد أن نوفمبر سيأتي دون وقوع مفاجآت غير مرغوبة إزاء الموقف النووي الإيراني، فإنه بذلك لا ينظر بعين الجدية إلى ما تثيره وسائل الإعلام الإسرائيلية حول هجوم وشيك على إيران"، ومن جانبه نقل راديو "سوا" الأمريكي عن الجنرال "احمد وحيدي" وزير الدفاع الإيراني قوله:" التصريحات الإسرائيلية التي تحدثت عن احتمال مهاجمة المواقع النووية الإيرانية مؤشر على الضعف والخوف، وليست دليلاً على القوة"، واصفاً القادة الإسرائيليين أنهم:" بلا عقل ودعاة حروب"، فيما استبعدت وزارة الخارجية الإيرانية وقوع "هجوم إسرائيلي غبي" .

ولكن وزير الدفاع الأمريكي بانيتا كان صريحاً في بيان حقيقة هذه الحروب يوم الثلاثاء 14 آب 2012م وكاشفاً أكذوبة حرب ستشن قريباً على إيران، بالقول:" إنه لا يعتقد أن إسرائيل اتخذت قراراً بشأن مهاجمة إيران، وأن الوقت ما زال متاحاً لتشديد العقوبات" ، وذلك بعد إنهائه زيارة إلى تل أبيب، سبقها تصريحات لنتنياهو أنه لم يتخذ قراراُ بعد حول شن ضربة عسكرية لإيران ، وهو ما أكده رئيس اللجنة الاستخباراتية الأمريكية  في الكونغرس الأمريكية مايكل روغرس يوم الاثنين 3 أيلول 2012م نقلاً عن صحيفة "ذا هيل" الأمريكية أمام لجنة للحزب الجمهوري في ولاية فلوريدا، بقوله:" بعد زيارتي لاحتلال الإسرائيلي تولد لدي انطباع أن إسرائيل لن تهاجم إيران قبل الانتخابات الأمريكية في 6 تشرين الثاني" .

إلا أن نتنياهو عاد ليصعد تهديده بمهاجمة إيران أثناء مناقشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الثلاثاء 11 أيلول 2012م، قائلاً:" إذا رفضت القوى العالمية تحديد خط أحمر لبرنامج طهران النووي فلا يمكنها أن تطالب إسرائيل بعدم شن هجوم.. العالم يطلب من إسرائيل الانتظار فما زال هناك وقت وأنا أقول ماذا ننتظر؟ إلى متى ننتظر؟ هؤلاء في المجتمع الدولي الذين يرفضون تحديد خطوط حمراء لإيران ليس لهم حق أخلاقي بوضع خط احمر أمام إسرائيل"، ومن جانبه لمح وزير البيئة الإسرائيلي "جلعاد إردان" في حديث لراديو إسرائيل إلى أن إسرائيل يمكن أن توجه ضربة ناجحة لإيران دون مساعدة الولايات المتحدة، مستشهداً بالضربة الجوية السرية التي شنتها بلاده عام 2007م على منشأة سوريا .

وبمناسبة ذكرى الحرب العراقية – الإيرانية يوم الجمعة 21 أيلول 2012م أقامت القوات المسلحة الإيرانية استعراضاً عسكرياً عرضت فيه العشرات من الصواريخ المحلية الصنع من طراز "شهاب2" و"زلزال3" و"قيام" و"قدر" و"سجيل" إضافة إلى صواريخ "فاتح110" وباستخدام قواعد إطلاق الصواريخ من نوع "ذو الفقار"، كم تم عرض أنظمة صواريخ للدفاع الجوي من نوع "تو ام1" و"صياد2" و"سام6" و"عليم" و"كاشف1" و"كاشف2"، وعلى هامش الاستعراض حذر قائد الجيش الإيراني اللواء "عطا الله صالحي" إسرائيل من تبعات تنفيذ أي تهديد ضد بلاده لأن أي اعتداء تنفذه ضد الجمهورية سيؤدي إلى انهيار هذا الكيان"، وفي غضون ذلك أجرى رئيس مجلس الأمن القومي وكبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي جنرال احتياط "يعقوب عاميدرور" محادثات مع مسؤولين كبار في البيت الأبيض خلال زيارة سرية للولايات المتحدة تهدف للوصول إلى تفاهمات معينة حول مسالة الخطوط الحمراء التي يجب وضعها أمام إيران بشأن مشروعها النووي ، بينما أكد اللواء حسن آبادي رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية في حديث لمراسل وكالة "إيلنا" شبه الرسمية، أن:" الحرب الجارية في سوريا هي حرب بلاده"، مضيفاً:" ما قاله السيد بشار الأسد صحيح، لأن سوريا تشكل الخط الامامي للمقاومة في التصدي للكيان المحتل للقدس، وقد حافظت على هذا الخط منذ أعوام"، وذلك بعد يوم واحد من انتقاد الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن إيران لتزويدها النظام السوري بالأسلحة ، ومن جانبه أعلن قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري العميد "أمير علي حاجي زادة" يوم الأحد 23 أيلول أن:" إيران لن تكون البادئة في أي حرب ولكنها من الممكن أن تشن هجوماً استباقياً إذا تيقنت أن الأعداء يضعون اللمسات الأخيرة للعدوان عليها"، محذراً أن:" الرد الإيراني سيكون واسعاً وشاملاً ولا يستبعد أن يتحول إلى حرب عالمية ثالثة.. ولن نتردد في ضرب القواعد الأمريكية في البحرين وقطر وأفغانستان إذا استعرت نيران الحرب" ، وفي نفس السياق صرح الجنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري أن الحرب الإسرائيلية على إيران ستقع في نهاية المطاف لكن ما هو غير معلوم حتى الآن هو توقيت حدوث ذلك والمكان الذي سيقع فيه .

وأما وزير الدفاع الإيراني فقد أوضح أن شن أي هجوم من إسرائيل على إيران سيتحول إلى حرب كبيرة، وذلك في مقابلة مع موقع "وورلد نت دايلي" الأمريكي يوم الأحد 23 أيلول 2012م، وذهب وحيدي إلى أن الشيعة يعتقدون أنه مع نهاية العالم ستقوم حروب ضخمة وسيظهر الإمام المهدي المنتظر ويقتل جميع الملحدين والخائنين ويرفع لواء الإسلام في جميع أنحاء العالم"، موضحاً أن:" الحرب التي تعتزم إسرائيل شنها على إيران والبرنامج النووي الإيراني تعني اقتراب ظهور المنتظر" .

وفي تضارب وتناقض مقيت للتصريحات، وارتفاع حدة التهديدات؛ تستمر معركة كلامية جديدة تزعم فيها إسرائيل أنها جادة في ضرب منشآت إيران النووية قبل الانتخابات الأمريكية القادمة، على غرار الحروب الكلامية التي اعتاد الطرفان افتعالها كما حدث نهاية العام المنصرم وبداية هذا العام، وكما حدث خلال الأعوام العشرة الأخيرة.

بينما العالم كله يغض الطرف عن الإبادة التي تجري بحق الشعب السوري، والتي ذهب ضحيتها أكثر من خمس وثلاثين ألف شهيد، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، ومئات الآلاف من المهجرين داخل سوريا وخارجها، دون أن يحرك هذا العالم ساكناً لأن جلعاد قال إذا سقط الأسد سقطت دولتنا.. وفي المقابل إعطاء ضوء اخضر لإيران وحليفها حسن نصر الله وعمليها المالكي، لمد الأسد بكل أدوات القتل والقمع، وهذا ما يتقنونه، حروب إبادة تشن على الشعوب الإسلامية، وحروب كلامية تستعر لإخفاء علاقات وطيدة بين إيران والغرب والصهاينة.. وتستمر الحروب الكلامية!!

=========================

الفكر الاقتصادي الاستراتيجي

الدكتور عادل عامر

إن الفكر الاستراتيجي يسعى بشكل كبير إلى سبر أغوار المستقبل بناءاً على معطيات الواقع ومبدأ عدم ثباته من خلال صياغة القرارات والخطط التي تحقق أهداف الشركة واضعاً نصب عينية قدرة الله سبحانه وتعالى. إن مما يميز الإدارة الإستراتيجية هو أنها كمفهوم لا تقبل بالضرورة البيئة على ما هي عليه ، كأحد الثوابت ومن ثم فإن الدور الاستراتيجي يتضح في التكيف ورد الفعل وهو ما يجعل الإستراتيجية المميزة هي ذات القدرة على التأثير أو تلك المحدثة للتغيير في البيئة المحيطة. هذا التغيير المنشود في البيئة المحيطة بطبيعة الحال يحتاج إلى التفكير الاستراتيجي كأساس له ، "يقول ابن سينا عن التفكير بشكل عام بأنه انتقال الذات العارفة مما هو حاضر إلى ما هو ليس بحاضر" إن الانتقال مما هو موجود إلى ما يمكن حدوثه بناءاً على الواقع هو ما يعكس تفكيرنا ووعينا عن الفرص والمخاطر أو التهديدات التي قد تواجهنا مستقبلاً ووضع الحلول وصياغة القرارات الإستراتيجية المناسبة لها ، يعتبر أمراً بالغ الأهمية من ناحية ويعتبر كذلك مطلب الكثير من الشركات حول العالم. فحاجة الشركات إلى مسئولين ذوو فكر استراتيجي بكل تأكيد أكثر من حاجتها إلى مسئولين ذوى رؤية محدودة بالواقع فقط ، لقد تطور الفكر الاستراتيجي في المنظمات خلال أربع مراحل هي على التوالي (الموازنات ، التخطيط طويل الأجل ، التخطيط الاستراتيجي ، الإدارة الإستراتيجية) ولكل مرحلة خصائصها وافتراضاتها عن المستقبل. وكما أشرت في بداية المقال بأن ما يميز الإدارة الإستراتيجية هو عدم تقبلها البيئة على ما هي عليه فالفكر الاستراتيجي في هذه المرحلة يقوم على افتراض أساسي بأن دورة التخطيط كما هو الحال في التخطيط الاستراتيجي لا تكفي للتعامل مع التغيرات السريعة التي تحدث في البيئة من حولنا. ومن هنا يجب الاستعداد من خلال الإدارة الإستراتيجية باستخدام الفكر الاستراتيجي لتوقع كل ما يمكن أن يحدث من تغيرات وصياغة القرارات بناءاً على تلك التوقعات ، بحيث أنه يكون معلوماً لدى أدارة الشركة بشكل مسبق عن الفرص الممكنة وكذلك التهديدات المحتملة والحلول والقرارات التي تناسب قدرات وإمكانيات الشركة وليس كما كان يحدث في الماضي عندما ننتهج أسلوب التخطيط الاستراتيجي فقط على الرغم من أهميته إلا انه يرتبط بدورة تخطيطية معينة ويتوقع التغيرات بمعدل أقل ويجري التغييرات بناءاً على تلك التوقعات.

لقد كانت افكار الاقتصاديين التجاريين في المفهوم الكلاسيكي وقبل ظهور النظرية الكلاسيكية تتمثل في دعوتهم لضرورة تعزيز قوة الدولة في الحياة الاقتصادية وزيادة ثروتها وبالتالي تقوية نفوذها الاقتصادي والسياسي. ودعوا من اجل ذلك الى تشجيع الصادرات والتقليل من الواردات كما نادوا بتشجيع قيام الصناعات التحويلية، ورغم ذلك كانوا يضعون نشاط التجارة في مقام اعلى من فروع النشاطات الاقتصادية الاخرى ومنها الصناعة.

وكان لظهور المذهب الفردي بآرائه التحررية في شأن الدعوة لحرية العمل وحرية التجارة اثاره العميقة في تغيير وجه الحياة الاقتصادية مما أسفر عن ازدهار الصناعة وانتعاش النشاط الزراعي والتجاري وفي ظل تلك البيئة الاقتصادية ظهرت النظرية الكلاسيكية التي تستند في الاساس على الحرية الفردية. وعرف النظام الاقتصادي الذي ساد دول اوربا في تلك الفترة بالنظام الرأسمالي الحر.

وجاءت افكار "آدم سمث" والطبيعيين والتي دعت الى ترك الحرية للافراد وفقاً للنظام الطبيعي واعتبار مصلحة الافراد هي جزء من مصلحة الجماعة وطالبوا بعدم تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية لتترك الحياة الاقتصادية تسير نحو التوازن التلقائي بفعل جهاز الائتمان الذي يضم قوى العرض والطلب. فقد ركز "آدم سمث" على استخدام اسلوب التحليل ذو الطابع الحركي للنظرية الاقتصادية وموضحاً اهمية عملية تراكم راس مال لتحقيق النمو الاقتصادي. كما جاءت افكار "دايفيد ريكاردو" لتوضح اهمية طبقة الرأسماليين في تنظيم عملية الانتاج ودفع التنمية الاقتصادية فهي الطبقة التي توظف ارباحها في عمليات التراكم الرأسمالي بهدف زيادة الدخل القومي. كما اوضح "ريكاردو" بان النمو الاقتصادي يتحقق عن طريق الفائض الاقتصادي. بينما اوضح "روبرت مالتس" ان النمو الاقتصادي يتحقق عن طريق تقليل الفجوة بين موارد الثروة المحدودة والرغبات الانسانية غير المحدودة. ويتم ذلك عن طريق زيادة الثروة والعمل على تنويع مواردها وتحقيق اقصى استخدام ممكن لها، مع تأكيده على دور العمل في زيادة الناتج.

وفي ظل التجربة الواقعية فقد خضعت اراء الكلاسيك الى الكثير من الانتقادات وخاصة استئثار للحرية الفئات الرأسمالية الاقتصادية وامتلاكهم العناصر والانتاج اتاح لهم التسلط على علاقات العمل. ولذلك سوء توزيع الموارد المتاحة وتركز المشروعات في مناطق معينة. وتعميق استغلال الشعوب ونهب خيراتها من خلال افكار المنافسة بشروطها المثالية وفكرة التوازن التلقائي عن طريق تحركات قوى العرض والطلب.

ويعتبر "كارل ماركز" من اشد النقاد للنظرية الكلاسيكية والتي ارتكزت آراءها على فكرة التفسير المادي للتاريخ والتي تقرر ان تاريخ البشرية عملية واحدة تخضع لقوانين يمكن اكتشافها حيث تتضمن عملية تغيير مستمرة. وان الاساس في النظام الاقتصادي هي طرق الانتاج والبيئة والظروف الاقتصادية. ولذلك فقد انتقد طريقة الانتاج في النظام الاقتصادي الرأسمالي والتي تهدف الى تعظيم ارباح الرأسماليين. كما أكد على فكرة فائض القيمة التي يحصل عليها الرأسماليون نتيجة استغلال العمال والفرق ما بين قيمة انتاج العامل والاجور التي يحصل عليها. ودعا الى الملكية الجماعية لوسائل الانتاج والغاء الملكية الخاصة للمشروعات. وحدد هدف النشاط الاقتصادي باشباع حاجات الجماعة وليس الربح. كما نبه الى حقائق الصراع الطبقي والازمات الاقتصادية في النظام الرأسمالي معزياً ذلك الى الملكية الخاصة لوسائل الانتاج من ناحية واستغلال الطبقة العاملة من ناحية ثانية.

ثم جاءت افكار "جون مانياردكنيز" من خلال مؤلفه الشهير النظرية العامة للتوظيف وسعر الفائدة والنقود وذلك في عام 1936 والذي تسبب صدوره ثوره في الرأي واختلاف وتعدد اراء المفكرون في ذلك الوقت حيث استهدفت نظرية كينز تحديد العوامل الواقعية المؤثرة حجم التوظيف الفعلي في المجتمع وبحث كيفية القضاء على البطالة. فأكد كينز ان العوامل الرئيسية المحددة للتوظيف هي العرض الكلي والذي تقابله كمية النقود التي يرى المنظمون ضرورة الحصول عليها من بيع منتجاتها، والطلب الكلي ويقابله كمية النقود التي يتوقع المنظمون الحصول عليها من بيع منتجاتها. ويرى ان انعاش الطلب الفعلي سيزيد من حجم التوظف وامتصاص البطالة في المجتمع. وهكذا فقد حققت نظرية كينز لعلم الاقتصاد كسباً هو ادخالها لطريقة تحليل التوازن الكلي التي تتناول دراسة المجاميع الاقتصادية الكلية، وما اوضحته من امكانية استخدام ادوات التحليل الاقتصادي في حل المشكلات الاقتصادية على المستوى القومي وخاصة مشكلة البطالة. وهكذا تواردت افكار واراء الاقتصاديين في النمو والانماء الاقتصادي خلال القرن الماضي ومن ابرزهم ((شومبيتر)) ونظريته في التجديد ودور المنظمين في النمو وتقلبات النشاط الاقتصادي مركز في كتابة التنمية الاقتصادية على كيفية حدوث النمو وعوامله الاساسية حيث اعطى دوراً مؤثراً لتنظيم العملية الانتاجية، فقد اعتبر النشاط التجديدي للمنظم هو محور حركة راس مال والربح والفائدة اذ ان راس المال النقدي لا يهم في حد ذاته فالمنظم هو الذي يتحكم في تكريسه للانتاج في شكل عناصر انتاجية وان الربح الفائض بعد التكلفة الانتاجية.. لقد برز مفهوم التنمية البشرية المستدامة بوصفه تركيبة مشكلة من استراتيجية التنمية البشرية كما عبرت عنها تقارير التنمية البشرية التي يصدرها البرنامج الانمائي للامم المتحدة ومفهوم التنمية المستدامة الذي تم تبنيه من قبل مؤتمر الامم المتحدة حول البيئة منذ عام 1992 ونستدل على خلاصة هذه التركيبة الناشئة في التعريف الشامل للتنمية البشرية المستدامة والذي ورد في برنامج الامم المتحدة الانمائي ((التنمية البشرية عملية تهدف الى زيادة الخيارات المتاحة امام الناس. ومن حيث المبدأ، فأن هذه الخيارات بلا حدود وتتغير بمرور الوقت. اما من حيث التطبيق، فقد تبين انه على جميع مستويات التنمية، تتركز الخيارات الاساسية في ثلاثة : هي ان يحيا الناس حياة طويلة خالية من العلل، وان يكتسبوا المعرفة، وان يحصلوا على الموارد اللازمة لتحقيق مستوى حياة كريمة. وما لم تكن هذه الخيارات الاساسية مكفولة، فأن الكثير من الفرص الاخرى سيظل بعيد المنال .. بيد ان التنمية البشرية لا تنتهي عند هذا الحد. فهناك خيارات اضافية يهتم بها الكثير من الناس وهي تستمد من الخبرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الى فرص اللق والابداع، واستمتاع الاشخاص بالاحترام الذاتي، وضمان حقوق الانسان وفي بحث للدكتور آمال شلاش اشارت فيه الى ان تحول اهتمام الفكر الاقتصادي العالمي بالتنمية البشرية وبلورة مفاهيم ومؤشرات ومقاييس لها، شكل من اشكال التطويع لادوات العلوم الاجتماعية ومحاولة البلورة نظرية للتنمية تتلائم مع خصائص وواقع الحياة في البلدان النامية وقادرة على الكشف عن عناصر الاختلال في عناصر التوازن على الصعيد العالمي مثلما تكشف عن اختلال عناصر التنمية في داخل البلدان … ان الفكر والمفهوم الذي ينبع منه لكي يكون عالمياً يجب ان يكون انسانياً، ولكي يكون انسانياً يجب ان يفي بحاجات الناس وان يحقق اهدافهم في الحياة. ومع نضوج مفهوم التنمية البشرية بدا البرنامج الانمائي يطرح مفاهيم مكملة مفهومه الاساس ومنها مفهوم التنمية المستدامة التي وصفت من قبله انها تنمية موالية للناس وموالية للطبيعة، وهي تعطي اولوية للحد من الفقر والعمالة المنتجة وللتعامل الاجتماعي ولاعادة توليد البيئة وهي توازن بين الاعداد البشرية وبين ما لدى المجتمعات من قدرات متوائمة، وما لدى الطبية من قدرات هائلة. وان مضمونه التنمية البشرية المستدامة يستند الى فكرة ضمان فرص العمل للاجيال المقبلة أي بمعنى الانصاف في التوزيع او تقاسم الفرص الانمائية بين الاجيال الحاضرة والاجيال المقبلة فهي تنمية لا تولد فقد نمواً اقتصادياً ولكنها تهتم بالتوزيع ايضاً وهي ايضاً قد اضافت الى ابعاد مفهومي التنمية البشرية والتنمية المستدامة بعداً آخر هو راس المال الاجتماعي الذي يتلخص بانه استعداد الناس للالتزام الواعي بالتنازل عن بعض طموحاتهم من اجل الاجيال الحالية او المقبلة.

======================

قد آنَسُوك

الدكتور عثمان قدري مكانسي

مرّوا بعصافيرهم التي ملأت أركان البيت حركة وحياة ونشاطاً ، ثم رحلوا:

قـد آنـسوك فـأحدثوا iiبِشراً      وحَـبَوك أنساماً زكت iiعطراً
فـلهم تـحية راغـب iiوَلـهٍ      يـحيا  بـهم عمُراً ثنا iiعمُرا
أحـبابَ  قلبي كم سعدتُ iiبكم      لـما  حـللتم كـالسنا iiقـدَرا
ومـلأتُـمُ داري iiبـطـلعتكم      غـدَقاً حَـيَاً وهبَ الحياةَ iiثرا
فَـسرى بـها روحاً iiفأطربها      طرَبَ  المشوق تَسامعَ iiالوترا
وتـفـتّقتْ أزهـارُ iiدارتـنا      فـالغيثُ هلّ بأرضها iiوجرى
دفقُ  الجداول إن سقى iiشجراً      روَتِ الغصونَ فأعطَتِ الثمرا
يـا  مـن أنستُ بقربهم زمناً      كـان الـدواءَ لوحدتي، iiوبَرا
ووهـبـتمُ  قـلبي بـمقدَمكم      نَـوْرَ الـربيع يعانق iiالزَّهَرا
غـبتُم  فـغاب السعد من iiألمٍ      طَـعمُ  الفراقِ ..المُرُّ iiمبتسِراً
يـا لـيتني مـا ذُقتُ iiشهدَكمُ      فـالصبرُ  عنكمْ ماثلَ الصبِرا
هـذي  الـحياة: نهارُها iiبَهِجٌ      يـتلوه لـيلٌ غـيّبَ iiالـقمرا
وتـقَلبُ  الأحـوال iiعـادتُها      مـا حـقّقَت لـوليّها وطـراً
فـانْهَدْ لـيوم إن عـملتَ iiله      نـلتً  الرغائب فيه iiوالظفرا

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ