ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 03/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

بين الخليل والضليل

الدكتور عثمان قدري مكانسي

الحوار بين المتناقضين فكراً وهدفاً أمرٌ عادي تراه في حديث الدعاة وأصحاب المبادئ وفُرَقاء السياسة وأرباب العلم والأدب . وفي القرآن أمثلة واضحة تدل على وجوب الحوار الهادف للوصول إلى الحق أو لدحض الطرف الآخر . منها ما كان بين سيدنا إبراهيم عليه السلام وملك زمانه الذي أمر بطرحه في النار ، فلما أنقذه الله منها كان بينهما لقاء قرأناه في سورة البقرة ، أول الجزء الثالث من القرآن الكريم :

)أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)(.

ولعلك ترى في قوله تعالى( ألَمْ ترَ) دعوة إلى التفكر والتدبر في أمور عدّة ، منها :

1- أن على المرء أن يتفكر ويتدبر فيما يجري حوله ليصل إلى الهدف المنشود.

2- وأن على العاقل أن يمحص الأمور ويقلبها معتمداً على فهم الواقع والعظات والعِبر.

3- وأن يكون الهدف من الحوار حضوراً أو اشتراكاً فيه الوقوف على الحق والتزامه.

قد يغتر الإنسان بنفسه حين يغتني ( إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى) ألم يقل الرجل الغني المكابر للمؤمن الأقل منه مالاً وولداً متفاخراً ( أنا أكثر منك مالاً وأعزّ نفراً ) يظن أنه بكثرة ماله وولده أكرم منه وأقرب عند الله. أو أعظم مكانة من غيره ، والحقيقة أن الغنى والفقر امتحان واختبار ، وقد قال الله تعالى في هذا المعنى ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعّمه فيقول ربي أكرَمَنِ وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول : ربي اهانَنِ ) ويأتي الجواب ( كلا ..) وهذا الملك الذي يحاوره إبراهيم الخليل عليه السلام يَدِلُّ عليه أنه ملك عظيم ... وينكر على إبراهيم عبادة الله ( حاجّ إبراهيم في ربه) ومن كان ملكاً استعبد الناس واستعلى عليهم، وفرض عليهم نفسه إلهاً

والملاحظ أن المستكبر لا يملك -على الأغلب – آلية الحوار والمبادرة فيه سوى الامر الواجب على الآخرين أن ينفذوه دون تباطؤ. لقد بدأ إبراهيم عليه السلام بالحوار قائلاً : إن الإله يحيي ويميت ، وما ذكر هاتين الصفتين إلا لأنهما من أوّليّات الألوهية الحقة فما كان من الملك السفيه إلا ان ردّ ( أنا أحيي وأميت) دون أن يفهم مرام الكلمة ، فمن صفات المحيي والمميت أنه أبدي سرمدي ، وأنّى لمخلوق مهما علت مرتبته واشتدت قدرته أن يَحيَى إلى الأبد ، ونسي هذا المدّعي أن له بداية ، ومن كانت له بداية لا بد أن تكون له نهاية ، فهو ميّت وعاجز مقهور [ والميّت بتشديد الياء :الحي الذي سوف يموت ، وقد خاطب الله تعالى نبيه الكريم : إنك ميّت وإنهم ميّتون؟] ، وظن الملك المستكبر الجاهل أن العفو عمّن استحق عقوبة الموت إحياءٌ وأن قتل الغافل عن الظلم إماتة ، فجاء باثنين قتل أحدهما وأبقى على الثاني، وهذه غاية الحماقة في المتكبرين

لا بد -إذاً – من تعجيز واضح ينهي الجولة بما لا يحتمل التاويل . فأخبره أن الله يأتي بالشمس من المشرق ، فليأتِ بها من المغرب . وهذا الكلام جاء صاعقة على الملك المغرور ، فما كان يتوقع هذه الضربة القاصمة التي تشل تفكيره وتسكت غروره ، فانتهى الحوار سريعاً حين أُخرس مُدّعي الألوهية وظهرت حجته واهية أو قلْ : تعرّى أمام ملئه حين أُفحم وأُبلس. لقد كانت الشمس تسير في دائرتها المخططة لها قبل أن يولد الملك والبشرية كلها وفق نظام محكم لا تحيد عنه إلى أن تقوم الساعة.

ومن اساليب الحوار المفحم ان تبادر من تحاوره بما لا يتوقعه ، فيُسقط في يده ويظهر ضعفه سريعاً فتنتهي جولة الحوار قبل أن تبدأ ، واستعمل القرآن كلمة ( بُهِتَ ) التي تصور صمته المفاجئ وفمه المفتوح ،وحركته المتوقفة ، وانفراج عينيه وميلان رأسه للأمام . ثم تصوّر – أخي - الصمت الذي ران على الحضور والعيون المراوحة بين إبراهيم عليه السلام والملك المفجوع بالجواب المخرس.

وتأتي القفلة الرائعة توضح سبب خسارة الملك الضليل ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) .

وهل أظلم ممن ادّعى ما ليس له.؟

وهل أظلم ممن كذب على الناس؟

وهل اظلم ممن استعبدهم وأبعدهم عن الهدى؟

وهل أظلم ممن يحاول وأد النور وإشاعة الكفر والضلال؟.

إنهم لا يتعلمون ممن سبق ويستمرون على غيهم وفسادهم ، ويقعون في الخطإ نفسه الذي وقع فيه أمثالهم من الظلمة المجرمين ، وقد صدق فيهم قوله تعالى ( ونذَرُهُم في طغيانهم يعمهون). 

=========================

ماذا حصد كوفي عنان في موسكو وبكين

د. ضرغام الدباغ

من حق الناس في سوريا والبلاد العربية، بل في العالم بأسره ممن يتابعون المأساة السورية أن يتساءلوا ماذا سيكون حصاد مهمة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية إلى موسكو وبكين، بل في مهمته بأسرها.

ومن حق الناس أيضاً أن يقارنوا بين هذه المهمة وبين الدعوات التي تقدمت بها الجامعة العربية ومصيرها. لقد غدا واضحاً كل الوضوح أن النظام سوف لن يتراجع قيد أنملة واحدة، تحت نظرية: أية حرية تريدون ..؟ فالقليل المشوه من تشريع للطغيان يطلق عليه إصلاحات، مع مزيد من القتل، والكثير الكثير من الاعتقالات، والإصلاحات هي في نهاية المطاف بقدر ما يرسخ قبضة النظام وليس شيئ آخر. حتى يحق للمرء أن يطلق تساؤلاً ساذجاً: ترى أين يضعون هذه الألآف المؤلفة من البشر، أية سجون تتسع لهم، ولكن لا عجب، فوتيرة القتل ارتفعت بإعدامات عشوائية ميدانية.

المسألة الجوهرية في تقديري، أن النظام يرى الأمر هكذا: أنا أريد المكوث في الحكم، البلاد بأسرها مزرعة لنا، فلنطوع كافة المصطلحات والإصلاحات في خدمة هذا الشعار شرط أن يكون المؤدى النهائي لهذه العملية في الواقع المادي هو لا شيئ البتة. لقد أكتسب النظام مهارات عجيبة في اللعب على الحبال، بل هو أصبح جزء من لعبة خطيرة تمارس في سوريا، وفي المنطقة العربية، بل وعلى الصعيد الدولي، نظام أرتهن كل شيئ من أجل بقاؤه.

والأمر بالطبع مدهش لأقصى درجة، حتى يكاد الكثير أن لا يصدق، أيعقل أن يخطف شخص أو أسرة أو عصابة تحت أي مسمى كان بلداً كاملاً له علم ونشيد وطني وقوات مسلحة ودوائر تسجيل مدني وعقاري، يختطفه ويصبح ملكاً صرفاً له، بل وتشير تسريبات جديدة أن النظام كان يعتبر لبنان أيضاً من ممتلكاته العائلية، ومن حق الأوربيين أن لا يصدقوا ذلك لهوله، فمثل هذا النظام لم يتواجد على مر العصور لا في أوربا ولا في غيرها.

ترى ماذا سيطلب كوفي عنان من النظام في دمشق، بعد أن تحدث مع ولي أمر النظام في طهران ..؟

كوفي عنان سيطالب النظام بإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين والمغيبين، ولا أظن أن دفاتر وقوائم السيد عنان ستفيده كثيراً فالأمر على نحو ما بلغ التعقيد ويحتاج لتحقيقات ميدانية معمقة، ثم سيطالب السيد كوفي عنان بوقف العنف وسحب القوات المسلحة من المدن، النظام سيرد لكن لابد أن ينسحب الشعب أولاً..... وسيسأل عنان إلى ولكن إلى أين ينسحب الشعب .. ؟

آنذاك ستبلغ اللعبة نهايتها وسيقول له النظام بلا خجل يا سيد عنان أذهب من حيث أتيت ونحن نعرف كيف ندير الأمر. فالأمور أضحت واضحة هكذا: النظام يضع نفسه في كفة، والشعب كله في كفة أخرى، بالطبع لدى النظام ما يقوله ولكن ثبتت للجميع عربياً ودولياً أنها محض ثرثرة فالنظام لا يجد حتى من يصيغ له موقفاً سياسياً نصف محترم ونصف مهلهل يمكن قبوله ويتماسك أمام دماء الشعب، فحتى دبلوماسيوه أصبحوا مهرجين ورجال دعاية وإعلام ..!

النظام سيواصل المناورات سيظهر نفسه وديعاً كعصفور مطيعاً لأوامر الروس والصينيين بعد أن سمع منهم الإنذارات القاسية، وكوفي عنان بعد أن يحاول أن يقنع الروس، سيتوجه إلى الصين في محاولة لإقناع القادة هناك أن مصالح الشعب الروسي والصيني تكمن في إقامة علاقات طيبة مع الشعب السوري وليس مع حكامه وطغاته، ثم لينبه ولاة أمر النظام في طهران أن درجة الغليان بلغت حدوداً خطرة، والأحداث هي بحجم تاريخي يفرض مستحقاته، وهنا أجد نفس مضطراً لأن أقول ما قاله وزير الخارجية الألماني قبل أيام، أن روسيا ستدرك في وقت لاحق أنها تقف على الجانب الخاطئ من التاريخ.

من المرجح أن هناك تحول بطيئ في الموقف الروسي والصيني، ولكن في السياسة ليس هناك جمل يراد إمراره من خرم الابرة، فالسياسة هي تحليل مادي ملموس للواقع المادي الملموس، وسيدرك الروس والصينيون حجم خطأءهم ولكني لست متأكداً إن كان إصلاح هذا الخطأ ممكناً.

المسألة اليوم هي ليست الرئيس الفلاني، ولا الحزب الفلاني، وبنفس الدرجة يمكن القول ليست الشخصية القيادية والحركة الفلانية من المعارضة أو تلك، لم تعد الأسماء مهمة بعد الآن، فالأمر تجاوز كل ذلك، وبعد نهر الدماء الغزيرة هذه لابد من الاقرار أن سوريا كبلاد بحاجة إلى وقفة، والوقفة مهمة وذات طابع شمولي عام. فالبلاد بحاجة قبل كل شيئ إلى:

*دستور يليق بحكم شعب في القرن الواحد والعشرين.

*لابد من تفكيك أجهزة قمع والقتل التي مارست التصفيات على مدى أربعين عاماً .

*استبعاد ومحاسبة ومحاكمة كل من مارس مص دماء الشعب، ومارس الذئبنة والثعلبة على الشعب الاعزل.

*القتلة ينبغي محاسبتهم، فمن مارس وأعتاد على أكل لحوم معارضيه لن يصبح حملاً نباتياً في يوم وليلة لا بقرار عربي ولا بقرار دولي.

 ولماذا كل هذا الهم، الشعب يريد أن يمارس حقوقه كشعب يستحق الاحترام. هل يخالف هذا الدساتير والأعراف ؟

من يريد التعامل مع سورية فليتعامل مع سوريا الشعب الوطن، فهذا النظام لا يمثله لا في الواقع ولا في الفنتازيا، والسوريون شعب ذكي يعرف كيف يصل لأهدافه. ومثلما قلب الشعب السوري الطاولة في كل مكان، وبلغ بقضيته إلى المؤسسات العربية والدولية وأوصل صوته لها، فهذا الشعب قادر أن ينال حقوقه بإرادته ولو بمزيد من الدماء.

النظام سيسقط ...... فقط الفواتير المستحقة سوف تتضاعف.

ـــــــــــ

المقال جزء من ندوة تلفازية حول الشؤون السورية 25/ مارس / 2012

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ