ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 16/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

إنه حكم الله والتاريخ... لا محالة

محمد سراج

لسائل أن يسأل عن الهيئة النفسية والروحية لقاتل الشعب في هذه اللحظة السوداء في جبين العالم أجمع شعوبا وأنظمة، وهل أن يده تطال اليوم دقائق ما يحدث اليوم من وحشية تتجاوز الوحشيات المعاصرة إلى ما سبق من قديم الزمان وحكايا القرآن، وحشية يخجل منها مدعو التقدم بأي شعار بله والدين المسالم أو العلم الحالم، هل هو حقا يملك زمام كل العصابات التي تقصف بالطائرات والدبابات والتي تقوم بالذبح والتعذيب والاغتصاب والاغتيال والتصفية؟

هل أن ولدا في العالم يتولى الحكم في الثامنة والثلاثين يفعل كل هذه الأفاعيل دون أن يردعه حاكم ناضج من مثل حاكم بالجوار التركي، بل وينتهك حدوده دون أن يحرك الناضج التركي ساكنا؟!

قناعتي ومنذ البداية أن المسمى بشار لم يكن ليرق لمجابهة المد الشعبي إلا وهو متراس صغير ضمن آله جهنمية كبرى تكيد ليس لأمة الشام فحسب بل بالأمة الكبرى المرتبطة أواصرها بالشعب السوري، متاريس صغرى ومتوسطة وكبرى تشكل النظام العالمي الاستكباري اليوم. وقناعتي الثانية هي النار المتقدة اليوم في الشام هي التي تهدد الآلية العالمية بمثابة مغص طفيف جدا تشعر به في أحشائها، لذلك فهي تتجاهل الحرقة التي تسببها من وقت لآخر، لكنه سرعان ما سينمو ليصبح مغصا مزمنا لاينطفئ ألمه، هذه هي صورة الثورة السورية في الضمير العالمي اليوم المسيطرة مافياته على تفاصيل الحياة اليومية لإنسانه.

لا يمكن لبشار بأن يكون ذلك الفرعون أو النمرود أو النيرون إنه لا يرق لذلك، وإنما الاستبداد اليوم يتعرف بتلك الآلية العالمية اليوم، إذ نكون أمام حاجة ملحة اليوم لتعريف من يحكمنا اليوم وكيف يمكن التخلص منه، بشار في النهاية ليس إلا مسكينا في هذه اللحظة التي صيرت من دم الأمة يسري أنهارا في الشام، إذ المتراس المتوسط المرتبط ببشار هم حاشيته التي لم تتجرأ على فضيحة التعديل المعروفة إلا لتنسج على منوال استراتيجية سياسية ما فتئت تحبك أكبر أساطير الهيمنة في التاريخ، بما استوعبته من متناقضات لا يكاد يعد لها حصر منطقي.

ومن أين ينبع وعي العصابات التي تكيد بتلك المحارق باسم الآلية العالمية اليوم، وكيف يتوافق وعيها الغريزي بالطائفية أو المال أو حتى بنرجسية التلذذ بالإجرام أيا كان مع ذروة الوضع الاستراتيجي؟ !

إنه لاشك لم يكن ضربة لازب أن يكون ما يحدث اليوم أمرا مرتبا ترتيب احتياط لمثل هكذا مد ثوري انطلق من أقصى النقاط عن مهد الإسلام بتونس إلى أدناها منه في اليمن، وتكون منه سورية في موضع الوسط الذي يحرق كل ما حوله في زمن سيكون بعد التحول والانتصار من مخلفاته.

فالوعي وعي وإن كان وعيا بالغريزة والحجود، مقابل وعي بالروح والشهود، حيث الوعيان يستكشفان وجودهما معا ولأول مرة وهم يلتقيان في موضع واحد هو مهد الحضارات والأديان، والصراع الحقيقي اليوم هو صراع الوعيين الجحودي والشهودي، حيث يعمد الأول إلى القوة المادية متحصنا بها ومتحصنة به أيضا، ويعمد الثاني إلى الروح.

فالمفارقة الحاصلة في هذه اللحظة ليست إلا مفارقات السنن التاريخية لذاتها، حين يصدح الحق صامدا أما قوة العالم المادية... تدمي القلب وتحزنه وتغمه، لكنها عن العارفين تفرحه لأنها مكتملة قبل اكتمالها، لأنها سائرة وحتما في دربها الطويل نحو التأسيس الجديد للدين من أرض الشام فبوركت ياشام. فإنه حكم الله والتاريخ يجاوز وعينا وضمائرنا...لامحالة.

=======================

الثورة... فِعْلٌ وأخلاق

بقلم: الشيخ حسن قاطرجي

أحد نبلاء المسلمين الأتقياء العقلاء في تاريخنا الإسلامي جاءه أحد الرجال - وكانت عدة ساحات للجهاد مشتعلة – وراح ينتقد أحد إخوانه ويَعيبه! واستغرق في حديثه وقتاً! ففاجأه بسؤال: هل قاتلتَ الروم؟ قال: لا، قال: الفرس؟ قال: لا، قال: أهلَ الهند والسند؟ قال: لا، فقال له مُوقظاً ومُفهّماً ومرِّبياً: سَلِم منك الروم والفرس وأهلُ الهند والسند ولم يسلم منك أخوك المسلم!!

 

هذه طبيعة لدى بعض الناس وهي شهوة التعالي على الآخرين والحديث عن عيوبهم وتبرئة الذات والغفلة عن ترتيب الأولويات وعدم مراعاة (واجب الوقت)... مما يستوجب أن يَرُدَّهم (الكبار) إلى ما يقتضيه الدين والتقوى والعقل والخُلُق وإلى ما يتطلَّبُه (فقه المرحلة).

 

واليوم بلاد المسلمين تعاني من تحديات كثيرة ومخاطر جسيمة... والثورات في البلاد التي انتصرت فيها تواجِهُها ألغامٌ خطيرة يضعها المترِّبصون بها شرّاً، وتُحيكها بقايا قُوى الأنظمة البائدة، وتُوحي بكثير من تكتيكاتها وأماكن زرعها: مراكز التآمر الدَّوْلي...

 

... أما البلاد التي لازالت في مخاض الصراع القاسي والدامي مع الطُّغمة المجرمة المتحكِّمة فيها – بالتحديد: النظام السوري المجرم بشراسته الوحشية وهمجيته التي فاقت كل حدود التوقعات – فإن التحديات أكبر وأقسى، والمخاطر أشد وأعتى...

 

لذا فإن شعوبَنا أحوجُ ما تكون إلى نُبْل الأخلاق وبُعْد النظر وإدراك شراسة المواجهة ومراعاة الأولويات والبُعد عن الخصومات والحرص على تجميع الصفوف... ولا شك أن الثورات الشريفة لا تنجح بمجرد تقديم التضحيات وتوفُّر عزيمة الإصرار على قَلْع الطغاة... وإنما تحتاج أكثر ما تحتاج- لضمان نجاحها– من أصحابها ومن سائر المناصرين لها إلى (أخلاق الثورة) بَنفْس وتيرة (فعل الثورة) من الثوار الصادقين العظماء!

 

وفي تراثنا المليء بالحكمة والتعقُّل وبُعد النظر ونُبْل الخلق: نصيحة الحكيم العاقل (بَشير بن عبيد الله) لمن رآه يستعد للولوج في خصومةٍ وجَدَلِ مع قريبٍ له فقال له ناصحاً: (واللهِ ما رأيتُ شيئاً أذهبَ للدين، ولا أنقصَ للمروءة، ولا أَضْيَع للّذة، ولا أشْغَل للقلب: من الخصومة)!! فانتفع بنصيحته والتفت لتوِّه إلى خصمه قائلاً: لا أخاصمك، فقال له خصمه: إنك عرفتَ أن الحق معي! فقال له: لا، ولكنْ أُكرم نفسي عن هذا...

 

فما أنبله من موقف! وما أقواه على مخالفة هواه! وما أدلَّ موقفَه على خُلُقه ومتانة دينه!

 

فالثورة (فعل) يتشكل بمحرِّكات العقيدة والإيمان وبالوعي السياسي وعزيمة البذل والتضحيات... وهي أيضاً (أخلاق) تتشكل بالحرص على عدم التنازع على المناصب ولا الاشتغال بالتُّرَّهات وحظوظِ النفوس فضلاً عن الصراعات المسلحة في صفوف الثوار، وعلى الاهتمام بتجميع الصفوف وتوحيد الكلمة، وتسمو الثورة حضارياً بالتسامح والغفران وبأنْ تكون (أخلاقُ) الثائرين المجاهدين والمناصرين لهم الصادقين في التطلّع إلى تغيير واقع المسلمين والارتقاء بأمتنا... أن تكون صدىً لنداء الغَيُور المتحرِّق صاحب العقل الكبير والإيمان العميق، والقلب السَّمْح والخُلُق النبيل...

فلا بُدّ من رأب كلِّ الصُّدوعِ     وجَمْعِ الصفوف ودرء العِلَلْ

ولا بد مـن قصد ذات الإلـهِ     وحشدِ القُوى ليصـحَّ العمَلْ

فهذا هو – حقيقةً - مفتاح الأخلاق: قصدُ ذات الإله وطَلَبُ رضاه، ونُكران ذواتنا وعدم الدَّوَرَان حول الـ(أنا)، وكل ذلك يحتاج إلى توفيقٍ من الله وعونٍ، وإلا:

إذا لم يكن من الله عَوْنٌ للفتى     فأولُ ما يقضي عليه اجتهادُهُ

=========================

على خيمة رمزية لا يتّفقون

د. سماح هدايا

نعم يتطلّب السّير في مشروع التّحرير شروط التّخطيط والاجتماع والتّنسيق والتّحليل والتّفكير؛ لكن هل يحتاج مشروع التّحرر الوطني السوري لهذا الازدحام الشديد في حركة المؤتمرات واللقاءات والمحاضرات والورشات التي تشهدها أطياف المعارضة السورية المختلفة المستمرة في الانشطار والمتواصلة في سير الخطاب؟

 التحرّر يحتاج إلى تنسيق الرؤى؛ لكنّه يحتاج، الآن، أول مايحتاج إلى الإيمان الحقيقي الخالص بمبدأ التحرّر والالتزام به، وبمايتطلّبه من ثورة عارمة، وخوض المعركة الواضحة الأهداف فعلياً وعقائدياً، والاغتسال بدماء الثورة ومشاركة الثوار، في أي موقع، مصير النضال والوفاء الوطني

 ماذا ستنجز هذه اللقاءات التي أدمنت استضافتها مدينة القاهرة، وهي تشهد حراكا نشيطا لكثير من أطياف المعارضىة السورية؟؟؟ أستنجز مزيدا من المراسيم الاجتماعية وطقوس الأحاديث التي تذكرنا بحفلات الاستقبال التي كانت تقيمها العائلات في مدننا القديمة ؛ استقبال السيدة فلانة في العشرين من الشهر القمري، واستقبال السيدة علانة في الثامن من الشهر العمري..وهكذا...؟ أمزيدا من حشد القوة لمحاربة معارضات أخرى لها مرجعيات أخرى؟ أمزيدا من الانفاق على إطالة عمر النظام بحجة أنّ البديل عنه هو الدمار والحرب الأهليّة؟ أو ستنجز حقا لقاءا ثوريا يرقى بالثورة ويرتقي بها؟

 ليس تصغيرا من شأن الحراك السياسي النشيط، لكن المهم معنى هذا النشاط وهدفه، فهل هو حوار لخدمة الثورة والعمل على تحقيق أولى خطوات التحرر بإسقاط النظام السياسي، أو مفاوضات من أجل تثبيت الأقدام في الساحة السياسيىة والاستفادة من الثورة، فيما بعد، وجني مكاسبها بشكل فئوي أو حزبي أو عقائدي؟. ربما هذه اللقاءات مفيدة جدا إذا كانت تقرّب الرؤى من أجل دعم الثورة السورية، أو إذا كانت تفتح أمامنا المجال واسعا للاستفادة كثيرا من دروس من تجربة ثورة الشعب المصري، حتى نتجاوز سياسيا وفكريّا ماوقع به، وفيه الحراك الثوري الشعبي المصري من إرباكات؛ فالمصريون حتى الآن لم ينهوا المرحلة الأولى من ثورتهم وهي إسقاط النظام السياسي بكل رمزوه، ومازالوا يتخبطون بين أحزاب يقاتل كثيرها من أجل مصالحه الانتخابيّة، وشعب يقاتل، جلّه، من أجل حريته ولقمة العيش والكرامة.

 واللافت في أمر النشاط السوري في القاهرة أنّ في ساحة التحرير التي يزورها الآلاف، خيمة للثورة السورية والمفروض أن تكون الخيمة رسالة إعلامية قويّة للتعبيرعن الثورة السورية وشعبها. والزائر، قصدا، هذه الخيمة يتوقّع تصويرا ولو ببساطة للثورة السورية, لكنّه يخيب أمله؛ فالخيمة، هناك لا تمنحه كثيرا من كرم الثورة؛ فهي أضعف بكثير من أن تكون صورة معبرة عن الثورة السورية ومعاناة الشعب السوري من نظام الاستبداد ألأسدي. وماتعرضه الخيمة، للأسف، يقل بكثير عن واجب التمثيل الرمزي للثورة؛ فأين أحزاب المعارضة من هذا. وأين النشطاء في حراك المعارضة في القاهرة؟ أليس المفروض الارتقاء بمعروض الخيمة ليكون أكثر مهنية وتنظيما وفنا وإعلاما، ويعبّر عن نبض الثورة وتضحيات الشعب ويصوّر أشكال معاناته من نظام الاستبداد الأسدي. إنّ المعارضين السوريين الكثر في مصر، مازالوا، حتى الآن، غير ناجحين في العمل على نصب خيمة، وإن كانت الخيمة قد لا تعني الكثير واقعيا، لكنّها تشكّل خارطة متقنة رمزية للثورة السوريّة في ميدان التحري في القاهرة التي يجتمع فيها المعارضون وينشطون؛ فهل سينجحون في العمل الجدي الموحّد على مشروع متكامل لدعم ثورة وطن والإطاحة بنظام الاستبداد والطغيان؟؟

 ومن حراك الحوارات واللقاءات ننطلق لنسأل السؤال الذي يحيّر كثيرا، ويثير ألف إشارة استفهام: كيف يأتي المعارضون المشهورون والمعروفون بنضالهم من سوريا لحضور هذه المؤتمرات واللقاءات والتحاور والتنسيق ثم يعودون ويدخلون الحدود الرسمية السورية، وهم على مرأى مباشر من عصابات المخابرات السورية، فلا يموتون قتلا، ولا يغيبون عن الوجود في مجاهيل السجون ولا تختفي أخبارهم، بينما يجري على الحدود السورية الرّسمية ذاتها اعتقال العائدين إلى بلادهم لعمل أضيق وأصغر، لمجرد أنّهم تجرأوا وخرجوا في ثورات غاضبة وطالبوا بإسقاط النظام قرب سفارات بلادهم في الخارج، ويغيب بعضهم عن الوجود أو يعود إلى اهله في تابوت؟؟؟..لماذا الثائر يموت والمعارض المحاور يبقى؟؟؟

أسئلة خطيرة، يجب أن نسألها ونحصل على إجاباتها، لأن الشعب الذي يقدم دمه ثمنا للحرية سيسأل قريبا أو عاجلا هذه الأسئلة ويحاسبنا ويطلب منا حقّه. الشعب المجروح أصبح لا يرحم من يغتصب حقّوفه. المعركة واضحة وهدفها واضح هو إسقاط النظام. وليس الاجتماع لتنسيق إسقاط بعضنا بحجج الأصوليات والمرجعيات والنوايا، وليس تأجيل المعارك الحقيقية في إسقاطه من أجل معارك فرعية بل شحصية وانعزالية.

 الوطن أكبر من الجميع. وهو الأعرق والأبقى، والشعب نبضه، وإن لم نكن كبارا بقامات نضالنا المخلص، ننبض بآمال الشعب، لن يرانا الوطن ولن يترك لنا موقعا لننمو فيه.

=========================

منعطف مسار الثورة في سورية نحو التغيير الجذري الشامل ... كيف يتحقق شعار الثورة لكل السوريين على أرض الواقع

نبيل شبيب

تبدّلت المعطيات محليا وعربيا ودوليا حول مسار الثورة السورية، وبدأت تُطرح أفكار عديدة على مستوى الثوار للتعامل مع هذه المعطيات، ولا ينبغي أن يغيب عن الأذهان أن بقايا النظام القمعي في سورية، تعمل لتبديل أساليب عملها للتلاؤم مع تلك المعطيات أيضا.

في مسار الثورة أمر جوهري ثابت لا ينبغي أن يحيد عنه أحد طرفة عين، وهي أنها ثورة تغيير جذري شامل، فلا يمكن القبول بأي هدف دون هدف اقتلاع الاستبداد بجذوره وفروعه وسائر تجلّياته، لبناء دولة المستقبل وفق إرادة الشعب المتحررة تحرّرا ناجزا لا مساومة عليه.

ولدى بقايا النظام الاستبدادي أمر ثابت سيتشبث به حتى آخر رمق، وهو عدم التراجع في أي موقف أو سلوك يمكن أن يمثل خطوة أخرى على طريق سقوط العصابات وإفلات زمام التسلّط على الدولة والوطن والشعب، فهي تدرك أن التراجع يعني النهاية.

 

جناح سياسي للثورة

في مسار الثورة نقص كان تأثيره مزدوجا، فعدم وجود جناح سياسي ثوري فاعل ومؤثر على صناعة القرار أعطى الفرصة للعبث الأجنبي فترة طويلة بحقيقة هدفها الجوهري الثابت، وبالتالي لممارسة سياسات توصف بحق بأنها "سياسات إعطاء المهل المتوالية" لعصابات القمع المسلّح، بقصد أو دون قصد -سيّان.. فالمهم هو الحصيلة- كما جعل المعارضة السياسية التقليدية تبحث -بغض النظر عن النوايا أيضا- عن موقع "لنفسها" في مسار الثورة، الشعبية بامتياز، فغلب التشرذم وتسلّلت الانتهازية إلى صفوفها، ولا تزال حتى الآن أمام مفترق طرق بين معايير "المعارضة التقليدية" ومعايير "الثورة التغييرية".. وكانت الحصيلة أن القوى العربية والدولية التي لا تستطيع أو لا تريد الاستغناء عن التعامل مع "كيانات سياسية" وليس "ثورية" وجدت ما يكفي من الأسباب ومن الذرائع للتقصير في أداء "المفروض والواجب" عليها تجاه الثورة الشعبية، أو للانحراف عن ذلك في اتجاهات شتّى.

وفي مسيرة القمع الإجرامي من جانب عصابات النظام المسلّحة نقص خطير لا تستطيع التخلص منه، فوجودها من قبل وبقاؤها الموهوم رهن بألاّ تطرح "مخرجا سياسيا" تجاه ثورة تستهدف التغيير الجذري الشامل، وهذا ما جعلها تعتمد على ثلاثة مرتكزات: قوة الأسلحة الثقيلة الإجرامية، التحالفات الإقليمية والدولية الإجرامية، والكذب المتواصل سياسيا وإعلاميا. وكانت الحصيلة إعطاء مزيد من طاقة الدفع للثورة جغرافيا ونوعيا، وعزلة إقليمية ودولية متصاعدة وإفلاسا سياسيا وإعلاميا مطلقا.

لقد وصل مسار الثورة بذلك في هذه الأيام بالذات إلى منعطف حاسم، يمكن للثورة أن تبني عليه بالجمع بين أمرين: أولهما تصعيد الثورة بمختلف وسائلها، سلما وبالقوة المشروعة، في مواجهة القوة الاستبدادية القمعية غير المشروعة، والأمر الثاني نشأة جناح سياسي ثوري معبّر عن الثورة يفرض نفسه على كافة القوى الأخرى، من خلال طرحه القوي المشروع لأهداف الثورة المعبرة عن إرادة الشعب، على صعيد المنطقة إقليميا، وعلى المستوى الدولي، وتجاه المعارضة التقليدية التي يرتبط مستقبلها بمدى ارتباطها بالثورة.ز وليس العكس.

 

من شروط النصر

بين أيدينا من الوقائع في هذه المرحلة أو هذا المنعطف الحاسم:

1- متابعة جناح المظاهرات والاحتجاجات الشعبية السلمية

2- تطوير مسيرة الجناح المسلّح باسم الجيش الحر

3- طرح إعادة هيكلة المجلس الوطني السوري

4- الطرح السياسي الخارجي بين "مهمة عنان" و"مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري"

ومن هذه الوقائع تنطلق الدعوة التالية:

1- إن الثوار الذين استطاعوا في مواجهة أصعب مراحل مسار الثورة الحفاظ على نبضها الثوري المتصاعد في مختلف المدن والأرياف، فتمكن الصمود البطولي من الثبات في مواجهة قمع العصابات المتسلّطة الهمجي، هم قادرون بعون الله، على أن ينتقلوا بمسيرة الثورة داخل الوطن، إلى أقصى درجة ممكنة من الانتشار جغرافيا وعددا، والتصعيد الجماهيري نوعيا، لتتحوّل مواقع الاحتجاجات ممّا ناهز 700 في جمعة "ثورة لكل السوريين" إلى عشرة أضعافها قريبا، وبما يشمل مزيدا من فئات الشعب السوري بجميع مكوّناته، مع العمل على ابتكار مزيد من "أشكال الاحتجاج الثوروي" الأكثر تلاؤما مع الظروف الخاصّة بتلك الفئات، وهي متنوّعة لا يمكن أن يسري عليها جميعا اتباع طريقة التظاهر الجماهيري فقط.

2- أمام المجموعات والتنظيمات المعارضة في المجلس الوطني السوري والمتواصلة معها في الوقت الحاضر، فرصة قد لا تتكرّر، تحمل عنوان إعادة "هيكلة" المجلس، والمفروض أن تضاف إليها إعادة "نموضع" المجلس على خارطة الثورة ومسارها، بحيث تشترك الأطراف الثلاثة "الثوار" و"الجيش الحر" و"المعارضة التقليدية" في صناعة القرار.. الآن، على طريق إعادة الهيكلة تنظيميا، وتثبيت الرؤى السياسية، الحالية والمستقبلية، وتحديد الوسائل والأطر الضرورية لمتابعة المسار حتى تحقيق هدف التغيير الجذري الشامل.

3- إنّ التعامل مع القوى العربية والإقليمية والدولية، في إطار مجلس الأمن ومهمة عنان، وفي إطار "أصدقاء شعب سورية" وأطروحاتهم المتفرّقة المتعددة، لن يكون تعاملا مجديا للثورة ومسارها، إلا بقدر ما يتحقق من توحيد الموقف السياسي والوسائل الثوروية "الآن" بين الأطراف الثلاثة المذكورة، ولن يتحقق ذلك إلا:

- بالتخلّص من كل أثر صادر عن أنانيات ذاتية شخصية وتنظيمية وانتمائية

- بتأجيل المقتضيات المشروعة للتعددية الانتمائية إلى ما بعد قيام دولة المستقبل

- بتثبيت معايير الثورة التغييرية أساسا لكل خطوة للتلاقي على أرضية مشتركة

. . .

هذا ما يقتضيه الوفاء لدماء الشهداء والضحايا ومعاناتهم، وهذا ما يقتضيه الإخلاص للوطن والشعب، وهذا ما تقتضيه حتى "المصلحة الذاتية المشروعة" لكل فريق دون استثناء.. وهذا ما يمكن للتقصير فيه، أو المماطلة في تحقيقه، أن يؤدّي إلى إطالة أمد الثورة مع المعاناة، ولا يكفي للقبول به -أو تسويغه- يقين المخلصين بأنّه يؤدّي في الوقت نفسه إلى مزيد من التمحيص. آنذاك يتحول شعار "الثورة لكل السوريين" إلى واقع نعيشه في مسار الثورة وفيما تؤدّي إليه من نصر مؤزر بإذن الله.

==========================

قصة وطن (بلاد الشام)

البراء كحيل

albraa_1234@hotmail.com

هذا ما تخيلت أنّ يكتبه مؤرخٌ بعد قرنٍ أو قرنين من الزمن في سجلات التاريخ عن أهل الشام ......

يروي الثقات عن الثقات أنّ بلاد الشام كانت مضرب المثل بالخيرات والجمال والبهاء , فالأنهار تجري من تحتها وتلفّها الخُضرةٌ من جميع جوانبها حتى غدت جنّةً غنّاء تغنّى بها الشعراء والأدباء ورسم لها الفنّانون أجمل اللوحات وعاش أهلها بسعادة وهناء الكلّ فيها يتمتّع بالأمان والإطمئنان فرغم اختلاف طوائفها وتعدد أديانها عاش الجميع بمحبّة وود لا يُظلم فيها أحد ولايُعتدى على أحد فالمسلم أخو النصراني والعلوي أخو الدرزي .

واستمرت تلك البلاد على هذه الحال , حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي استولى فيه رجلٌ طاغيةٌ يدعى حافظ الأسد على كرسي الرئاسة فحكم تلك البلاد بالحديد والنار ما يقارب الثلاثين عاماً ذاق خلالها الشعبُ العذاب والهوان , فهاجر منهم الكثير ومن بقي عاش بفقرٍ وذلٍّ وخوف

ثمّ شاء الله أن يقبض روحه الخبيثة ويُريح العباد والبلاد من شرّه وظلمه .

فعاشت البلاد في صدمة وفوضى لتستيقظ على مؤامرة خبيثة نُصِّب من خلالها ولده بشار خلفاً لوالده لتكون تلك هي السابقة الأولى فيما كان يسمى بالدول الجمهورية.

واستبشر النّاس خيراً فقد كان مثقفاً طبياً للعيون تخرَّج من جامعات متحضرة في احدى الدول الأوروبية التي كانت تنعم بالعلم والمعرفة والحرية في ذلك الزمان .

ووعد الشعب بالإصلاح والحرية والكرامة ومحاربة الفساد والقضاء على المفسدين , فتأمل النّاس خيراً حتى أطلقوا على حكمّه في البداية "ربيع دمشق" وانتظروا تلك الوعود لعلّها تتحقق , ولكن للأسف لم يصدق ذلك المثل القائل : "رُبّ شوكةٍ أنجبت وردة" وتبينّ أنّ الشوكة لم تُنجب إلاّ علقماً مُراً فكان كالزَّقوم على أهل تلك البلاد .

أصبحت الثروة في يد أقاربه وأبناء عمومته وازداد تجبّر العائلة الحاكمة, فغدت البلاد وكأنّها مزرعة لآل الأسد والشعب كأنّهم عبيدٌ لديهم , ومع ذلك صبر الشعب المسكين على المرّ والظلم راجين أو حالمين أن يتغير الحال في يومٍ من الأيام .

وبقيت هذه حالهم حتّى جاء ذلك العام الذي أرّخ اسمه المؤرخون "بعام الربيع العربي" انتفضت فيه الشعوب العربية ضدّ حكّامها الظالمين فأسقطوا طاغية في بلاد تونس وآخر في بلاد مصر وثالثاً في ليبيا ورابعاً في اليمن , ولمّا رأى أهل الشام الأبطال إخوانهم في بلاد العرب يُسقطون الطغاة والظالمين هبّوا يطلبون الحرية والكرامة التي سلبهم إيّاها آل الأسد , ويُحكى أنّ سبب انتفاضة أهل الشام صبيةٌ صغارٌ في مدينة "درعا" كتبوا على جدران مدارسهم عباراتٍ ضدّ حُكم الأسد وأعوانه فاعتقلهم جنود الطاغية وأذاقوهم ألوان العذاب فهبّ أهل "درعا" بشيبهم وشبابهم لأجل أطفالهم . وفي هذه اللحظة بدأت شرارة النور التي انتقلت إلى كلّ بلاد الشام تنادي بالحرية والكرامة وتُطالب بمعاقبة المجرمين .

فما كان من طاغية الشام إلاّ أن قابل أولئك العزّل المساكين بالنّار والرصاص فأردى منهم العشرات في بداية ثورتهم لعلّه يُخيفهم ويعيدهم إلى جحور الرعب التي كانوا يعيشون فيها , لكنّ أولئك الأبطال دفنوا الخوف مع أوّل صيحة " الله أكبر" أطلقتها حناجرهم , و أبدوا شجاعة وبسالة نادرةً فقد كانوا يواجهون الرصاص بالصدور العارية حتى قال فيهم المؤرخون : " إنّه لم يوجد كشجاعتهم على وجه الأرض ولم يعرف التاريخ لهم شبيهاً "

"فأهل الشام شهيدٌ يشيّعه شهيد ويغسّله ويكّفنه شهيد ويحمله شهيد ويدفنه شهيد " فقد تحولت جنائزهم إلى حربٍ ضروس بين حملة النعوش وحُماة العروش .

واستمر حالهم هذا ما يزيد على العام تخلّى عنهم القريب والبعيد وتآمرت عليهم دولة الفرس التي كانت تُسمّى في ذلك الوقت "إيران" ودولٌ أخرى جاهرت بمناصرة الظالم وأخرى ناصرته سراً وفي الخفاء . ولمّا رأى القوم ذلك رفعوا شعار " ليس لنا إلاّ الله" , والغريب أنّهم كانوا يطلبون الموت ويجدون فيه الحرية من أسر الذل والهوان لحاكمٍ ظالمٍ طاغية , فقد كان الخروج في مظاهراتٍ ضدّ طاغية الشام يعني أنّك إمّا أسيرٌ مُغيّب في ظلام السجون أو شهيدٌ سوف تسقط في تلك المظاهرات .

وأذاقهم ذلك الظالم أشدّ ألوان العذاب فقد وصل الأمر به إلى ذبح الأطفال واغتصاب النساء وحرق الكتب ولم يسلم منه حتى الحيوان فقد فاق في طغيانه التتار والمغول حتى استحى إبليس من جرائمه , وكان كلّما زاد في ظلمه زاد ذلك الشعب البطل ببسالته وجهاده ويروي لنا الأجداد أنّ مدينة "حمص" أصابت ذلك الطاغية بالجنون فقد قدّمت آلاف الشهداء وأبدت بسالةً منقطعة النظير وكان حالها كحال بقية المدن الثائرة كلّما ظنّ الطاغية أنّه أخمد نار ثورتها عادت لكي تشتعل من جديد بحماسةٍ أكبر وعزيمةٍ أقوى .

إنّهم أهل الشام الشجعان مهما تكلّم التاريخ عن ثورتهم وقال عن شجاعتهم فهو مقصّر في حقّهم فقد واجهوا المدفع وهم عُزّل وتخلّى عنهم العالم بأجمعه فلم يُنقص ذلك من عزيمتهم بل زادهم إيماناً بربّهم وهم يتلون قوله تعالى :" الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " , سطّروا بدمائهم الزكية تاريخ بلادهم المجيد فكتبوه بأحرف من نور مدادها الدماء وورقها جلد الشهداء .

وهنا أقف عاجزاً عن كتابة خاتمةٍ لقصة بلاد الشام منتظراً تلك النهاية السعيدة التي سيكتبها شجعان الشام.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ