ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 12/07/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

جورة الشياح .. قلب حمص النازف

د.جهاد عبد العليم الفرا

ما أشده على النفس وماأقساه، رؤية مراتع النشأة، ومرابع الصبا، وقد عاثت بها يد الإجرام خرابا، وهدما ، وتقتيلا ، وتشريدا لتحيلها إلى ركام ممزوج بالدماء الطاهرة الزكية سالت على رباها من رجال اشاوس غر ميامين قضوا في دفاعهم عن حرية شعبهم ووطنهم، ومن نساء حرائر شرفهن دفاع أولئك الابطال عنهن وعن أطفالهن، كما امتزج هذا الركام بالدموع المنهمرة بغزارة حزنا وألما وغصة من عيون ترى كل هذا الظلم وكل هذا القهر دون أن تمتد إليه يد رادعة قوية توقفه عند حده أويد حانية ترفع عن الشعب حزنه.

هو حي من الأحياء المركزية في حمص المنكوبة فهو ملاصق للسوق المركزي في المدينة، ولايبعد سوى عشرات الأمتار عن مسجد سيف الله المسلول سسيدنا خالد بن الوليد في حي الخالدية، ومتصل بحي منكوب آخر هو حي القرابيص، ولايبعد عن مركز المدينة " الساعة الجديدة " إلا دقائق سيرا على الأقدام، وفي قلبه يقع مسجد الدعوة معقل العالم الرباني الشيخ الجليل الوقور عبد الغفار الدروبي عليه من الله شآبيب الرحمة والرضوان والذي توفاه الله سبحانه وتعالى في مكة المكرمة بعد عشرات السنين من الهجرة القسرية، وموئل الشباب الطاهرالذين كانوا يلتفون حوله في حلقات العلم والأدب والسيرة والفقه والحديث والتفسير. قضى معظمهم شهيدا على أيدي سلطات القهر والظلم في سوريا الجريحة مطلع الثمانينات، واعتقل الكثير منهم ليقضي زهرة عمره في المعتقلات التي ذاقوا فيها ويلات لايعلمها إلا الله وصبروا وصابروا، وهاجر الباقون بعد أن تقطعت بهم السبل إلى قارات العالم الخمس يواصلون فيها مسيرة الدعوة والخير التي نهلوها من معين الخير على يدي الشيخ الجليل في مسجد الدعوة في جورة الشياح.

إنه حي من أحياء حمص الأصيلة فأهله أهل خير ووفاء ودين وشهامة ورجولة وهمة لايرضون الذل ولايقبلون بالهوان، شأنهم في ذلك شأن سائر أهل حمص وسائر أحيائها العريقة من باب الدريب إلى باب هود، ومن باب التركمان إلى باب السباع، ومن بابا عمرو إلى دير بعلبة وتلبيسة والقصير والخالدية والرستن وكما هوأيضا شأن سائر أهل سوريا الجريحة من أهل حوران حيث هلت البشائر إلى أهل حلب وريفها ،ومن أهل دير الزور شرقا إلى عروس البحر اللاذقية الصابرة.

 هب أهل جورة الشياح يدافعون عن كرامة إنسانيتهم وحريتهم التي افتقدوها على مدى خمسين عاما في ظل حكم شمولي قهري ظالم فكان جزاؤهم أن يقصفوا بالمدافع والدبابات وراجمات الصواريخ وكل أدوات القتل والتدمير والهلاك التي لايمتلك هذا النظام الساقط غيرها ليثبت للعالم أجمع فقدان شرعيته وعدم أهليته لقيادة شعب حر أبي هب عن بكرة أبيه ليرفضه بكل مكوناته مهما بلغت التضحيات، وتعمقت الآلام،وعظم الخطب في ملحمة إنسانية لاشك ان التاريخ يسجلها بأحرف من ذهب، ويسجل معها جدارة هذا النظام الدموي أن يرحل إلى مزابله.

========================

عرانيس الذرة وأكوازها

د. سماح هدايا

في كل حي من بلادنا، في موسم الذرة، بائع لأكواز الذرة. مسلوقة عرانيسها أو مشويّة. والناس يعتادون رؤيته ويعتادون الشراء منه. ثمّ يتعقّد الوضع ويمارس البائع احتكارا للحي، ويعتقد أن له وحده هذا المكان وأنه الأحق به والأجدر والخبير. وربما لو جاء بائع جديد، ما وجد له مكانا وما سمح له البائع بالبيع والتحرّك، وسيتجاهل وجوده أهل الحي؛ فهناك تواطؤ ضمني بين البائع القديم الذي اعتادوا عليه وبينهم، وربما حدثت معارك ضارية بين القديم والجديد .

 هذا أمر ينطبق على النشاط البشري في أكثر حالاته، خصوصا في حالة الضعف والركون والتقاعس. يعتاد البشر على بشر، ويتقاسمون معا بشكل عفوي مسارات حياة، تصل إلى مرحلة التقوقع، وعقليّة الشلّة. فلهذا الحي بائع أكواز الذرة، لا ينازعه أحد، مع أنه بائع متجوّل، لا ملكيّة قانونية له في المكان، كذلك بائع التمرية والكعك والكستناء والكرز الأخضر واللوز الأخضر. وكذلك بائع الوطنيّة والشعارات وأكواز المستقبل التي يريد تفصيلها على د فهمه ومصالحه في بعض أزقّة المعارضة السوريّة.

 ومن هذا المنطق الشارعي منطق مصلحة بائع أكواز الذرة، يشق أفراد ومجموعات من المعارضة، ومن فصائل القتال المسلح أو النضال السلمي طريقهم في هامش خارطة الثورة السوريّة. ليس العيب في الثورة السورية العظيمة ولا في ثوارها. وإنما العيب متمثل في تمدّد ثقافة المصالح، واحتكار المواقع والقرارات للسيطرة على الواجهة السياسيّة، وفي بعض ما تفرّعه الثورة بالضرورة في أطرافها من فوضى قبل أن تنجز مهمتها الخلاقة العظيمة.

 ليس كل من حمل السلاح هو ثائر لمبدأ، وليس كل من عارض هو وطني العقيدة وخالص الوفاء. وليس كل من انشقّ سياسيا أو عسكريا أو أمنيا هو رجل موقف وقضية. هناك صفقات مصالح واحتكارات، ترعاها قوى كبرى لتحقيق بديل عن النظام الذي تفسّخت سمعته وهيبته وقوّته وشرعيّته، وبديل عن الثورة التي يمثل نجاحها في إسقاط النظام مؤشراً شديد الخطر في المستقبل على أمن إسرائيل ومصالح الدول الاستعمارية في المنطقة .

 شاب ثائر مناضل في واحد من المؤتمرات الكثيرة التي أوجدتها الثورة السوريّة. كان قد غادر الوطن، مؤقّتاً، لسبب وطني وجيه، ليكون في الحراك الثوري للمعارضة بعد ان كان يناضل في أحياء حمص المكافحة ضد الإرهاب. في عينيه عمق حزين ممزوج بأمل صامد. اسمه الرمزي تأبّط خيرا. شرح لي بوجهة نظر رصينة هادئة منطق بائع أكواز الذرة المتجوّل الذي يتمتع بعلاقة متواطئة مع الحي وأهله المشغولين بأمورهم في ملكية شرعية واحتكار لبيع الأكواز، ليتحوّل بمرور الزمن إلى تاجر يشرعن مصالحه في البيع والاحتكار.

 لكنّ الخطير في الأمر أن تنتقل هذه الحالة التملكيّة من حالة فردية اعتباطيّة إلى حالة عامة منظّمة، وأن يصبح لها مأسسة قصرية يفرضها منطق شبيه بالتشبيح والبلطجة والاستحواذ؛ ففي اجتماع كبير مؤخر للمعارضة السوريّة تجلّى بوضوح منظر التشبيح الذي يستخدمه بعض رجال المعارضة، ليس فقط الذين يعملون على احتكار تمثيل الشعب السوري وثورته سياسيا وعقائديّا. أو الذين يسعون إلى بسط نفوذهم بالصوت المرتفع، بل أيضا الذين يحاولون بالمال والتمويل السيطرة على حراك المعارضة والثورة، وقيادة الأمر بحسب مصالحهم، ووفق مبادرات يفرضونها من دون ان يشارك الشعب الثائر فيها أو يكون تشاور عام حولها، فهم يستخدمون رجالا شبيحة لا يختلفون عن شبيحة نظام بشار. لهم عضلات مفتولة وأجساد ضخمة، يحومون كالكلاب حول أسيادهم ويفسحون لهم في الأماكن، ويقومون بحراستهم وحمايتهم، كأنهم قوى لسلطة جديدة تحقق بمنطق المال والقوة شرعية السيطرة. وربّما نظام استبداد جديد.

 هؤلاء ركبوا ريح الثورة والمعارضة، لمصالحهم الفئويّة، ويريدون احتكار الشارع الثوري الذي تسلقوه وقيادة الثورة. لم تصقلهم قط الوطنية بمياهها الصافية ليكونوا رجال الوطن وأصحاب المبادىء الوطنية. يغيرون مواقعهم وولاءهم وفق مصالحهم. فخلل شديد في الشرايين التي تصل بين قلوبهم والمبادىء الوطنية ؛ يتسكّعون في المقاهي التي تشعل أضواءها قوية لتسرق الضوء من الثورة.

 ثورتنا ليست صرخة وليد عليل. يصرخ ليموت. ولن تصبح حطاما، ولن تنجح أحلام المتاجرين بالدم الثوري في التحليق حول الحطام. الشعب عندما يقاوم كالقصب لا تكسره الرياح، يصبح نايات تعزف أنشودة الصراع من أجل البقاء. إن الشعب قد يخسر حينا وقد يخفق حينا، لكنه سيربح المعركة والحرب التحررية لأنّه يخوض حربه الوجوديّة.

====================

وَلا يَلتَفِت مِنْكم أحد

الشيخ نور الدين قره علي

أعلن النظام على لسان رئيس عصابته الحرب على الشعب الثائر ، ولوّح بعصاه أمام وزراء هزيمته المرتقبة بأنه سيوقف أمواج البحر الهادر ، وكان صوته في تلك اللحظة يشكل صدى خطاباته السابقة التي ذهبت بكل ما فيها من تهديدات ووعيد أو توسل خفي بوعود وإصلاحات

 

وإني وإياكم نعيش اللحظة الحاسمة بعد هذه الأشهر المتطاولة بأحداثها والخالدة بأخبارها ..

 

ونحن نستمع في كل لحظة ونشاهد في كل يوم آثار هذا النظام المتغطرس وهو ينفث حقده ، وينشب مخالب توحشه في جسم هذا الوطن قتلا وتدميرا ، فالذئاب إن حوصرت تتوهم بأنها صارت أسودا ، فتحكي صولة الأسد زورا وبهتانا ، فلا تقاتل إلا من وراء جدر ، ولا تتقدم إلا بالدبابات المحصنة ، والتي يتوارى من ورائها جبناء النظام ، يحتمون بوابل من قذائف المدافع الموجهة من بُعد ، وبدون هدف مسدد أو محدد ، فلا يجابهون إلا وحشة الفضاء ، ولا يستأسدون إلا على الأطفال والشيوخ والنساء ، يحولون البيوت إلى ركام والبلدة إلى حطام ويهددون ويتوعدون بالمزيد من الدم والخراب ،

 

ولا أكتمكم أن نفسا تراود الإنسان وتحدثه في أعماقه وتشف عن بشريته في بعض اللحظات ... لماذا اسلمنا أنفسنا إلى هذا المصير , وإلى اين تقودنا خطواتنا في هذا المسير ؟

 

أو ما كان يكفي أن نعيش في غرفنا آكلين شاربين ، وننال شيئا من متعنا غاطّين نائمين ، ونذهب إلى مساجدنا مطرقين متمتمين ، ونلف عمائمنا في مواكب المحتفين المحتفلين ، ونعيش في ربوعنا سالمين ..

 

وأسمع مثل هذه الهمسات في بعض المجالس والمنتديات تفصح عما في داخل الصدور من المكنونات ، ويحاول البعض التسلل بها وتهريب بعض معانيها بين الأحاديث,

 

عيشوا كراما أو لئاما .. يكفي أن نتنفس بدون اضطراب ، كلوا خبزا أو تبنا .. يكفي أن نمضغ بدون توقف ، صلوا وراء أي إمام يطرز بالآيات تيجان الطغاة ، ويكفي أنكم تركعون وتسجدون بكل أمن وسلام ،

 

اجلسوا مجالس العلم وافتحوا أي صفحة من الكتاب ، واسمعوا أي تأويل للخطاب ، ولا تبالوا هل حفّت بكم الملائكة أو كتائب المخابرات ..

 

ويهتز الكيان ... والمهم أن الحرب قد أعلنت الآن ، والحرب كما تعلمون لن تفرق بين انسان وطير وحيوان ، أُعلنت الحرب على المقاتلين والمدافعين عن أعراضهم والواقفين يصرخون مطالبين بحريتهم ، والمنادين الذين يبتغون كرامتهم ،

 

أعلنت الحرب على كل بيت مغلق فيجب أن يُكسر بابه ، وتُنهب ثرواته ، ويُتعدى على من فيه ، ويُداس شرف كل من يسكنه ،

 

أعلنت الحرب على كل مسجد فيجب ان تُهدم قبابه ويجب أن تُقصف مئذنته وتدك جدرانه ويُفجر محرابه ،

 

اعلنت الحرب على كل أسواقكم ومتاجركم ايها البرجوازيون يا أهل دمشق وحلب فقد أُعطيتم الفرصة أربعين عاما فلم ترعووا ...ولا زالت دماؤكم وطنية وصبغتكم إيمانية مهما أظهرتم لنا من اساليب التوافق أو أبديتم لنا من مرونة المواقف ..

 

لا امان لكم .. مهما ألّفتم من الكلام وتأخرتم في التحرك مع الثوار اللئام ..

 

انتم ملة واحدة .. والحرب معلنة عليكم شئتم ام ابيتم ، الحرب معلنة على سائر العمائم الحلبية والشامية التي قاومت أو التي واكبت أو التي تحايدت ، سيشنق الجميع بقماش عمائمهم, فمن ليس منا فهو عدونا , وراكبوا الموجة نعلم بأنهم لا يصلحون للبقاء إذا اعلنت الحروب ووجبت التصفيات , فمركبنا ليس مركبكم ....

 

أعلنت الحرب ... ولن يكون هناك إلا سفينة واحدة لعباد الله الصادقين ، من ركب فيها فهي سبيل النجاة الوحيد , ومن تأخر عنها فليس له إلا الغرق ، سواء صعد على جبل يتوهم بعصمته أو لحق بالغابرين مطرودا إلى زمرته ،

 

نعم لن تكون هناك إلا سفينة واحدة لعباد الله الصادقين ، لأهل الشام المباركين ، لأبناء سورية المكرمين ، سينادي المنادي المجاهدين أن لا يلتفت منكم أحد عن هدفه الأول فقد توضح الهدف للمؤمنين , لا يلتفت منكم أحد عن هدفه الأول والأخير ، وطن مؤمن حرّ كريم ، لا يلتفت إلى عابث أو مستهتر أو متراخ ، لا يلتفت منكم أحد إلى دار يريد إتمام عمارتها ، أو إلى امرأة عقد عليها وينتظر الدخول بها .. ولا إلى أرض يريد غرسها وزرعها , ولا إلى أنعام ينتظر نتاجها ، ولا إلى شركة أو وكالة يريد تصيدها ،

 

لا يلتفت أحد منكم إلى منصب أو كرسي قد يتاح أو لا يتاح , لا يلتفت منكم أحد إلى وهم تطارَحَه على مر الأيام ، ومن التفت فقد ضاع وضيّع ،

 

فليهدموا القصور ، وليدكوا المساجد ، وليسرقوا الأسواق والمتاجر , وليجعلوا مدننا صحارى ، ويكفينا أن نصل إلى الهدف الأسمى ، أرضٍ بيضاء نقية ننصب فوقها خيامنا ، ونفترش أرضها الطيبة الحنون ، ونرفع الأذان في فضائها ، ونحولها مع الدنيا إلى مسجد طاهر محددة قبلته ، نتيمّم من ترابه ونقف صفا واحدا وراء إمام صادق , ونرفع الصوت الله أكبر.. الله أكبر..

 

خذوا كل شيء وأحرقوا كل شيء ولكن لا نريد ان نراكم بعد اليوم .. أيها الغدارون الظلمة

 

نعم يا اخوتي ، دعوهم يعلنون الحرب فهذا هو قدرنا .. لن يلتفت منا أحد ، فنحن قد عرفنا طريقنا وحددنا أهدافنا ,

 

علينا أن نوحد كلمتنا ، وأن نجمع صفنا , فاستعانتنا بالله وقد ناديناه اللهم إنا مظلومون فانتصر ، وافتح يا ربنا أبواب تأييدك رجماً للأعداء من كل جوانبهم ، وأمناً لعبادك في كل مواقفهم ,

 

فيا من أعلنتم الحرب على شعبكم ، إننا نعلن الثبات والعزم على مواجهتكم ، وسنتقدم دون أن يلتفت منا أحد لغير مقاومتكم ,

ويستوي الركب على جودي الأمن والأمان ... ووطن الحرية والكرامة والإيمان والسلام

=======================

وحدة عمل المعارضة : إمكانية، وخلفيات ..

عقاب يحيى

قيل الكثير في حال المعارضة : ضعفها، وتشتتها، ومسؤوليتها في الذي يجري، وحمّلها" المجتمع الدولي"، وما يزال أعباء استمرار نظام الإجرام، أو عدم اتخاذه قرارات تستجيب للحد الأدنى من مطالب الشعب السوري وثورته، وأقله : حماية المدنيين من الإبادة، والمناطق الآمنة، والعازلة ..

ـ المعارضة اتجاهات وخلفيات فكرية وسياسية، وتكوينات متعددة،وتاريخ من الإخفاق والمحاولات المتقطعة لإثبات شيء من حضور وفعالية. والمعارضة التقليدية أفنت عمرها بحثاً عن حيّز أو فضاء لها ولو على هامش نظام الفساد والاستبداد وما قدرت لأسباب تتجاوزها. وحين فاجأت الثورة الجميع ارتبكت، واهتزّت، وازدادت شقوقها، وأزماتها البنيوية واللاحقة.. فتخلف بعضها عن الركب، وركب قسم مركب الثورة ولو بشكل انتهازي وشعبوي، ونصب آخرون أنفسهم أوصياء ومعلّمين وموجهين بطريقة فوقية تبحث عن أخطاء الثورة كمبررات لدورها، بينما التحق بها كثير بإخلاص وصدق وعلى شكل فردي أو مجموعات جديدة.. في وقت تتوالد يومياً حالات وتشكيلات معارضة يصعب على أي اختصاصي في علم الحساب والجمع والإحصاء معرفتها، والتمييز بينها .

ـ وحدة المعارضة عنوان فضفاض، هلامي، وغير واقعي لأنه يستحيل توحيد الاختلاف، لكن وحدة العمل، والموقف، غاية ضرورية لخدمة الثورة، وقطع الطريق على ذرائع تقصير المجتمع الدولي ومطاطية مواقفه المعروفة أسبابها ودوافعها . تلك الوحدة لم تكن ممكنة قبل أشهر حين كان الخلاف على الأساسيات بيّناً، وحين كانت الفجوة كبيرة لا يمكن ردمها. والأساسيات تتعلق بالهدف المركزي، قبل البحث في آلياته وتكتيكاته : إسقاط النظام بكامل مكوناته ورموزه، وبناء البديل على أنقاضه، حيث كان الافتراق واضحاً بين دعاة الحلول السياسية، التدرجية، التكتيكية، وبين اطروحات الجذرية التي تطالب باشتلاع النظام بكل الوسائل، بما في ذلك دعاة التدخل العسكري،ومروحة التدخل المتفاوتة ، ناهيك عن دخول العوامل الحزبوية، والعصبوية، والذاتية، والبروزية على الخط المانع لوجود صيغة ما تكون الإطار العريض للاتفاق .

ـ لنقل : ان متغيرات كثيرة حدثت دفعت إلى التقارب، أسهم فيها إجرام النظام وإيغاله بالدم، وقطعه الطريق على أية مراهنة عليه، أو تسوية معه، وثبات وتعاظم الثورة، فلم يبق لبعض من انتظر طويلاً الرهان على النظام سوى الانتقال إلى خندق أقرب للثورة، وإلى خط المواجهة التي لا مكان فيها للمساومة والحسابات الخلبية .

إن تطور موقف أية قوة معارضة، بغض النظر عن الأسباب، وحتى الخلفيات، وعن الماضي يجب أن ينظر إليه إيجابياً، وأن يجري العمل لملاقاته وتعميقه، وهو ما يفتح الطريق للتقارب، والعمل المشترك لنصرة الهدف الرئيس : إسقاط النظام وانتصار الثورة، وقطع الطريق على المواقف الرخوة، أو الشعبوية المشبعة بالانتهازية. وهنا يمكن لشعار وحدة عمل المعارضة أن يجد مرتسماته . وهنا يصبح المطلوب من جميع القوى المعنية، خاصة المجلس الوطني العمل على توفير شروط وحدة الموقف بما يخدم الثورة،وليس أي شيء آخر، خاصة وأن المجلس الوطني معني بأن يكون الحاضنة، والخيمة للجميع، وأن يقترب بذلك من التمثيل الحقيقي للشعب والثورة .

ـ لا شك، ومناخات إيجابية تنتشر، أن البعض ما يزال يراهن على المبادرات السياسية طريقاً وحيدا، لقناعة بأنها السبيل الوحيد لتفكيك النظام وتجنيب البلاد الحرب الأهلية(التي يعتقدون أنها قائمة، او قادمة لا محالة) في حين تثبت الوقائع ضآلة فرص نجاحها، وهو الأمر الذي يقتضي وضع ضوابط حازمة،جازمة لأي محاولة تفاوضية، حدودها التي لا يمكن تجاوزها : تنحية ورحيل رأس النظام ورموزه، وتقديم المتورطين بقتل الشعب لمحاكم دولية ومحلية لينالوا العقاب الذي يستحقون..وهذا ما أكدته وثائق مؤتمر المعارضة في القاهرة في وثيقتي العهد الوطني والمرحلة الانتقالية، والتي فتحت الطريق للخيارات الأخرى بتوافق الجميع عليها .

ـ الجميع يدرك أن حكاية المفاوضات عبثية بالنظر إلى طبيعة نظام الإجرام ومدى حقده، ومستوى تحالفاته، وجوهر المواقف الدولية الرجراجة التي لا يكترث عديدها بالدماء السورية، بل لعل عين الحقيقة تقول أن مزيد الدمار والقتل والخراب .مزيد الشروخ الاجتماعية تمثل خطاً صهيونياً رائجاً لا بدّ وانه يلقى قبول دوائر دولية عديدة،خصوصاً وأن الموقف الأمريكي سيبقى مائعاً على الأقل حتى الانتخابات الرئاسية .

ـ إن توصل المعارضة لشكل من التوافق، ونبذ الخلافات، والمهاترات، والابتعاد عن الحزبوية، والذاتية النرجسية، والتوحد حول الهدف المشترك سيكون له تأثيره الكبير في الساحة السورية، وسينعكس إيجاباً على قوة وفعل الثورة، وتصاعد زخمها، وعملياتها : الرهان الأساس. ومنهنا فإن اللقاء الإيجابي بين المكتب التنفيذي للمجلس الوطني وهيئة التنسيق في القاهرة لا بدّ وأن يترك آثاره المفيدة على الحراك الثوري ومستقبل مسيرة المجابهة المفتوحة مع نظام الطغمة القاتل، حتى وإن أرادت بعض أطراف الهيئة(باسم شبابها في الداخل والخارج، أو تحت أية عناوين ورموز) التنصل من التوافقات التي حصلت وترجماتها في الوثائق التي صدرت عن مؤتمر المعارضة .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ