ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 08/03/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ثورة آذار 2011 في سورية : من أين ؟ وإلى أين ؟وإلى متى ؟وكيف؟ .. سرد سيسيو ـ تأريخي

الدكتور محمد أحمد الزعبي

1. تيمناً بشعارات ثورتي تونس ومصر ، وبعد رحيل كل من بن علي وحسني مبارك ، كتب تلاميذ إحدى المدارس الابتدائية في مدينة درعا على جدران مدرستهم ، شعارات مناهضة لبشار الأسد ، وذلك بتاريخ 27.02.201 ، وسرعان ما تم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية في درعا ، وإرسالهم إلى أقبية التعذيب في دمشق .

حاول آباء هؤلاء التلاميذ الصغار، ومعهم العديد من أعيا ن المدينة التوسط لدى محافظ درعا

( عاطف نجيب / أحد أفراد عائلة الأسد الحاكمة ) ، للإفراج عن هؤلاء الأطفال ، بيد أن ردة فعل هذا المحافظ على مطالب هؤلاء الآباء والأعيان كانت استفزازية ، وغير أخلاقية ، وغير محتملة اجتماعيّاً ، الأمر الذي معه خرجت المظاهرات الشعبية السلمية في مدينة درعا ، فيما سمي بـ " جمعة الكرامة " يوم ( 18.03.2011 ) ، حيث جابهتها الأجهزة الأمنية الأسدية بالرصاص الحي الذي أوقع أول الشهداء في سفر هذه الثورة ، والذين كانوا الصاعق الذي فجر في الأيام والجمع التالية الثورة السورية ، بداية في محافظة درعا ، ونهاية في كافة أنحاء سورية .

 2. إن مواجهة المظاهرات الشعبية السلمية ، بالرصاص الحي ، واستمرار السقوط اليومي لعشرات الشهداء في كافة أنحاء سورية ، قد دفع بشباب الثورة وقادتها إلى الارتفاع بسقف مطالبهم ، من الإفراج عن تلاميذ درعا ، ومطالبة النظام بالقيام بعدد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية إلى المطلب الذي بات لاحقاً على كل لسان " الشعب يريد إسقاط النظام " .

 لقد أيقظ الرصاص الحي ، والتنامي اليومي لأعداد الشهداء ، من الكبار والصغار ، من الرجال والنساء ، شعبنا العربي السوري إذن من سباته الذي زاد على الأربعة عقود ، وأدرك أنه كان ضحية حقبة تاريخية سداها الدبابة والمدفع ، ولحمتها الكذب والتدليس والضليل والتعتيم ،وآخراهتمامات حكامها هو مصلحة وحرية وكرامة المواطن والشعب . نعم لقد اسيقظ المارد من سباته الطويل ، وقررألاّ يعود إلى قمقمه قبل سقوط نظام بشارالأسد الديكتاتوري الذي وصفه الثوار بـ "الخائن"( اللي بيقتل شعبه خاين) .

 5. إن بشار الأسد لم يعد بنظر أبناء الشعب السوري ، بعد كل ماصنعته يداه بهم ، يستحق حتى صفة "الرئيس!!" ، وإنما أصبح بنظرهم مجرد "رئيس عصابة "من الشبيحة ، ورثها عن أبيه .

ونرى من جهتنا أنه إذا ماكان أبوه حافظ يفتقر إلى الشرعية ثلاث مرات ( مرة لأنه جاء على ظهر دبابة ، وأخرى لأنه دمر مدينة حماه وقتل عشرات الألوف من أبنائها عام 1982 ، وثالثة لأنه انقلب على رفاقه في حركة 23 شباط 1966 ووضعهم في معتقلاته قرابة ربع قرن ، بل واغتال منهم داخل السجن رفيقيه وزميليه في الحزب وفي الحكم ، نور الدين الأتاسي وصلاح جديد كما لايخفى على أحد ) ، فإن الإبن بشار قد أضاف إليها ثلاث أخر هي : (وصوله إلى السلطة كأبيه عن طريق المؤسسة العسكرية المختطفة ( بفتح التاء والطاء ) ، وفضيحة تعديل الدستورعن طريق مجلس الدمى من أجل التوريث ، وأخيراً وليس آخراً مواجهته الدموية الفاشية والمشبوهة لثورة آذارالسلمية ، التي توشك اليوم على طي عامها

الأول وهي أكثر تصميماً على المتابعة والمثابرة والتضحية بالنفس والنفيس ، حتى الوصول إلى شاطئ الحرية والكرامة ، أي حتى سقوط هذا النظام الديكتاتوري ،إن لم يكن اليوم فغداً ، وإن غداً لناظره قريب)

 6. تعاني ثورة آذار السورية من وقوعها بين المطرقة ( Hamm) والسندان Ambu )/ Stütze) ، ( المعروفة وظيفة كل منهما عند الحدادين ) والإشكالية التي يطرحها هذا التشبيه هي :

ـ هل إن المطرقة هي فقط نظام بشارالأسد وشبيحته ، أم أن دولاً أو/ و عناصر خارجية أخرى ( إيران و حزب الله ، مثلاً ) تشارك مع هذه المطرقة ؟!.

ـ وأيضاً ماهي الدول العربية والأجنبية التي تقوم بوظيفة السندان الذي ساند ويساند هذه المطرقة ( بشار وشبيحته ) على القيام بوظيفتها الدموية والهمجية ضد الشعب السوري والتي وصل عدد ضحاياها عامها الأول عشرات الألوف من الشهداء والجرحى والمفقودين ، ومئات الألوف من المعتقلين والمطاردين ، هذا إذا لم نعتبر أن سورية كلها قد تحولت عمليّاً إلى سجن أسديٍّ كبير ؟!.

7. يدخل تحت مفهوم " الشبيحة "، وفق تفسيرنا السوسيولوجي الخاص لهذا المفهوم ، ما سأطلق عليه " أسيجة الحكم السبعة " ، والتي يدخل بعضها في إطار المطرقة ، بينما يدخل بعضها الآخر في إطار السندان ، هذه الأسيجة هي :

1) الشرعية الشكلية ،المرتكزة على مثلث : التطييف ، التضليل ،التزوير( التاءات الثلاث)،

2) الجيش العقائدي (!!) ، الأجهزة الأمنية السرية والعلنية ، الحرس الجمهوري ،

3) الحكومة ومؤسسات الدولة ، الرسمية وشبه الرسمية ( الاتحادات والنقابات المدجّنة )

4) المرتزقة من شبيحة السيف ، وشبيحة القلم ، وشبيحة المال ، وشبيحة الخوف من البديل الديموقراطي ( فوبيا الديموقراطية والإسلام ) ، وشبيحة " الجبهة التقدمية" ،

5) التضليل الإعلامي والشعارات الكاذبة عن التصدي والممانعة ، ودعم المقاومة ،

6) حزب البعث ، الذي هو ـ تطبيقياً ـ ، وبمليونيه (!!) الإسم الحركي للفئة الحاكمة ،   

7) الدعم الخارجي ، الظاهر والمستتر ، للنظام من قبل كل الذين يخشون أن يعود لسوريا بعد سقوط نظام عائلة الأسد دورها القومي التقدمي المعروف ، وبالتالي أن يكون البديل الديموقراطي لنظام الأسد ، قادراً على التفريق بين أعداء الأمة العربية وأصدقائها .

8. لقد كانت تكلفة وقوع الثورة السورية بين المطرقة والسندان عالية جداًّ ، حيث طالت هذه

التكلفة كلاًّ من البشر والشجر والحجر بل والحيوانات أيضاً ( مذبحة الحمير) ، ولكي لاأكرر الأرقام التي باتت معروفة للجميع ، أذكر فقط ماسمعته في إحدى نشرات الأخبار مساء هذا اليوم ( 4.3.12 ) من أن ضحايا شهر شباط الماضي وحده ، بلغت 2000 شهيد ، بينهم 160 طفلاً و150 امرأة معظمهم قتلوا وذبحوا وصفّوا في معركة حي بابا عمر في مدينة حمص البطلة في مطلع هذا الشهر. إنها تصفية عرقية ( liquidierung ) بكل مافي هذه الكلمة من معني ، بل من معان !! .

 وإذا كانت أرقام الضحايا متفاوتة زيادة و/ أو نقصاناً ، فلأن نظام نيرون دمشق كان طوال العام الذي أوشك على الانقضاء من عمر الثورة ، يحمل البندقية بيد ، والكذب والتضليل الإعلامي ومحاولة حجب كل مايجري داخل سورية من انتهاكات ومذابح وجرائم ، ولاسيما مايتعلق بالأطفال والنساء ،عن الرأي العام العالمي ، باليد الأخرى.

 9. تعاني الثورة السورية داخلياً ، من تردد بعض الأقليات من الإلتحاق بالثورة ، وذلك نتيجة  لتخويف بشار الأسد وأعوانه لهم من إمكانية أن تأتي الديمقراطية التي تنادي بها الثورة ، ببديل إسلامي يمكن ألاّ يتعامل معهم على أساس مبدأ " المواطنة " الذي يتساوى فيه الجميع أما م الدستور والقانون .

إن كافة بيانات وأدبيات التيار الإسلامي المعتدل ،المنخرط في الثورة وفي المعارضة ، والتي أمكننا الاطلاع عليها ، تؤكد بصورة لالبس فيها ولا غموض ، على الالتزام بقواعد اللعبة الديموقراطية ، وبمبدأ المواطنة الذي يساوي بين " جميع ( الأكثرية والأقلية ) المواطنين أمام الدستور والقانون .

إن المجتمعات البشرية ، ومنها مجتمعنا السوري ، ليست كأسنان المشط ، ولكنها تطبيقيّاً كأصابع اليد، من حيث تفاوتها في الطول والعرض والحجم والوزن ، ولكنها تتضافر عملياً في تأدية وظيفة بيولوجية واحدة موحدة هي وظيفة اليد المعروفة للجميع ، والتي هي خاصية بشرية بصورة أساسية .

إن مايعنيه هذا التشبيه من الناحية السوسيولوجية ( من منظور علم الاجتماع ) ، هو أن كلاًّ من الأكثرية والأقلية ، لابد وأن يكون خاضعاً لحكم الدستور والقانون اللذين يسويان بين الجميع على أساس المواطنة ،(اليد الواحدة) وليس على أساس الدين ، ذلك أن " الدين لله والوطن للجميع " ، ولذلك فإنه من غير المقبول ، أن تعلق بعض الأقليات موقفها من الثورة ، على إقصاء الآخرين ، حتى في حالة الخلاف والاختلاف معهم سواء في الاسترتيجية أوفي التكتيك . ولنا في قول الإمام الشافعي لمختلف معه في الرأي ( إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب ) ، وأيضاً في قول الفيلسوف الفرنسي فولتير لمختلف معه في الرأي ( إنني أخالفك الرأي ، ولكني مستعد أن أضحي بحياتي من أجل أن تقول رأيك بحرية ) ، أسوة حسنة .

إن كل من يرهن موافقته على الديموقراطية ، بهذا الشرط أو ذاك ، لايمكن أن يكون منطقيّاً وتطبيقيّاً ديموقراطياً حقيقياً ، ولا مناضلاً ثوريّاً ، ولا مؤمناً بحق الشعب في اختيار من يحكمه ، إنه ببساطة إقصائي ، والإقصائية بكل صورها تعتبرـ بنظرنا ـ نقيضاً للديموقراطية ، بل إنها بصورة أو بأخرى شكل من أشكال الديكتاتورية !! .

10. تعاني المعارضة السورية لنظام بشار الأسد ، سواء في علاقاتها البينية ، أو في علاقاتها

الداخلية ( داخل المجموعة ذاتها ) ، من خلل بنيوي ، أضعف فعالياتها ومواقفها سواء أمام النظام السوري الذي تعارضه ، أو أمام الرأي العام السوري والعربي والعالمي الذي من المفروض أن يحتضنها ويقف إلى جانبها ضد النظام الذي تعارضه . ويتلخص هذا الخلل النيوي ـ برأينا ـ بالتالي :

ـ الطابع التراكمي الكمي والكيفي لتشكل ولمواقف هذه المعارضة ، والذي يبدأ بمرحلة الاستقلال الأولي ، في ثلاثينات القرن الماضي ( الكتلة الوطنية ، وعصبة العمل القومي ) ثم يستمر في مرحلة الاستقلال الثانية ، بعد 1946 ( جلاء الاستعمار الفرنسي ) ، وصولاً إلى حكم عائلة الأسد الذي بدأ رسميّاَ عام 1970 ، والذي ما يزال مستمرّاً حتى هذه اللحظة ( 5.3.12 ) ، ولقد ترتب على هذا الطابع التراكمي ، جملة من السلبيات أبرزها :

ـ وجود " أزمة ثقة " مزمنة بين مختلف أطراف وأجنحة هذه المعارضة ، ويرجع السبب في ذلك إلى أن بعض هذه الأطراف والأجنحة كان ذات يوم إما في السلطة ،أوجزءاً من السلطة ، ومارس إما بصورة مباشرة ، أو غير مباشرة اضهاد وإقصاء من كان معارضاً له آنذاك ، والذي هو الآن شريكه وزميله في معارضة نظام عائلة الأسد ، وبالتالي فإن جميع أطراف وأجنحة هذه المعارضة تختزن في داخلها عدداً كبيراً من إشارات الاستفهام والتعجب والتوجس ، حيال بعضها بعضاً ، وبالتالي الخوف من أن " تعود حليمة لعادتها القديمة " بعد سقوط نظام عائلة الأسد ،

ـ غياب التناظر والتناسب بين بنية المجتمع ، وبنية الأحزاب السياسية التي تشكلت في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي ، الأمر الذي جعل من هذه الأحزاب ، وبالتالي المعارضة التي تمثلها هذه الأحزاب انعكاسا بهذه الدرجة أو تلك ، هذه الصورة أو تلك ، للتركيب الغالب على المجتمع السوري والذي يغلب عليه الطابع القبلي والعشائري والمذهبي والطائفي .

هذا مع العلم أن الطابع " الأقلياتي " هو الطابع الغالب على الأحزاب العلمانية ، سواء على مستوى القيادات أوعلى مستوى القواعد ، وهو مايعتبر بنظرنا أمراً طبيعيّاً ومبرراً ، ذلك أن برامج هذه الأحزاب ، وأيديولوجياتها غالباً ما تشدد على مبدأ " المواطنة " الذي تتساوى فيه هذه الأقليات مع الأكثرية . إن التفاف واتفاق كافة اطراف المعارضة السورية حول / على مبدا " المواطنة " إنما يمثل (من وجهة نظرنا) الطريق الأقصر والأسلم لانتصار ثورة الحرية والكرامة ، وبالتالي  المعارضة على نظام بشارالأسد الديكتاتوري ،

ـ إن " الأقليات " ، فيما نعتبره قانوناً سوسيولوجيّاً ، يمكن في كثير من الحالات ، أن تلعب دوراً إيجابيّاً عندما تكون في المعارضة ، ولكنها إذا ماوصلت إلى السلطة عن غير طريق الديموقراطية وصندوق الاقتراع ، فإنها لاتستطيع الاحتفاظ بهذه السلطة إلاّ بإلغاء الديموقراطية وصندوق الإقتراع ، تماماً كما حدث ويحدث في سورية منذ الثامن من آذار عام 1963 بصورة عامة ، ومنذ 1970 على وجه الخصوص .

ـ إن التداخل والتعارض بين العوامل الموضوعية والذاتية ، في عملية التغير الاجتماعي ، عادة مايترتب عليه تباين وتعارض في الرؤى السياسية والأيديولوجية سواء بين الأفراد أو بين الجماعات ، بما في ذلك بين الأكثرية والأقلية وذلك بسبب التباين في زوايا النظر إلى الظواهر الاجتماعية ، الأمر الذي  سيؤدي عملياً إلى " التعددية " في الرؤى والمواقف ، وبالتالي الاجتهادات المتعلقة بماضي وحاضر  ومستقبل المجتمع . ولذلك فإن مانراه من " فوضى" البيانات والمؤتمرات والتصريحات والكتابات والمواقف ينبغي ألاّ تخيفنا ، ولا سيما ، ان شعبنا ، وأن أحزابنا ، وبالتالي المعارضة السورية ، إنما

 عانت على مدى نصف قرن ، من الحكم الفردي الشمولي الذي لم يكن فيه مكان حتى للتنفس بحرية .

 إنه لأمر طبيعي ، ان نشهد مثل هذه الفوضى السياسية والفكرية والاجتماعية ، بعد أن فتحت ثورة آذار المجيدة ، أمام الشعب السوري في الداخل والخارج أبواب الحرية على مصراعيها ، والتي نأمل ألاّ تطول ، وأن تكون مجرد سحابة صيف .

ـ تتكون المعارضة السورية لنظام عائلة الأسد ، من خمسة تيارات هي : التيار الديني ،

 التيار القومي ، التيار الإشتراكي ، التيار الليبرالي ، وتيار ثورة 15ـ 18 آذار . وهي تنقسم في موقفها من نظام بشار الأسد ( وفق رؤيتنا الخاصة ) إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية هي :

+ تيار " الشعب يريد إسقاط النظام " وهو التيار السائد والغالب ، سواء في الداخل أو الخارج ، وهو يرفض الحوار مع النظام ، ولكنه مستعد للتفاوض فقط على رحيل بشاروإعادة السلطة

 لأصحابها الشرعيين ( الشعب السوري ) ،

 + تيار " الشعب يريد تصحيح المسار" ، وذلك عبر الحوار والتعاون مع النظام ، من أجل أن يقوم النظام نفسه بإصلاحات سياسية ، تؤدي مستقبلا إلى إقامة مجتمع مدني ديموقراطي تعددي وتداولي ، ( تيار : نعم .. ولكن )

 + تيار يطالب بشار بأن يجري إصلاحات سياسية ، تحول دون سقوط النظام ، ( تيار: لا.. ولكن )

ـ ولكن الحدود والأبواب مفتوحة بين هذه التيارات ، وهي تسمح بالتنقل والتحرك من تيار إلى آخر  بدون أية عوائق او إشكالات ، ولا سيما أن لكلٍّ من هذه التيارات الثلاث ، ظاهر يتفق فيه مع الآخرين ، وباطن يحتفظ فيه لنفسه ، بل ويحاول إخفاءه عن الآخرين ولذلك فإن هذا الحراك بين  التيارات الثلاث ، لايؤثر كثيراً على الموقف الحقيقي لكل منها . هذا مع العلم أنها جميعاً تعترف ، بأنهم ليسوا هم من فجر الثورة ، ولكنهم من بين جنودها ، أو المؤيدين لها .

11. لقد كانت استراتيجية النظام ( عائلة الأسد ) ، هي جر الثورة السورية ، من جهة نحو التخلي عن طابعها السلمي ، ومن جهة اخرى ، دفعها نحو " الطائفية " ، بيد أن وعي شباب الثورة ورجالها كان لتلك الاستراتيجية الخبيثة بالمرصاد ، واخذت هتافاتهم تتعالى أكثر فأكثر : " سلمية ، سلمية " ، " واحد واحد واحد ، الشعب السوري واحد " ، وباءت أطروحات بشار وشبيحته عن " العصابات المسلحة " وعن " القاعدة " ، بالفشل الذريع ، بل وتحولت إلى نكتة للتسلية والضحك ،

 12. وعندما بدات انشقات الجيش السوري الحر ، وجد بشار الأسد ضالّته ، في استمرا ر الحديث الممجوج والمضحك عن العصابات المسلحة ، ناسياً أو متناسياً ، ان هذه العصابات المسلحة إن هي إلاّ تلك التي بلغت ضحا ياها أكثر من عشرة آلاف شهيد وشهيدة ، ومئات الأطفال ، وعشرات آلاف الجرحى والمعوقين والمفقودين ، ومئات آلاف المعتقلين من كل الأعمار والأجناس ، نعم إنها يا سيادة الرئيس غير الشرعي : فرقة أخيك الرابعة ، شبيحتك ، دباباتك ، جيشك " العقائدي!!" ، حرسك الجمهوري ، أجهزتك الأمنية التي لاتعد ولا تحصى ، مدفعيتك التي دمرت باباعمرو، بل ودمرت البشر والشجر والحجر ، بل والحيوانات أيضاً ( موقعة الحمير ) في كل أنحاء سورية من درعا إلى القامشلي إلى ديرالزور!! ، مروراً بكافة المدن والقرى والأرياف السورية ، التي من المفروض أن تكون ( لو كنت رئيساً حقيقياً ) معها وليس عليها .

إن الجندي أو ضابط الصف أو الضابط المنشق ، هو المواطن السوري الشريف الذي رفض إطلاق النار على أخيه وعلى أمه وأبيه ، إنه النقيض الحقيقي للعصابات المسلحة التي يطنطن بها كذباً وتدليساً بشار الأسد وأعوانه من العرب والعجم ، ومن الغرب والشرق على حد سواء .

13. قرأت قبل قليل مقالاً مؤثرا للأستاذ زهير سالم ، بعنوان " كلام يجب ان يتحمل مسؤوليته أحد ، دعوة إلى الهجرة إلى الوطن " . لقد جعلني هذا المقال أشعر بالخجل من نفسي ، ذلك أنني اكتب مطمئناً في غرفة دافئة ، بينما يذبح أهلي وإخوتي في باب عمرو وفي درعا ذبح النعاج ، من قبل " حماة الديار" ومن قبل شبيحة بشار الأسد . كتبت لزهير سالم أنني على استعداد أن أكون أول من يعود إلى الوطن للاشتراك المباشر في الثورة ، إذا كان هناك من يقول لي كيف ؟ .  

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ