ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 14/03/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مذابح اليوم وتطهير الذاكرة..وحقيقة المعركة ...

نوال السباعي

هذه الفظائع والسلوكيات الإجرامية البالغة التوحش بحق الشعب السوري اليوم ، جعلت معظم أفراد الشعب يفهمون وتماما أبعاد ماجرى في حماة وحلب وادلب وجسر الشغور ، وغيرها من مناطق سورية في الثمانينات ، - ثم أبعاد ماجرى في ثورة الأكراد 2004 مع الفوارق الواضحة بين الموضوعين-.

هذه المذبحة التي تجري في عموم الجغرافيا السورية منذ عام ، تسهم اليوم في تطهير الذاكرة الشعبية السورية الجماعية مما تلبس بها من أكاذيب النظام وتهاويله حول العصابات المسلحة ، والتنظيمات الإسلامية التي حملت السلاح في هاتيك الأيام في وجه نظام لم يفهم لغة الكفاح السلمي عندما التزم به الشعب بأكمله اليوم!..

وذلك دون أن ننسى الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها الثوار في تلك الأيام ، والتي يبدو أنها تتكرر اليوم وبنفس أبعادها "الكارثية" ، بسبب صعوبات بالغة في التواصل بين الأجيال من جهة ، وصعوبة بالغة لدى السوريين -بشكل خاص- في الاقتناع ، وإن كانوا من أبرع الناس في الإقناع!!

كما أن تنكب كثيرين عن تسجيل أحداث الثمانينات والفظائع التي ارتكبت في حينه ، خوفاً أو "حياءاً" ..جعلتنا اليوم نعيشها مرة أخرى ومن جديد ، مع فارق اشتراك جميع السوريين هذه المرة في دفع الثمن ، الذي كان من الممكن توفيره ، لو أن البعض كتب !! ولو أن البعض الآخر قرأ !!

إن مايجري في سورية اليوم من استرخاص للدماء ، وانتهاك للأعراض في منطقة ماكان يظن أحد أن تشهد مثل هذه الأحداث في مطلع القرن الواحد والعشرين ، يعني أننا لم نفهم أبدا ماجرى في حماة قبل ثلاثين عاما

تلك الأحداث التي مرت في تاريخنا ، وفي ذاكرتنا ، على أنها جرائم "عصابات مسلحة" !! لم تكن في الواقع إلا مجموعات من فلذات أكبادنا ممن لم يحتملوا الظلم والفساد والطغيان واستكبار هذه الثلة من الحثالة في ارض سورية ، ليستعبدوا أهلها ويسرقوا خيراتها بهذا الشكل الذي يجعلنا في واقع الأمر نعيش فضيحة إنسانية يشترك فيها كل سكان المنطقة العربية ، إذ يظنون أنهم شعوب متحضرة متقدمة ، بينما هم يعيشون حقيقة في أجواء العصور الوسطى الأوربية!!وبكل ماتعني هذه العصور من انحطاط أخلاقي ، واستعباد للإنسان والأرض ، واختطاف للأوطان والذاكرة

إن مايحدث اليوم تحت سمعنا وبصرنا وفي بث حي ومباشر ..يسهم من جهة في تطهير ذاكرتنا من أكاذيب وأباطيل هذا النظام الذي لم يحكمنا بالخوف فحسب ..بل بالكذب المنظم المدروس كذلك!

كما يجعل من واجبنا أن نعمل جاهدين على أن تتلافى الأجيال القادمة البقاء تحت نير هكذا عبودية متبرجة بأنواع الطلاء الذي يجعلنا نشعر معها بأننا أحرار!

هذا الوضع الدولي المؤلم الذي يحيط بالمحطة السورية للثورة الإنسانية الكبرى في المنطقة ، يجعلنا على يقين من أن العالم بالأمس كان يعلم بما جرى في حماة ، وغير حماة ، وبما جرى في القامشلي وغير القامشلي ، ولم يكن صمته بسبب من عدم وصول أصوات الضحايا وصورهم إليه ، ولكنه كان بسبب التواطيء العالمي على شعب تم بيعه في مزاد السياسات الدولية في سياق الحفاظ على أمن وسلام "إسرائيل"!!

إنها ليست معركتنا مع النظام المتغول المجرم المتوحش لاستنقاذ الوطن من بين أنيابه

إنها ليست معركتنا مع الامبريالية والصهيونية والشيوعية الصينية والروسية التي لم يتبق منها إلا استبدادها واستنسارها على الآخرين

إنها ليست معركتنا للتخلص من الانتداب الإيراني- الروسي الذي استيقظنا لنجد أنفسنا أسرى في قيوده

إنها ليست معركتنا من أجل الحفاظ على وحدة سورية واستقرار المنطقة العربية

إنها ليست معركتنا من أجل فلسطين وقدس أقداسها

إنها ليست معركتنا من أجل كل هذه الحقائق والثوابت فحسب

إنها ..معركتنا مع ذواتنا ، وذاكرتنا ، وماضينا ، وأخطائنا ،

إنها ..المعركة ..

إنها المعركة التي  يدخل فيها الشعب أتون التطهير أو الفناء

=================

شكراً للثورة أحيتنا ..

عقاب يحيى

شكراً لها الثورة السورية في أنها صنعت الأمل، وضعت حلم أجيال وأجيال بالحرية والكرامة بين الأعين فأحيّت الوطنية السورية . فجّرت مخزون العقود من الكبت، والتهميش والظلم والامتهان والرعب والإخضاع والتغييب، والتوق للحرية، وإذ بسورية الخصب، والحضارة تستفيق بكل خلاياها، وتدخل الثورة البيوت كلها باعتزاز المنتمين إليها الذين يتنفسونها شوقاً، وأملاً..

المعارضة السورية التي أفنت عمرها في مقارعة النظام، والتي لم تستطع الاقتراب من أهدافها المطروحة بفعل تفاعل العاملين : العام الذي يخص دور النظام، والخاص المتعلق بانعكاس ذلك الفعل عليها ودخوله بامتزاج على خط الأزمة البنيوية.. تنشّطت وقد حقنتها الثورة وشبابها بدماء جديدة، وفرضت عليها التحديات أن ترتقي إلى مستوى المطلوب. والمطلوب كبير يفوق القدرات الذاتية، خاصة مع طغمة استثناء تستثمر الوضع الخاص لسورية لإجهاض الثورة قتلاً ودماراً وتهديداً للوحدة الوطنية، واستدعاء ـ بأفعالها ـ للتدخل الخارجي كي تستخدم ذلك ذريعة لمزيد من القتل والدمار.

كبيرة، عظيمة الثورة السورية بخصائصها، ومفاعلاتها وما أحدثته في كل الميادين، وهي فعلاً ثورة الاستقلال الثاني لأن هدفها الرئيس الذي لم تحد عنه : انتزاع الحرية والكرامة، وإقامة النظام الديمقراطي، بل التأسيس للدولة المدنية الديمقراطية التي هرسها نظام طغمة الاستبداد والفئوية والفساد وأدخلها قمقمه الفئوي، الطغياني، النرجسي، التوريثي، النهبي، والتي ستنهض على أنقاضه في جميع الميادين، وبما يتجاوز السياسي إلى الاقتصادي والاجتماعي والفكري، وبالأساس من ذلك : الحريات الفردية والعامة، والمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين السوريين بغض النظر عن جنسهم ودينهم ومذهبهم وقوميتهم .        

نعم كانت الثورة مفاجأة المفاجآت بالنظر إلى خصوصية اللوحة السورية لجهة ما أنزله نظام الطغمة من نكبات ببلدنا وشعبنا ضمن معادلة واحدة قام عليها نظام الطاغية : الإخضاع بالقوة حتى التصفية، وتغييب الوعي في لجاج الفساد والإفساد المنهجين . سلاحه في ذلك أجهزة أمنية أخطبوطية امتدت في الجسد السوري من الرأس حتى أخمص القدمين، وراحت تنخر في الضمير والأخلاق لتحويل البشر إلى تابعين ومرتزقة وخونة لأخلاقهم وضمائرهم وعقائدهم، وتسليط النافذين من العائلة والمقرين والطائفة على الجيش للتحكم في كل مفاصله وضبط إيقاعه على حركة التأبيد، والتوريث الذي اشتلع بقايا الجهورية وكيان الدولة السورية وأدخلها بالإرغام بيت العائلة، والفئوية المحظية .

ـ ونظراً لطبيعة نظام الطغمة وما فعله بالمجتمع السوري عبر العقود، ولموقع بلدنا الجيوسياسي واستراتيجي تكتسب الثورة السورية طابع الاستثناء، ليس كثورة للاستقلال الثاني وحسب، بل لتأثيرها الكبير في المحيطين : العربي والإقليمي، وارتباط وقائعها وحصائلها بتلك الأبعاد، ذلك أن انتصارها سيكون بمثابة الزلزال المباشر على الأوضاع في لبنان والعراق، وصولاً لإيران، وامتداداته في عموم الإقليم، وعلاقة قيام نظام ديمقراطي بفلسطين، والكيان الغاصب، كون فلسطين كانت على الدوام القضية المركزية الأولى للسوريين بمختلف منابتهم واتجاهاتهم، ناهيك عن قضية الجولان المحتل وواجب تحريره وعودته للوطن الأم .

ـ نظام الطغمة ولمن " يتفاجأ" بممارساته الدموية التي تصل حدود ارتكاب فعل الإبادة، والجرائم المنظمة يجمع الفئوية المعجونة بالحقد، نرجسية الطاغية المؤسس، وهو تعامل مع الآخرين كخدم وعبيد مرفهين طالما ينفذون المطلوب منهم، حيث أطلق لهم عنان النهب والامتيازات، وهو يفيّشهم ويؤرشف لهم سجلات مليئة بموبقاتهم  وعهرهم متعدد الأشكال، وتحويلهم إلى تبّع لا يملكون سوى التسبيح بحمد ولي النعمة، في حين تنظر كلط الطغمة للشعب برمته، بأحزاب المكعارضة، بالشخصيات ورموز الوطنية الوطنية السورية نظرتها للبعوض، بل لعدو يجب استئصاله، وهو ما كانوا يتبجحون  به عن (جنتهم ونارهم)..ولم يتخيل وريث العته والجريمة أن مواطناً سورياً واحداً يمكن أن يتجاوز(الخط الأحمر) لما هو فوق بساطيرهم السميكة الموضوعة على رؤوس وكرامة وحرية وشرف المواطن.. فكيف بأطفال درعا الميامين يدشنون الثورة، ويطلقون شرارتها، وإذ بدرعا الشجاعة، ودرعا الأيقونة تفاجئ مل حساباتهم وتحمل الراية.. وإذ بالثورة السورية تتمرد على كل حسابات أجهزة الأمن وتقديرات الطغمة، ومن هنا كان الردّ العنيف الصادر عن عقلية الاستكبار، والاستهتار، وهو النتاج الوحيد الذي تقذف به مصانع الطغمة من الشبيحة والقناصة، وأجهزة الأمن، وصولاً إلى توريط الجيش السوري وتشويه تاريخه(ليست هي المرة الأولى التي يزجون بالجيش في صفقات مشبوهة : لبنان والعراق)، والدفع بمحورين : الفتنة والمؤامرة .

ـ نظام الطغمة الدموية مستعد لاقتراف كل جرائم الإبادة وأنواع الجرائم المنظمة دون تهويل أو مبالغة، ويمكن أن يذهب ـ كما هو حاصل ـ إلى حدّ دكّ المدن بالصواريخ والمدفعية والراجمات، وحتى بالكيماوي، وارتكاب القتل الشنيع، وعمليات التطهير، والاغتصاب، وتوجيه كلابه المسعورة المدربة للنهش باللحم الحي للمواطنين وارتكاب أفظع أنواع التمثيل، والتقصيب، ليس كتعبير عن مستوى الحقد والاحتقان وحسب، بل وأيضاً لزراعة التخويف والترويع، والإخضاع بالقوة، ولا مانع من التهجير القسري، أو النتيجة لآلاف المواطنين كي ينتشي المجرم بما يقوم به من تطهير ، مع التأكيد على أن استخدام الطائفية الملونة بأصبغة مقاومة التدخل الخارجي، والمؤامرة هي الحصان الأخير الذي يمتطيه لإغراق البلاد في حرب يدفع إليها ابناء الطائفة العلوية في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، كما يستقدم بذلك التدخل الخارجي، بما فيه العسكري.. كي يعطي لنفسه مبررات أقوى لفعل القتل وارتكاب المجازر .

ـ إن الثورة السورية التي لخصت أهدافها بأنها ثورة الحرية والكرامة، وصاغت شعاراتها المعبرة : واحد واحد واحد  الشعب السوري واحد، وكرّست في أسماء يوم الجمعة جوهر الوحدة الوطنية، انطلقت سلمية، سلاحها حناجر الشباب والصدور العارية التي واجهها نظام الطغمة بكل أنواع الفتك، الأمر الذي فرض عليها الانتقال إلى طلب الحماية الدولية لآرواح المدنيين، ثم الممرات الآمنة، والمنطقة العازلة، وبالوقت نفسه فإن رفض عديد الوطنيين من أفراد الجيش السوري توجيه اسلحتهم إلى صدور شعبهم، وتمرهم على الأوامر وانشقاقهم أوجد واقع الجيش السوري الحر، وأدخل طرفاً جديداً في المعادلة السورية بدأ بحماية التظاهرات السلمية، وكفّ يد الشبيحة والقناصة عن ممارسة فعلهم الدموي ثم تطور الظاهرة إلى تشكيل عسكري يمارس فعلاً مقاوماً ترنو إليه أعين وآمال السوريين أن يكون درعهم وذراعهم وإطارهم العسكري الوحيد الذي تناط به مهام الدفاع والمقاومة، وحصر عمليات التسليح به، وتنظيم مهماته ودوره وعلاقاته بما يتناغم وقوى الثورة في الحراك الثوري، والأطراف السياسية، خاصة المجلس الوطني باعتباره الإطار الأوسع والأكثر تمثيلاً للمعارضة السورية .

ـ إن تردد الوضع العربي والدولي في التعامل الفاعل بالشأن السوري يخفي مجموعة من الحقائق عرّتها الثورة السورية بجلاء. فالوضع العربي المتهاوي، والعاجز عن قيادة مبادرة قادرة على الفرض، ودعم وإنقاذ الشعب السور من المذابح المتواصلة، فتح المجال للتطلع نحو الهيئة الأممية، والدول الأجنبية..التي بدورها تعاملت مع المسألة السورية وفقاً لحسابات مصلحية وسياسية لا علاقة لها بكل دعاوي حقوق الإنسان، والدفاع عن الحياة البشرية، حيث تختلط في تلك الحسابات مفاعيل عديدة على صعيد كل دولة، وبشكل عام، وتظهر البصمة الصهيونية جلية برفضها سقوط نظام ضمنته عقوداً في تأمين جبهة الجولان، وفي  عمليات التفتيت القائمة على أسس مذهبية، والذي سيكون أكثر تأميناً لأمنها ومشاريعها كلما ضعف وتهاوى، وكلما دمر سورية، وأوصلها لحافة الحرب الأهلية .

ـ لا شك أن القوى الدولية الفاعلة تملك رؤى وقرارات بما يخص النظام السوري المجرم، وهي عملياً تسعى لإسقاطه لكن على طريقتها، وبما يخدم حساباتها واستراتيجياتها، فيما أطلقت عليه ـ قبل أشهر ـ بسياسة الدحرجة، التي تعني غرق الوضع السوري في القتل، والتطييف حتى يصبح التدخل الدولي بكل أشكاله مطلباً شعبياً ملحاً، وشبه جماعي، وطريق الخلاص الوحيد لإنقاذ حياة المواطنين، عندها تقرر تلك الدول الشكل والطريقة والتوقيت، وبانتظار ذلك سيكون على الشعب السوري ـ الوحيد ـ دفع فاتورة غالية جداً، واستنهاض كل قيم الكبرياء والشجاعة والإيمان كي يواصل مقاومته وثورته، معتمداً على قواه الذاتية، وتطوير وسائله المتاحة لتعديل ميزان القوى لصالحه، حتى وإن كانت إيران وحزب الله وقوى أخرى عراقية جزءاً من منظومة وقوى نظام الطغمة، كما تشير إلى ذلك عديد الوقائع .

ـ هذه اللوحة التي ترسمها الثورة السورية في ذكرى عامها الأول تبرز فيها التحديات كبيرة درجة الخطورة، وبالوقت نفسهتطرح على جميع فئات الشعب السوري، وبالأخص منهم قوى الحراك والشباب الثوري، وقوى المعارضة جميعها : القديمة والجديدة والقادمة العمل لتجاوز حواجز الفرقة، والتشتت واللقاء ضمن أطار واحد، أو صيغة تنسيقية من شأنها أن تزجّ بكل الإمكانات في خندقة المعركة الرئيس وليس في هوامشها أو حوافها، أو في تشتيت الجهود، وبلبلة اتجاه البوصلة الواضح .

إن الحراك الثوري وقد تجاوز مرحلة(الفطام) وأبرز قيادات شابة مؤهلة للقيادة، تملك وعياً نوعياً متطوراً، ويكتسب خبرات كبيرة من الميدان.. مطالب قبل غيره بوحدة الصف والأداة نحو إطار واحد للثورة، يمكن أن يكون تحالفاً وتنسيقياً يضافر بين كل الجهود ويوجهها نحو تحقيق السياسات والمهام اليومية والمتوسطة، ويتطلع غلى المستقبل بروحية بناء الدولة المدنية الديمقراطية . كما أن المجلس الوطني وقد اتسع وتوسع ليشمل نسبة كبيرة من قوى المعارضة، فإنه مطالب أن يقود حركة توحيدية كبرى لضمّ معظم أطراف المعارضة في صفوفه، بما فيها النخب المناضلة والشخصيات الوطنية المعروفة والمشهود لها بمواقفها ونزاهتها، كخطوة أولى للتفعيل والمأسسة وتعزيز الروح الجماعية، والديمقراطية في انتخاب المؤسسات، وفي التعامل مع جميع مكوناته الفكرية والسياسية .

ـ الثورة السورية تطوي عامها الأول في مرحلة انعطافية شديدة الحساسية، الأمر الذي يدعو جميع المؤمنين بها إلى وضعها نصب أعينهم، وليس أي شيء غيرها، وإعلان ولاء القسم لبذل كل الممكن في سبيل نصرتها ..

ـ مع ذلك، ومع الهجمة الطغيانية لعصبة الإجرام، ومحاولتها استباق الزمن لإرجاعه بقوة القتل.. فالنظام يتآكل، ويتهربش ويضعف كل يوم، ويستحيل أن يستمر.. بينما يلوح فجر الحرية والخلاص في جثامين الشهداء، وإرادة الشباب المصمم. في عيون الأرامل والثكالى، وفي حناجر ودعاء المؤمنين...

==============================

الثورة السورية بعد عامها الأول، تحولت من معركة تغيير إلى صراع وجود ..؟؟

حسان القطب*

مع اقتراب بداية السنة الثانية من عمر الثورة السورية المباركة، لم يجد نظام الأسد الديكتاتوري من وسيلة مناسبة لإثبات حضوره وسلطته ودمويته وبطشه أمام راعييه الإيراني والروسي، إلا باستهداف الآمنين من النساء والأطفال، اغتصاباً وقتلاً وتعذيباً في مدينة حمص مدينة خالد بن الوليد وعاصمة الثورة والصمود والتغيير والانتصار وغيرها من المدن والقرى السورية. والقتل الجماعي هذا ليس له هدف سوى تثبيط العزائم وترهيب الأحرار، ودب الرعب في قلوب المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.. وللتذكير فإنه عندما انطلقت الثورة السورية قبل عام، لم تتجاوز شعاراتها حينذاك المطالبة بالإصلاح وإعطاء المواطن السوري بعض الحريات السياسية والإعلامية، وهي الحد الأدنى المطلوب للتهدئة ولتجاوز مخاطر الصراع وتداعيات الثورة، ولكن النظام الديكتاتوري الذي لا يعرف للسلطة طريقاً سوى إتباع وسلوك سياسة البطش والقتل والتعذيب والاعتقال والنفي والتهجير، أبى إلا أن ينتقل بالواقع السوري من حالة المطالبة السلمية بالحقوق، إلى السعي لانتزاع هذه الحقوق والعمل على تغيير السلطة، سلمياً إذا كان ذلك ممكناً أو بالقوة إن لم يعد هناك من خيار بديل..ومنذ انطلاقة الثورة الشعبية لم يترك إعلام النظام السوري وأعوانه في لبنان من مناسبة إلا وتم استغلالها للتحذير من تغيير السلطة في سوريا، وما قد يؤدي إليه هذا الأمر من فتنة طائفية وتداعيات التبديل وخطورة تسلّم الإسلاميين أو غيرهم السلطة في سوريا أو غيرها من الدول، لأن نظام عائلة الأسد هو الضمانة. وبعد أن كان الثورة انجازاً في تونس ومصر وليبيا بحسب هذه الوسائل الإعلامية والأبواق السياسية في المرحلة الأولى، أصبحت لاحقاً مؤامرة خيطت تفاصيلها بعناية في أروقة السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة لضرب دول الممانعة والقضية الفلسطينية؟؟

لماذا يحذر نظام الأسد وإعلام حلفائه العالم اجمع من فتنة طائفية في حال تم سقوط بشار..؟؟ لأن تركيبة هذا النظام وسلطة هذا الطاغية قائمة على التلاعب بالحضور الديني والمذهبي وتغليب فريق على فريق في سوريا ومحيطها..؟ وحلفاء بشار لا يختلفون عنه أبداً، فالنظام الحاكم في طهران نظام ديني قمعي لا يقيم وزناً ولا احتراماً للأقليات والمذاهب والأعراق المختلفة.. وحزب الله وحركة أمل في لبنان عبارة عن صناعة إيرانية سورية، ودورهما لا يتعدى حماية خاصرة النظام السوري في لبنان، وأن يشكلا رأس حربة للنظام الإيراني في مواجهة المجتمع الدولي عند الطلب، ولذلك فقد وصف السفير الإيراني لدى لبنان، غضنفر ركن آبادي، التهديدات الإسرائيلية بضرب المفاعلات النووية الإيرانية، بأنها «مجرد كلام»، وقال آبادي، في ندوة أقيمت بدعوة من مؤسسة الإمام الحكيم تحت عنوان «قراءة في دور إيران المستقبلي في المنطقة» في بيروت، إن الجمهورية الإسلامية «لن تقصّر في الرد على أي عمل عسكري قد يقوم به الكيان الصهيوني (إسرائيل)، وإن هناك 11 ألف صاروخ موجه إلى أهداف محددة، وإن إيران لن تتوانى عن ضرب كل المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة والعالم، إذا هاجموا المنشآت الإيرانية، وبعد أن شدد على سياسة بلاده في «دعم المقاومة ومواجهة المشروع الصهيوني ولاسيما المقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية»). لماذا اختار أبادي مدينة بيروت ليطلق منها تصريحاته وتهديداته، لأن له فيها أعوان يلتزمون التوجيهات والإرشادات، وأية مقاومة عراقية هذه هي التي يتحدث عنها أبادي وقد خرج المحتل الأميركي من العراق..!! ثم إن دعم المقاومة الفلسطينية بالصيغة التي وردت في سياق التصريح تفيد أنه ليس سوى وسيلة لحماية المشروع النووي الإيراني وليس لتحرير فلسطين واستعادة الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني..

الجرائم المرتكبة وتلك التي لا زالت ترتكب على يد جلاوزة النظام وأعوانه وحلفائه الهدف منها هو جر بلاد الشام إلى صراع طائفي مذهبي، بهدف وأد الانتفاضة وإفشال الثورة، ووضع المنطقة العربية في خضم صراعات داخلية تتوزع بين العرقية والطائفية والمذهبية تمتد من سوريا إلى سائر البلاد العربية وإعلام حزب الله مع الأسف يشارك بشكل حثيث في هذا الأمر حين يفرد فترات مطولة للحديث عن ثورة مزعومة في البحرين ومؤامرة مفترضة في سوريا..؟؟؟ هذا الواقع الذي قد يستجد من المأمول أن يسمح لكافة دول العالم بالتدخل وبسط هيمنتها والعبث بمقدرات شعبنا ودولنا وامتنا، ولو كان النظام الحاكم في سوريا اليوم، حريص على أمن سوريا ومستقبل أبنائها لاستجاب لنتائج الاستفتاء الذي أجراه بنفسه وكانت نتيجته 89% من الناخبين مؤيدة لإزالة البند الثامن الذي نص على أن حزب البعث هو السلطة الوحيدة في البلاد، فعندما يصوت هذا العدد مع إلغاء هذه المادة الدستورية المرفوضة أصلاً، كيف يمكن أن يؤتمن هذا البعث ورئيسه بشار الأسد، على تطبيق الإصلاحات التي نصت على إلغاء تفرده وحكمه للبلاد.. باسم القومية والاشتراكية..؟؟ ولا يخفى على احد أن حزب البعث هو واجهة النظام في سوريا منذ تسلم حافظ الأسد السلطة، ويتحكم بإدارة البلاد من حينها مجموعة طائفية مذهبية تستثمر السلطة في جمع الثروات وخدمة المؤامرات والتجارة بالقضية الفلسطينية والحديث عن مواجهة المؤامرة الأميركية التي فضحت زيفها وثائق (ويكيليكس).. إذاً الهدف الذي يسعى نظام عائلة الأسد لتحقيقه في سوريا من خلال التهويل بالحرب الطائفية وتسعيرها بعد جرائم حمص وغيرها من مدن سوريا هو:

- ربط مصير ومستقبل الطائفة العلوية في سوريا بمصير العائلة الحاكمة، ومحاولة جمع أقليات ومجموعات أخرى من النفعيين والوصوليين والانتهازيين أمثال (فاروق الشرع ووليد المعلم) وغيرهم من حولها، ليؤمنوا لها الحماية وإعطائها الشرعية أمام المجتمع العربي والدولي، والصورة التي جمعت المبعوث الأممي (كوفي انان) مع مفتي نظام سوريا وبعض رجال الإكليروس المسيحي، هي لذر الرماد في العيون، ولو كان النظام علمانياً قومياً كما يدعّي الأسد لما كان من ضرورة لهذا الصورة الهزلية التي لا تخفي الجرائم ولا تعالج الأزمة الداخلية.

- تشجيع الهجرة الداخلية بعد انعدام الثقة وتعزيز الانقسام العامودي بين مختلف مكونات المجتمع السوري بما يسمح بطرح معالجات مختلفة عن تلك التي تطرح اليوم لتغيير النظام والانتقال إلى بناء دولة عصرية ديمقراطية.

- وضع المجتمع الدولي والعربي أمام خطر اندلاع حرب طائفية في المنطقة بين مختلف الطوائف مما يستدعي الجلوس أمام طاولة حوار تضم مختلف الأطراف برعاية دولية لوضع اتفاقات جديدة يتم بموجبها تقسيم السلطة بين الطوائف على الطريقة اللبنانية (اتفاق الطائف) أو الطريقة العراقية التي يرعاها النظام الإيراني وتؤيدها الولايات المتحدة الأميركية..

- زعزعة الثقة بين الأكثرية الشعبية في المنطقة العربية والإسلامية وبين بعض الأقليات التي شاركت الأسد جرائمه سواء بتأييدها الإعلامي والسياسي له، أو بالمشاركة المباشرة إلى جانبه كما يتردد في بعض وسائل الإعلام..

- طلب حماية دولية للأقلية العلوية التي تتجمع بحسب بعض المصادر في شمال سوريا لحمايتها من تداعيات جرائم وممارسات نظام الأسد.. كما جرى في إقليم كوسوفو في البلقان..

لذلك فإن من الواضح اليوم وبناءً على ما نراه من حدة المعارك وبشاعة الجرائم التي ترتكبها قوات وكتائب الأسد وتلك الحليفة له فإن الصراع في سوريا اليوم ونحن على أبواب العام الثاني للثورة التي لا بد منتصرة، لم يعد بهدف تغيير السلطة والانتقال من ديكتاتورية مذهبية إلى دولة مدنية، بقدر ما أصبح صراع وجود تخوضه القوى الحية في المجتمع السوري في الداخل والخارج في مواجهة التآمر الروسي والإيراني والعراقي وبعض القوى اللبنانية على الشعب السوري إلى جانب الأسد، وذلك سواء بخوض المواجهة المسلحة غير المتكافئة أمام صمت العالم وتلكؤه عن نصرة هذا الشعب المظلوم، أو بالمقارعة سياسياً وإعلامياً، لمواجهة وفضح هذه الجرائم التي ترتكبها هذه العصابات لتثبيت سلطتها على دماء وأشلاء وجماجم الشعب السوري وإبقاء محور الظلم والتسلط مهيمناً وممتداً من طهران إلى حارة حريك عبر بغداد ودمشق..

*مدير المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات

hasktb@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ