ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 09/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ثورات... وبعدها التاريخي مختلف

د. سماح هدايا

عند تأمّل بعض إشكاليّات ثورة الحريّة والكرامة والعدالة في مشاريعنا التّحررية الجديدة، قد تصدمنا حالات الوهم والمثالية والشّكوك، بصخرة الإحباط نتيجة التوقعات العجولة أو غير المحسوبة بدقة، ونتيجة التّعقيدات الطارئة التي أوجدها فعل التّحرّر من الاستبداد. هذا طبيعي؛ لكن أن يطول ويمتد؛ فذلك لايليق بقوة ثورتنا العربيّة، ومتطلبات مرحلتنا التاريخية في انعطافاتها الخطيرة. نحن في حضرة ثورة حقيقيّة لشعب بدأ يكسر القيود ويتحرّر. ولسنا في مشهد مسرحي، أو في موسم الموجات العابرة للتّغيير التّاريخي الجزئي والمؤقت. ولذلك يجب أن نكون بمستوى الفعل والثقة والإيمان بأنّ ثورتنا ستكون انقلابا تاريخيّا جذريّاً. حتى وإن تأخر النصر، أو تعثر قليلا في قطع المراحل الزّمنيّة، أو شاب طريقه الضباب. إنّ في التاريخ القادم تجلّيّات ثورتنا وتطبيقات مشروعها التّحرّري.

 ربّما سيمتدّ البعد التاريخي للثّورة إلى عشرات السنين القادمة من أجل بناء المفاهيم والأفكار والمجتمع. وإنّ اعتماد الصبر وبعد النّظر أمران أساسيان في قيادة النفس نحو المطلوب إنجازه تاريخيّا. لكنّ نجاح الثورة يحتاج من أبنائها وأحرارها ومفكريها ومتعلميها وعلمائها ومثقفيها إلى التجمّع في رؤية تحرّريّة نهضوية جديدة ومتجدّدة ومتكاملة، عمادها مبادىء الحريّة والكرامة والعدالة وضمير الشعب والتاريخ للعمل معا على تفكيك منظومة الاستبداد والفساد والجهل وإعادة بناء فكرة الأمّة بآفاق الثورة.

 إنّ المؤدلجين تحنيطاً ونرجسيّة، الذين يتقاتلون ويتخاصمون على النيّات وعلى مشاريع طوباوية وتصوّرات سياسيّة وحزبيّة، ليسوا على هدى من أمرهم ومن أمور وطنهم؛ فهم يحثّون الخطا على اختلافات وخلافات غير قابلة للالتقاء والجدل والمنطق نحو الهروب من الفعل المؤثّر. ويختلفون على مفاهيم وإشكالات تحتاج إلى سنوات طويلة من أجل النضوج والاكتمال والبناء. ولايمكن إيجاد الحلول وحسم النتائج في الوقت الحاضر؛ لأن التّجربة الاجتماعيّة والسياسيّة التي جاءت بها الثورة لم تتبلور واضحة بعد. إنّ استعجال وضع مشروع استباقي من دون أخذ طبيعة الواقع الحالي ومتطلباتها بعين الاعتبار، سيؤخّر نجاح الثّورةعمليّاً.

 هناك في مجتمعنا، قبل الثورة وبعدها، شروخ اجتماعية وفكرية وسياسية، وقد ازداد اتساعها بالهزّات الثّوريّة الضرّوريّة، ويجب معالجتها إنسانيّا ونفسيّاً وأخلاقيّا واجتماعيّا قبل وضع النظريات السياسية والحلول العقائديّة النظريّة. التّغيير الحقيقي المنشود في إسقاط النظام السياسي لم يحصل بعد، فكيف نقفز عنه لمراحل أبعد؟ مازال هناك اختلاف على الأطماع والمصالح، لكن لابد من التطهّر من رجس الانقسامات ومن صراع النرجسيّة في العقول والقلوب، ولابد من حرق هذه النزاعات، والعمل بجد على الالتحام بروح الثورة في مبادىء الحرية والكرامة والعدل. وإنّ توحيد الرّؤى والمواقف والأعمال فضيلة عظمى، وعدمه خطيئة كبرى؛ والاستفادة من دروس التاريخ وتجارب الأمس البعيد والقريب واجبة، لشق الطريق نحو الحرية، وشق عباءة الاستبداد. فهل سيظل المختلفون متمسكين بمنطقة النزاع بعيداً عن حدود الثورة؟

 ليست هذه الثورات كسابقاتها؛ فبعدها التاريخي مختلف. فمطالب الحرية والكرامة والعدالة، هي عامة لكنّها تشمل كلّ مطالب التّحرر. في السابق التاريخي كان الموضوع عبارة عن تحرر من الاستعمار، وجاءت الحركات إسقاطا من فوق وهي انقلابات. ربما لم تكتمل تجاربنا الشعبية في التّحرّر؛ لأنّ تخلّصنا من الانتداب الأجنبي أو الاحتلال في منتصف ونهاية القرن الماضي لم تكتمل دورته، قد كان منقوصا نتيجة انهيارات الدول المستعمرة بعد الحرب العالميّة الثانية. بينما التّغيير الآن يخرج من الشارع, في مطالب شعبية شرعيّة وثورات شعبيّة. فالبعد التّاريخي للثورة الآن هو أعلى من أي حركة معهودة في القرون التي مرت، وهو يمهّد لمعركة النهضة التي تقوم على قدمين: الفكر والقوة.

 نحن بعد ميراث قرون من الاختلافات والخلافات والتصدّعات، التي ارتبطت بخيوط خارجيّة. قد نصاب بالإحباط لأن حجم المشاكل والصعوبات أكبر من طاقتنا الفرديّة والمجتزأة ومعاركنا الفرعيّة؛ لكنّها الحرب التحرّريّة. نحن نتكلّم الآن في إطار حركة تاريخية قد تمتد سنوات وسنوات، وخطر الانتكاس قائم في مرحلة من المراحل؛ لكنه مؤقت. وبالتالي تفجر الأوضاع العنيفة قائم أيضا؛ لكن النصر تصنعه التضحيات، والأحلام الكبيرة أمام الممكن؛ عند إدراكنا أن المتوقع الأقوى من الواقع، قابل للحدوث في شروط موضوعيّة نصنعها نحن في الواقع.

 لو كانت هذه الثورات عابرة، لما استمرت ثورة سوريا أقوى من القتل والتدمير والمجازر. والمراهنة على التّصاعد والاستمرار وتحقيق النصر. استمرار الحرب في سوريا سيكون حتى آخر مرحلة وهي الانتصار؛ فالنظام السياسي السّوري راحل لا مجال للشك، وقد سقطت شرعيته منذ الأيام الأولى للثورة، حين أباح سفك الدماء السوريّة. وإنّ ترحيل النظام مسالة وقت؛ لكن المهم الآن جمع الشمل الفكري والعقائدي من أجل الانخراط النزيه في المشروع التحرري بكلّ أشكاله.

======================

سياسة روسيا في دول العالم العربي"2-3"

د.خالد ممدوح العزي*

موقف روسيا من الدول ذات السيادة الناقصة :

 روسيا التي عملت على بناء مفهوم الدولة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة كانت،" فان التغير الذي حدث في أوكرانيا مؤخرا على الصعيد السياسي بقي التعاطي الروسي معها فقط من خلال الحكومة بالرغم من أهمية أوكرانيا السياسي والجغرافي لروسيا". هذا ما شاهدناه أثناء استقبال وفد حماس في موسكو، حماس لم تكن على علاقة جيدة سابقا مع روسيا فالعلاقة كانت دائما مع فتح، و برغم من ذلك فان فوز حماس واستقبلها كالحكومات الرسمية، كانت محاولة لتطرح الشروط ، فالشروط الرسمية كانت:

1-روسيا لا تستطيع إل أن تقول للحكومات الا السير وفق قرارات الأمم المتحدة، التي هي عضو مؤثر فيها. وهذا ما عبرت عنه الخارجية الروسية بتاريخ 11حزيران 2010 بان روسيا ستلتزم بدقة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ، وهذه القرارات لن تضر بالتعاون الاقتصادي والتجاري المستقبلي ، وسوف تناقش إيران ببناء مفاعل نووي جديد بعد تسليم محطة "بوشهر" في أب "اغسطس" الماضي ، أم صفقت الصواريخ الدفاعية سوف تسلم، وسيعمل "الرئيس السابق ميدفيديف" على تحديد الأسلحة التي يمكن تسليمها لإيران مستقبلا ،كما صرح وزير الخارجية الروسي "سرغي لافروف".

 

2-تستطيع أن تأخذ على عاتقها التعامل مع الدول والحكومات التي أميركيا والغرب تعتبرها على لوائح الإرهاب:" كإيران، سورية، فنزولا، كوريا الشمالية، والمعارضات الرسمية الممثلة في البرلمانات العربية "كحماس، وحزب الله".

 

وهنا لبد من القول بان السياسة الروسية أخذت منحى خاص بها من خلال الاستراتيجية الروسية الجديدة المتعامل بها، المنطلقة من مبدأ أساسي معتمد ، وينص على مصلحة الدولة والشعب فوق كل اعتبار، من خلال، لعب دور ريادي على الساحة الدولية ،من خلال الانفتاح الاقتصادي على سياسة السوق، والابتعاد عن المفهوم الإيديولوجي السابق.

لذا تعتبر سياسة روسيا "سياسة الغموض في الشرق الأوسط"، وبان السياسة الروسية هي سياسة "قطف ثمار في منطقة الشرق الأوسط"، وغير وأضحت المعالم في الدول العربية، ولن نوافق الذين يرون بان الروس يدخلون الى العالم العربي والإسلامي ،والأمريكان يخرجون، من بلادنا .

ما بين التضخيم والعدمية للدور الروسي، نرى العكس تما بان الدور الروسي وينحصر وهو حاجة للولايات المتحدة بلعب هذا الدور، نتيجة للحاجات والقدرات التي تتمتع بها روسيا اليوم هي ضرورية للجميع .

 

روسيا التي تقوم بمد جسور بين كل الدول العالمية وهذا ما عبر عنه المندوب الدائم لروسيا في الأمم المتحدة "فتالي تشوركين" أثناء إعادة بناء الجسور في لبنا ن بعد حرب تموز عام 2006، كانت له جملة شهيرة :"نريد بناء جسور ليس في لبنان، وإنما مع العالم"، فاليوم باتت هذه الجسور مقفلة بسبب الغباء الروسي في التعامل مع القضايا المصيرية للشعوب وخاصة العربية .

علاقات روسيا بلبنان:

 

لم تكن زيارة رئيس الوزراء اللبناني " فؤاد السنيورة" إلى موسكو والوعود التي تعهدت بها موسكو امام لبنان والعمل على دعم المحكمة الدولية ،و مساعدة الحكومة مرورا باللقاء بين "بوتين وسعد الحريري"، والاجتماع الذي بقي حوالي ثلاث ساعات في أيلول 2006 في المقر الصيفي للرئيس الروسي في" مدينة سوتشي على البحر الأسود" الذي أنتج تفاهم مع روسيا، لدعمها للمحكمة الدولية الخاصة بالشهيد رفيق الحريري ، وحث روسيا كلّ الإطراف اللبنانية للمضي فيها قدما ،مجرد زوبعة في فنجان بل من خلال مفهوم روسي جديد للدخول الى قلب هذه المنطقة ، روسيا دفعت بهذا المجال للتوصل إلى تفاهم من اجل استقرار البلد ". اضافة لتأكد موسكو موقفها بالنسبة لتطوير العلاقات اللبنانية السورية القائم على ثلاث نقاط :" -على سوريا احترام سيادة لبنان واستقلاله،- ترسيم الحدود بين البلدين، -وإقامة علاقات دبلوماسية بينهما". وهذا ما عبرت عنه زيارة الرئيس اللبناني" ميشال سليمان" في شباط،"فبراير" 2010 ،لاستلام الهبة الروسية المقدمة إلى لبنان، والمؤلفة من عشرة طائرات مقاتلة من نوع ميغ 29 ". فعند وصول الوفد اللبناني إلى موسكو لتوقيع الاتفاق" برئاسة وزير الدفاع اللبناني السابق اليأس المر، ظهرت عبارة جميلة في الصحف الروسية، صادرة عن الوفد الروسي الضيف تقول "باننا انتظركم 37 سنة في موسكو وها انتم جئتم إلى عندنا ".

ولكن لاعتبارات عسكرية، استبدل الرئيس اللبناني الطائرات المقاتلة بطائرات "الطوافات" .

الدولة الروسية تدعم الحكومات مهما كان لونها ونوعها أو شكلها السياسي وتنفتح عليها ، وهذا ما عبرت عنه في استقبلها لفد حزب الله في 21 تشرين الاول "اكتوبر" 2011،في موسكو.

روسيا والإمارات العربية

 

تسعى روسيا لتدعيم موقفها السياسي، والاقتصادي، والثقافي مع الإمارات العربية المتحدة، فالإمارات العربية تمثل ظاهرة فريدة على خريطة العالم العربي وخريطة العالم عموما، كونها مركزا نفطيا كبيرا، ومركزا تجاريا عالميا ،ومركزا سياحيا دوليا، روسيا تقدر أهمية الدور السياسي الذي تلعبه الإمارات على الصعيد العالمين العربي والإسلامي، وقيمتها الاستراتيجية والجيو- سياسية على الصعيد الدولي .

فالإمارات تضم في وسطها اكبر جالية روسية في منطقة الخليج، إضافة إلى بناء أول كنيسة أرثوذكسية في أمارة الشارقة لترتادها تلك الجالية .

فالخبير في الشؤون العربية يوري زينين يرى بأن روسيا مؤهلة للمساهمة بفاعلية في تنفيذ المشاريع التكاملية بين دول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة القطاعين العام والخاص في إطار تنويع الاقتصاد والإنتاج في البلدان الخليجية .

بوسع روسيا والإمارات تنفيذ مشاريع كبيرة بتوظيف التكنولوجيا والمبتكرات الحديثة الروسية في استخراج النفط وتكريره وفي إدارة الثروة المائية، وصناعة الطاقة الذرية والفضاء الخارجي.تحاول روسيا تنفيذ مشاريع لإقامة البنية التحتية واستثمار الثروات الطبيعية في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، بحكم ما تتمتع هذه البقعة من قدرات إنتاجية وتكنولوجيات جاهزة وخبرة واقعية في تعاونها مع شركائها من البلدان العربية على النحو الذي نفذته موسكو في العهد السوفياتي في مصر وسورية والجزائر والعراق .

وحسب الإحصائيات الروسية يوجد في الإمارات العربية 500 شركة روسية بكلفة إجمالية قدرها 35 مليار دولار و 200 شركة روسية إماراتية، و 80 شركة روسية في مناطق حرة، وقد تصدرت الإمارات البلدان الأعضاء من حيث عدد المشاريع،حيث بلغت 124 مشروعا. إضافة إلى ذلك فوز شركة النفط الروسية بإبرام عقد في عام 2000 لإنشاء مصفاة تكرير النفط في إمارة الفجيرة بطاقة انتاجية تبلغ مليوني طن سنويا، والى بناء أكبر مشروع عقاري روسي تنفذه شركة من دبي بقيمة 11 مليار دولار ، تحت اسم مدينة "دومو ديدوفو"وتوسيع المطار الدولي فيها .

الاهتمام الروسي في تمتين العلاقات بينها و بين الإمارات يحمل في طياته العديد من الطموحات المستقبلية لروسيا، التي تتجسد في إقامة علاقات تقنية وعسكرية مع الإمارات، من خلال اقامة معرض الصناعات العسكرية "ايدكس 2009"، بالتعاون مع سبع شركات روسية للصناعات الحربية، والقيام بدورات لتبادل الخبرات العسكرية، فالإمارات عازمة على نشر منظومة أقمار صناعية خاصة بالاتصال العسكري السري، وهي مؤلفة من قمرين صناعيين، سيتم إطلاق احدهما إلى الفضاء بواسطة الصاروخ الروسي" بروتون- أم " .

إن التعاون الجدي بين البلدين لم يتوقف وإنما كان هناك غزل سياسي من جهة الإمارات في تعزيز التعاون بينهما في الكثير من المجالات، تمثل في دعوة الإمارات إلى تحرك روسي اكبر في المنطقة، الأمر الذي شجع روسيا أكثر على إقامة المؤتمر الدولي حول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، مما جعل روسيا تلعبُ دورا دبلوماسيا، وتكتيكيا من خلال العلاقات والمجالات الاقتصادية والسياسية و التجارية، مثل الطاقة النووية السلمية، والاستثمار في قطاع الغاز والبتروكيماويات، والسعي لإنشاء طريق النقل الدولي السريع " الشمالي- الجنوبي" الموقع بين روسيا وإيران والهند، و احتمال دخول الإمارات العربية إلى هذا الطريق .وفي الاول من تشرين الثاني" نوفمبر "من هذا العام ، عقد في الإمارات مؤتمر الحوار الاستراتجي بين روسيا ودول الخليج والداعي لمواصلة تطوير العلاقات بين البلدين ومجلس التعاون التي تشوبها نوعا من الاهتزاز بظل الثورات العربية ودعم روسيا للأنظمة القمعية.

*باحث إعلامي وخبير بالشؤون الروسية ودول الكومنولث

dr_izzi2007@homail.com

=======================

معركة كسر العظم بين الشعب السوري والنظام.. أين تميل كفتها؟

طاهر إبراهيم*

عندما بدأ الشعب السوري تحركه في 15 آذار 2011، لم يكن يخطر ببال المتظاهرين إلا أنهم يريدون من الحكم أن يقوم بالإصلاح فلم يبق نظام يشبهه إلا نظام حكم كوريا الشمالية. لكن النظام لم يكن في وارده القيام بأي إصلاح، بل واجه المتظاهرين بالنار وسقط الشهداء وامتلأت السجون بالمعتقلين، فطور الشعب مطالبه في إسقاط النظام، وانكسر حاجز الخوف، وبدأت مجموعات من ضباط الجيش السوري وجنوده تترك وحدات جيش النظام وقد رفضوا إطلاق الرصاص على المتظاهرين، وتشكل الجيش الحر للدفاع عن المتظاهرين حتى وصل الأمر في سورية بين الشعب ونظام الحكم إلى نقطة اللاعودة.

عندما أردت تدوين خواطري بذكر مكامن القوة والضعف عند أطراف الصراع في سورية، لم يخطر ببالي أن أضع المعارضة السورية في مقابل النظام القمعي، ليس استصغارا لشأنها ، لكن لأن الواقع يقول –ولا تنكر ذلك المعارضة- أن القوى في الساحة السورية هما النظام الفاسد القمعي المستبد، والشعب السوري الثائر الذي كسر حاجز الخوف. فما كان يخاف منه الشعب السوري قبل 15 آذار 2011، تضاءل حتى كاد يختفي. فما عاد يخيفه القتل ولا تدمير البيوت وحرقها، إلا ما كان مما يجري من هتك الأعراض وذبح الأطفال، لكن الشعب السوري اعتبر أن الحرية لها ثمن، وهذا بعض هذا الثمن.

عودا على بدء، فباستثناء الموجة التي وضعت حافظ أسد وجها لوجه مع الإسلاميين في عام 1979، وامتدت إلى تدمير حماة في عام 1982، وانتهت بخروج الإسلاميين من سورية بشكل شبه كامل، لم تكن قوى المعارضة السورية بكافة أطيافها تشكل خطورة على النظام، بسبب القمع والقتل والاعتقال، منذ انقلاب حافظ أسد في تشرين أول عام 1973، مستمرا حكمه حتى ورثه من بعد موته ابنه بشار أسد في 10 حزيران عام 2000.

لم تكن معادلة الضعف والقوة بين المعارضة السورية، وبين نظام حافظ أسد، ومن بعده ابنه بشار أسد على مدى 41 عاما، تعني أن المعارضة، والخارجية منها على وجه الخصوص، أنه ليس لها امتداد داخل الشعب السوري، وأنها مقطوعة عن جذورها داخل سورية، بقدر ما يمكن القول أن حافظ أسد استطاع أن يرسخ وجوده تجاه القوى العالمية، بحيث أن المعسكر الغربي والشرقي قد وجدا ما يريدان من سورية، كل حسب مصالحه، السياسية والاقتصادية. وإن كنا نعتقد أن حافظ أسد استقوى على الشعب السوري بالخدمات التي قدمها لواشنطن بأنْ حافَظَ على أمن إسرائيل من الجهة الوحيدة التي كانت تخاف منها وهي سورية ، بعد خروج مصر من المعادلة العربية بتوقيعها اتفاقيات "كمب ديفيد".

قراءتنا في هذه العجالة ستقتصر على قوى الشعب في الداخل السوري، حيث أن المعارضة الخارجية تعترف بأنها في أحسن أحوالها لا تشكل أكثر من مكتب علاقات إعلامي يرصد ما يحصل على الأرض مع الشعب في مواجهة قمع النظام. فالقراءة تقول إن الشعب السوري المنتفض، رغم أنه ليس لدى جيشه "الحر" قوات تستطيع الصمود في معارك مكشوفة مع قوات جيش النظام وأجهزة أمنه وشبيحته التي يعتمد عليها بشار أسد في قمع المتظاهرين. إلا أنه من جهة ثانية فالشعب المنتفض يملك قوى كامنة، وهي مبادرة الشباب للزج بنفسه في ساحات التظاهر، بحيث أن نقاط التظاهر في المدن والبلدات كانت تزداد كل جمعة عن الجمعة التي سبقتها، حتى بلغت في جمعة "خذلنا العرب والمسلمون" يوم 30 آذار الماضي أكثر من 700 نقطة تظاهر، وبلغت نقاط التظاهر في محافظة حلب وريفها لوحدهما أكثر من80 نقطة تظاهر، مع أن حلب لم تدخل بكامل أحيائها في التظاهر. ورغم أن مدينة إدلب التي كانت تسجل أكثر نقاط تظاهر في أيام الجمع قبل جمعة "خذلنا العرب والمسلمون" قد احتلتها مدرعات النظام ومدافعه قبل أيام، إلا النظام لم يستطع ترويض ريف إدلب، فبقي يتظاهر بقوة والأمثلة كثيرة.

النقطة الثانية التي لاحظها العالم أجمع، أن المنطقة التي يتم احتلالها عسكريا من قبل جيش النظام، فإن هذه المنطقة تعود إلى التظاهر وبقوة بمجرد انسحاب جيش بشار، كما حصل في الرستن، -تلبيسة أيضا- حيث دارت فيها معارك طاحنة بين وحدات النظام وبين مجموعات الجيش الحر على مدار أسبوع كامل، بدءا من 27 أيلول الماضي، قبل أن يعلن الجيش الحر انسحابه منها في3 تشرين أول العام الماضي. وها هي الرستن يعود التظاهر فيها بقوة، بعد أن تضطر إلى الانسحاب دبابات النخبة في الفرقتين الرابعة والثالثة اللتين يستخدمها النظام في قمع الشعب السوري، لتغطي القمع في مناطق أخرى.

النقطة الثالثة، أن المتظاهرين في سورية يردفهم خزان لا ينضب من الشباب الذين يتحرقون للمشاركة في التظاهر، وبعضهم يسعى كي ينضم إلى الجيش السوري الحر الذي يؤجل وقت انضمامهم حتى يحل مشكلة التسليح، خصوصا الذخيرة المضادة للدروع. ما يعني أن الجيش الحر لا يشكو من مشكلة في احتضان الأحياء له، بل إن تلك الأحياء كانت تقدم للجيش الحر الطعام والمأوى والبيوت لإنشاء المستشفيات الميدانية. هذه النقاط الإيجابية،وأخرى غيرها لم نتعرض لها، فهل يملك النظام ما يكافئها؟

فباستثناء غزارة النيران التي تملكها وحدات جيش النظام، والدعم اللوجستي والعسكري الذي تقدمه طهران وموسكو وبغداد، فإن القلق، بل الخوف بدأ يعمر قلوب قادة الوحدات العسكرية في الفرقتين الثالثة والرابعة ووحدات أمن النظام. هؤلاء القادة لا يستطيعون بث التشجيع في نفوس الضباط الصغار، وهم أنفسهم يحتاجون إلى من يبث في قلوبهم التشجيع، خصوصا أن الضباط الذين يقتلون تزايد عددهم، من رتبة عقيد فما فوق، حتى زاد عددهم على الخمسين ضابطا في الشهر الأخير. كما ترددت إشاعات بأن الدائرة الضيقة من عائلة آل أسد بدأت في ترتيب أمورها للهروب إلى حيث أموالها.

وهكذا نجد أن القوة العسكرية سوف تتضاءل وتضمر أمام تصميم الشعب الذي ظلم وقمع على مدى خمسة عقود، عندها، "سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا.. إن شاء الله.

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ