ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 07/10/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الرخصة الدوليه لقتل السوريين...متى تنتهي صلاحيتها؟

المهندس هشام نجار

أعزائي القراء

لم يعد هناك مجالاً للشك من أن مجموعة الدول دائمه العضويه في مجلس الأمن عملت وعلى مدى اكثر من ثمانية عشر شهراً بتنسيق كامل وأضع (ثلاث خطوط تحت كلمتي تنسيق كامل ) في بينها من أجل غايه واحده تصب في إطالة مرحلة الثوره السوريه إلى أقصى فتره زمنيه ممكنه وبالتالي إستمرار القتل والذبح والحرق والتدمير المرعب.. مع إشعال كل الأضواء الخضراء امام النظام السوري لإستخدام كل ما في جعبته وجعبة جيرانه القريب منهم والبعيد لمختلف أسلحة الدمار الشامل لتحقيق هذه الغايه..مع إشعال ضوء برتقالي اللون امام إستخدام الأسلحه الكيميائيه والبيولوجيه ويعزون ذلك إلى حظر دولي بإستخدام هذه الأسلحه ,وكأن ما يستخدمه النظام القاتل من كل صنوف الأسلحه ضد شعب اعزل لا يعتبر محظوراً!.

أعزائي القراء

المشكله تكمن في الثقه بنظام عالمي توافقي وأشدد على كلمة توافقي قد يلجأ في أي وقت لتغيير الأضواء كما يشاء, فتغيير الضوء من برتقالي إلى الضوء الأخضر ليس مشكلة بالنسبه له وخاصة إذا قُدِّم عرض مرضي لهم ولإسرائيل وهذا أمر وارد على ضوء ما يتسرب من معلومات بين روسيا ممثلة النظام السوري في مجلس الأمن والأصدقاء الغربيين تتمحور حول غض الطرف من جانب الدول صاحبة حق الترخيص بقتل السوريين بإستعمال الكيماوي والبيولوجي بكميه محدوده ولفتره محدده وفي مواقع بعيده عن الحدود مع إسرائيل مقابل ان يقوم النظام السوري بعد ذلك بتسليم تلك الأسلحه للجنه مختاره من قبل مجلس الأمن.

أعزائي القراء

كل شيئ ممكن ضمن منظومه عالمية متنفذه تحاول السيطره على العالم وفق قانون العهر السياسي..ولكن ليس كل ما يقرره دول التوافق قابل للتنفيذ,فالروس أعطوا الغرب ثلاث مهل لإنهاء الثوره السوريه فشلت جميعها..الأولى كانت بعد ستة أشهر من إنطلاق الثوره والثانيه بعد عام تقريباً في نيسان ٢٠١٢ والثالثه منذ شهرين تقريباً وبعد كل مهله تزداد الثوره صلابه وقوه وتكسب أرضاً جديده..ومن هنا يتوقع المحللون ان عرض الكيماوي والبيولوجي سيفشل إن لم يكن قد فشل فعلاً ..بعد ان توقفت هذه المناقشات حول الموضوع حيث أيقن الغرب ان المهل الذين شاركوا هم في صنعها قد أُستنفذت..فهل هناك ثمة تغيير في سياسة المتنفذين تجاه الثوره السوريه بعد ٦ نوفمبر موعد إنتخاب الرئيس الأمريكي الجديد؟, وإن حصل تغيير فبعد كم شهر سيدخل مرحلة التنفيذ إستناداً إلى الأولويات الأمريكيه؟

 أعزائي القراء

الشعب السوري لن يلتفت لهذا الموعد وهو غير معني به, فليس مهماً بالنسبة له متى ستنتهي رخصة قتلنا الموقعه من قبل دول مجلس الأمن الدائمة العضويه والذين شاركوا في تشكيل انهار الدماء في سوريتنا الحبيبه , فالشعب السوري قرر الإنتصار معتمداً على الله سبحانه وتعالى وحده ,وبعد الإنتصار سيفتح الشعب السوري كل الأوراق وبكل جرأه ضد كل من شارك في قتلنا أو سكت عليه خوفاً او شماتة . جرأتنا تكمن في إنتصارنا دون مساعدة الآخرين فلا منّةَ لأحد علينا وهذا هو مصدر قوتنا أمام العالم فأطفالنا هم من صنع الثوره ومشى شعبنا وراءهم...

مع تحياتي

* المنسق العام لحقوق الإنسان - الولايات المتحده / عضو في المجلس الإقليمي لمناهضة العنف والإرهاب وتعزيز الحرية وحقوق الإنسان

=========================

الأزمة في السياسية الدولية

شنكاو هشام

1ـ مفهوم الأزمة الدولية

ينظر المختصون والمعنيون بشؤون السياسة الدولية إلي الأزمات الدولية نظرة وان كانت تتفق اوتقترب من حيت جوهرها إلا أنها تختلف في بعض تفاصيلها فهدا الإستاد كورال ببل مثلا يعرف الأزمة ( بأنها المجال الزمني الذي تظهر فيه نزاعات ترتفع إلي الحد الدي تهدد فيه بتغيير طبيعة العلاقات القائمة

أما الإستاد الاستيروبوستان فانه يري علي أن الأزمة هي ( عادة تتضمن تحديا مقصودا واستجابة مقصودة من النوع الذي يتوخي فيه كلا الجانبين تغيير مجري التاريخ لصالحهما) بينما يراها الإستاد اورات يونك من خلال مجموعة أحدات تكشف عن نفسها بسرعة محدثة بدلك خلال في التوازن القوي القائمة في ظل النظام الدولي أو أيا من أنظمته الفرعية بصورة أساسية وبدرجة تفوق الدرجات الاعتيادية مع زيادة احتمال وقوع عنف داخله) ويختلف الإستاد ميخائيل بريش عن غيره بتحديد معني الأزمة من خلال الظروف التي ترافقها حيت يقول ( إن الأزمة هي حالة ترافقها ظروف أربعة ضرورية تفي بغرض قيامه كماهي مرئية من قبل اعلي مستوي لصانعي القرار المعنيين وهده الظروف هي

أولا تغيير في ظروف محيطها الداخلي والخارجي

ثانيا تهديد القيم الأساسية آنيا ومستقبليا

تالتا احتمال اعلي الدرجة لقيام أعمال عنف عسكري

رابعا وقت محدد للرد عليها كونها مهددا خارجيا للقيم

دلك انه بالإمكان القول إن الأزمة ظاهرة دولية تكشفها في البداية حالة توتر قد تكون سريعة جدا أحيانا بين فريقين ودولتين نتيجة خلاف في الرأي أو الموقف إزاء مسالة ما وقد تتحول إلي حالة التوتر هده الي حالة نزاع دولي محتمل اوفعلي أما بورة غير عادية أو فجائية

 

2ـ سمات وخصائص الازمة الدولية

إن أهم الدراسات في هدا الميدان والتي قام بها كل من الباحتين وايمر وكاهن من خلال بحتهما الأزمات والسيطرة علي السلاح قد خلصا منها إلي نتيجة إن الأزمات الحديثة والمعاصرة بالذات تتسم بجملة من الخصائص النسبية العامة والتي يمكن إجمالها في العناصر التالية

1 الشعور بانعطافات جديدة في السلوك الدولي

2 اتحاد قرارات تبدو مطلوبة

3 التهديدات والتحذيرات والوعود تبدو ظاهرة

4 إن نتاج ما تقدم في أزمة ماهي التي تقرر المستقبل

5تدخل وتلاقي الأحداث

6 زيادة في عدم الوضوح في الأمر

7ازدياد القلق العالمي

هدا وان الباحتين وايمر وكاهن يوضحان إن هده السمات قد تتدخل مع بعضها البعض وانه ليس كل ما ذكر يجب ان يشكل سمات الأزمة

ومن جانب أخر فان الدراسة ترى إن أهم هده الجوانب التي تتضمنها الأزمة

لابد أن تشتمل علي النقاط الرئيسية في النزاع الإطراف المتنازعة إن أهم عنصر في الأزمات الدولية هو تلك التدخلات والمضاعفات وقد يبدا التداخل من طرف تالت تتعرض مصالحه الحيوية للخطر وهدا ما دفع به إلي اتحاد تدابير مضادة تجعله يتخذ موقفا اويصبح منحازا إلي طرف دون الأخر وبما إن أوضاع السياسية الدولية متشابكة فان دخول طرف تالت قد يجر أطرافا أخرى مما يزيد من اتساع رقعة المتصارعين ويزيد أيضا من خطورة الأزمة وان أسوء حالة الصراع هي آن تجر الأزمة الدولية إلي حرب عالمية كونية

وهكذا يمكن القول بان حل أي أزمة يرتبط ارتباطا وثيقا بالحقائق المحيطة بها وان أي محاولة لفهم هده الحقائق لابد من الوقوف أولا عند جوهر الأزمة لأنه من المعلوم إن جوهر أي أزمة يقودنا إلي أطرافها الطرف الحق والطرف الباطل وانه من خلال الاستقراء لمعطيات التاريخ يتبين انه في أحيان كنيرة قد يضيع الحق لصاحب الحق الضعيف أداكان مفتقدا للقوة

*باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

chengaouhicham@yahoo.fr

======================

الإسرائيليون يسعون للمطالبة بحقهم في الدول العربية

بقلم/ أ. أماني الأسطل

كاتبة وباحثة إعلامية

هناك طيور تهاجر من مكان لأخر لفترات معينة على مدار العام، وقد يكون ذلك للحفاظ على نفسها من مخاطر البيئة المحيطة بها، تاركة ورائها

وطنها على أمل أن تعود إليه في يوم من الأيام. وهناك طيور أخرى قُدّر لها أن تبقى مهاجرة طوال فترة حياتها، فقدرها ألا تستقر في وطن واحد

طوال فترة عمرها.

والعجيب أن يجمع الفلسطينيون بين هاتين الحياتين بالنسبة للطيور، فبمجرد أن شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أسلحتها على القرى الفلسطينية عام

8491 ، وأضطر أهلها أن يخضعوا للتهجير حاملين معهم مفاتيح ديارهم على أمل العودة وليس الهجرة، فالفرق هنا كبير برأيي فالتهجير يحدث - -

رغماً عن الإرادة بينما الهجرة اختيارية حسب الرغبة.

ولكن الحال قد طال، وأصبح الفلسطينيون يتزايد عددهم يوماً بعد يوم، يُقدّر عددهم تقريبياً لأنه ليس لهم إحصاء مؤكد في وكالة غوث اللاجئين

الدولية التابعة للأمم المتحدة، فقد قُدّر عددهم ب 057 ألف لاجئ في عام 8457 ، وهؤلاء الذين اندرجوا في قوائم اللاجئين لوكالة الغوث غير الذين

شُرّدوا بعد عام 8494 حتى عشية حرب 8490 ، فقد أوضح مركز الإحصاء الفلسطيني أن 9948 % هي نسبة اللاجئين الفلسطينيين داخل الأراضي

الفلسطينية من مُجمَل سكان الفلسطينيين المقيميين في الأراض الفلسطينية نهاية عام 1788 ، وأنه يوجد حوالي 548 مليون لاجئ فلسطيني في العالم،

ويعتبر هذا تقديري أيضاً.

وبالرغم من أن معاناة اللاجئين التي بدأت مع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية تعتبر كارثة إنسانية، وإن حق العودة يعتبر ركيزة أساسية في

مسلسل المفاوضات الذي لم ولن ينتهي على مر الأيام القادمة، بسب المماطلة والتعنت الإسرائيلي المتعمد، إلا أن هناك كارثة أخرى تسعى السلطات

الإسرائيلية إلى إحداثها على أرض الواقع من جديد، وذلك يأتي ضمن خطة استراتيجية طويلة المدى تسير بها إسرائيل ببطء ومثابرة في المجتمعات

الدولية كما يسير شريط لهيب النار على نقاط من البنزين إلى أن يصل إلى مخزن المتفجرات فيحدث كارثة إنسانية، هكذا حال إسرائيل التي تعمل

جاهدة أن تكتسب دول الغرب إلى جانب موقفها المرتكز على أن "قضية اللاجئين عقبة أساسية في طريق التسوية السياسية للصراع الإسرائيلي

الفلسطيني"، لذلك يجب إزالة تلك العقبة للتوصل إلى تسوية بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني وهذا يستلزم التنازل عن حق العودة.

وبذلك قررت "لجنة تخصيص الميزانيات" في مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع تعديل قانون المساعدات الخارجية للعام 1782 ، ليس هذا فحسب بل

أقرت بند يُلزم الخارجية الأمريكية بتقديم تقرير عن عدد اللاجئين الذين هُجّروا من ديارهم عام 8491 ، وكيف ارتفع عددهم من 057 ألف لاجئ عام

8457 إلى 5 ملايين لاجئ لهذا العام، على الرغم من وفاة عدد كبير من الذين هُجّروا.

هذا التقرير يسعى لتحقيق أمرين: الأول: خفض حجم المساعدات الأمريكية للأونروا والتي تُقدّم على أرض الواقع على هيئة مساعدات عينية -

ومشاريع تُشرِف عليها وكالة الغوث للاجئين. والثاني: سحب حق العودة للأجيال الجديدة التي أتت بعد عملية التهجير لأنه لا يجوز إطلاق لقب لاجئ

عليهم بحسب زعمها، بالإضافة إلى أن ما تقدمه الأونروا من مساعدات للفلسطينيين يعمل على إبقاء قضية اللاجئين أمام الرأي العام العالمي وهذا ما

تسعى إسرائيل إلى إزالته من الوجود ومن الذاكرة أيضاً.

8494 ، وبعد نكسة – يأتي هذا بالرغم من أن مصطلح لاجئ الذي تنص عليه قرارات الأمم المتحدة بأنه يشمل من هُجّروا من ديارهم عام 8499

8490 تم تمرير القرار أيضاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليعتبر أن نسل اللاجئين لاجئين كذلك.

وتتضاعف الكارثة الإنسانية التي نحن ليس كفلسطينيين فقط وإنما كعرب أيضاً بصدد مواجهتها عندما نعرف أن وزارة الخارجية الإسرائيلية - -

تطرح قضية اللاجئين اليهود في إسرائيل من الدول العربية وتعمل على تحفيز اليهود الذين هاجروا من الدول العربية على المطالبة بتعويضات عن

ممتلكاتهم وعقاراتهم التي تركوها ورائهم في الفترة من أواخر الأربعينيات حتى الستينيات والتي قُدّرت بقيمة 877 مليار $. وكأن الخارجية

الإسرائيلية تقايض حق العودة للفلسطينيين مقابل حق اليهود الذين هاجروا من الدول العربية، وكأنه لا يكفيهم التعويضات التي اقتصوها من الألمان

على أثر المحرقة اليهودية في الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات من القرن الماضي.

مر على احتلال فلسطين 99 عاماً خلالها سعى الفلسطينيون لمطالبة إسرائيل بحق العودة وحق تقرير المصير، وبين ليلة وضحاها يفاجئنا الكيان

الإسرائيلي بأن له حق أيضاً في الدول العربية وله ممتلكات يسعى للمطالبة بها. وإذا كان للقدر أن يسخر، سيسخر منا نحن العرب على لا مبالاتنا للفخ

الإسرائيلي الذي يكبر يوماً بعد يوم، وقد يقع فيه العرب أجمع.

كنا أملين أن تعود الطيور المُهجَرة إلى ديارها يوماً ما، لكن ما نصحوا عليه اليوم أن احتل مكان الطيور المُهجَرة الغربان الذين بالإضافة إلى احتلالهم

القائم إلى يومنا هذا، يسعون أيضاً ليطالبوا بحقهم في الديار العربية التي تركوها قديماً حاملين معهم خططهم المحكمة ليبنوا لهم وطن على أنقاض شعب بأكمله.__

=======================

نقول من هنا...

خاطرة: جانكورد

نقول من هنا

للعالم أجمع

نحن شعب صامدٌ

من القامشلي إلى طرطوس

ومن عفرين إلى أزرع

لقد بدأنا بالحضارة

وألفباء التنوع

ومن هنا طارت حمائم السلام

بدين موسى

ودين عيسى

والإسلام

تحمل رسائل النور

للعالم الأوسع

لهذا الجربوع

نحن لن نخنع

نحن لسنا عبيداً

لهذا الفرعون الذي مثل أبيه

بل أبشع

لن نهادنه

ولن نخضع

فشيمتنا الصبر والقتال

من أجل الحرية

ولن تخيفنا ايران

ولا حزب اللات

ولا الشبيحة الأسدية

فهنا الشعب قد ثار

لدفع الأذية

ولبناء سورية

تتسع لأبنائها الأحرار أجمع

=========================

العلوم السياسية الإسلامية الغائبة عن منهاج التدريس في العالم العربي

الدكتور عادل عامر

إن منهاج الوسطية، هو أعدل المناهج في نشر دعوة الإسلام، والحفاظ على تماسك المجتمع المسلم، والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن. وفي السنة النبوية، بيان للكثير من أحكام الدعوة، فقد بينت لنا آداب الدعوة، وأخلاق الدعاة والمصلحين. فالداعية لا ينال الأجر إلا من الله عز وجل، ولا يطلبه من غيره، وهو يقصد نفع المدعوين بتعريفهم بالدين، وتنمية معارفهم، وإرشادهم لنفع أنفسهم في دينهم ودنياهم، ولا يسعى الداعي إلى الله إلى نفع نفسه خاصة، أو أن يجمع الناس حوله، أو حول شخص آخر غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يتقوى بأحد، وإنما يجمع الناس على الهدى، لمصلحتهم هم ونفعهم هم، وأجره على الله وحده سبحانه، كما قالت الأنبياء والرسل لقومهم. وفي العصر الذي نعيش فيه، تبدو حاجة المجتمع ماسة إلى جهد الدعاة في الدعوة إلى الله، حفاظًا على الدين، وعلى أحكام الشريعة والأخلاق الإسلامية التي يتعامل الناس بها في المجتمع. ومع هذه الحاجة كثرت وسائل الإعلام بالدعوة، وزادت منابرها، وعلا صوتها، وبرزت مشكلات تحتاج للمزيد من العناية والمراجعة، من العلماء والدعاة. ومن أهم المشكلات التي تواجه الدعاة في هذا العصر، مشكلة الغلو في الدين والتطرف والانحراف عن منهاج الوسطية الذي تحدثنا عنه سابقًا. إن بعضًا من الشباب، لا سيما من تقل معرفتهم بالأحكام الشرعية، تدفعهم حماستهم ورغبتهم في خدمة الإسلام، إلى الانضمام إلى أية جماعة تعلن على الناس أنها تقوم بواجب الدعوة إلى الله، وتتعاون في سبيل ذلك مع من ينضم إليها. يُقبل هؤلاء الشباب أحيانًا على هذه الجماعات، دون أن يتبينوا حقيقة أهدافها، ودون أن يكون لديهم معرفة كاملة بصلاح من يوجهون أمورها وعدالتهم، كذلك دون أن يتحققوا من أسلوبها في تبليغ كلمة، الله إلى الناس. وقد دلت المشاهدة والتجارب في العديد من البلاد الإسلامية على وجود أهداف خفية وراء ممارسة بعض المناشط الدعوية. قد تكون هذه الأهداف سياسية أو مذهبية منحرفة، وقد يكون فيها خروج على المسلك الصحيح الذي يجب أن يسلكه المسلم تجاه مجتمعه الذي يعيش فيه، وأولي الأمر الذين ينهضون بمصالحه، وغير ذلك. فالشباب، مطالب بأن يتحرى الأمور قبل أن يبذل من إخلاصه وجهده وماله في مكان، أو تجمع، أو جماعة لم يتحقق من عدالة من يتولون أمورها، ويتبين اتفاق أسلوبها الدعوي مع منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن العلم طريقها، والعلماء الصادقين هم القائمون بها على بصيرة: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } . (يوسف الآية 108). ومن أخطاء بعض الدعاة، تنكب المنهاج الأوسط في الدعوة، فيعدل عن الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، إلى إيذاء بحض المدعوين بالقول أو الفعل، ظنًّا منه أن ذلك أسرع وأنجح في البلاغ، وأدعى للاتباع، وينسى هؤلاء أن الدعوة في الأعم الأغلب، لا توجه إلا للمخطئ والعاصي والجاهل، وأن هؤلاء أحوج ما يكونون إلى الكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة، والبيان الشافي من الداعي. وهكذا كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وطريقة صحابته الكرام- رضوان الله عليهم- ومن تبعهم بإحسان، والمصلحين من الدعاة. لا شيء أضرَّ بالشباب من أن يحاول أحد أن يستخدمهم، بدل أن يخدمهم بتقديم ما ينفعهم، من علم وقدوة وتبصير بالأمور. فقد يُستعمل حماس الشباب، وإخلاصه، وقدراته في الإساءة إلى الدعاة الذين يقومون بواجبهم العلمي والدعوي بأمانة وإخلاص، ووفق منهاج النبوة. وقد يتصدى بعض الشباب بدافع من الحماس أو الغلو، لعلماء أفنوا عمرهم في تحصيل العلم الشرعي من مظانه الأصلية. وهذا من العيوب التي شابت مسلك بعض الشباب في مجتمعات إسلامية عديدة، وفيه ما فيه من إساءة الظن بالعلماء، وترك التقدير والاحترام لهم. هذا بعض مما يقع فيه بعض الشباب في بلاد إسلامية عديدة، مما يسيء إلى الدعوة والدعاة أمام غير المسلمين ، بل وفي نظر كثير من المسلمين. والسبب في ذلك ترك المنهاج الوسط الذي تضمَّن الأقوم والأعدل في كل عمل. إن على العلماء والدعاة إلى الله، أن يخاطبوا الناس بمنهاج الوسطية في كافة أمور الدين علمًا أو إفتاء أو دعوة؟ لأن الدين في أصله يرفض الغلو، والتطرف في كل جوانبه. إن منهج الإسلام وسط بين من يحبون الدنيا ويذرون الآخرة، وبين من يعتزلون الدنيا كلها: { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ } . (القصص الآية 77). وهو وسط بين الإفراط في حكم الشرع، أو التفريط فيه، يقول صلى الله عليه وسلم: « لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم، فإن قومًا شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم » (رواه أبو داود). إن قيام كثير من الأنظمة بتهميش وتغييب الشريعة الإسلامية والتراث الإسلامي المجيد الحيّ، قد أدى إلى ولادة تيار ينظر إلى سائر الأنظمة العربية والإسلامية على أساس أنها أنظمة ملحدة كافرة، وأن مقاومتها جزء من الجهاد الذي فرضه الله على الأمة. فالمطلوب إذن إعادة الشريعة الإسلامية في كافة مجالات الحياة، مع أن أحداً منّا لا يجهل أن هذه الشريعة السمحة قادرة على مواكبة التطور في الزمان والمكان، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليذّكر أولوا الألباب}(سورة ص: [ الآية: 29 ].). ن منهاج التعليم والتربية الإسلامية عموماً بحاجة إلى إصلاح وتجديد، وثمة فتاوى صدرت في فترات من التاريخ تبدلت ظروفها كاملة، وتغيرت أطرها ومبرراتها ولابد من النظر إليها بوعي واستخلاص دلالاتها على ضوء الظروف الجديدة وضمن توجيهات الكتاب والسنّة. كما أن تخريج أجيال من حملة الشهادات الشرعية بثقافات منغلقة غائبة عن حركة التاريخ، غير واعية للعالم الذي تعيش فيه، يعتبر جهداً خاطئاً لابد من تقويمه حتى يسير في السبيل الذي ينسجم مع نظرة الإسلام في الكون والحياة، ومقاصد الشريعة السمحة، ببناء الأمة الماجدة، وعالم يسوده الإخاء والمحبة في ظلال كتاب الله وسنّة رسوله العظيم. لقد أفلحت القيادات الإسلامية في تجاوز ظاهرة التعصب المذهبي الفقهي التي كانت إلى سنين قريبة تعتبر من أكثر المشكلات الإسلامية حساسية. والمطلوب اليوم من قادة الحركات الإسلامية في العالم معالجة مسألة الخلاف العقائدي على أساس من الحوار والتفاهم والتعاون.. لا على أساس من البغضاء والكراهية والجبر. إن الوضع الإسلامي اليوم في أفغانستان لايسرّ أحداً، وقد فُجع العالم الإسلامي يوم رأى تلك المدافع التي نصبت ليُحَاربَ بها الاستبداد الأحمر... تتحول بكل عبث إلى وسائل لتصفية خلافات سياسية واجتهادية كل ينبغي أن تكون وسيلتها الحوار على أساس المحبة. إن ما جرى في أفغانستان، وفي لبنان من قبل، والجزائر اليوم، مؤهل لأن يتكرر في أكثر من عاصمة إسلامية غداً إذا لم يقم الدعاة والمسئولون بواجبهم في إصلاح التعليم والتوجيه الديني وإبراز جانب الحوار والتعايش في كل ثقافة يتلقاها طالب العلم. لقد بدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم دعوته في المدينة وهي مجموعة طوائف مختلفة، وفي غزوة أُحُد انسحب عنه ثلث جيش المدينة وتبين له أن ثلث الناس منافقون.. وبالرغم من كثرة المنافقين وتعدد جرائمهم ومخازيهم، لم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم أنه أراق دم أحد منهم، ومازال يستأني بهم ويتعاهدهم بالحلم والإغضاء والتعليم والتأديب حتى سلمت له المدينة. {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}(سورة آل عمران: [ الآية: 159 ].). وسُجّل له صلى الله عليه وسلم تفاهم وتعاون وانفتاح مع ملك الحبشة النجاشي رغم أنه لم يُصلّ ولم يصم ولم يهاجر إلى رسول الله، وقد قال الله عز وجل: {والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}( سورة الأنفال: [ الآية: 72 ].). ويوم توفي النجاشي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، إماماً بالمسلمين صلاته على الجنائز، كما أخرج ذلك الإمام البخاري في الصحيح، وسُجل له ود وتراحم مع نصارى نجران على نصرانيتهم،ومع مقوقس مصر على قبطيته، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي. إن عقدة احتواء الناس بالجبر وقضم أفكارهم وآرائهم بالقوة لم تكن أبداً في منهج النبي صلى الله عليه وسلم، وعاش ومات وهو مكلل بشرف قول الله عز وجل: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}(سورة الأنبياء: [ الآية: 107 ].). علينا أيها الإخوة أن نعود جميعاً رعاة ورعية إلى تربية القرآن والسنّة ومنهاجهما السماوي لإعداد أجيال الدعاة، فنكشف عما فيهما من محبة وخير وتسامح ونور، وإخاءٍ ورحمةٍ. وإني لمتفائل بالمستقبل... إن العالم لم يهيأ يوماً لتقبل رسالة الحق كما هو مهيأ اليوم، بعد أن سقطت الأيديولوجيات الإلحادية في العالم وبقي الإنسان الحر يبحث عن ذاته في ركام العقائد المتهافتة، وقد أيقن العالم أن رموز الإلحاد السالفة لم تكن إلا آلهة كاذبة وهو في طريقه إلى: لا إله إلا الله.... ويوشك أن يسمع العالم تتمة الشهادتين: محمد رسول الله. قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}سورة فصلت: [ الآية: 53 ]. وقال سبحانه: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة، فينبئكم بما كنتم تعملون}(سورة التوبة: [ الآية: 105 ].).

خلاصة القول

مكانة العلوم السياسية في الإسلام ، وعزي ذلك إلى غرابة المصطلحات واختلافها عن المتداول اليوم ، بجانب تناثر مسائل السياسة في مواضع متباينة لا يجمعها جامع)

التصور الإسلامي للسياسة :-

ومع كل هذه الصعوبات فإن البحوث المتأنية والدراسات الشاملة تظهر أن كتباً ومؤلفات إسلامية كثيرة تحوي قدراً كبيرا من المباحث السياسية . ومن الممكن تقسيم هذه الكتب إلى أريع فئات تنبع من تصور الإسلام للسياسة . ففي حين أن الفكر الغربي الحديث يفصل فصلاً تاماً بين السياسة والدين وبين السياسة والأخلاق فإن الإسلام يجعل السياسة جزءا من الدين ، ويقيم الصلة وثيقة بين الأخلاق والسياسة وتبعاً لذلك فقد عالج الإسلام السياسة من ثلاث زوايا :

الأولى : زاوية العقيدة

والثانية: زاوية الفقه والقانون

والثالثة: زاوية الأخلاق

ولهذا فإننا نجد المباحث السياسية ضمن الدراسات العقدية ، وضمن الدراسات الفقهية وضمن الدراسات الأخلاقية .وقد سجلت الدراسات التاريخية الممارسات العملية للسياسة . فهذه هي المجالات الأربعة التي ضمت المباحث السياسية في الإسلام .

ولا شك أن السياسة في أي مجتمع لها ارتباط وثيق بالمبادئ التي يؤمن بها المجتمع في تفسير ظواهر الكون ومكانة الإنسان فيه . والفلسفة السياسية هي أحد فروع الفكر السياسي في الغرب .وبمثل هذا الارتباط الوثيق بين الفلسفة والسياسة في الغرب وجدت صلة قوية بين السياسة والمبادئ العقائدية في الإسلام . بل كانت السياسة وقضية الإمامة على وجه التحديد أحد المحاور الأساسية للجدل بين الفرق الإسلامية التي ظهرت منذ منتصف القرن الأول الهجري . وهذا يفسر اهتمام رجال العقيدة والكلام والفلسفة بالسياسة وتناولهم لها في كتبهم.

وجدت السياسة عناية أيضاً عند الفقهاء ، والعلاقة بين السياسة والفقه هي العلاقة ذاتها التي توجد اليوم بين السياسة والقانون . فالدستور وهو أعلى قانون في الدولة المعاصرة ما هو إلا تعبير عن المبادئ السياسة والفكر السياسي الذي تؤمن به الدولة . ولقد سعى الفقهاء لصياغة القواعد الهامة التي يقوم عليها الحكم وتحديد وظائف الحكام ومؤهلاتهم ووضع الحلول للمشكلات المختلفة التي نشأت من تطور الدولة الإسلامية .

أما الدراسات الأخلاقية فقد سعت لوضع قيم وآداب تحكم تصرفات رجال السلطة . وكانت هذه الدراسات تصاغ في شكل مواعظ ونصائح للخلفاء والملوك والسلاطين ومن دونهم من رجال الدولة . وهذه القيم الأخلاقية هي التي تجعل السياسة في الإسلام – في جانبها النظري على الأقل – نظيفة تقوم على الصدق والأمانة والعدل.

وتضم الدراسات التاريخية الوثائق السياسية والإدارية للدولة الإسلامية منذ تأسيسها . وهذه الوثائق تشمل الخطب والرسائل والمعاهدات وتسجل بدقة كل نشاط سياسي في المجتمع ، سواء كان صادراً من رجال الدولة أو من المعارضين لها المتمردين عليها ، وسواء كان في سياسة الدولة الداخلية أو الخارجية في السلم والحرب . فهي بذلك ذات أهمية قصوى ومصدر رئس من مصادر الدراسات السياسة ، فبجانب الوقائع التاريخية فإننا نجد المبادئ السياسية والأحكام التنظيمية .

خصائص ومميزات

وهكذا يجد الباحث المنصف مؤلفات كثيرة متنوعة متعددة في كل هذه المجالات التي عالجت السياسة في الإسلام . و الدراسة المتأنية لها تظهر أنها تتمتع ببعض الخصائص ، نكتفي بذكر اثنين منها:

الأولى: إن كتابات المسلمين السياسية لم تكن كتابات نظرية تحلق في عالم المثال، مثل كتب الفلاسفة اليونان الذين تحدث فكرهم السياسي عن مثل وأحلام لا تتحقق في عالم الواقع . فمن يقرأ جمهورية أفلاطون – مثلا – يعلم أن تصوراتها تصورات خيالية . ولكن بحوث السياسية الإسلامية كانت كتابات عملية تواجه الواقع بل إن كثيرا منها لم يكتب إلا بأمر السلطة الحاكمة للعمل به وتنفيذه . فأبو يوسف كتب كتابه الخراج للخليفة هارون الرشيد، والماوردي كتبه بأمر خليفة عصره ، وابن تيمية وجه كتاب السياسة الشرعية لحكام دولة المماليك في مصر . وهذه بعض الأمثلة فقط.

فالفقه السياسي الإسلامي لم يكن فقها نظريا كما قد يتوهم بعضهم بل كان فقها عمليا عالج الواقع ، واستجاب لحاجات عصره. ولا شك أنه أيضا قد عالج بجانب الواقع التصورات الصحيحة والنظريات الإسلامية السليمة للدولة متخذا من السوابق التاريخية التي طبقت فيها تلك النظريات مثالا ونموذجا فجمع في ذلك بين التصورات النظرية والاتجاهات العملية.

الثانية :- إن ذلك الفقه قد عالج المشكلات التي وجدت في عصوره المختلفة ، وتناول جوانب النظام السياسي حسب ما تطورت إليه الدولة الإسلامية . ولم يترك ثغرات أو فجوات لم يعالجها . وقد شملت البحوث الدولة ونظامها مثل كتاب الجويني المعروف . والعلاقات الدولية بحثها كتاب الشيباني، ووضع الأقليات غير المسلمة بحثها كتاب ابن القيم ، والنظم المالية بحثها أبو عبيد القاسم في كتابه الأموال ، والنظم القضائية بحثتها كتب عدة .

وخلاصة القول أن العلوم السياسية الإسلامية عند أسلافنا قد استجابت لحاجات عصرها . ولئن استجدت في عصرنا حاجات ومشاكل جديدة تحتاج إلى اجتهاد فإن على المعاصرين أن يبذلوا قصارى جهدهم في تقديم العلاج لمشكلات عصرهم في ضوء الإسلام، مستفيدين من جهود الأولين ومتأسين بهم .

====================

تجليات التدين المنحط

بقلم أحمد الريسوني

لانحطاط التدين أشكال وتجليات أذكر منها: التدين المغشوش والتدين المعكوس والتدين المحروس.

1. التدين المغشوش

لعل الصفة الأساسية الجامعة للتدين المغشوش، أو الغش في التدين، هي صفة الاعتناء بالظاهر مع إهمال الباطن. بمعنى أن المتدين يعتني- في تدينه- بتحسين الأعمال والصفات الظاهرة والمرئية والملموسة، ويحرص على الالتزام بأحكام الشرع وآدابه فيها، بينما لا يبالي بعكسها مما لا يراه الناس ولا يظهر للعيان.

فمثلا قد تجد المحافظة على الصلاة في أوقاتها وبهيئاتها وسننها، بدرجة جيدة جدا، ولكن الاهتمام بباطن الصلاة، أي بحالة القلب وتعظيم الرب ونباهة العقل وخشوع النفس، شيئ منعدم أو كالمنعدم.

وقد تجد المتدين مهذبا رقيقا، عفيف اللسان حلو الخطاب، لا يسب ولا يشتم ولا يُغلظ القول...، ولكنه في مجالسه الخاصة الآمنة، يفعل كل ذلك وأكثر منه، ويسترسل في الغيبة والنميمة والتجريح، استرسال المستبيح المستريح!!

والتدين المغشوش يسهل التعايش والاندماج مع ثقافة الغش وممارسة الغش، في كافة المجالات والأعمال. فكل عمل ظاهره أفضل من باطنه، وباطنه أقل من ظاهره، ففيه غش. وكل ما يخفيه صاحبه، من تطفيف أونقص أو رداءة في أعماله وواجباته، فهو غش. وكل تدليس على الناس غش.

وبهذا المعنى سنجد الغش ساريا في الدراسة والتدريس والامتحانات، على جميع المستويات، ونجد الغش في الصناعة والتجارة، صغيرها وكبيرها، وسنجد الغش في كافة الحرف والوظائف والمسؤوليات. وقد نجد الغش حتى عند أئمة المساجد والقيمين عليها. وربما أيضا عند المكلفين بالأعمال الدعوية والوعظية والعلمية. وما أكثر ما سمعنا عمن يتقاضون أجورا على دروس الوعظ والإرشاد، ثم يغيبون عنها مثل غياب البرلمانيين. ونسمع كذلك عمن علماء وأساتذة يُبتعثون إلى الخارج للدعوة والإرشاد، فإذا بهم ينصرفون إلى راحتهم وقضاء مآربهم، ولا يذكرون واجبهم إلا قليلا، ومثل هذا يحكى عن بعض من يذهبون في بعثات علمية إرشادية مع الحجاج، وكذلك يفعلون ...!

 

وحتى شعب الدراسات الإسلامية، وما شاكلها في القرويين وغيرها، نجد فيها أساتذة مبرزين وطلبة متفوقين في الغش وخيانة الأمانة. ومنذ حوالي عشر سنوات، بلغني أن بعض الطالبات ''الأخوات'' انسحبن من حركة التوحيد والإصلاح، لأنني أنا والأستاذ محمد الروكي رسبناهنَّ في الامتحان ! وقد سرني ذلك الانسحاب، لأنه يقلل من الغش والغشاشين في صفوف الحركة. وهكذا نجد الغش يتعايش ويتجاور مع الصلاة والصيام، ومع الدراسات الإسلامية، ومع الذِّكْر والحج، ومع الدعوة وتلاوة القرآن، ومع قوله صلى الله عليه وسلم(من غش فليس منا)!!

 

2. التدين المعكوس

وأعني به التدين الذي يَقْلب أصحابُه مراتبَ الشرع وقيمه ومقاصده وأولوياته، فيتشددون ويبالغون فيما خففه الشرع، أو لم يطلبه أصلا، ويهملون ويضيعون ما قدمه وعظمه.

فتجد من الحرص والتزاحم على صلاة التراويح، وعلى تقبيل الحجر الأسود، ما لا تجده في فرائض الدين وأركانه.وتجد الإنفاق والإغداق في الولائم والضيافات والعمرة، مع تضييع فرائض الزكاة وحقوق الشركاء والأقارب والفقراء والمستخدمين ... وحين نقرأ ما في القرآن والسنة عن وحدة المسلمين وأخوتهم وتكاتفهم وتعاونهم، وما فيهما من نهي ووعيد وتحذير من التباغض والتدابر والتفرق، ثم ننظر ما عليه المسلمون، شعوبا وحكاما، ودعاة وعلماء، ومذاهب وحركات، نرى كثيرا من المسلمين قد عكسوا ذلك كله رأسا على عقب، وأنهم قد جعلوا التباغض والتفرق شريعة من شرائعهم، وجعلوا الاقتتال والتصارع شعيرة من شعائرهم.

ومثل هذا نجده حين نرى ما جاء به الإسلام من طهارة ونظافة ونقاوة، تتصدر أحكامُها وآدابها كافة كتب الفقه والشريعة، ثم ننظر في عالم المسلمين مغربا ومشرقا، فنرى حواضرنا ومدننا - بشوارعها وحدائقها وساحاتها وأسواقها - غارقة في الأوساخ والأوحال والأزبال.

ويظل المسلمون يترددون على مساجدهم وصلواتهم، ويسمعون أئمتهم يقولون ويعيدون: سووا صفوفكم، استووا واعتدلوا، وإن الله لا ينظر إلى صف أعوج...، ولكن قلما تخلو صلاة من صف أعوج، وقلما ترى المسلمين عند الأبواب والشبابيك وغيرها من مواطن الازدحام، إلا في حالة فوضى وتدافع، يموج بعضهم في بعض ويدوس بعضهم، نساء ورجالا.

 

3. التدين المحروس

وأعني به التدين الذي لا يلتزم به أصحابه بواجباتهم، إلا بالمراقبة والمطالبة والملاحقة، ولو تُركوا لتَركوا. فهم ممن يصدق فيهم قول الله تعالى ((وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا)) آل عمران/75.

 

فكثير من المسلمين المتدينين، المبادرين إلى الصلاة والصيام والحجاب واللحية والسبحة، تجدهم في الوقت نفسه، متهربين متملصين من أداء حقوق الناس عليهم، أوْ لا يؤدونها إلا بكثير من المماطلة والإعنات لأصحابها. مع أن الفقهاء لا يفتأون يرددون: حقوق العبد مقدمة على حقوق الله.

وعلى سبيل المثال، فإن المقترض أو المستعير، الذي يرد العارية والقرض في أجله وبدون طلب، قد أصبح من نوادر الزمان، بين المسلمين من أهل القبلة والصيام والازدحام في التراويح... وأما ''مذهب الجمهور''، فهو تناسي الدين والعارية، وعدمُ ردهما بالمرة، أو ردها، لكن بعد فوات الأجل، أو بعد ملاحقات وتوسلات وتسويفات.

وأما إذا كان العمل المطلوب أداؤه، يدخل في الحقوق والمصالح العامة، أو كان من الواجبات الكفائية، التي تُبنى بها الأمم وتنهض، فإن الإهمال والتفريط فيها، هو السلوك المتعارف عليه عند معظم إخواننا المتدينين، بمن فيهم كثير من أبناء الحركة الإسلامية، وقلما يؤديها أحد من غير أن يكون واقعا تحت المطالبة والمحاسبة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ